كـتـاب ألموقع

• ما كشفته دعوة قناة " الفيحاء" الغراء ؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

كمال يلدو

 

 

مقالات اخرى للكاتب

ما كشفته دعوة قناة " الفيحاء" الغراء ؟

اطلقت قناة " الفيحاء" الغراء ، وعلى لسان رئيسها الدكتور محمد الطائي ، دعوة يوم 28 نيسان 2012 ، تطالب فيها الجهات الرسمية العراقية، ببث وقائع المؤتمر الوطني المزمع عقده علانية ، وبكل فصوله ، بغية وقوف الشعب العراقي، على جدية هذه الكتل والأحزاب ، ولقطع الطريق امام اية اتفاقيات سرية بينها ، ردا كما يبدوعلى ما حصل في مؤتمر ( اربيل) ، وبخلاف ذلك ، فأنها اي القناة ، ستدعو الى اعتصامات ومظاهرات جماهيرية في يوم انعقااد المؤتمر ، وتطالب القنوات الأخرى بمقاطعته ، ومقاطعة المتحدثين بأسم المؤتمر في البرامج الخبرية والتلفزيونية .

ورغم عدم مرور شهر على هذه الدعوة ، فأن الزخم الذي اوجدته ، وردود الأفعال فاقت كل التصورات ، من منظمات مجتمع مدني ، ورؤساء عشائر ، وشخصيات من كل اركان المجتمع العراقي ، ادباء وفنانين ومثقفين ومن عامة الناس ، كما تنشره الفضائية في برامجها اليومية ، ناهيك عن تخصيص حلقات تلفزيونية تغطي الحدث ، وكان للدعوة صدى جماهيريا كبيرا من خلال الأتصالات والردود . وأثمرت عن صدور ( مذكرة) بأسم الموقعين وجهت الى الرئاسات الثلاث ، والقوى الرئيسية المدعوة للأجتماع الوطني المزمع عقده .

ان متابعة بسيطة لبعض برامج " الفيحاء" الغراء ، وخاصة فيما يتعلق بدعوتها هذه، تكشـــف حجم " التململ" ، و " انعدام الثقة" ، و " السخط" ، الذي يوليه عامة المواطنين ( والذين يتحدثون باللغة الصحيحة الخالية من المجاملات والتزلف)، للنخب السياسية التي يفترض انها تدير دفة البلاد نحو الخلاص من ازماته ، لا بل ان الكثير من التعليقات ، خاصة تلك التي ترتفع وتيرة نبراتها ، قد اســقطت آخر اوراق التوت ، التي يحتمي بها الساسة والمسؤولين في الحكومة العراقية ، ولم تعد كلمات اســئ استعمالها كثيرا ، مثل ( الوطنية) ، ( الشراكة الوطنية) ، ( حكومة الوحدة الوطنية) ، تنطلي عليهم ، بعد ان اكتشفوا ، نوعية الساسة الذين يتقاتلون على المناصب والوزارات ومراكز صنع القرار ، فيما أن محن المواطن في تزايد مستمر، ومعاناته تفوق معاناة اكثر دول العالم فقرا ،امام تباهي المسؤولين بأنهم صادقوا على اكبر ميزانية في تأريخ العراق ، لا بل في تأريخ المنطقة .

لقد كشفت ردود الفعل الجماهيرية عن حقائق كثيرة ، اكتفي بتناول بعضها :

اولا: ان احدا من بين الآلاف الذين استُطلِعت آرائهم، لم ينبرِ ليدافع عن الأتفاقيات السابقة ، او ليقول كلام مديح واحد بحق الحكومة او منجزاتها ، أو ليفند دعوة الفيحاء للمطالبة بعلنية الجلسات او بالتظاهر في حالة عدم الموافقة ، لا بل ان بعض النواب عرضوا موافقتهم ( الخجولة) على الدعوة ، فيما السؤال القائم يبقى : اين موقعكم وموقع كتلتكم وحزبكم من موقف الشارع اليوم ؟

ثانيا: ان الشارع العراقي يغلي من الداخل ، وليس ببعيد ان ينفجر ، ويمكن للمراقب ان يتلمس ذلك من طبيعة الردود عند المواطن ، الذي لم يذهب بعيداً حينما ينادي بالأعتصمات والمظاهرات ضد .............!!

