كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (45)- محاولة توزيع المقام العراقي الجزء 2

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 يوميات حسين الاعظمي (45)

 

لمتابعة الحلقات السابقة على الرابط

http://www.tellskuf.com/index.php/authors/206-adami.html

 

محاولة توزيع المقام العراقي

الجزء الثاني

      في حلقة هذا اليوم، نكمل ما تحدثت به في الحلقة السابقة المرقمة بـ 44 حول محاولة توزيع موسيقى وغناء المقام العراقي، ونبدأ حلقتنا بالمقالة التي كتبها استاذي حمدي قدوري في ختام تجربتنا دراسة الهارموني والكونترابوينت، وقبل مغادرته العراق الى فرنسا واستقراره فيها ملتحقا بزوجته الفرنسية، التي نتج عنها توزيع بعض المقامات العراقية، واليكم سادتي الافاضل ما كتبه الاستاذ حمدي قدوري..

                           الاستاذ حمدي قدوري يكتب

            (حسين الاعـظمي وتوزيع المقام العراقي)

    كنت اتابع مسيرة الفنان حسين الاعظمي منذ السنوات الاربع الاخيرة بصورة خاصة, بعد ان انضم الى كلية الفنون الجميلة بقسمها الموسيقي, وكان تجديدا لمعرفتي به التي تعود الى وراء ذلك, الى السبعينات, حيث كان طالبا في معهد الدراسات النغمية العراقي ضمن كوكبة من الفنانين الشباب الذين استجابوا الى النداء الاكاديمي للموسيقى ودرسوا الآلات الموسيقية العراقية, بجانب شحذٍ لمواهبهم في الصوت, وكان حسين الاعظمي قد بدأ يجد طريقه في عالم المقام العراقي, وبدأ يقرأ الموسيقى بالنوتة, ولا شك انه كان يفكر بأن يجد فرجاً لحبس المقام العراقي في مكان لا نافذة له على العالم، رغم ما كان يحظى من شعبية واسعة, وكان نبيها، ولابد انه بحث عن السبل التي توصله الى مسعاه, ابتداءا من تدوين المقام العراقي من خلال حضوره في مناقشات على الصعيدين الدراسي والمهني بتواضع الشاب الخجول في البداية، ثم اندفاع المطرب الصاعد, وبعد تخرجه من معهد الدراسات النغمية العراقي, تمكن من ايجاد طريق له باحتراف الغناء المنفرد للمقام العراقي بصورة متميزة من خلال مشاركات في فعاليات، ابتداءا من طرح اكبر كمية من المقامات العراقية المعروفة وغير المعروفة في اعمال دائرة الفنون الموسيقية لوزارة الثقافة والاعلام, ومثّل العراق مرارا وتكرارا في اقطار العالم العربي وغير العربي, بينما كان يجمع المعلومات القريبة والبعيدة للموسيقى ولفنه بصورة خاصة وذلك من كتب ومطبوعات ومحاضرات مختلفة , وحتى باللغة الانكليزية التي ما زال يحاول فك رموزها, ومن هذا المنطلق لم يكتفي حسين الاعظمي بوظيفته الغنائية للمقام العراقي (واعتقد هنا ان رسوخ المقام العراقي كتراث فولكلوري متميز دفعه الى فضول قلما اجده في مطرب آخر) بل سعى الى معرفة المزيد عن فنه (الذي يرى فيه العديد قلة في التحرك) والموسيقى العربية والشرقية بصورة عامة . واثناء ذلك وجد ان تنويط الموسيقى العربية من دراسات وقطع للآلات الى تدوين الاغاني باشكالها المختلفة، ناهيك عن الاناشيد والاوبريت وكلاهما يستندان على قوالب موسيقية عالمية في كثير من الاحيان, وكان عليه ان يمر بخبرة طويلة ومضنية، لأن الغناء وحده لا يكفي الى التمتع بقدرة على الكتابة الموسيقية التي كانت مهنة مقتصرة على عدد قليل جدا من الموسيقيين, واسعده الحظ بادئ ذي بدء بالتدريس والادارة في معهد الدراسات النغمية العراقي، والمشاركة في ندوات ومؤتمرات موسيقية وذلك للتقرب من مهنة النخبة الكاتبة تدريجيا, وهو يحلم بدراسة اكاديمية حقيقية تساعده في مبتغاه , ومرت السنين, وهو على هذه الحال حتى اعلن عن افتتاح قسم الموسيقى في كلية الفنون الجميلة , وما له من اثر ووقع شبيه بقنبلة مدوية, وهو الدارس المستمر في نشاطه حتى بعد تخرجه من معهد الدراسات النغمية العراقي اواخر السبعينات, وتحرك بسرعة منتهزا فرصة العمر للتسجيل في القسم الذي يبشر بالخير لكل موسيقي غيور , وقد نجح في الانضمام رغم العراقيل, والتسجيل طالبا من منطلق تخرجه المتميز في معهد الدراسات النغمية العراقي المسبقة, وكان ذلك في قبول الدورة الثانية, وليدخل العالم الذي تصوره ويسير على الطريق الموصل الى تحقيق هدفه في الدراسة الاكاديمية، وبالتالي دراسة مكونات اصول التاليف, من النظرية الموسيقية والهارموني والكونترابوينت والتحليل الموسيقي بالاضافة الى مقومات الدراسة الموسيقية المتعارف عليها في اقطار العالم, ولست هنا معددا لكل المواضيع التي تدرس في كلية الفنون الجميلة, بل ركزت على اصول التاليف لما لها من علاقة ودور رئيس في تكوين حسين الاعظمي لنفسه كاتبا موسيقيا بعث فن المقام العراقي من جديد, اصولا واقرارا بنوع ثابت له, ثم البحث عن سبل اخرى لتحريكه من جموده وجعله في مصاف موسيقى غنائية لعبت ادوارا حاسمة في التاريخ الموسيقي, ولما لكل هذا من طروحات مستقبلية على الموسيقى في الوقت الحاضر والشموخ الذي يعتز به حسين الاعظمي كفنان متطور يتحرك دائما الى الامام..

