اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (981)- ذكريات مبكرة/ 22

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (981)

ذكريات مبكرة/ 22

***

ملاحظات رياضية

       بالرغم مما كنت عليه من حالة التمنِّي القصوى بترك رياضة المصارعة والاعتزال النهائي..! لأنها رياضة صعبة ومتعبة جدا وتحتاج الى مستلزمات عديدة غير متاحة للمصارع العراقي بصورة عامة. كل ذلك دون ان تكون هناك فائدة تعادل ما يعاني منه المصارع..! ولكنني احب هذه الرياضة حبّاً كبيراً لِما تتمتع به من مزايا رجولية واخلاقية، ولأنني فهمت كوامنها كما يبدو، كما يحق للغير ان يقول اي شيء آخر في شأن هذه الرياضة المثيرة، ان كان ذلك في الايجاب او السلب..! ونحن نعرف ان الانسان عدو ما يجهل، الا انني كنتُ وما زلتُ ادعُ على الدوام التقرب من هذه الرياضة العريقة والتعرف على فنونها الجميلة والتفصيلات التي تتضمنها هذه الرياضة والاطلاع على الكم الهائل من فنونها التي تحتاج الى الاخلاق اولاً والذكاء والفطنة والمهارة المميزة في تطبيق المسكات، فالفن فيها غاية، والقوة البدنية وسيلة لتطبيق فنونها الجميلة..! ولكننا للاسف الشديد، نرى ان الغالبية من المصارعين يفهمون عكس ذلك..! فالنزال عندهم نزال ونزاع شخصي شرس يريد الفوز فيه بأي وسيلة كانت..!

 

      لا اريد ان اطيل الحديث في هذا المنحى، تاركاً لكم اعزتي القراء الكرام ما كتبته من ملاحظات عن هذا الموضوع في نهاية تجربتي الرياضية في كتابي الموسوم بـ (حكايات ذاكرة صورية) في الصفحات (من 146 حتى 149) الصادر في بيروت مطلع عام 2015 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. حيث كتبتُ ادناه .

 

       }أود أن أسجل بعض الملاحظات التي عرفتها من خلال ممارستي لهذه الرياضة الجميلة والاقدم في تاريخ كل الالعاب الرياضية.

      1 – وجدتُ أن المستوى الثقافي العام لممارسي رياضة المصارعة، دون الوسط..! قلة الثقافة الفكرية والعامة، مع كثرة من جهالة المتعلمين..! وأكثر من ذلك جهالة الجمهور البسيط..! حيث تنطوي على مثل هذا الواقع أمور كثيرة من الجهل بالمعايير والرؤى لحقيقة هذه اللعبة والرياضة بصورتها العامة. أهمها معايير الفهم الخاطئ للّاعب ورؤيته للجانب الاخلاقي والتربوي في ملاقاة الخصوم. إذ يبدو أن غالبية الرياضيين، يفهموا أن نزالاتهم ما هي إلا نزاع ومكاسرة والفوز بأية وسيلة كانت..! حتى لو كان ذلك على حساب الاخلاق..! ويقيني من ذلك خلال ما عرفته من ممارستي لهذه الرياضة العظيمة، فقد لاقيتُ الخشونة وعدم الوعي الكافي لفهم الاخلاق الرياضية، والأذى تلو الأذى من غالبية خصومي، الذين إلتقيتُ بهم مدة خمس سنوات كاملة من الممارسة. ورغم كل ذلك، لا أتذكر أبداً، أنني جنحت لمقابلة هذه الأذية بالمثل، والله يشهد على ما أقول، بل على العكس تماماً، كنتُ أقابل ذلك بكل الاخلاق وفي إتجاه معاكس بزاوية منفتحة 180درجة..! منطلقاً من أنهم ليسوا أناساً سيئين..! وإنما يحتاجون الى من يهديهم ويهذب أفكارهم ويرشدهم الى الطريق الصحيح للسلوك والتفكير الاخلاقي والتربوي. فلكلٍ ظروفه وحياته الخاصة وحظه في الحياة.

 

      2 -  إن هذا الفهم الخاطئ لرياضة المصارعة، والرياضة بصورة عامة، لا يقتصر على اللاعبين فقط، بل يتعدى ذلك الى المدربين والمسؤولين على شؤون هذه الرياضة، ووسائل الاعلام بأنواعها، وبالتالي الجهل الطبيعي للجمهور المسكين كتحصيل حاصل لهذا الواقع. فكثير من اللقاءات والحوارات الفنية الاعلامية التي أجريت معي بعدئذ كفنان وليس كرياضي، على صعيد الاذاعة او التلفزيون او الصحافة، يوجه لي السؤال التقليدي.

-    كيف جمعتَ بين العنف والمكاسرة والقوة في المصارعة مع فن الغناء والموسيقى..!؟

وهذا هو أحد الجوانب من جهالة المتعلمين. 

