اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الشعب الصربي والإسلام في يوغسلافيا- شهادة للتاريخ (ح2)// أ.د. جعفر عبد المهدي صاحب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

أ.د. جعفر عبد المهدي صاحب

 

عرض صفحة الكاتب 

الشعب الصربي والإسلام في يوغسلافيا- شهادة للتاريخ

تأليف

أ.د. جعفر عبد المهدي صاحب

أستاذ العلوم السياسية

الحلقة الثانية

 

العرب والبلقان

من خريف بغداد الى شتاء سيدي بوزيد

الربيع العربي: تعبير مجازي أطلق على الأحداث التي بدأ إشعال فتيلها من تونس، وبالتحديد من مدينة سيدي بوزيد الواقعة وسط تونس، عندما أحرق الشاب التونسي محمد البوعزيزي نفسه في ديسمبر عام 2010 إحتجاجاً على الأوضاع الأقتصادية السيئة في بلاده بعد شعوره بأن كرامته قد أهدرت، حينما صفعته شرطية على وجهة. وتحول موكب تشييع جنازة البوعزيزي الى تظاهرة احتجاجية ضد نظام الرئيس زين العابدين بن علي، وتلى ذلك اندلاع المظاهرات في معظم المدن التونسية مما أجبر الرئيس التونسي على الفرار من البلاد ولجوئه الى السعودية. بدأ حراك الشباب من تونس لينتقل الى مصر وليبيا والبحرين(رغم التعتيم) واليمن وسوريا والأردن والكويت والمغرب. وبعد ذلك تساقطت عدة أنظمة عربية أخرى وتهاوت كتهاوي قطع الدومينو. إن أقطار الوطن العربي جميعاً تحكمها أنظمة حكم غير مؤسساتية وتنقصها مسألة شرعية السلطة. ونقدنا للوضع العربي الراهن نقداً مسؤولاً وبناءً لأننا نؤمن بأن التغيير لا يعني تبديل وجوه بوجوه أخرى، بل لدينا القناعة بأن لا تقوم للعرب قائمة إلا من خلال بناء دول المؤسسات، حتى يحق لنا كشعوب أن نعيش بكرامة في قرننا المعاصر، وبعكسه سنبقى نتخبط في جو من الفوضى الذي يخلو من اسس الديمقراطية ويسوده الإرهاب بشتى أشكاله.

 

ألربيع العربي تشبهاً بالربيعات الأوروبية: أطلقت تسمية الربيع العربي تشبيها بالأحداث التمردية التي وقعت شرقي القارة الأوروبية خلال حقبة السيطرة السوفيتية على المنطقة المذكورة، وهي:

ربيع بودابست 1956: بدأ أول ربيع تفتحت أوراق ثورته في المجر والذي يمكن لنا أن نطلق عليه ربيع بودابست عام 1956 عندما قام زعيم الحزب الشيوعي المجري إيميري ناجي[1]Imre Nagy بإصلاحاته على النظام الشيوعي في بلاده ودعوته الى نظام التعددية الحزبية بدلاً من نظام الحزب الواحد، وما رافق ذلك من انتفاضة شعبية عارمة انتهت بدخول القوات السوفيتية المجر وتحويل ذلك الربيع الى خريف انتهى بإعدام ناجي وبعض أعضاء حكومته في 15/6/1958 ذلك بتهمة الخيانة العظمى. ولا ننسى أن أحداث المجر قد تزامنت مع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وما رافق ذلك من مساومات وموازنات جرت ما بين الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف[2] وقادة الغرب بشأن الأزمة في المجر.

 

 ربيع براغ 1968: منذ أن قرر الكسندر دوبتشيك Alexander Dubček زعيم الحزب الشيوعي في جمهورية تشيكوسلوفاكيا[3],مطلع عام 1968, أن يغير النهج السياسي للبلاد جذريا. فأشرك ممثلي الأحزاب والحركات الأخرى في إدارة الدولة، وما رافق ذلك من إلغاء الرقابة. وبذلك أطلق مصطلح "ربيع براغ" على الشهور السبعة التي جرت فيها تلك التحولات الحازمة.

قوبلت التبدلات في تشيكوسلوفاكيا برد فعل سلبي من جانب قيادة الاتحاد السوفيتي. فالموقف في تشيكوسلوفاكيا كان مرشحاً لتقويض منظومة الأمن العسكري القائمة في أوروبا الشرقية.

 

  قرر الاتحاد السوفيتي في 16/8/1968 أن يزج بقوات بلدان معاهدة وارشو في تشيكوسلوفاكيا من أجل  تنحية دوبتشيك من رئاسة الحزب الشيوعي وإعادة هذه البلاد الى مجرى التطور السابق. وهذا ما حصل في 21/8/1968 عندما هجمت على تشيكوسلوفاكيا، من أربعة محاور، قوات الإتحاد السوفيتي وبولندا والمانيا الديمقراطية والمجر وبلغاريا والتي أنهت فيه ذلك التمرد[4]. واقتيد دوبتشيك الى موسكو لكنه فلت من الإعدام باعجوبة وتم الاكتفاء بابعاده من البلاد ليعين سفيراً لبلاده في تركيا. وفي عام 1970 قرر الحزب الشيوعي طرده من الحزب، وترتب على ذلك طرده من جميع مناصبه في الدولة[5].

 

وإذا أردنا أن نصف كل تمرد حدث في أوروبا الشرقية خلال حقبة الحرب الباردة بأنه ربيع، فلابد أن نضيف ربيعاً ثالثاً، وهي الأحداث التي حصلت في كرواتيا عام 1971 والتي أطلق عليها الربيع الكرواتي. ووهو قريب من الناحية الزمنية مع الربيعين السابقين، إذ حصل بعد ربيع براغ بثلاث  سنوات.

