اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (977)- ذكريات مبكرة/ 18

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (977)

ذكريات مبكرة/ 18

***

بداية عصر التكنيك

      ان اهم ما يمكن ان نتحدث عنه، ونفخر بالذي حدث بعد تأسيس معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970، هو بداية عصر التكنيك في العزف على الآلات الموسيقية لفرقة الجالغي البغدادي، وتطور تكنيكي مضاف  لبقية الآلات الاخرى. وبالنسبة الى آلتيْ الجوزة والسنطور، اللتين تهمنا في هذا الموضوع، باعتبار ان المعهد اسس لدراسة موسيقى وغناء المقامات العراقية مع فرقة الجالغي البغدادي وآلاتها التراثية المستخدمة فيها. والفضل الاكثر في هذا التطور، يعود الى الاستاذين القادمين من تاجاكستان في هاتين الآلتين الاثيرتين. إلماز عبد الله ايف على آلة السنطور ومحمودوف على آلة الجوزة. ولكن الامر لم يتوقف عند هذا الحد، فهناك انجاز اهم حتى من التحدث عن التكنيك في العزف، وهو توسيع افق الآلتين علميا وفنيا وثقافيا وتقنياً..! فقد كان عازف آلة السنطور التقليدي مثلاً، محدود الامكانية في متابعة المطرب المقامي في تجواله بين الانغام والسلالم الموسيقية عندما يشرع بغناء احد المقامات العراقية..! وهذا الامر يتعلق ايضا بصناعة الآلة التي تطورت على ضوء هذا التطور في العزف عليها. فزيدتْ في عدد اوتارها، ونظِّمتْ تنظيماً جديداً، بحيث يمكن للعازف الحرية في التجول بين الانغام والسلالم الموسيقية، سواء في العزف المنفرد او في مرافقة مغني المقامات العراقية. وعليه فان دراسة هذه الآلة مطلع السبعينات في المعهد الاثير الى نفوسنا، كان منعطفا كبيراً جداً يحسب لتاريخ هذه الآلة طيلة ازمانها الموغلة في القدم، رغم ان البعض من عازفيها ما زالوا يتكئون على اسلوبهم التقليدي مستسهلين الامر بصورة تنم على عدم الوعي، او ضعف في الطموحات والجنوح الى التطور..!

 

      اما بالنسبة الى آلة الجوزة، فان الامر مشابه تماماً لِما حدث لآلة السنطور في تطورها الجديد من حيث المبدأ. فقد كان العازف التقليدي لآلة الجوزة يشد اوتارها من الاعلى بالخيوط، ويحرك هذه الخيوط الى الاعلى او الاسفل ليصل الى الطبقة الموسيقية التي يريدها خلال الاداء..! دون ان يجهد نفسه في عملية تصوير الطبقات على الدرجات الموسيقية المراد استخدامها..! وفي هذا الامر اجحاف كبير لامكانية الآلة، حيث تتجسد عدم الامكانية لدى العازف في عملية التصوير الموسيقي للطبقات المراد ادائها..! كما هو الامر في آلة السنطور عندما يقوم العازف السابق بتحريك الدامات المتكئة عليها الاوتار للحصول على الطبقة الموسيقية المطلوبة..! وفي هذه الحالة يبقى عازف الجوزة او عازف السنطور، اسير طبقة واحدة في كل عزف سواء المنفرد منه او في مرافقة المغنين المقاميين، حيث لا يكلف عازف الجوزة نفسه اكثر من رفع الخيوط المشدودة على اوتار الآلة او خفظها ليصل الى ما يريده من طبقة موسيقية آنيا..! وبهذا العمل يبقى عازف آلة الجوزة او عازف آلة السنطور عازفا فقيرا ضعيفا في علميته الموسيقية، او ربما جاهلاً في علمه ومعرفته للابعاد الموسيقية التي تحتاجها الطبقات الادائية العديدة المراد تصويرها على اي درجة موسيقية كانت. ونحن هنا لا نقلل من قيمة هذا الامر التقليدي، ولكنها مرحلة ثقافية وعلمية وفنية انعطف بها معهد الدراسات النغمية العراقي نحو العلم والمعرفة والتطور المستمر حتى يوم الناس هذا..! وينبغي ان ينتهي الاسلوب التقليدي المتخلف تماما، والتركيز على ماحدث من تطور في الموسيقى او غير الموسيقى. ويبدو من وجهة نظري، ان العزف اليومي وحفلات الليل، هي السبب المباشر في استسهال عازف الجوزة او عازف السنطور، في ترك ما يتوجب عليه من معرفة علمية وفنية وثقافية لهاتين الآلتين الاثيرتين..!

 

     لم يكتفِ الاستاذ التاجاكستاني محمودوف استاذ آلة الجوزة بامور التدريس العلمية لآلة الجوزة، وانما تذخل في وضع الآلة بالنسبة للعازف عند العزف عليها..! حيث كان وضع عازف الجوزة التقليدي سابقاً يمسك القوس باليد اليمنى ويضع الآلة على ساقه اليمنى، أي في وضعية متقاطعة بين القوس والآلة..! ولكن الاستاذ محمودوف جعل وضع الآلة على الساق اليسرى دون ان يتقاطع وضعية القوس مع الآلة..! وهكذا نرى اليوم كل عازفي آلة الجوزة يضعون الآلة بالوضعية التي ثبتها الاستاذ التاجاكستاني..!

 

     بقي ان اقول لاخوتي القراء، ان دراستي في المعهد كنت فيها متخصصا بآلة الجوزة، وعليه ارجو من الجميع وعلى الاخص منهم من يعزف على هاتين الالتين –الجوزة والسنطور– ان يعلقوا ويعقبوا على هذا الموضوع ويساهموا ربما تصحيح ما ورد من اخطاء او ملاحظات خدمة للتاريخ والعلم والارشفة والتوثيق والله من وراء القصد.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

 

نساء طالبات من معهد الدراسات الموسيقية يعزفن على آلتيْ الجوزة والسنطور من جيل التسعينات لطلبة المعهد.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.