ثالثا : بينت الوقائع ، حجم البون الشاسع بين المسؤول والمواطن ، وأيضاً بين الكتل الحاكمة، التي تقتسم كعكعة العراق ( بالســر والعلن ) فيما معاناة المواطن لا نهاية منظورة لها. وأن هذه المواطن ( على الأقل بعضهم) صار يتوعد السياسيين بالأنتخابات القادمة! خصوصاً وهو ينصت لمطالبة رئيس البرلمان بتخصيص اراضي سكنية لاعضاء البرلمان الحالي ، اضافة الى التقاعد المرتفع والمخصصات والحماية والسيارة رباعية الدفع والجواز الدبلوماسي ، تماما كما يحصل في العالم المتحضر!!

رابعا: كشفت الأزمة الحالية ، ان المشكلة بين السياسيين، هي في الجوهر تتلخص في الحفاظ على مكتسباتهم ومصالحهم، التي لا علاقة لها البتة بمستقبل العراق أو بحاجات المواطن العراقي ، فهذا المؤتمر المنتظر هو للمصالحة بين الكتل المتخاصمة ....بينما قضية المواطن العراقي وتلبية حاجاته، فقد ظلت غائبة في كل هذه الأجتماعات والأتفاقيات والأوراق التي قدمت أو الزيارات ، واللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية وووو .

خامسـا : ان تبني فكرة بث وقائع المؤتمر بشكل علني، ستكشف حقيقة اللاعبين السياسيين ، وستفضح الكثير من المواقف والأجندات التي يعملون بها . كما ستميط اللثام عن حقيقة هؤلاء الساسة الذين يخرجون علينا مبتسمين في اجتماعاتهم السياسية دائما .

ســادسا: كنت اتمنى ان اكون في غرف اجتماعات قادة الكتل وبرلمانييهم وهم يستمعون الى آراء الناس بهم ، نفس الناس الذين انتخبوهم وأوصلوهم الى هذه المراكز ، وكنت سأسأل نفسي : هل تخجلون مما يقوله المواطن عنكم ...ام ماذا ؟

ربما سيكون من السابق لأوانه القول بنجاح او فشل هذا الأجتماع ، لكن المعطيات المتوفرة ، وأستنادا الى ارادة هذه الكتل والأحزاب تكشف حقيقة مرة ، وهي ان لا جدية في عقد هذا الأجتماع اساســا ، ناهيك عن فكرة بث (( كامل )) وقائعه علنية ، وأمام الملأ!! فهذه مغامرة لن يقدم عليها حتى اكثر العقلاء من بين ساستنا ، وأن فكرة الأعتصامات والتظاهر ، ستواجه مواجهة لن تكون سهلة ، وربما تكون هناك طبخة لمنعها من الأنطلاق اصلا ، بدعوى ( الخوف) على المتظاهرين من الأعتداءات الأرهابية ، او من الخشية لأستغلال ( البعث) لهذه التظاهرات وتجييرها لهم!! هذا ان لم يدعي المسؤولون ، بأن هناك بيانات اصدرها حزب البعث المنحل تدعو الناس للتظاهر ضد حكومة الوحدة والشراكة الوطنية، وبالتالي فهي تستهدف مجمل منجزات العملية السياسية ....كذا !!

ان الأحداث تكشف دون لبس ، بأن طريق المحاصصة الطائفية والأثنية ، وسياسة الصفقات السرية ، لن تدوم كثيرا ، وقريبا سينقلب السحر على الساحر ، وكما قال احد ضيوف برنامج " فضاء الحرية " ، فأن الكل متورط ، لأن الكل وقع على " وثيقة اربيل التأريخية " ، لكنهم اختلفوا في التطبيق !! اذن لا احد افضل من احد ، ولا داعي للمزايدات .

اخيرا ...ان مشاكل العراق ليست في قضية عقد الأجتماع الوطني من عدمه ، فهذه الأجتماعات تهدف لأخفاء تجاعيد العملية السياسية ، وطمس معالم سرقات وتجاوزات الكتل الحاكمة .

ومعاناة شعبنا تكمن في نوعية القادة والوزراء والبرلمانيين والساسة الذين يتحكمون بمصير اكثر من 30 مليون عراقي ، هؤلاء الذين اثبتت الأيام فشلهم الذريع في انقاذ سفينة الوطن ، لا بل ان السفينة صارت تعاني من التعب والإجهاد الشديد ، والخشـــية من انها ستغرق بمن فيها ، اذا تعرضت للأمواج العاتية او الرياح العاصفة ، وما اكثرها!

الحل يكمن الآن في اصدار قانون عصري للأحزاب ، وتعديل قانون الأنتخابات ، ثم الدعوة لأنتخابات مبكرة ، بأمل ان يكون الشعب العراقي قد استوعب دروســه من الأحزاب المهيمنة على العملية السياسية وأن يحسن الأدلاء بصوته لمن يضع العراق والعراقيين نصب اعينه وليس اي شئ آخر .