كـتـاب ألموقع
• "عيد الشــكر" في الولايات المتحدة -//- كمال يلدو
كمال يلدو
"عيد الشــكر" في الولايات المتحدة
Thanksgiving Day in USA
يحل "عيد الشكر" في الولايات المتحدة في رابع خميس من شهر تشرين ثان من كل عام ، وهو يمثل بداية موســم العطاء ، ولحمة العوائل ـ والنظر للفقير والمحتاج ، وصولا الى موسم اعياد الميلاد ورأس السنة.
يعود تقليد هذا الأحتفال الى بريطانيا ، اذ كانت الكنيسة تحّي احتفالات تقديم الشكر ( ثانكس كيفنك) في شهر نوفمبر ولمدة ثلاثة ايام ، مباشرة بعد انتهاء موسم الجني ، مقرونة بالتعبد والصلاة ، وكل حسب معتقده وديانته والطلب بأن يكون الموسم القادم موسما جيدا ووفيرا .رحل هذا التقليد مع المستوطنين الجدد الذي وصلوا ( امريكا) يوم كانت مستعمرة بريطانية ، ويؤرخ كتاب التأريخ عن اول احتفال ادارته الكنيسة في العالم الجديد الى العام 1621 ، اذ شارك فيه سوية ، المستوطنون الجدد جنبا لجنب مع السكان الأصليون - ما يسمون بالهنود الحمر – في ولاية " نيو انكلاند - انكلترا الجديدة –" يومها اكل الجميع حيوانات بحرية وبرية ، وقدموا الشكر بمناسبة انتهاء موسم الجني . أعلن اول رئيس لأمريكا جورج واشنطن يوم 62 نوفمبر من العام 1789 يوما وعيدا وطنيا للأحتفال بعيد الشكر ووصفه :" يوم عام لتقديم الشكر والصلاة بقلوب مملؤة بالنعم والشكر لله" .في اثناء الحرب الأهلية ، وبالضبط في العام 1863 ، اعلن الرئيس الأمريكي "ابراهام لنكولن " ان يكون رابع خميس من شهر تشرين ثان – نوفمبر – من كل عام ، يوما وطنيا وعطلة حكومية وأهلية للأحتفال بعيد الشكر ، ويجري هـــذا التقليد منذ ذلك الوقت ولليوم .
يعتبر عيد الشكر – ثانكس كيفنك – واحدا من اهم الأعياد الوطنية الأمريكية اجتماعيا . فعلى الرغم من الأحتفال به في الولايات المتحدة – ارضا – فأن الأحتفالات تمتد لتشمل ، القوات الأمريكية اينما تواجدت ، ان كان في ايام السلم او في ايام الحروب ، البعثات الدبلوماسية اينما تواجدت ، والمواطنون الأمريكان وأينما تواجدوا . فأختيار ان يكون العيد يوم الخميس ، انما يمنح الفرصة للأحتفال به طوال عطلة نهاية الأسبوع ( الخميس – الجمعة – السبت – والأحد ) وبذلك يكون اطول عطلة في الولايات المتحدة . في هذا اليوم تجتمع العوائل ، ويعود الأبناء من مناطقهم البعيدة ، وحتى من خارج الولايات المتحدة ، ليجتمعوا من جديد في بيت " الأم " او في بيت " العائلة " ـ معيدن الى الأذهان نقطة انطلاقتهم الأولى ، من رحم هذه الأسرة التي ربتهم . لـقد بنيت العديد من التقاليد على التقاء اكثر من عائلة ، او ربما عوائل متقاربة من ناحية النسب للأحتفال بهذه المناسبة التي يحرص ( كل الأمريكان) على الأحتفال بها بغض النظر عن اختلاف قومياتهم او دياناتهم ، فهذا الأحتفال هو مناسبة وطنية ، يليه في الأهمية عيد الأم ، ثم عيد الحب ( الفالنتاين) ، لأن هذه المناسبات لا تحتاج الى انتماء ديني او طائفي ، انما هي احتفالات عامة ، الغاية الأساسية منها تعزيز العائلة والأواصر الأجتماعية . اما عيد الكرسمس والقيامة ، فكونها اعياد دينية ، ربما لا تمتلك ذات الشعبية التي يمتلكها عيد الشكر .
