اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

رحيل د. خالد عبد الله السامرائي, الدبلوماسي والسفير العريق// د. حسين اسماعيل الاعظمي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

رحيل الاستاذ الدكتور خالد عبد الله صالح السامرائي

الدبلوماسي الكبير والسفير العريق

الدكتور حسين اسماعيل الاعظمي

 

في اليوم الاخير من تشرين الاول الماضي، سافرت الى مصر العربية لحضور مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في دار الاوبرا المصرية، الذي افتتح في اليوم الاول من تشرين الثاني الجاري 2017 . وقد انشغلت بامور المؤتمر والقاء بحثي فيه مع بقية البجوث المشاركة، وقد استمر المهرجان حتى الخامس عشر من شهرنا الجاري – تشرين الثاني – وخلال هذه الفترة كلها كنت شبه عديم الاهتمام بامور الهاتف النقال، وهي عادتي في كل سفراتي السابقة..! خاصة وان هاتفي هذه المرة ازعجني كثيرا لحدوث عطل ما فيه، فركزت على عملي في المؤتمر، وتركت شأن الهاتف الى حين عودتي الى عمان مقر اقامتي. ولم يدر بخلدي انني خلال هذه الفترة كلها قد فقدت اخا وصديقا عزيزا كريما بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معنى. دون ان اعلم بذلك لانني لم اتابع ما يردني من رسائل يومية عبر الهاتف النقال طيلة تواجدي في مصر العربية..! وعندما عدت الى البلد الحبيب المملكة الاردنية الهاشمية التي اعيش فيها منذ عام 2005 . وعملت على اصلاح هاتفي النقال، حتى صعقتني اول رسالة اطلع عليها التي احتوت على رحيل اعز الاخوة والاصدقاء، هو المرحوم الدكتور خالد عبد الله صالح السامرائي، السفير والدبلوماسي والاديب، الانسان الراقي بكل ما يمكن ان تحتويه هذه الكلمة من معنى.  

     فاسمحوا لي اعزائي القراء ان اتحدث قليلا عن هذه الشخصية الفريدة في مواقفها الوطنية والقومية والانسانية. فقد تعرفت عليه شخصيا في مسقط، عندما كان سفيرا للعراق فيها، وفي مثل هذا الشهر تشرين الثاني من عام 1993. عندما استطاع من موقعه كسفير ان يقيم اسبوعا ثقافيا عراقيا في مسقط وسط ذروة بدايات الحصار الظالم على بلدنا العراق ومقاطعة كل دول العالم لنا..! حتى ان السلطان قابوس عوتب من قبل مجلس التعاون الخليجي، ولكن موقفه كان حازما عندما رد على المجلس بان الاسبوع الثقافي العراقي شان داخلي لسلطنة عمان..!

على كل حال، وصل كتاب رسمي الى وزارة الثقافة ببغداد بهذا الشأن من سفارتنا بمسقط. وقد ذكر في هذا الكتاب الرسمي ملاحظة مهمة وهي (على ان يكون مطرب المقام العراقي حسين الاعظمي وفرقة الجالغي البغدادي ضمن اعضاء الوفد) . تم تحديد الوفد بعدد قليل جدا من الاعضاء، نسبة للاسابيع الثقافية التي كنا نقيمها في أي بلد سابقا. وكان عددنا لم يتجاوز (12) عضوا..! وعند استقبال الوفد في صالة الشخصيات الكبرى بمطار السيب بمسقط من قبل سفيرنا المرحوم د خالد السامرائي والاخوة العمانيين، تعرفت على سعادة السفير شخصيا لاول مرة..! وحاول ان يذكرني باخيه– محمد – بانه صديقي ومعي في المدرسة الابتدائية وكذا وكذا.. ولكنني لم اتذكر ولم استطع تشخيص اخي محمد السامرائي..!

ان الحديث عن موضوع الاسبوع الثقافي في مسقط يطول بنا، وهو موجود بالتفصيل في كتابي المخطوط (من ذاكرة اسفاري) . وعليه ومنذ ذلك الوقت توطدت علاقتي بالمرحوم د خالد السامرائي واصبحنا صديقين حميمين قريبين لبعضنا كثيرا، بالرغم من فارق العمر النسبي بيننا. ومما يجدر ذكره، انه كلم الاخوة العمانيين لدعوتي الى مهرجان الخريف في صلالة، وقد تم ذلك فعلا في آب عام 1996.

