كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (98)- درجات الاملاء

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (98)

 

درجات الاملاء

      يبدو ان هذه الحلقة لها علاقة مباشرة بالحلقة رقم 97 من موسوعتنا، او هي في الحقيقة متداخلة معها، وربما اعيد ترتيب مسارها الزمني من جديد لتستقيم الاحداث وتواريخها. فعندما كنت في الصف الاول الابتدائي وفي مدرسة النعمان الابتدائية المختلطة بمنطقة السفينة من الاعظمية. كانت شقيقتي الحاجة ساجدة ام رعد تعلمني وتساعدني على تحضير الدروس اليومية، وكنت ارتاح لاسلوبها في تعليمي، الامر الدي ادى في النهاية الى نجاحي وانتقالي الى الصف الثاني الابتدائي وخلال هذه الفترة، انقسمت مدرستنا النعمان الابتدائية الى مدرستين، او في الحقيقة انبثقت منها مدرسة اخرى جديدة بمسمى (مدرسة خديجة الكبرى للاطفال) ولكنها الى حد الصف الرابع وليس الى السادس، يبدو كمرحلة مؤقتة. ولكن المنعطف الاخر الذي حدث، وانا اباشر توا دوامي في الصف الثاني الابتدائي وفي المدرسة الجديدة (مدرسة خديجة الكبرى للاطفال)، هو ان شقيقتي ساجدة تزوجت في هذه الاثناء، فاصابني الاهمال التعليمي النسبي وتوقفت سلسلة تحضيراتي لدروسي اليومية في المدرسة ..! وبالتالي اصبحت ضمن طلبة الصف الكسالا..! وحدث ما حدث في هذه المرحلة الدراسية كما مر بنا في الحلقة السابقة 97. ورغم اعتدالي في الدروس بعد كلمة المديرة الست نزهت، لكنني رسبت في الصف الثاني الابتدائي..!؟ وعليه اعدت دوامي في المدرسة في العام القادم وانا باق في صفي الثاني الابتدائي..! ومن هنا اضطر اخي الحبيب محمد واثق ان يهتم بي بصورة مباشرة ومستمرة في تحضير دروسي اليومية، حتى نجحت الى الصف الثالث.

 

      كما قلت في الحلقة السابقة، ان التلميذ في عمر الطفولة، وبصورة طبيعية، يبقى يحتاج الى التنبيه، والى النصائح والتشجيع والتحفيز والمرونة في التعامل، رغم المتاعب الجمة معه، كونه طفل وفي عمر الزهور، لا يعي دواخل الامور على وجه العموم..! وربما هو يمتلك القدرة والمعلومات على النجاح، لكنه لا يعي ذلك..! الامر الذي يذكرني في هذه الناحية، بدرس الاملاء والقراءة وانا في الصف الثالث الابتدائي، حيث ما زلت لا اشعر بصورة مباشرة باهمية نجاحي من رسوبي، فكنت لا احصل على درجة نجاح في درس الاملاء ابدا..! وكانت احدى قريباتي معي في الصف، والدها ابن عمي، وهو شخصية دينية وسياسية مشهورة، وفي مرة من المرات، جاءت معلمتنا بدفاتر الاملاء التي اكملت تصليحها، وكانت درجتي هي الرسوب كالمعتاد..! ولكن المنعطف والمثير في الامر، ان قريبتي التي كان حالها مثل حالي في تكرار الرسوب في الاملاء، جاءت درجتها هذه المرة ناجحة وبدرجة 7 من 10..! الامر الذي استفزني كثيرا، كيف حصلت قريبتي على درجة النجاح وانا ما زلت راسبا..!؟ لم احتمل هذه اللحظات ابدا، رغم صغر سني..! وانتظرت حتى جاء درس الاملاء مرة اخرى، واذا بي احصل على 9 من 10..! وقريبتي اقل من ذلك، ومن يومها لم احصل على اقل من 10 من 10..!! وهذا دليل على ان غالبية الاطفال يحتاجون الى المحفزات لاظهار امكانياتهم الى السطح، فهم يعرفون الكثير، لكنهم يحتاجون الى الظرف المناسب الذي يمكن من خلاله اظهار القابليات التي يملكها التلميذ في حقيقة الامر.

 

     مرت الحياة بسرعة، وقدر لي ان اساهم في حملة محو الامية في ثمانينات القرن الماضي في بلدي العراق العزيز، رغم ظروف الحرب الطاحنة التي نمر بها، حيث قمت بالتعليم سنة كاملة لطلبة محو الامية..! وقد اكتشفت ان غالبية التلاميذ او الطلاب..! وهم طبعا من كبار السن، لايثقون بانفسهم بأنهم قد يعرفون بعض المعلومات..! فلم أرى أياً منهم سواء كان في الصف الاول او الصفوف الاعلى، استطاع ان يكتب شيئا على السبورة او في باقي الدروس الاخرى..! فاجتهدت وحرصا مني، وقناعتي بان اكثرهم لابد انهم يعرفون اشياء كثيرة، لان بعضهم مضى على وجوده في مدرسة محو الامية اكثر من عام..! لكنهم يحتاجون الى من يكتشف قابلياتهم ويقودهم الى تدعيم ثقتهم بانفسهم، لا اريد ان اطيل ، ففي نهاية السنة الدراسية، استطعت من جعل الجميع ان يعبر عن امكانياته الحقيقية الجيدة في الكتابة والقراءة، وقلت لهم في النهاية وانا ابغي تدعيم ثقتهم بانفسهم (اخوتي الطلبة، انني لم اعلمكم الكثير، ولكنني اظهرت امكانياتكم الحقيقية الى السطح، فانتم تعرفون الكثير، وكانت حاجتكم فقط، التحفيز والتشجيع والمرونة والعلاقة الطيبة بيننا جميعا كي تظهروا قابلياتكم) تجربة من تجارب الحياة قد نستفيد منها كلنا ودمتم بخير ان شاء الله..

وللذكرى أثر عميق

 

اضغط على الرابط

اغنية المرابط

https://www.youtube.com/watch?v=riFiWI3g-AM