كـتـاب ألموقع

كمال يلدو: عن عيد التعميد المقدس والجالية المندائية مع الترميذة خلف الخميسي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

كمال يلدو:

عن عيد التعميد المقدس والجالية المندائية مع الترميذة خلف الخميسي

 

على ضفاف الأنهر ومع الماء الجاري، يحتفل ابناء الطائفة المندائية وأين ما تواجدوا هذه الأيام بعيد (التعميد المقدس ـ دهفه ديمانه ـ اي يوم الديمومة أو يوم الأيمان) حيث يتوقع ان يحضر جمع غفير من ابناء الطائفة حفل التعميد الجماعي الذي سيجري على ضفاف (بحيرة ستوني كريك ومياهها الجارية ـ في ضواحي مدينة ديترويت)وبمشاركة من المندائيين الساكنين في الولايات القريبة من مشيكَان، ولعلها فرصة اجتماعية  كبيرة للتواصل، اضافة الى بعدها الروحي.

كانت هذه المناسبة  فرصة  لتسليط الأضواء والحديث عن اوضاع  الجالية المندائية في ديترويت فكان  اللقاء مع "الشيخ خلف عبد ربه لفتة الخميسي" حيث بدأ حديثه بالقول:

 لاشك بأن التغيرات الكبيرة التي حدثت في العراق قد أدت الى هجرة الكثير من ابناء الطائفة المندائية ، إما الى دول الجوار أو الى اصقاع الدنيا الأربع، ومنها مدينة ديترويت وضواحيها حيث تضم الآن مابين ( ١١٠٠ ـ ١٢٠٠) مندائي، في أكبر تجمع لعوائل الطائفة في الولايات المتحدة، ثم تليها مدن كاليفورنيا ، اوهايو، تكساس ومدينة ويستر في ماسيتجوسس ومدن اخرى، فضلاً عن تواجد  كبير نسبياً في مدن تورنتو ولندن الكنديتان. أما عن أبرز ملامح الجالية فيذكر الشيخ خلف: إن التجمع بحد ذاته هو حالة طيبة ويساعدنا كثيراً في تبديد وحشة الغربة، يضاف لها وجود جالية عراقية ـ كلدانية وعربية كبيرة تساهم في تعزيز الألفة والمحبة والأواصر التأريخية. أما عن ابرز معاناة الجالية وطرق تفاعلها مع المشاكل الحياتية فيقول الشيخ: تأتي اللغة الأنكليزية في مقدمة تلك المشاكل، وخاصة للجيل القديم، اضف اليها نوعية الأعمال المتوفرة، قياسا بالخبرة اليدوية التي يمتلكها معظم ابناء الطائفة، وأعني بها "الصياغة" والأعمال الحرفية الأخرى، مما ترك في صفوفها نسبة لا تقل عن ٥٠٪ من البطالة، مترافقة ايضا مع الأزمة الأقتصادية التي تمر بها الولاية، هذا ولا استثني (التصادم) بين ثقافتنا والثقافة الأمريكية عموما ونمط الحياة والعلاقات الأسرية الأمريكية، إذ نحاول المحافظة على اواصرها كما كانت في الوطن. اما عن العلاجات والحلول فيقول الشيخ خلف: الحقيقة لا توجد حلول سحرية لهذه المشاكل، وبقدر ما نحن ممتنون للفرصة التي اتيحت لنا في هذه البلاد العامرة، فأننا ايضا نسعى الى تجميع الجالية، وتجربتنا مع (الجمعية المندائية في مشيكَان) رائدة ومشجعة، وقد انتهينا مؤخرا من شراء هذا الصرح المكون من بنايتين، ستخصص احداها لممارسة الشعائر الدينية والصلوات، فيما تكون الثانية مخصصة للفعاليات والنشاطات الأجتماعية، وهذه بحد ذاتها تخفف من وحشة الغربة وآثارها. وعلى سبيل المثال فأن هذا (المندي) يعزز الجانب الديني والروحي لأبناء الطائفة ويوفر المكان الملائم لممارسة الطقوس. فيما القاعة الثانية ستخصص للنشاطات الرياضية والأجتماعية وحتى الحفلات والزيجات قدر الأمكان. ويساورنا أمل كبير بأن نتمكن من بناء (حوض خاص للتعميد) حتى نتجاوز قساوة الشتاء في مشيكَان وعناء الذهاب للنهر في تلك الأجواء الباردة، كما نطمح ان تكون لنا  مكتبة عامرة، وفرق رياضية بالاضافة لمسابقة (لعبة البنكو) اسبوعياً. وضمن طموحاتنا وواقعنا وظروفنا الأقتصادية نحاول قدر الأمكان شق طريقنا مع ابناء الطائفة، وربما يكون تجمعنا للصلاة صباح كل أحد، ولقاءاتنا الأجتماعية كل ليلة خميس نواة جيدة للمزيد من العمل.

أما عن آفاق تطور وتقدم الجالية المندائية فيقول الشيخ خلف: لعل أكبر المخاوف التي تراودنا، إن كنّا رجال دين أو آباء وامهات هو (الأنصهار) في هذا المجتمع الكبير وضياع الهويةـ القومية الآرامية الكلدانية، أو الدينية المندائيةـ وهو أمر في النهاية خارج عن ارادتنا، لكننا نحاول زرع البذرة الطيبة في الجيل الناشئ. ومن جانب آخر فأن هناك امورا ايجابية كثيرة منها العلاقات الطيبة والتوجه العام للدراسة وأكمال فصولها العليا، والأنغمار في الحياة العامة والعلاقة مع كل المؤسسات العراقية والعربية والأمريكية ايضا. هذا الحرص دفع الكثير من العوائل أن تختار سكنها ارتباطاً بالمستوى العالي لمدارس المنطقة، حتى يضمنون افضل النتائج لأبنائهم. إن واقعنا ليس سهلاً، فبعد أن كنا اسياد الذهب والفضة والحرف الدقيقة في وطننا، صار الأقبال عليها في المهاجر محدوداً قياسا بالماضي، وهذا الأمر دفع ابناؤنا للولوج في حقول جديدة آمل لهم كل الموفقية فيها.

اما عن امنياته فيقول الشيخ خلف: على صعيد البلد الجديد، اتمنى ان نتعاون ونتعامل ونعمل كعراقيين، اكثر من ان نكون ابناء طوائف. اننا اتينا من وطن واحد وبتأريخ مشترك، ولعلي هنا اوجه الكلام بصورة أدق لأخوتي ابناء الطائفة الكلدانية، وأطمح ان تكون اواصرنا أقوى وأكبر، خاصة وأننا تقاسمنا الوطن ونتشارك بالكثير من العادات والتقاليد واللغة، ناهيك عنالمصير المشترك. اما لوطني العزيز، فأتمنى ان يرجع كما كان، كبيرا مثل اسمه الغالي، موسوماً بالخير والرفاهية وأن يعم السلام كل ربوعه وعلى كل ابنائه وطوائفه وأديانه وقومياته، عراق واحد لشعب واحد.

** شكر خاص وأمتنان للسيد أكرم السداوي (رئيس الجمعية المندائية في مشيكَان) لتقديمه صور الأحتفال بالعيد.

سيرة ذاتية:

الترميذة خلف بن عبدربه بن لفتة الخميسي: مواليد عام ١٩٤٠ في (قلعة صالح) التابعة لمحافظة ميسان. أنهى الأبتدائية في القلعة، ثم اكمل المتوسطة والثانوية في البصرة، تلاها التخرج من كلية التجارة في جامعة البصرة عام ١٩٦٨. غادر العراق عام ٢٠٠٦ ، وأستمرت غربته الأولى أربعة سنوات قبل أن يصل الولايات المتحدة عام ٢٠١٠، وهو الآن مقيم في احدى ضواحي مدينة ديترويت. وهو من النشطاء روحياً وأجتماعياً،ويحضرمعظم الفعاليات العامة التي تقيمها منظمات الجالية، ومشاركاته تلك لها أكبر الأثر  في تعزيز الروح العراقية السمحة.

 

كمال يلدو

آيار ٢٠١٥