كـتـاب ألموقع

• للانتخابات "حواسم"

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جاسم الحلفي

           للانتخابات "حواسم"

 

مفردة "حواسم" من أكثر المفردات تداولا، يطيب للناس استخدامها إلى جانب كلمات أخرى منها " الصكاكه" و" القفاصة" و" العلاسة"، التي تم تسجيلها في قاموس المفردات التي نحتتها الذاكرة الشعبية بعد التغيير. بعد ان باتت مفردات مثل: "النهابة" و"الحرامية" و"الشقاوات" و"النصابة" و "القتلة" لاتمتع بالبلاغة الكافية للتعبير عن حجم الخراب الذي طال منظومة القيم في المجتمع العراقي. فان ضاق أهلنا بـ"المرتشي" في سالف الأيام، تجد الآن فعل الأمر " وَرّقْ " فعلا غير مشين يستعمله "البعض" بشكل طبيعي في "بعض" التعاملات الرسمية، الى جانب جميع اشتقاقاته اللغوية التي أبقت العراق في موقع لا يليق به، في نهاية قائمة منظمة الشفافية العالمية لضخامة حجم الفساد واتساعه.

 

يبدو ان الانتخابات التي توجه إليها المواطنون، متحدّين كل الصعوبات والمتفجرات، لم تسلم من تطاول "الحواسم"عليها،  لتشويهها. هذه العملية التي تأملنا رؤية صورتها الحقيقية، كانتخابات حرة، يختار فيها المواطن من يمثله دون أكراه، ويحسب القائمون عليها على حساب أصوات المواطنين بحرص وأمانه تليق بمن أُنيطت بهم الأمانة، انتخابات نزيهة تتجاوز ما شاب سابقاتها من انتهاكات وثغرات ونواقص.

 

صراع كبير ومحتدم، بين طرف يعتقد بأهميتها وضرورتها كخيار للنظام السياسي الجديد

حقوقه السياسية والمدنية، وتؤمن الضمان الاجتماعي وحاجات المواطن الى السكن والعمل والطبابه والتعليم المجانيين. فيما يقف، في الجانب الآخر، طرف يؤمن بها، شكلا، ويسهم في تشويهها ،فعلا، من خلال شراء الأصوات، مسخرا "مليشياته الانتخابية" لبث الذعر والخوف وإشاعة الإرهاب الفكري والسياسي. هذه المليشيات التي عملت على تسقيط أصوات المنافسين، بالتأشير المتكرر على القائمة المنافسة، او حسابها مع القوائم غير الصالحة، او الغش في تسجيل أصواتها في استمارتي ( 501 و 502)،  وان سلمت الأصوات من "تقفيص" المليشيات الانتخابية في محطات الاقتراع، هناك أيضا من لا يسجلها في في مراكز العد والفرز والتدوين.

 

لم تكن عمليات التزوير الواسعة التي تمت عبر سلسلة "حوسمة" طويلة، هي وحدها التي شوهت الانتخابات بل هناك استخدام المال السياسي والمال العام ومراكز الدولة ومؤسساتها ووسائلها، فضلا عن تدخل دول الجوار بشكل سافر سواء بتشكيل القوائم أو بتقديم كل إشكال الدعم الى من ربط نفسه بالمشاريع الاقليمية والخارجية.

 

ومن هنا يتضح كم هي صعبة مهمة الحريصين على رفعة الشأن العام، المدافعين عن بقاء البطاقة التموينية وتحسين مفرداتها، والمطالبين بإقرار قانوني العمل والضمان الاجتماعي، نظيفي اليد والضمير، الواقفين بعناد ضد قيم " الصكاكه" و" القفاصة" و" العلاسة". هذه القيم التي ينحت نظيفو اليد والضمير بدلا عنها قيم التضامن والنزاهة والمواطنة المتساوية التي يؤمنها العراق الديمقراطي، حيث لا مكان للبطالة والفقر والفاقة والعوز والأمية والأمراض.