 

الربيع الكرواتي1971: ضمن أنشطة منظمة الأوستاش العنصرية الكرواتية الانفصالية, لتقويض النظام الفدرالي اليوغسلافي القائم بقيادة المارشال جوزيف بروز تيتو, اندلع الربيع الكرواتي عام 1971. وكان من بين أبرز المشاركين والمحرضين على التمرد، فرانيا توجمانFranja Tuđman  الذي أصبح أول رئيس كرواتي بعد إنفصال عام 1991، والسيدة سافكا دابتشيفيتش كوتشار Savka Dabčević-Kučar، ودراغوتين خيريميا Dragutin Haramija، وسريتشكو بيريتشوبيرSrečko Peričoper،، ميكو تريبالو Miko Tripalo ، بيرو بيركر Pero Pirker، إيفان شيبل Ivan Šibl وستيبان ميسستشStepan Meseč الذي أصبح رئيساً لجمهورية كرواتيا في زمن التفكك (بعد موت فرانيا توجمان) وغيرهم. وكانت سافكا كوتشار قد ألفت كتاباً عام 1997 اعترفت فيه بكافة النشاطات الهادفة الى الانفصال[6].

 

 ومما يذكر أن الرأي العام اليوغسلافي يطلق على ميسيتش تسمية "مدمر يوغسلافيا" وكاتب هذه السطور واجهه بهذه الحقيقة وجهاً لوجه[7]. فعندما أصبح رئيساً للفدرالية - حسب نظام التناوب الرئاسي نفذ خطة دمار الفدرالية. وبفضل ستيبان ميسيتش اختفت يوغسلافيا من الوجود وتم تفكيكها (سنرى ذلك بالتفصيل لاحقاً).

 

لماذا لا يطلق لفظ الربيع على الثورات العربية؟

نلاحظ أن جميع الأحداث "الربيعية" أو جميع التمردات التي حدثت خلال فترة الحرب الباردة والتي أطلق عليها تعبير "ربيع" كلها حدثت في شرق أوروبا وبعبارة أخرى كلها موجهة ضد حلف وارشو بشكل مباشر أو غير مباشر كما هو الحال لربيع كرواتيا باعتبار أن هذا البلد ليس عضواً في حلف وارشو ولكنه محسوب على النظم الشيوعية لوجود رابطة الشيوعيين اليوغسلاف على رأس السلطة في بلغراد.

 

لقد حصلت ثورات وتمردات عديدة في العالم في تلك الحقبة الزمنية ولكن لم يطلق عليها لفظ "ربيع". خصوصا الثورات التي اندلعت في عالمنا العربي رغم انها ثورات شعبية بكل ما للكلمة من معنىقام بها العسكرولكن الشعوب التفت وراءها وأكملت نجاح قيامها، فالثورة المصرية، بقيادة جمال عبد الناصر، التي اندلعت ضد الملكية في 23/7/ 1952 لم تكن ربيعاً. والثورة الجزائرية التي اندلعت ضد الإستعمار الفرنسي في1/11/1952 بقيادة جبهة التحرير الجزائرية، والتي انتهت باعلان الاستقلال في 5/7/1962، لم تعد ربيعاً. والثورة العراقية، بقيادة عبد الكريم قاسم، التي اندلعت ضد النظام الملكي في 14/7/1958 لم تكن ربيعاً. والثورة اليمنية، بقيادة عبد الله يحيى السلال، التي انفجرت ضد نظام الأئمة المتخلف في 26/9/1962 لم تعد ربيعاً.

 

وهنا نريد أن نؤكد على أن لفظ "الربيع" هو إنتاج غربي رأسمالي أطلق بالأساس لتقويض أنظمة الحكم الشيوعية في أوروبا الشرقية بهدف إضعاف الاتحاد السوفيتي كقوة كونية مضادة.

 

الثورات  في الغرب أليست ربيعاً؟

ومن الملفت للنظر أن الثورات الشعبية الخالصة والتمردات التي حدثت في الغرب ضد التعسف الرأسمالي عام 1968 وضد التدخل في جنوب آسيا وفيتنام وأمريكا اللاتينية، لم يطلق عليها وصف "الربيع". فثورة الشباب في فرنسا التي قادها الطالب (كون بانديت) والتي وصلت ذروتها، وهزت الشارع الفرنسي، في مايو 1968 لم يطلق عليها "ربيع باريس" رغم أنها ثورة حقيقية وتوقيتها كان في الربيع حقاً، في حين كان "ربيع" براغ قد حدث في عز فصل الشتاء ومع ذلك سمي بالربيع. وانتشرت في ذات العام أصداء هذه الثورة في بقية بلدان أوروبا الغربية انتشار النار في الهشيم، ففي ألمانيا الغربية قاد الثورة الطالب (رودي دوتشكه). وفي بريطانيا اندلعت المظاهرات والاحتجاجات العارمة بقيادة الطالب الباكستاني الأصل (طارق علي). وفي النتيجة تم قمعها في جميع أنحاء أوروبا الغربية دون أن ينعتها أحد"بربيع باريس" أو"بربيع بون" أو "ربيع لندن".

 

وقد اعتاد الإعلام الغربي، عندما يشار الى هذه الثورات أو الى رموزها في الأدبيات الغربية، أن يطلق عليهم تسمية "الثمانية وستينيون" إذ ينسبون الى العام 1968 الذي حصلت فيه التمردات وتحاشياً لإطلاق أي تسمية أخرى.

 

ونذكر أن من المفارقات التاريخية قيل بـأن بيل كلنتون كان من الشباب" الثمانية والستينيين" الذين تظاهروا ضد الحرب في فيتنام، فقد حصل كلنتون على منحة رودس القيمة والتي اخذته الى جامعة أكسفورد البريطانية العريقة وهناك أصبح جزءً من حركة الاحتجاج على حرب فيتنام[8].

 

وكذلك قيل عن توني بلير وخافير سولانا وقادة أوروبيين آخرين كانوا قد تظاهروا، في مرحلة شبابهم، ضد الحرب الفيتنامية في السنتين الأخيرتين من ستينيات القرن الفارط.

 

العرب والبلقان، من العاطفة نحو التمحيص

إن ارتباط الأزمات في عالم اليوم، الذي أصبح قرية صغيرة بفعل التقدم العلمي الهائل في وسائل الإتصالات والمواصلات، جعلنا نؤمن بأن أزمة البلقان ليست بعيدة عن ما يحدث في منطقتنا العربية. كما أن سبب ربطنا للموضوع البلقاني مع الربيع العربي لأن الحدثين ينتهيان الى دفع "الإسلام السياسي" للظهور على مسرح الأحداث من اجل الوقوع  في المصيدة لاحقاً، ولكي ندخل مدخلاً علمياً لموضوع بحثنا فلابد أن نكشف بأن الغرب قد خدعنا في زج العامل الديني في بؤر الصراعات المشتعلة خارج الوطن العربي، وذلك من أجل أن يبرز الإسلاميون المتطرفون التكفيريون وتبرز المنظمات "الجهادية" عند ذاك يستكمل الآخر برنامجه في تبريرالانقضاض على الإسلام والمسلمين ومقدساتهم.

