اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• "سي السيد" في كواليس الحكم

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

جاسم الحلفي

مقالات اخرى للكاتب

"سي السيد" في كواليس الحكم

 

      لم تكن شخصية "سي السيد"، بطل ثلاثية نجيب محفوظ، استثناءً في عالم منطقتنا، حيث يسلك في البيت سلوك الأب الورع وراعي الأسرة المتسلط القوي، بينما لياليه الحمراء في العوامات تعكس صورته الأخرى الحقيقية. وقد بزت شخصيات الحكام العرب شخصية "سي السيد" في ازدواجيتها. وبينما ينعكس فعل شخصية "سي السيد" على وسط محدود من معارفه، فان تأثيرات ازدواجية شخصية المتنفذين السلبية تطال شعبا بكامله! 

      حين تشاهد وتسمع الخطاب "الرصين" لحسني مبارك، وهو يتحدث عن نزاهته وتضحيته من اجل مصر وخدمة شعبها، تراه يحاول إيهام الناس بقوة المثل المفعم بالتضحية والكرامة الذي يقدمه، وتجد نفسك وكأنك أمام حزمة من القيم السامية والأخلاق الحميدة والشرف الرفيع ونكران الذات. غير أن شخصية الرجل  التي أزاحت القناع عنها هبّة ميدان التحرير، وكشفت ما اكتنز من ثروات طائلة بدون وجه حق، عن طريق الكسب غير المشروع، والإثراء الفاحش على حساب لقمة خبز فقراء مصر، فضلا عن التنعم مع عائلته بموارد جمعت بالسحت الحرام، انما هي شخصية تخفي خلف الوقار الخادع كافة إشكال الفساد .

  ويبدو ان هناك بعد من تستهويه لعبة ازدواج الشخصية، فتجده يمارس الفعل  ويدعي نقيضه، وكأن الشعب لا ذاكرة له. وبمراجعة سريعة لفترة الانتخابات، نتذكر خطاب نبذ الطائفية واضحا قويا في حملات المتنفذين، ثم سرعان ما أخذت كواليس الحكم تردد الأحاديث عن "إعادة التوازن"، أي إعادة توزيع المغانم بين مجموعات الحكم على اساس الاصطفاف الطائفي، دون اعتبار للكفاءة والخبرة والنزاهة!

وعدنا المتنفذون بمحاربة الفساد وإنهائه، باعتبار انه الوجه الأخر للإرهاب، كما قالوا، لكنهم في الكواليس يتسترون على الفاسدين ويوفرون لهم الحماية اللازمة، وقد جعلوا من متراس المحاصصة سدا منيعا يمنع القانون من ان يطالهم!

      ويكثر المتنفذون الاشارة في تصريحاتهم الى قرب إعادة السيادة وتحقيق الاستقلال، طبقا للاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة. لكن كواليس الحكم تردد أحاديث عن عقد معاهدة جديدة لتمديد بقاء القوات الأجنبية في العراق!   يتشدق المتنفذون، بمناسبة ام بدونها، بالمصالحة الوطنية وضرورتها ويخصصون وزيرا لها، ويكثرون من التصريحات التي تؤكد أهميتها، في وقت يتضايقون فيه من أي نقد بناء تبديه أوساط هي احرص ما تكون على تطوير العملية السياسية، وتحقيق مشروعها في بناء الدولة المدنية الديمقراطية.

      يطلق قادة كتلة ما العنان "لمعارضتهم" لحكومة يتحملون قسطا من مسؤولياتها، وينتقدون خروجها عن مسار الشراكة الوطنية، بعد ان تنكرت " للشريك"  ولم تعر لرأيه أدنى اعتبار، بينما تشهد كواليس الحكم تفاوضا سريا  للاتفاق على موقع سيادي جديد "للشريك" المعارض!

يتحدث المتنفذون كثيرا عن ضرورة تضييق الفوارق في المستوى المعيشي بين أكثرية فقيرة وأقلية متخمة، ويتعهدون بإتخاذ اجراءات بينها تشريع قانون للضمان الاجتماعي، وتخفيض رواتب المتنفذين، وإلغاء المناصب غير الضرورية. بينما تشهد كواليس الحكم عقد صفقات مناقضة، ليست آخرها صفقة انتخاب ثلاثة نواب لرئيس ذي منصب تشريفي. والمدهش هو تصويت مجلس النواب على ذلك، بعد ساعات قليلة من تصريحات اعضائه حول عدم تمرير تلك الصفقة مطلقا! وثم ما لبثوا ان استنكروها مرة أخرى!

 لو قدر للراحل للدكتور علي الوردي ان يشهد هذا الفصل المضحك المبكي، لتمسك ربما باستنتاجه الأثير حول " ازدواجية الشخصية " العراقية .. ام تراه كان سيسميها انفصاما؟!

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.