كـتـاب ألموقع

في الذكرى 58 لاندلاع ثورة ايلول الكبرى// لؤي فرنسيس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

لؤي فرنسيس

 

عرض صفحة الكاتب

في الذكرى 58 لاندلاع ثورة ايلول الكبرى

لؤي فرنسيس

 

لقد مر العراق منذ تاسيس الدولة العراقية عام 1920بمراحل سياسية عديدة كان طالحها اكثر من صالحها، وتصدت على رقاب شعبه منظومات حكم مختلفة غالبها اتخذ من النهج العروبي المتطرف اساسا لعمله دون الاهتمام بالمكونات الاخرى ، وحصلت في العراق ثورات وانقلابات وتغييرات في اشكال شخوص القادة والرؤساء ولكن النهج والايديولوجية بقيت نفسها ولم تتغير لحين دخول قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية عام 2003 حيث عملوا على رسم خطوط عريضة لمنهج ديمقراطي محاولين فرضه على العراق دون دراسة حقيقية لمفاهيم الشخصية العراقية ، حيث ومع الاسف لم تتماشى تلك الخطوط الديمقراطية التي رسمتها امريكا مع مفاهيم العراقيين ، وظل الحال يتراوح بين الفساد في الحكومات والحروب الاهلية الداخية والتدخلات الاقليمية وتهميش المكونات والقوميات الصغيرة والكبيرة .

من بين المراحل المهمة التي مرت على الدولة العراقية لرد التهميش والاقصاء والظلم ضد المكونات العراقية اندلعت عدة ثورات وانتفاضات فكان للعراقيين انتفاضات وثورات ضد الاستعمار البريطاني وثورات لتغيير نظام الحكم من الملكي الى الجمهوري ثم تغيير الشخوص في الحكم وقتل الرؤساء ليستمر نهج الشوفينية والتطرف ضد المكونات ومعه نهج القتل والخيانة والمؤمرات للصعود الى سدة الحكم حيث ثار الشيعة ضد حكم صدام عام 1991 لكنهم لم ينجحوا والسنة العراقيين حاولوا الانتفاض ضد تهميشهم اثناء حكم الشيعة ايضا لم ينجحوا كون انتفاضتم استغلت من قبل الارهاب الداعشي المجرم الذي حاول حرق العراق وتدمير كل جميل فيه والحمد لله تم القضاء على داعش المجرم والتخلص منه.

لم اكن اريد الابتعاد عن الموضوع لكن تاريخ العراق مليء بالمسلسلات الدرامية الواقعية التي جعلت من شعبه اسير لمفاهيم بدائية وقتالات وفساد بسبب البنية التركيبية للشخصية العراقية التي تهتف في كل محفل مؤيدة دون دراسة وتمحيص ففي الحادي عشر من ايلول 1961 وبسبب كل ماذكرناه من اقصاء وقتل وتهميش ومصادرة الحريات ثار البارزاني الخالد ومعه مجموعة من العراقيين الكورد مطالبين بالديمقراطية للعراق والحرية للشعب الكوردستاني وسميت ثورته بثورة ايلول الكبرى وكانت ثورة وطنية عراقية بامتياز بعيدة عن أي انواع التعصب ويثبت ذلك مقولة البارزاني الخالد التاريخية حين قال : (انني لم ولن أحارب الشعب العراقي، هذا الشعب الذي انتمي اليه ، إن نضالنا هو ضد الأستعمار وعملائه ، ضد أولئك الذين امتصوا دماء شعبنا العراقي وداسوا بأقدامهم سيادة الوطن ومصالح الشعب).

نعم فثورة ايلول المباركة كان هدفها الرئيسي هو تحقيق العدل والمساواة في العراق من كوردستانه الى جنوبه ووسطه ولم تكن مطاليب الثورة الوصول الى الحكم لكنها جائت لتعديل المسارات الملتوية في ادارة حكم العراق ونيل حقوق مكونات الشعب المهمشة والدليل ان جميع السياسيين المضطهدين من قبل سلطات العراق كانت تلجأ الى مقرات البيشمركة في جبال كوردستان وكان مرحبا بها والى اليوم تعتبر كوردستان الملاذ الامن للجميع.

فالمطالبة بالحكم الذاتي لكوردستان كان مطلبا يبعد العراق عن مشاكل الحروب كون العراق وبسبب تسلط الحكومات ذات التوجه العربي الشوفيني عليه جُعِل عربيا واستخدمت تلك الحكومات انواع الاساليب لانهاء القوميات الاخرى وجعلهم عربا مع اعتزازي واحترامي للاخوة العرب جميعهم كون لم يكن الهدف من الثورة الانتقاص من الاخرين او التسلط عليهم لكن هدفها هو نشر قيم المساواة بين الجميع دون فرق وفي حال منح الحكم الذاتي لكوردستان وهي منطقة ذات خصوصية قومية لكانت الامور جميعها اختلفت وحقنت دماء الالاف المؤلفة من ابناء العراق لكن التعصب القومي العربي والتدخلات الاقليمية في شؤون العراق كانت اقوى من ان يتحقق العدل ، وهكذا استمرت الثورة واستمرت معها المؤامرات والاغتيالات ضد قادتها المناضلين فمحاولة اغتيال البارزاني الخالد في مقره بحجة تطبيع السلام والصلح من قبل عدد من رجال الدين مدفوعين من المخابرات العراقية كانت ضربة قوية ضد السلام من قبل الزمرة الحاكمة في بغداد وتلتها محاولات اخرى كثيرة طالت قيادات الثورة والحمد لله لم يستطيع الظلاميون والطغات نيل مرادهم وحققت الثورة جزء من اهدافها خصوصا فيما يخص بعض الحقوق الاساسية لشعب كوردستان.

لذلك تعد ثورة ايلول الكبرى عام 1961 من ابرز واهم الثورات التي خاضها الشعب الكوردستاني في تاريخه النضالي، رغم ان البارزاني الخالد كان قد حاول عدة محاولات لان تصطلح الامور ويخف التوتر الذي بدا يسود العلاقة بين حكومة القاسم وكوردستان لاسيما ان شعب كوردستان ايد بقوة ثورة الرابع عشر من تموز بقيادة عبدالكريم قاسم، كونه كان يتأمل خيرا بنيل الحرية وانهاء الاقصاء والتهميش ، لكن وللاسف سارت الامور على شاكلة اخرى ونكثت حكومة القاسم بتعهداتها .

ختاما فرؤيتنا لثورة ايلول الكبرى بانها كانت مدرسة في النضال تتعلم منها الاجيال القادمة من اجل ارساء الحقوق المشروعة لاي شعب يطالب بان تنصف حقوقه وفق المعايير الانسانية ومبادئ حقوق الانسان.

الرحمة والخلود لشهداء كوردستان من البيشمركة الابطال وشهداء الحرية في العالم وعلى راسهم البارزاني الخالد وادريس الفقيد .