 

العرب والمسلمون في فخ الإعلام الكاذب:

ومادمنا أمام موقف كهذا فلابد لنا من وقفة تحليلية معمقة لكشف المفاهيم المستورة  في الأزمة البلقانية، لذا نقول، إن الرأي العام في البلدان العربية والإسلامية قد وقع في فخ القوى المتنفذة عالمياً عندما  خيل له أن حرب البلقان حرب دينية تستهدف مسلمي البلقان. وبذلك يعد العامل الديني من أهم العوامل التي زاد من التفات العالمين العربي والإسلامي للحالة البلقانية، وعلى وجه الخصوص أحداث البوسنة من عام 1992 ولغاية عام 1995 وحرب كوسوفو عام 1999. أما المناطق الصربية الواقعة ضمن جمهورية كرواتيا، والتي شهدت معارك طاحنة شنتها قوى الانفصال الأوستاشية، وقصف للمناطق السكنية الآمنة، خلال الحرب في البوسنة، لم يعر لها الإعلام الغربي أهمية ، لأنها خالية من المسلمين، مثل سلافونيا Slavonja، وبارانيا Baranja وفوكوفار Vokovarوغرب سريمZapadni Srem[9] والإعلام الغربي غض النظر عن التصفية العرقية ضد الشعب الصربي في كنينKnin عاصمة مقاطعة كراييناKraina[10].

 

حرب بين طرفين مسلمين في البوسنة: في جمهورية غرب البوسنة[11]، لم ينتبه الإعلام العربي والإسلامي لمجازر بيهاتش وفليكا كلادوشا التي دارت بين طرفين مسلمين، ونقصد القتال الذي دار بين جماعة عزت بيغوفيتش من جهة وجماعة فكرت عبديتش( رئيس جمهورية غرب البوسنة) من جهة أخرى وكلاهما مسلم. وهذا دليل واضح على أن الحرب في البلقان ليست حرباً دينية.

 

 وكذلك لم يركز الإعلام العربي على كوارث التطهير العرقي والتهجير القسري الذي جرى في كرايينا[12] بقدر اهتمامه في معارك غوراجده وسريبرنتسا  وكوسوفو، ويعود السبب في ذلك إلى أن المسلمين ليسوا طرفاً في النزاعات التي حصلت في تلك الأقاليم، مع العلم أن جميع تلك المناطق كانت حامية الوطيس وحصلت فيها جرائم حرب فضيعة ارتكبتها جميع الأطراف دون استثناء.

 

إن التكاتف والتآزر بين المسلمين شيء مفرح ويثلج صدر كل مسلم ومسلمة ولكن ذلك التآزر والتكاتف ينبغي ان يكون على أسس سليمة وليس انعكاساً لما تمليه علينا وسائل إعلام القوى العظمى. فليس من المعقول أن نجد باحثاً عربياً يصدر كتاباً بعنوان ( بلغراد عاصمة إسلامية)، ونحن نعلم انها لم تكن إسلامية يوماً من الأيام ديناً ولا تراثاً أو طرازاً معمارياً.

 

يحتم المنطق العلمي أن يلتزم الباحث بمنهجية علمية بدلا من الدغدغات العاطفية، وهذا يعني تقديم بحوث علمية خالية من التدليس لكي يستفيد منها القاريء وصانع القرار العربي. ومع الأسف الشديد أن كثيراً من المثقفين العرب الذين كتبوا عن البلقان قد قدموا سيولاً من الشتائم للصرب من منطلق انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، دون معرفة  مسبقة بالساحة  التي كتبوا عنها. ونظراً لعدم إجادتهم لغة ولهجات شعوب تلك المنطقة فانهم اعتمدوا على مصادر أوروبية وأمريكية بشكل خاص.

 

لقد استعرضنا عدداً كبيراُ من تلك الأعمال في كتابنا الموسوم (صدام حضارات أم تفجير لبؤر الصراعات)[13]، الذي بينا فيه سطحية الترديد الببغاوي لما يقوله الغرب ووسائل إعلامه على ألسن عدد كبيرمن الكتاب العرب[14]، وهي بحوث خالية من التحليل المعمق، هدفها فقط تأليب الرأي العام العربي والإسلامي ضد الصرب وتصويرهم العدو الرئيسي للإسلام والمسلمين.

 

نحن نقدم بحثاً واقعياً يعكس تراكم خبرتنالأكثر من ثلاثين عاماً، مع تتبع يومي للأحداث ومتابعة يومية للصحف والكتب والبحوث ونشرات الأخبار الصربية والبوسنية والكرواتية والمقدونية والسلوفينية والاستماع والقراءة المباشرة بلغات ولهجات أهل المنطقة. ونعزز قولنا بالرقم والدليل وذكر الأسماء دون الحديث بالعموميات.

 

