كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (978)- ذكريات مبكرة/ 19

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (978)

ذكريات مبكرة/ 19

***

زيارة منير بشير

        بعد أيام من الحفلة السنوية التي اقيمت في حدائق وكالة الانباء العراقية، مارة الذكر، جاءنا الموسيقار منير بشير الى المعهد زائرا، وبصحبته عازفة البيانو اللبنانية ديانا تقي الدين الصلح (يحتمل ان تكون ابنة رئيس الوزراء اللبناني الاسبق) وعازفة البيانو العراقية بياتريس اوهانسيان، ليطلعهما ايضا على مكونات ومواهب طلبة المعهد، وكان في زيارته هذه وكعادته، انيقا جميل المنظر، مرتديا معطفا اوربيا وقبعة اوربية فوق راسه، او كما نسميها بـ (شفْقة) .

 

      في هذه المرة ايضا، قدِّر لي ان اغني امامه، بعد ان غنى بعض زملائي الطلبة حتى جاء دوري، وفي هذه المرة ايضا، اخترتُ ان اعيد غناء مقام الرست العراقي الرئيسي، ولكن بقصيدة اخرى غير القصيدة التي غنيتها في المرة السابقة بالحفلة السنوية بنادي وكالة الانباء العراقية، وهذا هو نص القصيدة الثانية وهي للشاعر الحاجري.

 

هم حملوني في الهوى فـــــــوق طاقتي

                                 فمن اجلهم قامت عليَّ قـــــــــــــــــــيامتي

وما كنت لو لا هجــــــرهم وصدودهم

                                 حليف ضني ملَّ الطـــــــــــــبيب عــيادتي

بحقكم يا جابــــــــــــــــــــرون تعطفوا

                                 فقد رق لي من جوركم كـــــــــــــل شامت

ولا تبخلوا ان تسمحــــــــوا لي بنظرة  

                                 تخفف اشجاني وفــــــــــــــــرط صبابتي

سألتُ فؤادي الصبر عنكم فــــــقال لي  

                                 إليك فإن الصبر من غـــــــــــــير عادتي

اضمُّ على الداء الدفين جــــــــــوانحي 

                                 واظهر من غـــــــــــــير الرقيب بشاشتي

وليس تلافي مذ رميت بهجــــــــــركم    

                                 عجبا، ولكن العــــــــــــــــجيب سلامـتي

وكيف اشتغالي عنكم لا عدمتــــــــــكم  

                                 ونار الاسى والشوق مــــــــلء حشاشتي

فواحسرتي طال الاسى وتصــــــرمت

                                 دهوري ولا قضـــــــــــــيت منكم لبانتي

 

       وقد كان استاذي المرحوم شعوبي ابراهيم عازف الجوزة الشهير واستاذي المرحوم روحي الخماش عازف العود الكبير وزميلي امجد خضر هندي عازف الايقاع، هم من رافقني عزفا في غنائي هذه المرة ايضا، حين رافقوني في المرة السابقة عند زيارة استاذنا القبانجي الى المعهد وغنائي له مقام الحجاز ديوان وهو من المقامات الرئيسة الصعبة أيضاً.

 

         في هذه المرة في بهو المعهد كما يبدو، انني قد فرضت نفسي على الفنان منير بشير بقوة كبيرة، واقتنع بصورة لا تقبل الشك أبداً..! بحيث ناداني وطلب مني الجلوس بجانبه، فجلستُ في يساره ثم قال لي مكررا سؤاله السابق لي.

-    اين تعمل..؟

-    انا الان رياضي في المصارعة الحرة والرومانية، وألعب لفريق مديرية ألعاب الشرطة.

-    كم بقى لك من الخدمة..؟

-    سبعة شهور تقريباً.

وهنا قال لي بصورة حادة

-    غدا تأتي الى دائرة المستشار الفني في الوزارة وتترك عنوان وظيفتك. ولا تتماهل هذه المرة، وقد اكد لي مرة اخرى هذا القول وبحدة ايضا..! ثم مسكني من يدي قائلاً

-    ان مكانك ليس في الرياضة، وانما مكانك في غناء المقام العراقي، اترك الرياضة وسأتيح لك رؤية العالم..!

-    وبعد صمت قصير، اردف قائلاً.

-    هل تستطيع ان تسافر..؟

-    لا اعلم استاذ.

-    اذهب الى ضابط ألالعاب المسؤول في دائرتك، واسأله عن امكانية سفرك من عدمه، واعلمني بذلك..!

-    نعم استاذ.

 

        ألحَّ عليَّ الاستاذ منير بشير هذه المرة على ترك عنوان وظيفتي في مكتبه بالوزارة كي يعمل على استقدامي الى دائرته، واوصاني بعدم التماهل في ذلك، خاصة وقد كان دائم البحث عن المواهب الفنية ليكـوِّن منها فرقة تراثية يجول بها العالم، وهي أول أفكاره الفنية منذ أن عاد الى ارض الوطن عام 1972 وتعيينه مستشارا فنيا في وزارة الثقافة والاعلام..! حتى اسس هذه الفرقة التي اطلق عليها (فرقة التراث الموسيقي العراقي). وسنكمل حديثنا في الحلقة القادمة ان شاء الله.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.