تجتمع العوائل ، بأبنائها وبناتها والأزواج والأطفال والأقرباء لتناول وجبة غذائية تعد في اغلب الأحيان في بيت ( المضيّف) ، وتشترك في اعدادها ايضا بقية افراد الأسرة ، بأطباق المقبلات او الحلوى او اي مشاركة اخرى ، حتى يكون الكل مشترك في مائدة – عيد الشكر - ، وقد درجت العادة ان تكون الوجبة الرئيسية مكونة من - الديك الرومي أو التركي – كما يسمى باللغة الأنكليزية ، اما بالنسبة للجالية العراقية ، فلابد ان تضاف عليها النكهة المميزة ، حيث تقدم الأطباق العراقية الى جانب الديك الرومي ، مثل الدولمة ، والكبة الموصلية ، والباجة العراقية . كل العوائل تفتتح المائدة بتقديم الشكر ، طالبة ان يعم الخير والسلام البشرية ، وطالبة من الله ان ينعم بنعمه على الفقراء والجياع والمحرومين في العالم ، وأن يشملهم برعايته ومحبته ، كلمات وأدعية تتداخل فيها المشاعر الأنسانية وتتسامي لتمني المحبة والخير لكل البشر ! من الطريف بمكان القول ، ان آخر الأحصائيات حول عدد الديك الرومي الذي يؤكل في يوم عيد الشكر – ثانكس كيفنك – وفي الأعوام الأخيرة قد بلغ حوالي ( 45) مليون ديك رومي في يوم عيد الشكر ! ناهيك عن ان العديد من العوائل ، والتي تحتفل بالعيد ايضا ، لكن ربما تتناول طعاما او وجبلة أخرى مغايرة .
مثلما تحتفل العوائل الأمريكية بعيد الشكر كل عام وتعد له العدة ، تشاركهم العوائل العراقية بذلك ايضا ، لابل ان جاليتنا قـد اضافت نكهة انسانية لهذا العيد . فالعديد من الكنائس ، والجمعيات الأهلية ، وأصحاب الأعمال التجارية والمتمكنين من ابناء الجالية ينظمون حملات لتوزيع الديك الرومي ، ومستلزمات الأحتفال ، من حلوى او صحون ولوازم اخرى للعوائل الفقيرة والمعففة ، ليس العراقية فحـسب ، بل والأمريكية ايضا . اذ ان هذا العيد يوحد الكل في العطاء والنظر للمحتاجين . وعلى صعيد آخر ، تقوم مؤسسات امريكية اخرى مثل دوائر البريد ورجال الأطفاء ومراكز الشرطة ، بتوفير الأماكن للمواطنين المتمكنين كي يتبرعوا بالأغذية المعلبة ، بغية تقديمها في سوق مجاني ومفتوح لكل من هو محتاج ، دون سؤال او جواب ، تعال وخذ حاجتك ! اما المدارس ، فأن لها اسلوبها المتميز في تربية مبداء " حب مساعدة المحتاجين " عند التلاميذ ، وذلك بالطلب لهم بتقديم التبرعات العينية او المالية ، او القيام بعمل ما ، بغية تجميع الأغذية او الأموال لتغطية مصاريف مساعدة الأطفال والعوائل المعففة والمحرومة ، في عيد انساني مهم ، كعيد الشكر . وهكذا تبدأ زراعة البذور الأولى عند الأطفال ، في النظر الى المحتاج وتقديم المساعدة لهم ، بغض النظر عن لونهم او دياناتهم او معتقداتهم ، المهم هو اشتراكهم في الأنسانية .العديد من منظات الجالية ، والكنيسة ، وبعض افرادها الميسورين ، تفخر بأنها تقدم ما يمكن ان يزرع البسمة على وجوه الناس ، الذين لا يعرفوهم ، لكنهم يلتقون معهم في الأنسانية ، وبتقديم الشكر ، لهذه الأرض ولهذا الشعب ...الولايات المتحدة الأمريكية !
سيصادف " عيد الشكر " لهذا العام ، يوم الخميس المصادف 22 تشرين ثان 2012
كمال يلدو
تشرين ثان / الولايات المتحدة
المتواجون الان
1192 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع