اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• البحث عن الاصـالة في الغناء السرياني الحديث

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 
كمـال يلـدو

مقالات اخرى للكاتب

البحث عن الاصـالة في الغناء السرياني الحديث

 

 

 

   يسترجع الكثيرون منـّا ، تلك  النقلة النوعية  التي حصلت في المشهد الموسيقي التحديثي ابان السبعينات ، وذلك من خلال بروز العديد من الفرق الشابة ، والتي جاءت متزامنة مع عدة ظواهر كان  منها ، افتتاح العديد من النوادي الاجتماعية العائلية ،  وكثرة الحفلات الخاصة ، ثم تأثير بروز فرق ( الروك ان رول ) في اميركا و أوربا  ، والظاهرة الاهم هي مطاوعة الفنان  الهام المدفعي لآلة  الكيتار  واستخدامها لأداء  المعزوفات والغناء العراقي الفلكلوري ، مع ما رافق المشهد السياسي من انفتاح نسبي لم يدم طويلا . كانت هذه الظواهر وربما اخرى غيرها،  هي ما شـــجع جمع كبير من الشباب والشابات للتوجه نحو تعلم العزف على الآلات الغربية وتشكيل الفرق الناشئة ، وانتشار الغناء الغربي  ومزجه مع الغناء  - العراقي – بأستخدام هذه الآلات . وكان للغناء السرياني نصيب في هذه النقلة النوعية ،  اذ برزت فعلا  طاقات وأمكانيات شكلة اللبنة الأساسية التي نعيش امتداداتها لحد هذا اليوم . وفي العموم ، عندما نقف ونقـيم تلك المرحلة ، سيكون من المنصف ان نقول ، انها كانت مرحلة مهمة في نقل الغناء والموسيقى السريانية الى مديات كبيرة  مما ساعد على انتشارها  وتقبل الجيل الجديد لها اكثر .

لكن، حينما ننظر لتلك المرحلة ونقيس ما جرى بعدها من تأثيرات ، قد يحمل استنتاجنا مآخذ كثيرة على ذاك ( التطور ) الذي حصل منذ حوالي اربعة عقود .

 