 ومن الأمور التي جعلتنا أكثر إطلاعاً على مصادر العلل إجادتنا لغات ولهجات مناطق الصراع قراءة وكتابة وتأليفاً، ومقابلاتنا الشخصية لكبار الساسة في المنطقة. فقد تحاورت شخصياً مع بورسلاف يوفيتش آخر رئيس لجمهورية يوغسلافيا الاشتراكية الاتحادية ومع وزير خارجيته فلادوسلاف يوفانوفيتش، وهو من أبرز الدبلوماسيين اليوغسلاف على الاطلاق، وقابلت في سراييفو حارث سيلايجتش الذي أصبح لاحقاً رئيساً لجمهورية البوسنة والهرسك§، وهو ثعلب ماكر دينه الدنانير( أنظر ملحق رقم 5)، وحققت مقابلتين مع الرئيس الكرواتي ستيبان ميسيتش، وقابلت ايضاً بحوارات مفتوحة  الرئيس الصربي بوريس تاديتش، وتحاورت مع الرئيس البوسني سليمان تيخيتش، ووزير الخارجية الصربي يرمينتش، والرئيس اليوغسلافي الاتحادي زوران ليليتش والذي تربطني معه علاقة صداقة شخصية الى يومنا هذا، وحاورت وزير الإعلام اليوغسلافي راتوميربريتسه. والتقيت مرات عديدة بسماحة مفتي يوغسلافيا الشيخ حمدي يوسفسباهيتش. هذا بالاضافة الى العلاقات الوطيدة التي تربطنا بعدد من أعضاء البرلمان اليوغسلافي منهم الدكتور دايان ميروفيتش الذي قمت بترجمة كتابه الضخم (كوسوفو فلسطين- نظام الأزمات) من اللغة الصربية الى اللغة العربية. وتربطني علاقات صداقة حميمة مع مستشرقين يوغسلاف من أساتذة الجامعات مثل المستعرب المعروف الدكتور بروفيسور رادى بوجوفيتش  Prof. Dr. Rade Božovićرئيس قسم اللغة العربية بجامعة بلغراد وعميد كلية الألسن فيها، والمستشرق الدكتور بروفسور راتكو تناسكونوفيتش Prof. Dr. Darko Tanasković الذي أصبح سفيراً ليوغسلافيا في تركيا والفاتيكان والدكتور دراغليوب يفتيتش Prof. Dr. Dragljub Jeftić المختص بالشؤون العربية والإسلامية في كلية العلوم السياسية بجامعة بلغراد وغيرهم. وملخص القول إننا لا نعتمد على المصادر الغربية ولم نتأثر بسموم السي أن أن[15].

 

CNN العضو 16 في مجلس الأمن الدولي

وفي اعتقادنا أن الذي حصل في البلقان كان سيناريو معداً إعداداً محكماً قامت بتوزيعه القوة العظمى الوحيدة، من خلال وسائل إعلامها وفي مقدمتها فضائية السي أن أن. ومن هنا لايمكن ان يكون كلامنا حول تلك الفضائية الأمريكية مبالغ فيه ، فقد ذكرت يوماً مستشارة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت: " إن أعضاء مجلس الأمن الدولي ستة عشر عضواً خمسة دائمون وعشرة غير دائمين والعضو السادس عشر محطة السي أن أن !".

 

الدين هو الدين والسياسة هي السياسة

وعندما نكون في سياق حديث علمي علينا أن لا نقبل التسطيح القائل بأن هناك حرباً بين مسلمين ومسيحيين وعلينا أن نقف الى جانب المسلمين. فهناك نزاعات مسلحة حصلت بين دول إسلامية، تحاربت فيما بينها(الحرب العراقية الإيرانية- نموذجاً)، وهناك قادة دول إسلامية نحن ممن يطعن بسياستهم مثل ( نوري السعيد، الشاه الإيراني، الرئيس السادات وغيرهم). فعندما ننتقد سياستهم فهذا لا يعني الطعن في دينهم فلربما يدخل نوري السعيد وزملاؤه الجنة فهذا مرده الى الله عز وجل. ومن هنا نقول علينا أن نحدد الكلام مقدماً، هل نحن نتكلم في الدين أم في السياسة؟ فالدين هو الدين والسياسة هي السياسة. والشيء غير المرغوب عندنا، ونحذر منه، هو حينما يستخدم الدين استخداماً سيئاً لصالح السياسة.

 

فعندما نقول إن عزت بيغوفيتش قد أساء بحق شعبه، حينما سحب توقيعه من (خطة كوتلير)[16]  الواردة في اتفاق لشبونه عام 1992. كان رفضه للخطة قد أدخل بلاده في مجازر دموية رهيبة . فتوجيه النقد لسياسته الذيلية الغبية لا يعني طعناً في دينه، والعالم كله يعرف وبشكل مكشوف أن السفير الأمريكي في بلغراد وارن  زيمرمان[17] قد غرر بزعيم حزب العمل الديمقراطي البوسني لسحب توقيعه وباعتراف  زيمرمان[18] نفسه لاحقاً. ولولا هذه الخطوة المقيته لكان اتفاق لشبونة وخطة كولتير كافية لحقن الدماء بشكل مبكر. وتشير إحدى الباحثات البريطانيات بأن دولاً إسلامية حليفة لأمريكا قد ساهمت بذلك الضغط[19]. ومن الواضح تقصد حكومة الجهالة والتخلف السعودية.

 

جمهورية مقدونيا استقلت دون قتال

كان أمل الوصول الى حل عبر المفاوضات من الاحتمالات الواردة جداً. فليس كل الجمهوريات التي انفصلت عن الفدرالية اليوغسلافية حققت انفصالها عن طريق القوة. ونحن ضد ما يشاع بأن استقلال كل الجمهوريات حصل بالقوة، فقد استقلت جمهورية مقدونيا دون إراقة قطرة دم واحدة، إذ إختارت طريق المفاوضات السلمية وحققت رغبتها في الاستقلال دون ان تعرض رعاياها للهلاك في ساحات القتال كما فعل قادة أحزاب الإسلام السياسي في البوسنة والهرسك.

 

تصفية حسابات قديمة

وبعيداً عن طروحات نظرية المؤامرة فأن الذي حصل في البلقان من تخطيط خارجي كان مقصوداً من أجل تمزيق الفدرالية اليوغسلافية وإلحاق الأذى بجمهورية صربيا التي كانت تمثل الرقم البارز،عبر التاريخ، لتحقيق وحدة السلاف الجنوبيين[20]. علماً بأن الدول التي اشتركت في إشعال الفتنة البلقانية هي بالدرجة الأولى الدول التي كانت غير راضية عن نتائج الحربين العالميتين الأولى والثانية وهي: ألمانيا وايطاليا والنمسا والمجر والبانيا وتركيا والفاتيكان إضافة الى  الولايات المتحدة الأمريكية لدوافع جيوستراتيجية. ولكل دولة من هذه الدول مأرب خاص، فالولايات المتحدة يهمها أمن إسرائيل من خلال البلقان( وهذا ما سنتناوله لاحقاً إذ نكشف الصلة بين القضيتين) وألمانيا ترغب في تحقيق حلمها القديم الطريق نحو الشرق Drang nach osten بالإضافة الى عدم نسيان الماضي إذ تحطمت جماجم جنودها على الأرض اليوغسلافية في الحرب العالمية الثانية على يد قوات الأنصار (البارتزان). أما إيطاليا فإنها تطمح في استرجاع الجزر وبعض سواحل دلماتسيا الأدرياتيكية ومنطقة إسترا التي فقدتها لصالح يوغسلافيا كنتيجة من نتائج الحرب العالمية الثانية. في حين أن النمسا والمجر ذاقت الأمرين في الحرب العالمية الأولى والتي أدت الى انهيار تلك الإمبراطورية والى الأبد. وفيما يتعلق بألبانيا ومشروعها في إقامة ألبانيا الكبرى فهي تعرف أن استمرار الفدرالية اليوغسلافية يعني استحالة تحقيق مشروعها المذكور.

 

أما الحسابات التركية التاريخية مع صربيا فلا تحتاج الى عناء البحث لمن له أطلاع على نتائج الحروب البلقانية وما قامت به حركة المقاومة ضد الاستعمار العثماني في البلقان.

 

التحليل الجزئي وضرورة العودة للتاريخ:

يفيد أسلوب التحليل الجزئي(Micro-Analayses) في دراسة الأزمات الدولية المعقدة من الداخل وفق منهجية علمية محددة  (دراسة حالة) ويعد الفهم التاريخي من أولى المعطيات التي يجب أن تتوفر لهذه المنهجية. فقد برهن تاريخ منطقة البلقان على أن الخيمة اليوغسلافية هي مظلة السلاف الجنوبيين بشرط أن لا تعبث بها أصابع خارجية. وكان موقع يوغسلافيا السابقة الجيوستراتيجي قد جعلها محط أنظار القوى العظمى التي كانت قائمة في أوروبا في القرن التاسع عشر. [21]

ومع بدء الثورة الصربية ضد الاستعمار العثماني عام 1804 بدأت إمبراطوريات الغرب تمد يد العون لشعوب البلقان، نكاية بالتمدد العثماني في أوروبا. ففي مؤتمر فيينا عام 1815 حصلت صربيا وكذلك الجبل الأسود على بعض الامتيازات وقد تأكدت تلك الامتيازات في مؤتمر باريس 1856. وبعد ذلك في مؤتمر برلين عام 1878 إذ حصلت كل من صربيا والجبل الأسود ورومانيا على استقلالها المعترف به دولياً[22]، في الوقت الذي كانت سلوفينيا وكرواتيا جزءاً من المملكة النمساوية– المجرية[23]، وكانت البوسنة والهرسك ضمن السيادة العثمانية، ولكنه حصلت بعض القلاقل داخل إطار الإمبراطورية العثمانية على أثر نشاط حركة تركيا الفتاة وما رافق ذلك من فوضى شجعت الإمبراطورية النمساوية المجرية أن تستغل الظروف لتنقض على البوسنة والهرسك وتضمها إلى ممتلكاتها، وأعلنت من جانب واحد أن البوسنة جزء من أراضيها.

وفي عام 1911 حصلت معارك بين الصرب والقوات العثمانية المتواجدة في صربيا وجاءت بعدها الحروب البلقانية الأولى والثانية 1912، 1913 التي فقدت المنطقة من جرائها مئات الألوف من الأرواح. ثم جاء بعدها حادث اغتيال ولي العهد النمساوي الأرشدوق فرديناند الثاني وزوجته الأرشدوقة صوفيا في سراييفو بتاريخ 28/6/1914 على يد شاب صربي يدعي جبريلو برنسيب[24]، وكان هذا الحدث سبباً في إشعال فتيل الحرب العالمية الأولى التي فقدت فيها صربيا (1.3) مليون إنسان.

لقد قوضت ضربات الحرب العالمية الأولى الموجعة عرش الإمبراطورية النمساوية المجرية، وأنهت وجودها من خارطة أوروبا تماماً. وفي نفس الوقت صعدت نتائج الحرب من تطلعات الوحدة بين الشعوب السلافية الجنوبية [25].

 

كانت أول مبادرة لوحدة السلاف الجنوبيين، أي اليوغسلاف، وهذه هي الترجمة الحرفية لهذا المفهوم، تبني إعلان نيش، نسبة إلى مدينة نيش الصربية حيث اجتمع ممثلون عن الصرب والسلوفين والكروات وقرروا إقامة وحدة فدرالية ضمن دولة موحدة، تضمهم جميعاً، إذ صدر إعلان نيش بتاريخ 7/12/1914. وكان توقيت الإعلان أبان الحرب يعني تقويض إمبراطورية النمسا والمجر من الداخل لأن كرواتيا وكذلك سلوفينيا كانتا ضمن إطار تلك الإمبراطورية.[26]

 

صربيا ضحّت من أجل استقلال أشقائها

وأعلنت حكومة مملكة صربيا الائتلافية بزعامة رئيس الوزراء نيقولا باشيتش قبولها بإعلان نيش كونه هدفاً صربياً في (تحرير ووحدة كل الأشقاء الذين لم ينالوا حريتهم بعد). وعلى أثر ذلك تشكلت اللجنة اليوغسلافية التي قدمت مشروعها بقيام دولة فدرالية تضم صربيا بحدودها لعام 1913 بما فيها مقدونيا، وكرواتيا مع سلافونيا ودلماتسيا وسلوفينيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود.

 

بيان كرف 1917: تم التوقيع في جزيرة كرف اليونانية Krf في 20/7/1917 على بيان أطلق عليه "بيان كرف"[27] الذي وجد حلاً وسطاً بين موقف الحكومة الصربية واللجنة اليوغسلافية، إذ تم الاتفاق على الوحدة تحت عرش ملك صربيا ضمن دولة فدرالية مستقلة وبرلمانية، ولم يناقش في كرف وضع مقدونيا ولا الجبل الأسود لأن صربيا ترى هذه المسائل من شؤونها الداخلية.

وفي مطلع أكتوبر عام 1918 في زغرب تشكل المجلس الشعبي لممثلي صربيا  وسلوفينيا وكرواتيا الذين كانوا من مواطني الإمبراطورية النمساوية– المجرية، وكان هذا برنامجاً يتضمن وحدة واستقلال دولة كل السلوفين والكروات والصرب. وفي 9/10/1918 رفض المجلس عرض مملكة آل هابزبورك بالتخلي عن برنامجه، وبتاريخ 29/0/1918 قطع البرلمان الكرواتي كافة العلاقات مع إمبراطورية النمسا والمجر[28] وألغيت الاتفاقية الكرواتية – المجرية لعام 1856.