 

        إن الاخلاق لا بد أن تسود، فهي سيدة كل شيء، فيها الصدق والامانة والرقي والتطور والتقدم والحضارة والنظام والقانون والمستقبل، وبدونها كل شيء عدم..! تراه يكلمكَ بكل أخلاق خارج النزال، وفي النزال وحش كاسر لا يعير أهمية لباقي الامور التي مرَّ ذكرها، ففي أقل تقدير، لا يخطر على بال المصارع بصورة مباشرة، أن هذه الرياضة أو غيرها هي من أعظم الفنون، فوالله لو كان لي الوقت الكافي لأعددت مجلداً كبيراً وليس كتابا عادياً، أتحدث فيه عن نزال واحد فقط وليس عدة نزالات، لـِما يتضمنه النزال من إحتمالات لا تعد ولا تحصى من الفنون التي توُصِل اللاعب الى أقرب إحتمالات الفوز في النزال..! فالدعوة إذن للمسؤولين ووسائل الاعلام لنشر المفاهيم التربوية والاخلاقية للرياضة. لمكافحة هذا الجهل العام، أو بالأحرى مكافحة جهالة المتعلمين..! فالقوة الجسمانية التي يحتاجها المصارع في نزاله، هي وسيلة لتطبيق فنون المصارعة، وليست غاية بأي حال من الاحوال..! فالكثير من المصارعين الاقوياء جسمانياً، يخسرون أمام خصوم أقل قوة منهم، بسبب رجحان إمتلاك الخصم لفنون المصارعة وفنون النزال والادارة الميدانية له للوصول الى برِّ الأمان في النتائج المنطقية. فالغاية إذن من ممارسة المصارعة، الاخلاق والفن والحكمة والصبر والخبرة، وتبقى القوة الجسمانية وسيلة وليست غاية لتطبيق كل هذه الامور..! 

 

       3 -  أدعو كل أصدقائي المدربين، والمصارعين وخاصة الناشئين منهم، أن يعودوا في ممارستهم لرياضة المصارعة على البساط الرملي (الجفرة) على ضفاف الانهر، لأنها الوسيلة الأكبر لبناء جسم قوي يتحمل المشقات والمطاولة واللياقة البدنية..! فقد كنتُ للأسف، آخر الاجيال كما يبدو ممن مارسنا هذه اللعبة على ضفاف نهر دجلة الخالد، ثم ذهبتُ الى نادي الاعظمية الرياضي. فالبساط الطبيعي الموجود لدى الاندية لا يخلق أبطالاً كباراً، وأعتقد أن جانب من أسباب تدهور نتائج مصارعينا في العقود الاخيرة، هي ترك الاعداد البدني للمصارع على بساط الارض الرملية (الجفرة)..!

 

         أخيرا، تركتُ هذه الرياضة الاثيرة الى نفسي، منتصف عام 1975، وتفرغتُ تماماً الى فن غناء وموسيقى المقام العراقي، وإنشغلتُ كثيراُ بجولاتي الفنية في المهرجانات العالمية، الأمر الذي أدى الى إبتعادي الطويل عن هذه الرياضة ومشاهدة بطولاتها، حتى عدتُ إليها بعد ثلاثة عشر سنة، حين أصبح أغلب مصارعي جيلي، في إدارة الاتحاد ومدربي الفرق على كافة الاصعدة، بعد أن طرأ سمعي نيـَّة الاتحاد إقامة دورته التدريبية السنوية الدولية في المصارعة الحرة والرومانية والاستعانة كالعادة بمدربين من بلغاريا والمانيا والاتحاد السوفيتي فضلاً عن مدربينا العراقيين، وكان منهم المدرب والبطل الدولي المرحوم قاسم السيد.

 

        المهم في الامر، تم انظمامي الى هذه الدورة التدريبية الدولية التي كانت بإدارة الاتحاد العراقي المركزي للمصارعة، وإشراف ورعاية الاتحاد العربي المركزي للمصارعة. من 1 الى 20 / شباط February عام 1988. وحصلتُ على شهادة التدريب الدولية بدرجة جيد، وهكذا يكون أخي القارئ الكريم، مطرب المقام العراقي حسين الاعظمي، حاملاً شهادة التدريب الدولية في المصارعة الحرة والرومانية..! بالشهادة التي حصلتُ عليها بعد انتهاء الدورة التدريبية، ولكنني إعتذرتُ طبعاً عن تدريب أي فريق لإنشغالاتي الفنية الكثيرة{..!

 

      بقي أن أقول، أن فرصة نزالي مع البطل جاسم محمد ضمد في نادي الرافدين بمدينة الثورة، نزالاً اخلاقياً مميزاً..! أكسبني أخوة وأصدقاء أعزاء جدد من نادي شباب الرافدين، وعلى رأسهم خصمي على بساط المصارعة، وأخي وصديقي في الحياة الاجتماعية، البطل جاسم محمد ضمد. الذي كان نظيفاً في لعبه وخلوقاً جداً خلال نزاله معي، حيث لم أعتد في مثل هذه النزالات أن أخرج منها دون أن أتلقى أذية غالبية الخصوم وخبثهم، وقد كان البطل جاسم، بطلاً رياضياً حقيقياً..! يندر ان تجد مثل اخلاقه الرياضية..! ويؤسفني أنني لا أعرف عنه شيئاً الآن في ظل ظروفنا الراهنة. ولم ألتقي به منذ أكثر من ثلاثين عاماً..!

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

 

حكم النزال ضياء محمود علوان يتوسط المصارعين جاسم محمد ضمد في اليمين وحسين الاعظمي وهو يعلن تعادل المصارعين يوم 3/ايلول/1971 نـــــادي شباب الرافـــــــــــــدين في مدينة الصدر (مدينة الثورة ثم مدينة صدام ومدينة الصدر حالياً).

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.