كـتـاب ألموقع

• هل تفهم ..؟!! ( قصة قصيرة )

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

ماهر طلبه

 

 

هل تفهم ..؟!!

 

لم يكن موجودا في يوم من الأيام .. لكن أباه في شهادة الميلاد دمغه بالاسم والنوع ، وفي بطاقته العائلية دمغه بالترتيب العائلى وقال له ..

"أنت كنت ولم تكن من قبل  ...   هل تفهم ؟" ... لم يفهم

" ماذا تقصد يا أبتي ؟!" ...

 " فقط تذكر أنك بأمر الأب كنت .."...

*        *       *

" بي كنت فأعرف قدري .. جلني .. وأعمل من أجلي ... أطعمني من كدك وعرقك ... " .. هكذا قال له الأب

فأخذ الفأس وذهب إلى الأرض البور ، وضربها بالفأس .. فانتفضت فزعا ...

" من هذا الذي يشق باطني بفأسه؟! .. " .. قالت

" أنا .. " ... قال

" ماذا تريد ؟... " ... قالت

" لا أريد لك شرا ، لكني سألقي في داخلك بذرتي التي لملمتها من الأيام ، فتنبت وتصيري خضراء ، زينة للناظرين وطعاما للجوعى " ... قال

" منذ زمان طويل لم يأت من يفعل هذا .. آخر من فعلها قُتل ، أخذني قاتله ، أكل من داخلي الكثير ، ثم تركني حتى صرت إلى حالتي تلك ... " قالت

" أبي لن يقتلني .." قال

" فإني أشتاق إلى بذرتك إذن ، فألقها .. " قالت .. وانفتحت بضربات الفأس قنواتها ..

" يا أبتي .. ألقيت اليوم بذرتي في الأرض ، وسقيتها ماء الحياة "

" فقط تذكر أنك بأمري كنت "

*      *      *

على السرير جلس الأب ، فتقدم منه حاملا بشائر الأرض ، ثمارا نضرة ...

" كل يا أبتي .. أمرتني أن أطعمك وها أنا ذا أطيع ، فأرض عني " .. قال الابن

" نلت بركتي يوم وضعت بذرتك في أرضي البور فخلقت فيها الحياة تلك التى وهبتها لك ... " قال الأب.. والتهم كل ثمار الأرض

" يا بني أريد المزيد ، أمامك الأرض واسعة ، فاسع في مناكبها ، وانفخ في قلب البور الحياة  وأطعمني تطعني .. " قال الأب

فأخذ الفأس وذهب يوسع من مساحة خضرته حتى شبع الأب ، وفاض خير الأرض ..

" الثمار على الأشجار لا تجد من يأكلها ، فهل أتوقف ؟.." ... قال الابن

" لتبن خزانا يخزن فيه مازاد من ثمار الأرض ينفعنا في وقت الشدة " .. قال الأب

" وكيف البناء وأنا أعمل في الأرض طوال النهار .؟!.."... قال الابن

" ليكن النهار للزرع ، والليل للبناء "... قال الأب

" لكني متعب يا أبتي .. "

" تذكر أنى خلقتك ...... وتعبت ، لكن لم أتوقف قط حتى أتممت الخلق ، وصبرت .." قال الأب

" لكنى أسمع أنك في يوم ما قد ملكك التعب فاسترحت "

" تذكر أنك بأمري كنت ، فاطعني .."

*      *       *

أخذ من الأرض الطين ، ومن النهر الماء .. صب من ماء النهر على طين الأرض وبدأ البناء ...

" يا أبتي ... اليوم رفعت الجدران تصد الريح وجاء ميعاد الأرض "

" واليوم ألقيت السقف يحجب ضوء الشمس "

" واليوم أتممت البناء فانظر يا أبتي وتعجب " ... قال الابن

" خلقت فأحسنت الخلق ، املأه من ثمار الأرض وأغلقه " ... قال الأب

" يا أبتي ، ملئ الخزان ومازالت ثمار الأرض على الأشجار لا تجد من يأكلها " ... قال الابن

" ليكن خزانا آخر وآخر وآخر .. حتى تُسْتَوعَب كل ثمار الأرض " .. قال الأب

" يا أبتي قَتَل القمر السهر ويريد النوم " ... قال الابن

" سيأتي وقت النوم فلتصبر وتذكر أني حين خلقتك .......  وتعبت لم أتوقف حتى أتممت الخلق ... فأصبر وأطعني ... "

*      *       *

"يا أبتي كل خزان الأرض ملئت بالثمار ، ومازالت الأرض تعطي وتعطي ... " قال الابن

" دع الآرض ، أهملها حتى يتوقف عطاؤها ولتكن الخزان محل عمل لك " .. قال الأب

" ثمار الخزان تتزايد وثمار الأرض تسد الطرقات " .. قال الابن  وخيوط القلق ترتسم على وجهه

" اعمل " .... قال الأب وداخلته غيوم الغيب

" ثمار الخزان تتزايد والأرض مازالت تعطي ... اليوم سُدّت أبواب الخزان  " .. قال الابن وخيوط القلق تحجب عن عينيه الرؤيا

" اعمل " ... قال الأب وتحرك تاركا كرسيه يفكر علّه يمحو غيوم الغيب ...

"يا أبتي الثمار تمنعني الخروج .. سُدّ الباب علينا " ... قال الابن

" يا بني .. أنا أوجدتك وأنت أوجدت الثمار ... هذا من عملك فتوقف .." قال الأب

" خُلقت لأعمل .. أمرتني فأطعتك .. فكيف التوقف ؟!... فوق قدرتي ما تطلب " قال الابن

" في قدرتي ما أطلب ...هذا خنجري أوجدته لهذا اليوم " .. قال الأب وهو يدفع بخنجره في الصدر المفتوح .

" خلقتك ....  ، وعدم تعود من جديد " ....

من هول الصدمة تراجعت الثمار عن الباب فزعا ..

ضحك الأب وانشرح صدره ، ومد يده يأكل من ثمار الطريق ...

واليوم انسحبت الثمار من الطرقات وصار براح ...

ضحك الأب وانشرح صدره ،  ومد يده يأكل من خزان الأرض حتى فرغت

عندها سقط السقف وانهدمت الجدران  ... ضحك الأب ورفع رأسه .. فرأى الرقعة الصفراء تبتلع الرقعة الخضراء تفنيها ، والبور يسود ، كانت الأرض تبكي وتموت ، عندها أحس الأب بالجوع ، فنظر في خارطة الأيام ...

" آن آوان الابن " .... قال .. وفي شهادة الميلاد دمغه بالاسم ، والنوع ، وفي بطاقته العائلية دمغه بالترتيب العائلى .. وقال له .. " أنت كنت ولم تكن من قبل ... "

.....  هل تفهم ؟!!!!

 

http://mahertolba.maktoobblog.com