وقد أعلن البرلمان في نوفي ساد  في 25/11/1918 انضمام فويفودينا تحت ظل المملكة الصربية، وأعلن برلمان الجبل الأسود في 26/11/1918 خطوتين مهمتين تجاه الوحدة الأولى تضمنت عزل ذرية الملك نيكولا بيتروفيتش نيغوش Nikola Petrovič Negoš عن العرش في الجبل الأسود والثانية إعلان الوحدة مع "الأخوة الصرب في دولــة واحدة موحدة" [29] وتحت حكم عائلة كالوجورجيفيتش.

في 1/12/1918 أعلن عن قيام مملكة موحدة للصرب والكروات والسلوفين، ويُعدّ هذا الحدث من أبرز الأحداث في تاريخ الشعوب البلقانية، ولكن كانت هذه المملكة تعد من أكثر دول أوروبا تخلفاً من الناحية الاقتصادية وعلى وجه الخصوص القسم الشرقي منها، (صربيا ومقدونيا والجبل الأسود) وبقي هذا التخلف الاقتصادي ماثلاً حتى منتصف القرن العشرين. والسبب في ذلك أن هذه الأجزاء من المملكة كانت مسرحاً للعمليات الحربية خلال الحرب العالمية الأولى، أربع سنوات متتالية، وما ترتب عن ذلك من خسائر جسيمة بالأرواح والبنى الأساسية للاقتصاد.

إن ظاهرة تخلف بعض الأجزاء من المملكة قياساً إلى الأجزاء الأخرى، جعلت أصحاب رؤوس الأموال يثيرون المشكلات المعرقلة للوحدة عبر الأحزاب والمنظمات السياسية التابعة للملاكين والإقطاعيين وأصحاب رؤوس الأموال. يضاف إلى ذلك مشكلات توزيع السلطة، وبحسب دراستنا لتاريخ المنطقة في تلك المدة فإن الصرب يرون أنفسهم قد حرروا كافة الأقاليم وضحوا تضحيات جسام بأرواح جنودهم، وتم تخريب اقتصادهم وتدميره كلياً، فقد دفعوا ثمناً غالياً مقابل الاستقلال، أما الشعوب الأخرى (الكروات والسلوفينيين) فهؤلاء لم يتعرضوا لمثل تلك الضربات، ولم تشهد مناطقهم ذلك التخريب الرهيب الذي حل بصربيا والجبل الأسود ومقدونيا. هذه الأمور كانت من القضايا المبكرة التي أثارت الخلاف بين شعوب المملكة الجديدة[30]، وقد كانت أدبيات تلك المرحلة تشير بأصابع الاتهام إلى البرجوازية المحلية التي ترى أن الفكرة اليوغسلافية تضر بمصالحها ولا تتفق مع أهدافها. .

حاول الملك الكسندر ضمن هذه الظروف أن يضع نفسه فوق البرلمان وفوق الأحزاب السياسية التي كانت قائمة وهذا ما أدى إلى العديد من الأزمات السياسية فقد شهدت الحقبة (1921 – 1929) بروز (23) أزمة وزارية، وهناك وزارتان فقط تم حلهما من قبل البرلمان، وهما وزارة ميلينكا فيسينتش Milenke Vesnic عام (1920) ووزارة نيقولا أوزنوفيتش Nikole Uznovic عام (1926)، في حين أن كل الوزارات الباقية تم حلها من قبل الملك بإرادات ملكية.

كان الملك يميل إلى المركزية المفرطة من أجل بناء يوغسلافيا قوية لها هيبتها في الداخل والخارج، ومعروف عن الملك الكسندر أنّه ذو شخصية قوية، ولكن بالمقابل فإن الأعضاء الكروات في البرلمان كانوا يثيرون موضوع تقاسم السلطة ويطلقون شعارات تهدف إلى عدم القبول بالهيمنة الصربية داخل مؤسسات المملكة اليوغسلافية[31]، وأخذ الصراع يشتد في البرلمان إلى أن وصل الأمر إلى استخدام الأسلحة النارية داخل قبة البرلمان في 20/6/1928، إذ قام أحد أعضاء البرلمان، وهو صربي من الحزب الرادريكالي، بقتل اثنين من الأعضاء الكروات وأصاب ثالثاً بجروح خطيرة.

والسبب في هذا الحادث أوضحها القاتل بعبارته الوحيدة التي قالها قبل أن يطلق النار داخل جلسة البرلمان، إذ قال: "لا يمكن تعويض دماء الصرب بالثيران الكرواتية".

وهذه العبارة تعكس لنا وبصورة واضحة الوضع المتشنج بين الأطراف المكونة للوحدة اليوغسلافية فالصرب، ولاسيما الراديكاليون منهم يرون بأن الشعب الصربي دفع مئات الألوف من الضحايا من أجل الاستقلال وقيام الدولة وقد دمرت المؤسسات الاقتصادية لأن جميع المعارك الطاحنة كانت تدور على الأراضي الصربية، أما الكروات فإنهم يطرحون مبدأ المساواة السياسية والاقتصادية.

وأمام هذه الوضع شدد الملك بقبضته على السلطة، وفي مطلع عام 1929 تم تعطيل الدستور وحل البرلمان ومنع نشاط الأحزاب السياسية مع تشكيل حكومة يقودها الجنرال بيتر جيفكوفيتش Pitar Zivkovič. وأصبحت السلطات الثلاث بيد الملك الذي أطلق عبارته الشهيرة "لا وسيط بين الملك وأبناء الشعب". وفر عدد من أعضاء البرلمان الكروات خارج البلاد ليمارسوا نشاطاتهم الانفصالية ومنهم آنته بافليتشAnte Pavelic الذي أصبح فيما بعد رئيساً لدولة كرواتيا المستقلة التي أقامها الجيش النازي في أثناء غزوه للأراضي اليوغسلافية عام 1941.وفر بعد انتصار اليوغسلاف في الحرب العالمية الثانية، وكان فراره بمساعدة الطليان والألمان، إذ أسس بافليتش في الخارج، وبدعم مكشوف منهم، منظمة الأوستاش الكرواتية العنصرية[32].

أما في مقدونيا ومن أجل الحصول على حكم ذاتي نشطت العناصر المعادية لوحدة السلاف الجنوبيين (الفكرة اليوغسلافية)، وضمن هذه الأجواء قام الملك بتحديد نشاط قادة الأحزاب ووضع بعضهم تحت الإقامة الجبرية[33].