  لا شك ان الغناء السرياني ( الكلداني ، الآشوري ، السرياني) ، كان قد نمى وترعرع في المدن والقصبات والقرى التي يكثر فيها ابناء هذا الشعب ، وربما كانت الالحان الكنسية  والألحان المتوافرة في المنطقة ( العربية ، الكردية ، التركية والايرانية) معينا لا ينضب لتلك الاغاني التي مازال جيل كبير  وبضمنهم الشباب ايضا ، يستمتع فيها لأنها تحاكي ماض يطلق عليه البعض ( الزمن الجميل) .ومما لا شـك فيه من ان الآلات المستخدمة كانت تلقي بظلالها الوافرة على جودة اللحن وعذوبته ، وارتباطا بالمنطقة ( الارض) ، وطبيعة المناسبات ان كانت افراح او احزان  ، ومن هنا اخذت اغاني ذلك العهد اصالتها واستمراريتها في وجدان الاجيال اللاحقة .لم تمر العقود الاربعة على العراق والعراقيين بسلام ، واذا تحدثنا عن الموسيقى والغناء السرياني فأنه هو الآخر تأثر بما شهدته الساحة السياسية من عنف ، ودخول النظام  العراقي بالحروب الكارثية وصولا للحصار ومن ثم الاحتلال ، وأرتباطا بما رافق التغير عام 2003 ،  من استهداف للمكونات القومية الصغيرة ، وصل حد التصفية الجسدية ،  مضافا لها ما شهده ابناء هذا الشعب نتيجة لذلك ، من اكبر موجة  - هجرة او لجوء  – للخارج ، مما سـاهم في تشتيت التراث والفن والفنانين وابتعادهم عن الارض التي تشكل عاملا مهما وجوهريا ، في تقدم ورقي الفنون ذات الطابع القومي . كان لابد لهذه المقدمة ، لكي اصل ايضا الى ما افرزته الفرق الفنية الجديدة ، واستخدامها للآلات الغربية الحديثة  وخاصة ( الكي بورد)  بأفراط ، في طرح الوان جديدة من الغناء ، وباللغة السريانية ( الكلدانية ، الآشورية) ، ولكن بروح غربية لاتمت للغناء السرياني  ( في معظمها) بأية صلة ، الا لكون المفردات المستخدمة هي من اللغة  السريانية . وبقدر ما يتحمل هؤلاء الفنانين ( فرادى او فرقا) من مسؤولية في حالة التشرذم التي اصابت وتصيب هذه الحلقة الهامة من الهوية القومية لأبناء هذا الشعب ، فأن مسؤولية اكبر يتحملها الملحنون والشعراء اضافة الى النخب الثقافية التي لم تتعاطى مع هذا الامر بالجدية اللازمة . كيف يمكن تخيل الغناء السرياني دون الآلات  الفلكلورية المعروفة في المنطقة ( الطنبور ، العود ، الناي ، الكمان  ، الدف  والايقاع ، الزرنة والطبل واحيانا القانون) ؟  وهل يقوم الكيتار او الجاز او الكي بورد مقام هذه الآلات ، حتى لو كانت بأيدي امهر العازفين ؟ هل يمكن على سبيل المثال تصور الغناء العربي الاصيل دون العود ، أو الجالغي البغدادي دون الجوزة  والسنطور ، اوالموسيقى الآيرلندية دون " المزماري"،  أو الموسيقى الهندية دون " السيتار" ؟ان نظرة متأنية للغناء السرياني  الدارج في الحفلات  والمناسبات ســـيكشف للمتابع حجم الابتعاد ( الكارثي) لهذا الفن الاصيل عن قواعده الحقيقية في الألحان ،  وتفضيله  الالحان الدخيلة على اللحن العراقي والسرياني المتميز ، لابل حتى ان الكثير منها مسروق ، و الكلمات جاءت في معظمها باهتة ، وكأنها حشرت حشرا لأكمال النص الغنائي او تفصيلها على مقاس اللحن ، ناهيك عن مواضيعها المملة والرتيبة والتي غالبا ما تدور في محور  واحد هو "الحب" ! على  الرغم  من اهميته ، الا ان العديد من   هذه الاغاني ، صـارت تطرحـه  بشكل ممجوج ،  وكأن لا مواضيع اخرى تشغل بال الشعراء والملحنين والمغنين غير هذا الامر . ويحق لي ان اتسـائل :  اين اضحى الانسان  والوطن والارض والقرية والمسـتقبل  والطموح  والمعاناة ، في اهتمام الغناء السرياني ؟ قد يحمل كلامي عموميات كثيرة ،  رغم اني لا أدعي بالتخصص في الالحان والغناء السرياني ،  لكني اكتب ملاحظاتي هذه ، بقلم مستمع ومتذوق للغناء العراقي الاصيل ، ومنـه الغناء السرياني . ويهمني كثيرا،  ان يتحمل الفنانون  الذين يؤدون غنائهم باللغة السريانية ، مسؤلياتهم  كاملة ، وان يكونوا امناء على الموروث الثقافي والفني لهذا الشعب ، كـون  هذا اللون  ، هو جزء مكمل واساسي للهوية القومية ومظهرا من مظاهر الاعتزاز بها ،  خاصة في  ظل ظرف عصيب يمر به ابناء هذا الشعب في ارض اجداده  ، ان كان بالتهميش  والمحاربة ، او حتـى بالترهيب ونتائجه الكارثية التي انعكست  على آلاف العوائل  التي اضطرتها  هذه الظروف العصيبة ، الى ترك وطنها واللجوء الى دول الجوار ، او ممن اختاروا اوطان الغربة ملاذا اخيرا لهم بعد ان ضاق العراق على ابنائه الاصلاء . دعوة مخلصة الى المؤسسات المعنية بالغناء والفنون السريانية ، الى التوقف امام هذا الامر بجدية ، والدعـوة موصولة للشعراء والملحنين والفنانين الذين يقدمون نتاجاتهم باللغة السريانية ، ان يعيروا الغناء السرياني اهتمامهم الصحيح ،  وأن لا يشاركوا في تشويه الهوية القومية الصادقة لهذا الفن . من اجل ان لا تكون الدعوة متأخرة ،  لأن اجيالا تنشـأ  اليوم وتتكاثر ،  وهي بعيدة عن الاصالة ، ولا يحق لنا  ان نلوم ظروف العراق والغربة دائما ، بل ان نسعى بما نملكه ونتمكن منه ،  في اداء هذا الواجب الوطني والقومي ايضا .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.