اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (168)- الاديب الفنان محمد سعيد الصكار

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (168)

 

الاديب الفنان محمد سعيد الصكار

         تعرَّفتُ شخصياً بالاديب الشاعر والخطاط التشكيلي الكبير محمد سعيد الصكار (هامش1)، وصديقه الحميم السيد اسماعيل الجاسم، في سهرة من سهرات اخي وصديقي الجديد ايضا د. كاظم عبد الامير الحمداني وفي بيته الكريم بمدينة فونتين بلو بفرنسا..! حيث لم تمضي الا اياما قليلة كنت قد تعرَّفت على الدكتور الحمداني في حفلتي الاولى بباريس بمسرح معهد العالم العربي يوم وصولنا إليها في 13/1/1995، ومن هذه الايام وهذه الذكرى الجميلة التي عشتُ فيها مع زملائي الموسيقيين في باريس، بدأت علاقتنا تتطور رويدا رويدا حتى امست علاقة نعتز بها جميعا. وفي نفس المناسبة تعرفت على اصدقاء اعزاء اخرين منهم اخي العزيز المهندس سالم ناجي والفنان المسرحي محمد سيف (هامش2)..

        وخلال هذه السنين التي تجاوزت اليوم ثلاثة وعشرين عاما، من العلاقة الطيبة مع الفنان والاديب محمد سعيد الصكار، إلتقينا فيها كثيرا، سواء في باريس التي ازورها دوما، او في عمّان التي اقيم فيها حاليا منذ زمن تجاوز ثلاثة عشر عاما. وفيها يكون صديقنا المشترك السيد اسماعيل الجاسم ابا حيدر، جامعنا وجامع كل اصدقائنا الاخرين، وعلى الاخص في سهراته الجميلة الدائمة ببيته الكريم بعمّان..

        في سفرتي الى باريس عام 1995 التي نحن في صددها في هذه الحلقة من موسوعة ملتقى الاعظمي، دعاني المرحوم محمد سعيد الصكار الى بيته الكريم مع فرقتي الموسيقية وبعض الاصدقاء، وذلك بعد تعرفنا وسهرتنا الماضية في بيت صديقنا الغالي د. كاظم الحمداني، وسهرنا مرة اخرى في بيت الصكار سهرة جميلة لاتنسى، وخلالها اخذني ليريني مكتبه الجميل حقا ، الذي يمارس فيه رسومه وخطوطه وكتابة اشعاره، بعد ان علم بانني اهوى الخط العربي وافهمه قواعديا، اذ حدثته عن استاذي في الخط العربي السيد مقداد شاكر الشيخلي. على كل حال، اعجبتُ بالمكتب بصورة كبيرة، في تنظيمه ومحتوياته الرائعة. وهنا طلبتُ منه وعلى راحته من الوقت ان يخط لي اسمي، لوضعه على الباب الخارجية، حيث سانزل في بيتي الجديد حال عودتي من باريس الى ارض الوطن..! وبعد ايام قليلة وصلتني منه بعض الاوراق التي خطها لي حسب طلبي نوع الخط..! وهو من الخط الديواني وخط النسخ مع توقيعه عليها وتاريخ خطها. وعندما عدتُ الى بغداد ونزلتُ في بيتي الجديد الذي كنت قد بنيته منتصف التسعينات من القرن الماضي، اعطيتُ لاخي الغالي قصي جاسم حسين الطائي الذي يملك معملا شهيرا للاختام وما شابه ذلك في مقتبل شارع المتنبئ، احدى الاوراق المخطوط عليها اسمي بالخط الديواني بانامل الفنان الكبير محمد سعيد الصكار، طالبا منه عدم حذف اسمه وتوقيعه وتاريخ الخط، وقد انجزها صديقي العزيز قصي الطائي  على احسن ما يرام، ووضعتها على الباب الرئيسي لبيتي الجديد في الاعظمية قرب نهر دجلة الخالد..

        كذلك اعجبني موقف المرحوم محمد الصكار، عندما سهرنا في بيته، طلب مني قبل ان نغادر بيته الى الفندق الذي نحن فيه عند نهاية السهرة، ان اوصل مبلغا من المال قدره ثلاثة الاف دولار او اكثر من ذلك لا اتذكر جيدا الان قيمة المبلغ بالضبط..! الى اهله او اخيه او احد اقاربه ببغداد، لا اتذكر ايضا، وكانت دهشتي من ثقته السريعة بي ونحن حديثي العلاقة، خاصة ونحن في ظروف الحصار وكل شيء محتمل ومن اي شخص..! حسب تصور الناس على الاقل..! وفي سرِّي فرحتُ بمبادرته، وربما من هنا بدأت علاقتنا الحقيقية، وطبيعي انني اوصلت المبلغ الى مكانه في بغداد..

 

        على كل حال، أواسط عام 1994 وانا لم ازل في ايطاليا اقيم مجموعة من الحفلات بدعوة من مجموعة الجسر المؤدي الى بغداد الايطالية. وصلتني دعوة فنية اخرى من معهد العالم العربي بباريس، لإقامة بعض الحفلات ضمن موسمهم الثقافي ونشاطاتهم الشتوية. والحديث عن كيفية وصولنا الى باريس في ظل ظروف الحصار الذي فرض على بلدنا العراق ظلماً وعدواناً، طويل ومتعب وأكاد أن أسميه (تراجيدية دخولنا الى باريس..!) الامر الذي أوصل القضية الى تدخل رئيس الوزراء الفرنسي مباشرة ليحسم الموضوع..!

        وفي كل هذا الخضم من المتاعب وحالات القلق والاضطراب من قضية وصولنا الى باريس بالموعد المحدد، كان اخونا وصديقنا الاعلامي الشهير سعد المسعودي موجودا وفارسا في حصولنا في نهاية الامر على الفيزة..! حيث كنت قد اخبرته بانني وفرقتي الموسيقية عائدون من عمان الى ارض الوطن لعدم جدوى بقائنا، لان الفرنسيين كما يبدو لا يرغبون في اعطائنا الفيزة رغم ان دعوتنا من مؤسسة معهد العالم العربي، وهي مؤسسة عالمية ترعاها فرنسا بنسبة 51./. والوطن العربي بنسبة 49./...! الا أن إلحاح اخي سعد المسعودي بالبقاء في عمان وقتا قليلا آخر، أثمر في النهاية حصولنا على الفيزة، على الرغم من امتلاك معظمنا على اكثر من فيزة فرنسية سابقة..! واكرر مرة اخرى بان تفاصيل مثل هذه الحالات الغريبة موجودة في احد اجزاء كتابي المخطوط (من ذاكرة اسفاري)..

        وصلنا باريس ظهر يوم 13/1/1995. وسط جو قارص البرودة، واستقبلنا جمع من العراقيين ومن معهد العالم العربي يتقدمهم صديقنا الغالي سعد المسعودي. الذي كان له القدح المعلى في وصولنا الى باريس، والذي أوكلت له من قبل المعهد، مهمة مرافقتنا طيلة الشهر الذي مكثنا فيه بباريس..! علماً أن منهاج حفلاتنا يبدأ من هذا اليوم 13-1 يوم وصولنا..!

        لم نكن أنا وزملائي الموسيقيين قد أغمضت لنا عيناً طيلة اليومين الاخيرين قبل وصولنا الى باريس..! وقد كنا في غاية التعب والاجهاد والشد العصبي. وحفلتنا الاولى لابد أن تقام مساء اليوم 13-1 .. ورغم محاولتي الاعتذار عن حفلة اليوم عندما حاولت أن أجس النبض، حيث قلت ذلك لأخي سعد المسعودي، حين أجابني بشكل قاطع، بأن ذلك لا يمكن أن يحدث في اوربا..!

          المهم في الامر أننا أقمنا حفلة اليوم، وحفلة اليوم الثاني 14-1 .. والله يشهد أنها كانتا من أفضل حفلاتي خارج العراق، وكأنني وزملائي كنا في تحدٍ ومواجهة للظروف التي مررنا بها قبل دخولنا باريس..!

         بعد حفلة اليوم الاول، تناولنا عشاءنا في أحد مطاعم شارع الشانزليزيه الفخمة، بدعوة من رجل كريم وقور، هو السيد أمير الحلي الثري العراقي الذي تشرَّفنا بمعرفته هذه الليلة..! وسوف اتحدث عن هذا الرجل في حلقة اخرى ان شاء الله. وممن كان معنا في هذا العشاء بعض العراقيين الذين يعرفهم أخي سعد المسعودي. ومن هذه الليلة تكونت لنا صداقات جديدة طيبة مع بعض من هؤلاء الاخوة العراقيين.. وكان أبرزهم أخي وصديقي الشجاع د. كاظم عبد الامير الحمداني والمهندس المهذب سالم ناجي والفنان المسرحي محمد سيف..