بعد الاحتلال البغيض لبلدنا العراق، تباعدنا كل منا في مكان، فاقام فترة في سوريا، استقر في تركيا رغم محاولته الاقامة في مسقط، الا انه بقي اخيرا في تركيا، وكنا خلال كل هذه السنوات الماضية على اتصال دائم، ولكن القدر لم يمنحنا اللقاء ابدا كل هذه السنين بعد الاحتلال البغيض لبلدنا، رغم الحاحاته المستمرة بدعوته واستقباله لي ولعائلتي في بيته الكريم، ولكن لم يحدث ذلك ولم يكتب لنا اللقاء..! ومما كان يتخلل مكالماتنا عبر الهاتف النقال، طلبه مني ان اغني له مقطعا من مقام الخنبات وقصيدة المتنبئ الكبير، المسجل بصوتي ضمن ألبوم (غناسيقى بغدادية) وهو موجود على اليوتيوب حيث مطلع القصيدة المغنّاة

 

(مالنا كلنا جوٍ يا رسول  /  انا اهوى وقلبك المتبول)

حيث كان يتاثر من بيتين لهذه القصيدة حد البكاء وهما.

نحن ادرى وقد سالنا بنجد  /  اقصير طريقنا ام يطول

فكثير من السؤال اشتياق  /  وكثير من رده تعليل

 

اسمحوا اعزائي القراء الكرام ان ابكي بعض الوقت. فقد هاجمتني الذكريات في هذه اللحظات وانا اكتب لكم هذه الاسطر.

قبل حوالي ثلاثة اشهر من الان، تكلمنا اكثر من مرة عبر الهاتف، وطلب مني ارسال كتبي الصادرة عن المقام العراقي بيد احد اقربائه في عمّان الذاهب قريبا الى تركيا، وكان له ذلك، وبعد فترة من الزمن من اطلاعه على الكتب المرسلة اليه. اتصل بي وظل يتكلم عن هذه الكتب ومضامينها التاريخية والنقدية والتوثيقية والفكرية باسهاب كثير واعجاب كبير جدا، ثم بقينا حتى الايام الاخيرة من حياته رحمه الله نتحدث عن موسوعة كتبي بين الحين والاخر عبر الهاتف. حتى فوجئت ببالغ الاسى والحزن بخبر وفاته المفاجئة في تركيا في الثاني من هذا الشهر تشرين الثاني الجاري 2017 حيث لم يبلغ الثمانين عاما بعد على حد قوله لي في اخر هاتف بيننا.

 

اخي وصديقي وسيدي .. رحماك

اهكذا يكتب لنا القدر ان لا نلتقي مرة اخرى بعد رحيلنا عن بلدنا الحبيب العراق..! اكاد افقد توازني وتفكيري. ستبقى في ذاكرتي وضميري ما حييت   

 

سيدي الكريم رحماك مرة اخرى, يا ملك الاخلاق والانسانية والروح الوطنية. يا ملك المواقف النبيلة والكرم الجميل والتعابير والمشاعر الصادقة. يامن انطقت الوفاء فاحسنت نطقه, يامن اشهدته على تراثك وواقعك فابدعت واجدت. كان يوم مكالمتنا عبر الهاتف النقال الاخير، هو بمثابة الوداع بيننا الى الابد..!

وفي هذه اللحظات اتذكر الابيات الخمسة التي كتبها لي ابن عمي المرحوم د رشيد العبيدي حين شكوته من بعض الحساد وكنت في اخر لقاء لي معه ببغداد في السادس من آذار 2006 حيث قال 

 

قالـوا غَبرْتَ تراثَ الخـالــدينَ وقــــدْ / نــراكَ تبـحثُ لا ضيقٌ ولا نصـبُ

أمـا ستتركُ مـن أودى زمانهمُ / وإنك إبـن زمـانٍ أمـرهُ عَـــجَبُ ..؟

فقــلتُ ذلكَ أصـلي قد رَجَــــعْتُ له / وكيــف أُعـرَفُ لا أصـل ولا نسبُ

انا ابن هذي الربا الخضرِ التي إنغـرستْ / في تربها القيــمُ المعـطـاءُ والنشبُ

 انـــا الذي كتبَ التـاريخَ ملحـــمةً / لامـةٍ تتـحـدى كـلَ مــا كتبــوا

 

سيدي الدكتور خالد ابا الوليد

هل يمكنني بعد ذلك نسيانك.؟ وهل استطيع.؟ وهل اريد ذلك..؟ كلا. والف كلا. فقد اقتحمت مشاعري بمواقفك الاثيرة..! سوف اذكرك دوماً واترحم على عبقرية دبلوماسية اختطفتها يد المنون في ظروف قاهرة اجبرتنا على البعاد وفرقة الاهل والاصدقاء . ولكن ماذا نقول..؟

 رحمك الله تعالى يا اخي وصديقي وسيدي. عزائي الى العائلة المنكوبة والى الاهل جميعا والاصدقاء. ارجو لهم ولمحبيك الصبر والسلوان. داعيا العلي القدير ان يتغمدك بواسع رحمته التي وسعت كل شيء. ويسكنك فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون .. وارقد بسلام...

وللذكرى اثر لا يمحى

 

اضغط على الرابط

مقام الخنبات، الذي كان المرحوم د خالد يطلب مني اداء مقطعا منه في كل مكالمة عبر الهاتف النقال، بحيث يبكيه.

https://www.youtube.com/watch?v=th0MeTfNFs8

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.