كـتـاب ألموقع

• "الضحـية" بين مخالب مخابرات العراق الجديد!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

كمال يلدو

مقالات اخرى للكاتب

"الضحـية" بين مخالب مخابرات العراق الجديد!

 

طاف في فضاء الأنترنيت قبل ايام فديو حمل عنوان ( سيد معمم ينتهك شرف فتاة من الكوت) ، يظهر فيه فتاة عراقية -الأستدلال من لهجتها - قيل انها كانت على علاقة مع شخص ( سيد ) ، ويبدو انه نكل بوعوده لها بالزواج  بعدما مارس معها الجنس، فقامت بقتله . ظهرت الفتاة معصوبة العينين، وتجلس على كرسي ، وقد تحلق حولها مجموعة من ( الذكور) وبالزي المدني ، أسمعوها شـتى انواع الأهانات ، وانهال بعضهم ضربا على رأسـها ، فيما كان يمارس احدهم دور المحقق ، بســؤالها حول الحادثة ، ثم اردف بســادية مريضـة ، مصحوبة بلهجة الأستهزاء والتشـفي عن الأوضاع الجنسية التي مارسها ( المجني عليه) ، ثم ينهي كلامه لها بالقول : ماذا تتمنين الآن ؟ فتقول : الموت! وبهستيرية  المعاقين  يقول لها : خذي هذا المسدس وأقتلي نفسك!  فترد عليه مذعورة : اني خائفة ، فيمطرها بمزيد من الكلمات النابية .....هنا ينتهي الفديو.

 

   لا أظن ان انسانا ســويا، سيكون على وضعه الطبيعي بعد ان يشاهد هذا الفديو القصير، والذي يختصر وبلحظات معدودات ما يجري خلف الجدران الموصدة ، وكيف تطبق القوانين، وما هو مصير حقوق الأنسان في عراق اليوم. وربما تدفعه الريبة للشك من ان هذا الفديو هو من زمن العهد البائد وزنازين اقبية الأمن والمخابرات سـيئة الصيت حينما كانت تنفرد بضحيتها وتشـبعها اغتصابا وضربا وتعذيبا كان يمتد حـد الموت  . أم  نحن في ظل نظام جديد ، اريد لـه ان يكون مثالا للعراقيين اولا، وللمنطقة ثانيا ، حينما تتمكن المظلومية من كرســـي الحكم بعد تغييب امتد لعقود من الزمن توارثت الحكم عليه انظمة حرمت الفقير والمحروم من فرصة المشاركة في صنع القرار!

 

  اســئلة كثيرة يطرحها هذا الفديو ، ربما نبدأ بالأساسيات منها :

هـل قتلته بمفردها ، ام بمساعدة شخص آخر ، ومن يكون ، وأين هـو الآن ؟

مــاذا عن عائلتها وأهلها ، اين هم ، وماهو موقفهم وأبنتهم في حضرة هؤلاء المحققين ؟

اليس في عرف القضاء ، ونحن نتحدث عن بناء دولة القانون ، ان يكون بصحبتها محاميا ، وأن تكون هناك جلسة رســمية لتســجيل اقوالها؟

وأليس في عرف القانون ايضا ،مبدأ  " ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته"؟

و أليس من عرف القانون مبداء عدم ضرب المتهم أو اهانته مهما كانت الجريمة وتحت اي ظروف كانت ؟

وهل في عرف القضاء العراقي ، لو اعتبرنا ان ما كان يجري مع هذه ( المتهمة)  هو تحقيق ، هل يجوز عصب العينين ، وأستجواب ( المتهم) بهذا الأسلوب الســوقي الذي اورده الفديو ؟

يقينا ، ان ما حمله هذا الفديو القصير بوقته والكبير بمحتواه ، يمثل شـــريحة الدجالين واللصوص والمجرمين الذين تربوا في صفوف حزب البعث وتشربوا من مفاهيمه وأفكاره الجهنمية حينما كانوا يتعاملون مع المعتقلين من المعارضة ، لكنهم وجدوا اليوم، وفي العراق الجديد ، فرصتهم في تصريف تعقيداتهم وســاديتهم ونرجسيتهم الجنسية المريضة ، بتبديل بزة الزيتوني ، ببزة الولاء لأحزاب الأسلام السياسي ( بسنته وشيعته ) ، وركوب الموجة ، ليصل بهم المقام الى ذات الموقع الذي كانوا يحتلوه في زمن ( الانتصارات) ، وزمن حكم ( المظلومية) .

