اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

عائلة عراقية غالبية شبابها شهداء!// أمير أمين

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

أمير أمين

 

عرض صفحة الكاتب 

عائلة عراقية غالبية شبابها شهداء!

أمير أمين

 

مثلما إنتقلت العوائل الفقيرة الى حي الإسكان الكائن في صوب الشامية في مدينة الناصرية في سنوات الستينات الأولى, إنتقلت عائلة العم أبو عادل الى بيت صغير ضمهم جميعاً, الام والأب وسبعة أولاد وثلاث بنات في الركن الذي سلمت فيه البيوت للمدنيين وفي الطرف الآخر كانت بيوت العسكريين من أصحاب الدخل المحدود وهذه البيوت تبرعت بها حكومة ثورة 14 تموز الى الكادحين مدنيين وعسكريين على أن يدفعوا قسطاً شهرياً بسيطاً من رواتبهم ثم يصبح البيت ملكاً لهم فيما بعد.. كان البيت ضاجاً بالشبيبة الإخوة وبأعمار متقاربة فبنوا علاقات واسعة من الصداقات الدائمة مع شبيبة الحي حتى أصبحنا معهم كإخوة وليس فقط كأصدقاء وصرنا نلتقي بهم في المدرسة وفي ساحات اللعب وفي المتنزه القريب من سكننا وفي النهر الذي نسبح فيه وهو الفرات الجميل ولما كبرنا معهم صرنا نرتاد المقاهي والكازينوهات وصرنا نلتقي ببعضهم في خلايا الحزب الشيوعي العراقي وفي لجانه.. وإبتدأت حملة شرسة كما هو معروف على تنظيمات الشيوعيين منذ عام 1978 و1979 فتمزق شملنا وضاعت أخبار بعضنا للآخر ومرت البلاد في مرحلة معتمة جداً إمتلأت بها السجون والمعتقلات وإختفى من إستطاع الإفلات من قبضة الجلاوزة المارقين وخاصة حينما فروا الى العاصمة وضاعت أخبارهم.. وفي الناصرية ليس هناك في المدينة من لم يكتوي بنار الديكتاتورية وما من عائلة في هذه المدينة الباسلة إلاّ وفقدت أخاً أو قريباً أو شخصاً عزيزاً عليها وصار تقريباً في كل بين نائح ونائحة وخصوصاً أيام الثمانينات من القرن الماضي وأيضاً بعد فشل انتفاضة آذار من عام 1991 وهنا أشير الى عائلة العم طارش داود أبو عادل الذي فقد خمسة من أولاده السبعة واحداً تلو الآخر وهم جميعاً في مرحلة وعنفوان الشباب, مدنيين وعسكريين وكان أول الشهداء إبنه صباح وهو عضو في الحزب الشيوعي وكان قد عمل في قوات انصار الحزب لفترة من الزمن ثم تسلل الى الداخل ليعمل في تنظيمات الحزب المدنية السرية وكان متزوج حديثاً من الشهيدة سحر أمين والتي كانت حامل في شهرها السابع حينما وقعت مواجهة بين زوجها ومفرزة من ازلام النظام سقط فيها شهيداً وجرحت هي وأنجبت في السجن ثم جرى إعدامها بعد ذلك , وتم تسليم جثة الشهيد صباح الى ذويه في يوم 30 تموز عام 1984 ومعها شهادة الوفاة من قبل دائرة أمن الناصرية بتاريخ 5 تموز عام 1984 مذكور فيها السبب للوفاة وهو من خلال طلق ناري! وأن وفاته حصلت في حزيران عام 1984 كما هو مثبت في وثيقة الامن العامة لمديرية ذي قار.. وفي 23 من شهر كانون الأول عام 1984 عادت لهم أجهزة السلطة لتعتقل أشقاءه محمد رسول.. /وهو إسم مركب / ورياض وهو مدرس جغرافية وعلي الابن الأصغر حسب تسلسل الاخوة.. بتهمة قيام أخيهم الأوسط محمد بتنظيم عسكري يعمل لصالح الحزب الشيوعي العراقي وشراء الأسلحة حسب التهمة!.. لاغتيال المحافظ ومدير الامن في المحافظة.. لذلك نفذ فيه حكم الإعدام هو ورفيقه مهدي النجار في يوم 15 حزيران عام 1985 وتم إستيفاء ثمن الإعدام من عائلته / يذكر أن الشهيد مهدي كان مع الشهيدين صباح وسحر حينما وقعت المداهمة ضدهم في نفس البيت وتم تأسيره وتأسير الشهيدة سحر /.!. أما الأستاذ رياض فتم زرقه بمادة كيمياوية تؤدي الى الموت البطيء في مديرية أمن الناصرية في إحدى المرات التي تم فيها استدعاءه من قبلهم / وكان معه الأستاذ ماجد حنتوش الذي مات بنفس الطريقة أي أنهما سقيا من نفس المادة السامة وهو أيضاً من شباب حي الإسكان / علماً أنه تم طرد الشهيد رياض من وظيفته بناء على أمر إداري