 

ظهور التسمية الجديدة، المملكة اليوغسلافية

ومن أجل أن  يضمن سيطرته على البلاد قسم الملك الألكسندر مملكته إلى تسع مقاطعات (بانات) واستبدل اسم الدولة من مملكة الصرب والكروات والسلوفين إلى المملكة اليوغسلافية وذلك عام 1928. وفي سبتمبر عام 1931 أصدر الملك دستوراً جديداً للمملكة.

نشطت، في مثل هذه الأجواء، الأحزاب الشعبية للمطالبة في وضع حد للدكتاتورية، ومن هذه الأحزاب داخل صربيا وخارجها، مثل حزب الائتلاف الديمقراطي الفلاحي الكرواتي الذي أصدر بيانه في نوفمبر عام 1932 الذي يقول: إن الشعب مصدر السلطة وإن هناك شعوراً بالهيمنة الصربية لذا يجب الرجوع إلى ما تم الاتفاق عليه عام 1918.

 

اغتيال الملك الكسندر

 اغتيل الملك اليوغسلافي في مدينة مرسيليا الفرنسية في 9/10/1934 أثناء زيارة رسمية قام بها إلى فرنسا، وتوفي معه بنفس الحادث وزير الخارجية الفرنسي ليو بارتو Lue Bartu. والمعروف أن الملك الكسندر ووزير الخارجية الفرنسي كان لهما نشاط معاد للفاشية الإيطالية بزعامة موسليني. وقد نفذ الاغتيال فلادو غورغييف Vlado Georgiev وهو مقدوني يعمل في منظمة الكف الأسود المرتبطة بمنطقة الأوستاش الكرواتية العنصرية، وقد أثبتت التحقيقات الدعم السياسي والمالي لهذه العملية وتورط كل من إيطاليا والمجر وبلغاريا وألمانيا.

 

بيتر الثاني يعتلي عرش المملكة

اعتلى العرش، بعد اغتيال الملك الكسندر، ابنه الملك بيتر الثاني[34] ونظرًا لكون الملك الجديد لم يبلغ سن الرشد فقد أصبح الأمير بافلا (ابن عم الملك) وصياً على العرش، وجاءت الحكومات المتعاقبة بعد مقتل الملك الكسندر ببعض التوجهات الجديدة الخاصة بالسياسة الخارجية وتحسين العلاقات إذ قام رئيس الوزراء اليوغسلافي ميلان ستويادنيوفيتش Milan Stojadinovic بالتقرب إلى دول المحور إيطاليا وألمانيا،  فعقد اتفاقية تعاون مع إيطاليا عام 1937، وقام في الوقت نفسه بتقوية العلاقات الاقتصادية مع ألمانيا ولكن بسبب علاقات رئيس الوزراء مع حزب الفلاحين الكرواتي (وهو أقوى الأحزاب في كرواتيا) فإن قوى اليمين الكرواتية استغلت هذه الثغرة.

وأصبح وضع رئيس الوزراء حرجاً عندما وقع على كونكورد مع الفاتيكان رغبة منه في التقرب إلى الاكليروس الكاثوليك في كرواتيا ولكن هذا العمل سبب له استنكاراً واسعاً من قبل الصرب والكنيسة الارثذوكسية في صربيا، حيث تظاهر الألوف من الناس وراء البطريك فارنوف في يوليو عام 1937 وطافوا شوارع العاصمة بلغراد.

وقد جرت في 11/12/1938 الانتخابات البرلمانية في ظل أوضاع سياسية واقتصادية معقدة فاز فيها ستويادينوفيتش على قوى المعارضة بفارق قليل من الأصوات، واستمر بنفس سياسته الخارجية في الاقتراب تجاه إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية مما ولدّ استنكاراً شعبياً اضطر في فبراير 1939 على تقديم استقالته إذ حل محله دراغوش سفيتكوفيتش Dragos Svetkovic  وعندما حققت القوات النازية انتصارات على الأرض، إذ شنت القوات الهتلرية هجومها الكاسح على بولندا في 1/9/1939 واحتلال فنلندا في 12/3/1940 واحتلال النرويج في أبريل 1940 وإعلان فرنسا لاستسلامها في 22/6/1940 بعد الهجوم عليها. وفي 10/5/1940 تم احتلال بلدان الأراضي المنخفضة (بلجيكا– هولندا– لوكسمبورغ) رغم حيادها، أما المجر ورومانيا وسلوفاكيا وبلغاريا فقد أعلنت انضمامها إلى المحور، وتبعتها حكومة سفيتكوفيتش في 25/5/1941 عندما وقعت في فينا معاهدة التحالف مع ألمانيا وإيطاليا، مما أفرز غضباً شعبياً عارماً في المملكة اليوغسلافية، والذي أسفر عن قيام انقلاب عسكري قاده جنرلات وضباط يوغسلاف، وذلك في 27/5/1941، أي بعد يومين من دخول الحكومة الحلف مع دول المحور. أدى الإنقلاب العسكري إلى تحطيم حكومة سفيتكوفيتش والإعلان عن إكمال الملك بيتر الثاني سن الرشد، وأصبح الجنرال دوشان سيموفيتش Dušan Simovič رئيساً للوزراء.