        من النظرية الموسيقية تعلم حسين الاعظمي الطبقات الصوتية وما يقابلها من مفاتيح وكان ذا فكرة بسيطة عنها , فيما عـدا مفتاح (صول) الدارج ولا غرابة ..! ان ينوط الحان المقام العراقي في واحد منها وهو (باص) والذي حسب ظني لم يسبق لأحد منّا, هنا او في الاقطار العربية ان قام به, مما حيَّـرني في البداية حتى اعتدت عليه, اما بالنسبة له, فقد احسن مهارة في قراءة للنوتة من ناحية مفتاح غير المستعمل في الموسيقى العربية بصورة عامة, ولم يكن هذا ملزما ولكن (ولا رجعة لما تعلمه في المرحلة الثانية لاصول التاليف وهو علم الهارموني) اعتباره لمفتاح (باص) الاساس في الدراسة الهارمونية سولت له اهمية تنويط لحن المقام العراقي فيه واضافة ادوار ثلاثة اليه ليصبح الحساب الهارموني كاملا (باربعة ادوار) وليصبح المقام العراقي قريبا لاشكال موسيقية غنائية مثل المادريجال واغاني (شانصون الفرنسية) والبوليفية الدينية وكل ما جاء باعقاب الموسيقى العربية في الاندلس وحتى موسيقى التروبادور والتروفير والمينيسنجر. وقد لاحظت بصورة لا تقبل الشك, في كتابته الموزعة للادوار الاربعة, انه يبني في كثير من المواقع على اسس علم الكونترابوينت (وهذا ما تعلمه في المرحلة الثالثة لاصول التاليف وذلك بربط لحن مقابل لحن المقام المدون بمفتاح (باص) واكتشفت عند مراجعتي لما وزع حسين الاعظمي, انه استفاد من معرفته لعلم الهارموني ايضا في غلق الحلقة الدائرة للتوزيع باربعة ادوار, والغريب في كل ما حصل ايضا هو ربط (ربع الدرجة) كاردي تون, من هنا وهناك بما يقابله من كونترابوينت وهارموني مجتمعة وهذا حدث موسيقي جبار, خاصة اذا اخذ من منظار لون موسيقي عراقي صرف بقي خاما حتى وضعه وعالجه ضمن الاطار العالمي وفي (خلفية وديكور) وزينة كانت شبه مستحيلة حتى في الحديث عنها قبل بضع سنوات فقط, والاغرب من ذلك ايضا طرحه لكل اشكال الكورنات, بشكل حر وسلس دون العبء بالقواعد الاولى في علمي الهارموني والكونترابوينت, اذ لم يكتفي حسين الاعظمي موضع الاساس والقلب الاول للكورد، بل تعداه للثاني والثالث زائدا كورد السابعة وكورد التاسعة وحتى السادسة والتي تمكن منها بفضل دراسته الخصوصية معي. اذ لم يحصل طالب اخر على ما اذكر، على علم بكل هذا , بالاضافة الى استعماله في توزيع باربعة ادوار وبشكل جامع في كتاب حقيقي (عملي) عن المقام العراقي يشع ضوؤه بعيدا, ربما ليشمل القارات الخمس كلها وليصبح المرجع العالمي في الموسوعات الموسيقية المعروفة للمقام العراقي, واتصور اليوم وليس البعيد الذي بعد ان ينشر الكتاب مطبوعا ويصل الى ايدي من خارج القطر, عربية او غيرها ليؤدى المقام العراقي بالصورة الحقيقية التي دوِّن فيها مع الادوار الثلاثة المتبقية, وربما يُسرق او يُقتبس (بصورة مهذبة) بعض الحانه المدونة باربعة ادوار لتاخذ مكانها ضمن موسيقى (بوب) او (كلاسيكية) لما حدث لبعض روائع الموسيقى القديمة وتسمع في اوربا واسيا او امريكا، وفي اطار مسيرة التقدم اللامحدود لها في الموسيقى وفي كل عنصر وشكل في العالم, وانصب اعجابي ايضا على السرعة التي حقق فيها حسين الاعظمي مشروعه الموسيقي, فالعملية الموسيقية بدات في مطلع عام 1992 حتى طلع عمل كامل كمي لكتاب موسيقي لتنويط المقام العراقي وتوزيعه باربعة ادوار, وتمت تجربة هذا الاكتشاف الهائل في اطروحة حسين الاعظمي وهو يسعى في امتحانه الاخير قبل ان ينال البكلوريوس في السنة الرابعة والاخيرة التي انتهى فيها في منتصف عام 1992..

 

وللذكرى شجون

نهاية الجزء الثاني

 

اضغط على الرابط

مقام اورفة في 11/10/1975 حسين الاعظمي

https://www.youtube.com/watch?v=kXuQVks0210