اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ظـلال الزعيم "عبد الكريم" فـي المشهد العراقي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 
 

كمـال يلـدو

ظـلال الزعيم "عبد الكريم" فـي المشهد العراقي

 

  لا يختلف اثنان من ان زلزال 2003 قد فتح الابواب مشرعة على العديد من الملفات والقضايا  التي كانت الانظمة السابقة قد اطبقت  عليها وحولتها الى " محرمات" ، ومنها تحليلات وقصص  تروى عن ثورة 14 تموز  وشخصياتها  ورمـزها المركزي الشهيد " عبد الكريم قاســم" .

وشــهدت الفترة الماضية  كتابات كثيرة ونشـــرت صـور فريدة وقصص تكاد أن تكـون ضربا من الخيال في زماننا الحاضر عن شــخصية الزعيم ، فيما خصص البعض جزءا من كتاباتهم لتقييم الثورة وقياداتها وسياساتها التي لست بصددها اليوم ، لكن ما يهمني هو شخصية قاسم بالذات .

وأن اختلف النقاد في تقييم الثورة ، فأن احـدا لا يختلف ربما حول المزايا الانسانية للزعيم عبد الكريم وتواضـعه واخلاصـه لقضية العراق والشعب وخاصة الكادحين والمحرومين منهم ، كما جاء في خطابه الاول او في خطابه الاخير بســاعات قبيل اغتياله. فقد كان يؤكد   انه "ابن الفقراء "  وأنـه لايحارب الاغنياء بل " سيرفع من مستوى الكادحين المعيشـــي". ان صـفات الزهـد ، والبســاطة، والصدق والاخـلاص التي لازمت شــخصيته قبل الثورة وأثناءها قـد منحتــه ميزة لم ينلها اي من الحكام في العراق في طول تأريخـه السياسي المعاصـر ، واصبحت الميزان الذي يكيل بـه المواطن مصداقية الحاكم وجديتـه ، وصــارت هذه المقارنات تطرح اكثر في الصحافة  ووســـائل الاعلام خاصة من قبل  الجيل الذي عايش الثورة وزعيمها .

فالشهيد قاسم عاش بعد الثورة في دار مؤجرة كانت تابعة لدائرة الاوقاف ، وكان له حارسان اثنان فقط امام بيته، وسيارتـه لم تكن مصفحة حتى يوم محاولة اغتياله اللئيمة ،اما راتبه الشهري فقد كان على اساس انه وزيرا للدفاع ، ولم يتقاضى راتبا لكونه رئيس الوزراء او القائد العام للقوات المسلحة، وقيل ايضا انه كا قد استلف  قرضا بمبلغ 750 دينار قد بقى بذمته ، ولما استشهد كان  لايملك سـوى  750 فلسا او دينار وربع على اكثر تقدير .

 ترى الا يحق للعراقيين ان يقارنوا بين شـــخصية الزعيم والحكام الجدد؟

 

اليس من حقهم والحال يـتدهـور يوما بعد يوم ، والازمات تشتد ، من الكهرباء الى الماء الى شبكات الصرف الصحي الى البطالة والفساد الاداري وسـرقة المال العام ، الى المحسوبية والمنسوبية التي  فاضت رائحتها الكريهة في كل زوايا الحياة العراقية ، ناهيك عن الارهاب والميليشيات  والامان ، بينما سياسيونا البواسل مازالوا مختلفيـن في تفســير ( القائمة الاكبر والقائمة الاصغر) ، ويعـدون العـدة ويعقدون الاجتماع تلو الاجتماع  لاقتســام الكعكعة ، وتوزيع المناصب والوزارات ، وحال الناس ترويه السنتهم عبر بعض القنوات التلفزيونية غير المنحازة .

 

ان مأثرة اخلاق الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم الســامية تلقي بظلالها قوية في المشهد السياسي  المرتبك  والمعقد ، فالمواطن يــريد ان يصل الى بـر الامان ، فيـما السياسيون يجعلون هذه المهمة مستحيلة ، ونـداء المواطن يصـل للسماء مؤكدا  لهم بأن تجربة العراق  فيها الكثير من الدروس فلماذا لا يتعلمون ؟ على ان هذا بالضبط ما يجنح اليـــه العديد من الساســة في دول العالم المختلفة ، حينما يتخذون من ابطالهم القوميين او الوطنيين ، او قادتهم التأريخيين نماذج يحاولون التقرب منها  في الاداء والعطاء ، الا في عراقنا الجديد الذي يأبى فيه سياسيونا من هذه المقارنة ، تارة لجهلهم بالثورة وأبطالها ، او كراهية بها ، او حتى عمـدا ، وهـذا ما يفســر سياسـة التعتيم  والتغييب لتجربة  الزعيم قاســم رغم قصـر مدتها. بينما الحقيقة  تثبت يوما بعد يوم بأن اغلبية السياسيين  لم يأتوا لخدمة هذا الشـــعب اصـلا ، بل ان رياح الصدفة قد قذفتهم والامواج ليجدوا أنفســهم  بين ليلة وضحاها متربعين  الكراسي الوفيرة  ويحصـدون الرواتب العالية والامتيازات  وينعمون بالحمايات الكبيرة !

وبكل يقين اقول ان احدا من الساسة الجدد لم ولن يجروء يوما على تقريب صورته من نزاهة وطيبة واخلاص قاســـم، لأنهم ببساطة  قـد انغمروا في حزبيتهم الضيقة ، او مصالحهم الشخصية ، بعيدا كل البعد عن الشعارات والخطب الرنانة الطنانة  التي كانوا يطلقونها ايام المعارضة او عشية الانتخابات ، ولهذا فأن المواطن العراقي حينما يســتخدم " الزعيم قاسم" كأداة للمقارنة ، انما يريد بــها رجــم السياسي  أو حتى ( ســــبّه) لانه عرف حق المعرفة اي نوع من البشر صار يتصـدر المشهد السياسي العراقي .

 

ان السمات الشخصية الانسانية الفريدة التي جمعها " الزعيم" ، لم تكن طارئـة ولا  مستوردة من الخارج! بل خرجت من رحـم  الاصـالة العراقية المشـــهود لها بالنبل والاخلاص لقضية المواطن العراقي ، هـذا الذي عانـى وضــحى وكابد الجوع والحرمان والحروب والحصار والارهاب ، وذهب لصناديق الانتخابات من اجل غـد جديد  ، لا من اجل زيادة معاناته على يد من ائتمن لهم صــوته .

ان الســيماء الشــخصية للزعيم الراحل عبد الكريم قابلة لأن تتكرر مرات ومرات في السياسيين والقادة في وقتنا الراهن،  ذلك لأن  العراق  وطن معطاء وملئ بالمخلصين والشرفاء اللذين ينتظرون حســـن اختيار الناخب لهــم حينما يضــع بصمته امام اســمائهم ، وحتى اللذين فازوا اليوم ، فالوقت لم يفتهـم بعـد في ان يبرهنوا انهم يحترمون هذا الشعب الذي اختارهم ، وعليهـم ان يفـوا بألتزاماتهم ، على الاقل كما وعـدوا ! حتـى يحوزوا على مكانـة مرموقة في وجدانـه ، وأن تكتب اسمائهم ناصعة في صـدر تأريخـه السياسي المعاصر.

 

فهـل من عـارف لهـذا الدرس ؟

 

كمـال يلـدو

حزيران 2010

الولايات المتحدة

 

 

 

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.