صادر من المديرية العامة لتربية ذي قار وحسب توجيهات الجهات الأمنية بالمحافظة بكتاب يحمل الرقم 4229 صادر في يوم 27 أيار عام 1985 ويتضمن توقيف السيد رياض طارش داود مدرس متوسطة الفاروق للبنين حيث تقرر مايلي حسب كتابهم.. أولاً.. سحب يده من الوظيفة اعتباراً من 21 كانون الاول 1984 أي من تاريخ توقيفه لأمور تتعلق بالامن العام!.. كما ذكر بالكتاب..! ثانياً.. إعادته للوظيفة اعتباراً من 12 أيار 1985 وهو تاريخ إطلاق سراحه والافراج عنه لعدم كفاية الأدلة!.. كما هو مذكور بالكتاب!! الذي وقعه عامر محمود ناجي المدير العام لكنه على أية حال إستشهد من خلال استدعاءه وسقيه مادة قتلته خلال أيام.. أما الأخ الأصغر علي فتم إصدار حكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات بتهمة التستر على زوجة أخيه الشهيد صباح أي الشهيدة سحرأمين والتي اعدمت هي أيضاً في يوم 14 نيسان عام 1985. بعد أن أخذوا الطفل الذي ولدته في الخدج من يديها ولم تشاهده مرة أخرى وللأبد !. وبعد الانقضاض على الاخوة صباح ومحمد ورياض وسحر زوجة صباح ..توجهت أنظارهم لملاحقة إخوانهم العسكريين عادل ومرتضى حيث تم نقلهم الى الخطوط الامامية للجبهة في الحرب العراقية مع إيران وتمت تصفيتهم هناك حيث استشهد اخيهم الأكبر عادل في منطقة نهر جاسم بتاريخ 11 كانون الثاني عام 1987 واستشهد مرتضى بتاريخ 23 آذار عام 1988 في السليمانية في منطقة حلبجة حيث إستلمت العائلة شهادة وفاة مرتضى تم فيها ذكر يوم الوفاة الذي هو في 23 آذار من عام 1988 وذكروا فيها السبب هو جروح في الصدر والحوض والساعد الأيسر..! وخلال فترة قصيرة إمتدت بين أعوام 1984 الى 1988 ودعت العائلة خمسة من شبابها الذين كان يزدان بهم بيتهم بهجة ونضارة وتركوا عند غيابهم غصة كبيرة في قلوب والديهم وأخواتهم الثلاث وبقية الإخوة والأصدقاء الذين عاشوا ولا زالوا بعد فراقهم بحزن وألم وقد إلتحق بهم والدهم المسكين ثم ماتت والدتهم قبل بضعة سنوات من الآن .. وكان حزني شديد عليهم وخاصة على الشهيد صباح زوج أختي الشهيدة سحر والذي كان من رفاق حزبنا الشيوعي النشطين في تنفيذ مهماته في الخلايا الحزبية الطلابية وفي لجان إتحاد الطلبة وأيضاً كانت لي علاقة صداقة ومحبة وإحترام مع الأستاذ رياض فكنت معه ومع عدد من أصدقائنا نذهب لكازينو السلام على شاطيء الناصرية سنوات السبعينيات ونبقى نتسامر فيها لساعات عدة وخاصة في الموسم الصيفي فكان بمثابة الأخ والصديق الحميم أما الشهيد مرتضى فكان حينما يأتي الى بيته في الإسكان بإجازة عسكرية لمدة من الزمن قد تصل أحياناً الى أسبوع أو أكثر بقليل , يمر على بيتنا ويلتقي معي طالباً تزويده ببعض الكتب من قصص الى روايات الى كتب ثقافية ينكب على مطالعتها ثم يعيدها لي وأحياناً نتناقش ببعض ما يدور فيها ثم أودعه حينما يعود الى وحدته العسكرية آملاً منه العودة السريعة لكي يستلم من مكتبة بيتنا ما يراه مناسباً للتزود بالثقافة .. كان إنساناً طيباً جداً وحلو المعشر خجول ومؤدب .. لم أصدق بأنني لن أرى الشهيد مرتضى أو الشهيد رياض أو الاخوة الآخرين ولن أتحدث معهم كما كنّا في السابق.. كم هي الجروح بليغة التي زرعتها حكومة البعث الصدامية بنفوسنا والتي نغصت علينا عيشنا وراحتنا لكنها لم تدرك أنها جعلتنا يوماً بعد يوم نفتخر ونرفع رؤوسنا عالية حينما تأتي سيرة هذه الكوكبة البارة من أبناء شعبنا البواسل الذين جادوا بحياتهم في سبيل حياة أفضل للشعب العراقي..

تحية محبة وإحترام للشهداء الأماجد عادل ورياض ومرتضى وصباح ومحمد رسول الاخوة الاحبة وتحية إجلال للشهيد مهدي النجار والشهيدة سحر وجميع شهداء الشعب العراقي البواسل . .إنكم مفخرة ورفعة راس وستبقون دوماً في وجدان بنات وأبناء شعبنا العراقي الى الابد . 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.