 

  اتوجه بســـؤالي الى القضاء العراقي ( النزيه) وأنا في حيرة من امري ان كان ســـينتخي لهذه المرأة ( المتهمة) ، ويعالج القضية وفق الأعراف القضائية ، التي تحفظ كرامته  وتجعله مفخرة للمواطن؟

وهل ســـيقوم القضاء ، او اية جهة رسمية اخرى ، بالكشـــف عن الأشــخاص الذين قاموا بأستجواب ( المتهمة) ، وضربها  وأشباعها كل انواع الشتائم ؟

وهل ننتظر محاكمة عادلة لهذه المرأة ( المتهمة) ، يفسح فيها القضاء المجال واسعا لتدلي بشهادتها ، والدفاع ، وأن يعرف العراقيين خلفيات الحدث وتبعاته – ان كانت ما زالت على قيد الحياة ؟

 

اما الســؤال الأهم فهو : هل هذه هـي الأساليب العصرية والحديثة في التعامل  مع المتهمين والذين هم على ذمة التحقيق ، خاصة في ظل المادة الثانية من الدستور ، وحكم الأسلام السياسي – السمح والمتسامح -  في العراق الجديد ، العراق الفيدرالي الديمقراطي الموحد؟

ام اننا مطالبون بأستنســأخ تجربة الذين ســـبقوا الطبقة السياسية الحاكمة الآن ، والتي يمكن الأستدلال عنها من سؤال السجناء السياسين الذين نجوا من مقصلة الأعدام او آلة القتل البعثية ، رجالا او نساءا ، وبالأخص ، الضحايا من الأحزاب الأسلامية الحاكمة ؟

 

وأخيرا ، لابد لي من توجيه الشكر للشخص الذي قدم هذا التسجيل الفريد ، لأنه وثق هذه الحادثة ( ليس لندرتها أو اهميتها الأستثنائية فقط ) ، بل ليكشف لنا عن حقيقة ما يجري ، ونحن مازلنا نتسائل ان كانت هذه المجموعة تنتمي للداخلية ، أو الدفاع ، أو الأمن الوطني ، او أمن الأحزاب الحاكمة ، او أمن المحافظة المعنية ؟

ملاحظة أخيرة : كنت اتمنى لو وضعت لكم رابط هذا الفديو ، لكني اعتذر لسبيبن، أولها، هو احترامي لهذه الأنسانة وخوفي عليها من بطش الذكور في عائلتها او محيطها ، والثاني ، هو احترامي لمسامعكم ، بسبب الكلمات النابية والصور المخلة بالشرف الذي احتوته هذه القصة .

 

الحل ...ما هو الحل ؟ اتطلع لليوم الذي يعامل به الأنسان العراقي ، مثلما تعامل بقية الدول المتحضرة شعوبها .

 والحل ...ما هو الحل ، فأني اتطلع لليوم الذي تتمكن فيه الضحية العراقية ( ذكرا كان ام انثى) من الدفاع عن نفسها دون خوف او اهانة او ضرب ، وأن ينال الجناة عقابهم العادل في ظل " العراق الجديد" ، تحت ســماء القانون ، وليس تحت عبائة " دولة القانون" المليئة  بالشقوق والثقوب .

** دعوة لذوي الأختصاص الى ترجمة الفديو الى لغات العالم المتحضر ، حتى يرى ويتعلم وربما يستنســـخ تجربة العراق الفريدة من نوعها.

 

تشرين ثان 2011