اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• القدر الأحمر...قدر مساعدة الفقراء -//- كمال يلدو

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

مقالات اخرى للكاتب

القدر الأحمر...قدر مساعدة الفقراء

Salvation Army Red Kettle

كمال يلدو

يقترن موسم الأعياد في الولايات المتحدة ، الذي يبتدأ بعطلة " عيد الشكر " وينتهي بعيد " الكرسمس" ( نهاية تشرين ثان حتى نهاية كانون اول) ، بأكبر الحملات ذات الطابع الأنساني للتذكير بمساعدة الفقراء ، المعوزين ، المقعدين ، الأيتام ، العوائل المعنفة ، المشردين ، وأخيرا ضحايا الكوارث الطبيعية . وتتخذ الحملات اشكالا منوعة تشترك فيها المدارس والكنائس والمحلات التجارية ، دوائر البريد وصولا الى مراكز الشرطة ودور الأطفائية ، ناهيك عن فاعلي الخير الذين يقدمون التبرعات المالية والعينية . وتتزعم هذه الحملات جهتين كبيرتين ، هما جمعية " الصليب الأحمر –Red Cross “

و جيش الخلاص " Salvation Army”

ان فكرة هذا العمل الأنساني تعتمد على مبدأ التمويل من تبرعات الناس ، وعلى العمل الطوعي . وقد تكون الصدفة ، او الفكرة العابرة هي اساس كل هذا العمل الكبير .

تعود الحادثة للعام 1891 وبالذات في مدينة سان فرانسيسكو ، حيث وقف قبطان " جيش الخلاص " السيد ( جوزيف مكفيي) محبطا وهو يشاهد طوابير الناس الجائعة عشية حلول عيد الميلاد . رسـم ساعتها في مخيلته مشروعا لأطعام (1000) من اكثر فقراء المدينة جوعا ، لكنه اصطدم بحقيقة الأمر والسؤال الصعب : من اين سيجد التمويل المالي لذلك ؟ قضى ليلته تلك متأملا ، وعادت به الذكريات الى مدينة ليفربول – بريطانيا ، حينما كان بحارا ، وكيف ان جماعة كانت قد وضعت قدرا حديديا كان يسمى " قدر سمسون" عند رصيف الميناء ، كان المارة يلقون به ما تيسر عندهم من نقود معدنية صغيرة ، ثم يجري جمعها وتقدم بعد ذلك لمساعدة الفقراء .

في صباح اليوم التالي قام السيد ( جوزيف مكفيي) بوضع قدر مشابه قرب منصة احد مراكب النقل ( اوكلاند فيري) ، وعلى مقربة من احد الأسواق الكبيرة ( ماركيت سكوير) ، وقد زين القدر بعبارة مؤثرة " حافظوا على غليان القدر!" ، لم يمض وقت كثير حتى تمكن من جمع المببلغ المطلوب لأطعام 1000 من جائعي المدينة في يوم عيد الكرسميس ، كهدية لهم ، وتعبيرا انسانيا عن مشاركتهم افراح هذا العيد .

أستمر العمل بهذا المشروع ، ولم تمض اكثر من 6 سنوات حتى توسع ليبدأ بالساحل الغربي للولايات المتحدة وليصل الى الساحل الشرقي . وفي مطلع العام 1901 وصل عدد من تشملهم وجبة العيد المجانية والمقدمة من قبل " جيش الخلاص – سالفيشن آرمي " الى اكثر من (150.000) شخص في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة .

ليس غريبا ان يشاهد المرء بالقرب من المراكز التجارية او المحال الكبير ، رجالا او نساءا وقد ارتدوا ملابس سانتا كلوز التنكرية وهم يحملون بيدهم ناقوسا صغيرا يقرعوه بالقرب من منصة يتأرجح منها - القدر الأحمر – المشهور بعلامة جيش الخلاص - داعيا المواطنين للتبرع بما يمكنهم لمساعدة الفقراء والمعوزين ، ولا يعد من باب المبالغة ان تكون اعداد المتطوعين لهذا العمل النساني بالآلاف ، يؤدون هذه المهمة بفرح غامر ، وبشكر وأمتنان من المارة ، رغم تباين الأجواء المناخية في اكثر المدن الأمريكية ، لكنك تشاهدهم منذ الصباح الباكر وحتى ىساعة متأخرة من النهار ، يتحملون كل اتعاب المناخ من اجل رسم بسمة في وجوه الجائعين ، وقليلي الحظوة في المجتمع. بعد ان بدء المشروع بقدر صغير في احدى ضواحي سان فرانسيسكو ، توسع هذا المشروع الأنساني ليصـل جميع الولايات والمدن الأمريكية الرئيسية ، بل يمكن مشاهدته في العديد من العواصم العالمية ومنها طوكيو ، سيوول، ساندياكو في شيلي وعدة دول اوربية .

تشمل خدمات " جيش الخلاص " حوال ( 4،5) مليون شخص سنويا ، ليس فقط في موسم الأعياد ، بل على طول السنة وعرضها . ورغم ان برنامجهم الرئيسي يعتمد على " القدر الأحمر" في موسم الأعياد ، والذي يقدم الخدمة اصلا لحوالي ( 1،5) مليون شخص خلال مدة شهر من عمر موسم الأعياد ، الا انهم يعملون – طوعيا –طوال ايام السنة لمساعدة الفقراء والمعوزين والمعنفين والأيتام وضحايا حوادث الطبيعة من زلازل وبراكين وفيضانات او اي شكل من اشكال الكوارث ، وهذا التوسع فرض عليهم ايجاد مراكز مفتوحة طوال السنة . فمن السهل ان تشاهد محال بيع المواد والملابس المستعملة والتابعة ل " سالفيشن آرمي" وهي ما تجود به العوائل الأمريكية ، فيباع وتحول نقوده للمشروع الأنساني ، وذات الشئ يحدث مع المطاعم الشعبية والملاجئ ، حيث تملك هذه المؤسسة الكثير من المطاعم التي تقدم ( 1 أو 2 أو 3 ) وجبات طعام في اليوم للمعوزين والفقراء في معظم المدن الأمريكية وخاصة المراكز الفقيرة ، وتعج هذه المطابخ بالمتطوعين الذين يفدونها ومن كل الأعمار والمستويات الأجتماعية لتقديم خدماتهم للمحرومين .

ان حلم القبطان " جوزيف مكفيي" في اطعام 1000 جائع من فقراء سان فرانسيسكو ، قد تحول الى مشروع انساني يلامس حياة الملايين ، من مستفيدين منه ، او مشاركين في انجاحه .

كم من هذه الأحلام تحتاجها البشرية ، وكم منها يجد طريقه للنور ؟

كمال يلدو

كانون اول ، 2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.