اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (268)- الاجواء الدينية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (268)

 

الاجواء الدينية

        هناك ملاحظة تبدو مهمة ينبغي التحدث بها. ففي عصر القرن التاسع عشر، كانت الاجواء المقامية في بغداد لم تزل تسودها اجواء دينية في الاعم الاغلب، بحيث لا يمكن ان يظهر اي مطرب للمقام العراقي دون ان يمارس اداء التلاوة القرآنية او الشعائر الدينية الاخرى، كالمنقبة النبوية الشريفة والتهاليل والاذكار والمدائح النبوية والتمجيد من فوق منائر الجوامع والمساجد وغيرها. وكانت هذه الحالة هي السمة البارزة لمطرب المقام العراقي زمنذاك. حيث ينضج مفهوم مطرب المقام العراقي دنيويا، اعتمادا على هذا الاساس الديني..! ورواد مطربو القرن التاسع عشر المقاميون، ظهروا وبرزوا من خلال هذه الاجواء، الذين استطاعوا استيعاب واقع هذه التعابير الدينية والدنيوية لينتجوا تسجيلات مقامية دنيوية كبيرة ابقت على شهرتهم في المصادر الكتابية حتى يوم الناس هذا.

 

        ان عملية تأشير كل مرحلة من المراحل الثقافية التي يمر بها تاريخ غناء المقام العراقي عبر عصوره الزمنية، واعطاء فكرة حتى لو كانت بسيطة نسبيا عن كل مرحلة من المراحل عبر مرور الزمن، شيء مهم، بل في غاية الاهمية، حيث يدلنا على دقائق التطور الفني والثقافي لقضية الاداء المقامي خلال استمرار الحاضر والمنظور المستقبلي. فعندما بدا القرن العشرون، بدأت بوادر جديدة تظهر على ساحة الاداء المقامي، اتسمت بعمق الجانب الدنيوي في تعابيره الغنائية، بالرغم من عدم غياب الجانب الديني الاساسي لهذه التعابير الدنيوية في الاداء المقامي، وامتلاك التعابير المقامية الحقيقية لهذا الكيان التراثي في الغناء والموسيقى من خلاله..!

 

        ان الواقع الذي اشرنا اليه حول تاثيرات التعابير الدينية في غناء المقامات العراقية الدنيوية، لا يناقض في الحقيقة بين هاتين الحالتين من التعابير. فالموسيقى والغناء بصورة عامة اصلها ديني كما هو معروف، فكيف اذا كانت هذه الموسيقى وهذا الغناء من التراث الغناسيقي الديني اصلا..!؟ ونحن نعلم ان الممارسات الادائية في الشعائر الدينية هي التي حافظت لنا على هذا التراث الغناسيقي الخالد في فترات عصيبة مرَّ بها بلدنا العراق بعد سقوط العباسيين (656هـ1258م)، وهي من ابشع عصور العراق، بل من ابشع العصور الانسانية التاريخية التي مرَّت على كل شعوب الارض، ظلاما وظلما وفسادا وطغيانا على يد الغزاة والمحتلين، التي اطلق عليها المؤرخين بـ (الفترة المظلمة) الممتدة لسبعة قرون ميلادية بالتمام والكمال، منذ سقوط العباسيين (1258م) حتى 14 تموز من عام (1958م)..! فلا شيء يتطور من فراغ، ورغم ظلام الفترة الدامس، الا انها محاطة بعنصر قوي جدا، هو العنصر الديني. الاجواء الدينية التي سادت الفترة..! وينبغي على هذه العلاقات المتداخلة والمعقدة في تعابير الاداء المقامي، ان لا تحجب الحقيقة الاساسية، في ان لا حلاوة مطلقة لتعابير الاداء المقامي الدنيوي دون انصهارها بالتعابير الدينية. وعندما نعود الى الكتابات التاريخية واستعراض حياة الكثير من مغني المقامات العراقية خلال القرن التاسع عشر، نرى انهم كانوا يمارسون تلاوة القرآن الكريم واداء الشعائر الدينية الاخرى، فلا تستقيم اية تعابير مقامية دنيوية دون هذه البدايات الدينية للممارسات الغناسيقية المقامية.

 

       قال أبو حيان التوحيدي (الغناء معروف الشرف، عجيب الأثر، عزيز القدر، ظاهر النفع في معاينة الروح ومناغاة العقل وتنبيه النفس واجتلاب الطرب وتفريج الكرب وإثارة الهزة وإعادة العزة وإذكار العهد وإظهار النجدة واكتساب السلوة، وما لا يحصى عدّه.)(هامش1)

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

هوامش

1 – هامش1: هذا المقطع لابي حيان التوحيدي منقول من مقالة بعنوان – الموسيقى والغناء في الحضارة العربية والاسلامية - للاستاذ حميد سعيد منشورة في جريدة العرب في 14/10/2017.

 

اضغط على الرابط

طالب السامرائي وعبد الجبار العباسي في منقبة نبوية

https://www.youtube.com/watch?v=MdttNetP2Us

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.