        إنني أشعر بالضيق وأنا أختصر الكثير جداً من كثافة تفاصيل الايام التي قضيناها في باريس..! لأن لأصدقائنا حقوق علينا في ذكر مواقفهم النبيلة، بل الخيالية، وهذه هي الشجاعة الحقيقية للانسان، والانسان العراقي بالذات..! إنه شهر من الاحلام، شهر من المحبة والود والتآلف والكرم والاخوة بين العراقيين بكل فئآتهم الفكرية والعقائدية والسياسية..! نحمد الله العلي القدير الذي جعلنا سبباً، أو جزء من الاسباب في جمع الكثير من إخوتنا العراقيين في أمكنة واحدة وزمن واحد..! ولقاء الاحبة بكل ما تستطيع أن تحتويه هذه المفردة من معاني..

         تكاثرت علينا دعوات الغداء والعشاء من كل حدب وصوب، ولعل دعوات أخي د.كاظم الحمداني قد تصدرت هذه الدعوات في بيته الجميل جداً بمدينة فونتين بلو على ضواحي باريس. هذه المدينة الصغيرة الجميلة التي كان نابليون بونابرت يحكم العالم من خلالها، حيث قصره الشامخ الكبير لا يزال جميلاً في وسطها..!

          والجدير بالذكر. أن أخي د.كاظم الحمداني، لم يكتفي بدعواته للسهر في فلـَّـته البالغة الجمال، وإنما ألح علينا بالاقامة معه في فلـَّـته بعد إنتهاء منهاج حفلاتنا ومدة إستضافتنا من قبل معهد العالم العربي، ليس الامر لوحدي وإنما أنا وزملائي الموسيقيين، إقامة كاملة..! وهكذا تعرَّفنا على الكثير من إخوتنا العراقيين وكان من أبرزهم الفنان والشاعر الكبير محمد سعيد الصكار. وكذلك اخي وصديقي الكبير اسماعيل الجاسم ابي حيدر..

       وبالنسبة الى الفنان الموسيقي طالب غالي، فقد تعرفت عليه من خلال بعض زياراته الى الاردن الشقيق وفي سهرات صديقنا السيد اسماعيل الجاسم، وقد بدا لي الفنان طالب غالي، انسانا ودودا وفنانا حقيقيا، بطبع هادئ وطيبة واضحة، وقد سررت بهذه المعرفة متمنيا له التوفيق على الدوام.. 

        ومنذ هذه الايام لم أنقطع ولم ينقطع الاخوة الاصدقاء عن التواصل والاتصال، ونحمد الله كثيراً على هذه العلاقة الاخوية.. 

        وبعد حياة حافلة بالابداع والفن والادب، قضاها في البصرة وبغداد، ثم مقيما بعدئذ في فرنسا لاكثر من ستة وثلاثين عاما، اعلن في باريس يوم 23/ مارس 2014 عن وفاة فناننا الكبير وصديقنا الغالي محمد سعيد الصكار عن عمر ناهز الثمانين عاما، اسكنه الله فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون..

 

الذكر للانسانِ عمرٌ ثانِ

 

اضغط على الرابط / مقام الطاهر

https://www.youtube.com/watch?v=t1jrzNvPB7A

 

الهوامش

1 – هامش1 : محمد سعيد الصكار- ودع الفنان والشاعر العراقي محمد سعيد الصكار الحياة في مغتربه الفرنسي أمس 23/3/2014 عن عمر ناهز الثمانين عاما بعد أسبوع من الاحتفاء به من قبل معهد العالم العربي بباريس.. وهو الذي اعلن قبل اكثر من ربع قرن مشروعه المستقبلي “الأبجدية العربية المركزة” وقد أثار يومها ضجة في الأوساط العلمية والفنية والطباعية باعتبارها كسر لقيود الحرف. لذا فالحديث عن الشاعر والفنان محمد سعيد الصكار حديث عن تجربة ممتدة ومتسعة، فقد وجد الصكار ضالته الفكرية في أن تأخذ الأبجدية العربية أشكالا مختلفة وكثيرة في الخط وفي الطباعة مما يستوجب تطويرها واختصار الزمن والكلفة في عصر المعلوماتية.

2 – هامش2 : محمد سيف- ممثل مسرحي عراقي، غادر العراق مطلع الثمانينات من القرن الماضي، متزوج من السيدة رغد ابنة شاعر العرب الكبير عبد الرزاق عبد الواحد، نال شهادة الدكتوراه في الفن المسرحي..

 

 

حسين الاعظمي والفنان التشكيلي الكبير محمد سعيد الصكار في لقطة

في غاية المزاج كانون ثاني January عام 1995 .. باريس

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.