وخرجت المظاهرات الشعبية في شوارع المملكة اليوغسلافية وهي ترفع شعارات "الدفن في لحد خير من العيش كعبد" و"للحرب نزحف خير من الحلف الأعجف"[35]. وقد جعلت هذه التطورات من هتلر أن ينتقم من اليوغسلاف ،إذ قرر الهجوم على المملكة اليوغسلافية من جميع الجهات ماعدا جهة اليونان، واحتلال إقليمها الشمالي ثم قصف وتدمير العاصمة بلغراد في 6/4/1941، مما أدى ذلك إلى هروب الملك الى القدس باعتبارها كانت تحت الإنتداب البريطاني، بعدها سافر إلى القاهرة ومن هناك رحل إلى بريطانيا. واستطاعت القوات الألمانية أن تلقي القبض على (330) ألف أسير من الجنود اليوغسلاف، وأكثر من (6) آلاف ضابط. وبعد أن تم تدمير الجيش الملكي اليوغسلافي، أعلنت البلاد استسلامهافي17/4/1941. ولكن الجيش النازي، فيما بعد، لقي ضربات موجعة على يد قوات الأنصار (البارتزان) بقيادة جوزيف بروز تيتو وقوات التشيتنيك (السرايا الملكية) بقيادة الجنرال دراجا ميخائيلوفيتش[36]Draža Mihailović. وتشكلت في مناطق يوغسلافيا المختلفة قوى مناهضة للفاشية أسهمت في دحر الاحتلال وإعلان التحرير في 29/11/1945. ويطلق على الدولة الفدرالية التي أسسها تيتو عام 1945 تسمية يوغسلافيا الثانية لتمييزها عن يوغسلافيا الأولى[37] التي أقيمت في عهد الملك الكسندر عام 1928. وقد لاقت يوغسلافيا الثانية دعما من الولايات المتحدة والغرب على اساس أنها كانت تمثل الدولة العازلة بين المعسكرين الشرقي والغربي. ورغم تمسك تيتو بالنهج الماركسي إلا أن سياسته قد تخطت مكتب المعلومات Infro Biro،مما أثار ضده حفيظة ستالين، حيث تم طرد الحزب الشيوعي اليوغسلافي من الكومنترن عام 1948. واختطت يوغسلافيا طريقها الخاص في التسيير الذاتي الاشتراكي[38] وأسهمت في تأسيس حركة عدم الإنحياز التي كانت من المنظمات الدولية الفاعلة طيلة فترة الحرب الباردة.

 

يوغسلافي استمرت عشر سنوات بعد سقوط الاتحاد السوفيتي

بعد وفاة تيتو في 4/5/1980، استمرت يوغسلافيا الاتحادية في الوجود لأكثر من عشر سنوات، وخلاف لما حصل من تداعيات لأنظمة الحكم في شرق أوروبا، التي تهاوت كقطع الدومينو بعد سقوط جدار برلين، بقي النظام السياسي لجمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية قائماً لعقد كامل من الزمن مع إعلانه التمسك بالنهج الشيوعي الماركسي (رابطة الشيوعيين اليوغسلاف) وهذا دليل قاطع على مقبولية النظام السياسي القائم رغم رحيل تيتو.. وتقرر أن تكون رئاسة الدولة بيد مجلس الرئاسة المتكون من ست جمهوريات وإقليمي حكم ذاتي وتكون رئاسة المجلس دورية سنة واحدة لكل عضو من أعضائه.  ولكي نكون أكثر دقة ، نذكر، في أدناه، أسماء الرؤساء الذين توالوا على رئاسة  الدولة الفدرالية( SFRJ) مدة عشرة أعوام ( وهي المدة الممتدة من يوم وفاة تيتو 4/5/1980 حتى عام 1991 وهو عام التفكك).

 

ستيبان مسيتش مدمر يوغسلافيا: عندما وصل الدور لرئاسة مجلس الرئاسة الى كرواتيا، فقد تم ترشيح ستيبان ميسيتش  Stepan Mesič (كرواتي) لرئاسة الدولة الفدرالية. وبما أن هذا الرجل انفصالي النزعة، متأثر بتطلعات منظمة الأوستاش الكرواتية العنصرية، والملقب شعبياً بـ (مدمر يوغسلافيا)، فقد تم الاعتراض على ترشيحه لأن أعضاء مجلس الرئاسة الآخرون يعلمون بما يضمر هذا الرجل من نواياسوء سوف تؤدي الى تشرذم النظام الفدرالي القائم. فحصلت أزمة سياسية حادة جداً داخل الدولة، فأصرت جمهورية كرواتيا على عدم تبديل مرشحها، فتوسطت الترويكا الأوربية وضمنت بأنه سيحافظ على وحدة البلاد وسيادتها.

 

أصبح ميسيتش رئيساً لجمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية في 15/6/1992 بعد أن أدى اليمين الدستوري، وأقسم على التفاني للحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها. ولكن الرجل نسي قسمه وقام بخطوة غير مسبوقة، فاجأ بها أعضاء مجلس الرئاسة، عندما أصدر قراره الإنفرادي الذي أعتبر وجود الجيش الفدرالي في الجمهوريات وجوداً غير شرعي. وهذه الخطوة الغادرة أدت الى تدمير الفدرالية اليوغسلافية، حيث أعطى فرصة ذهبية للقوى الانفصالية للهجوم على جيش الدولة الفدرالي. وبعد ذلك مباشرة قدم استقالته الشكليه في 3/10/1992، وذهب الى زغرب، ليقف أمام البرلمان الكرواتي وينطق بأعلى صوته عبارته (التاريخية) المشهورة " أيها السادة، أيها السادة، لقد نفذت واجبي ولم تعد هناك دولة اسمها جمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية". وبذلك صدقت تنبوءات من ظن السوء به وعارض ترشيحه.

 

وكان مسلسل الأحداث منذ إعلان وفاة تيتو حتى وصول ميسيتش الى الرئاسة كما يلي:

- في يوم وفاة تيتو تولى الرئاسة لازار كوليشيفسكي Lazar Kolijševski (مقدوني) مدة اسبوعين من 4/5/1980 الى 15/5/1980. بعد ذلك تولاها بالتعاقب:

-  سفيتين مياتوفيتش   Svijetin Mijatović (بوسني)  1980 – 1981.

- سيرجي كرايخير  Sergej Krajher (سلوفيني) 1981 – 1982.

- بيتر ستامبوليتش   Petar Stambolć (صربي) 1982 – 1983

ميكا شبيلياك    Mika Spiljak     (كرواتي)       1983 – 1984.

- فيسيلي جورانوفيتشVeselin Djoranović  (جبل أسود) 1984 – 1985.

- رادوفان فلايكوفيتش Radovan Vlajković  (فويفودينا) 1985  – 1986.

- سنان حساني    Sinan Hsani  (كوسوفو) 1986 – 1987.

- لازار مويسوف Lazar  Mojsov  ( مقدوني) 1987 - 1988.

- رايف زداريفيتش Rajf  Dizdarević  ( بوسني) 1988- 1989.

- يانيس درنوفشيك Janis Drnovsek  (سلوفيني) 1989 – 1990.

- بوريس يوفيتش    Boris Jovici(صربي)  1990  1991.

 

وعندما وصل ستيبان ميسيتش الى رئاسة الدولة أدى اليمين الدستوري لحمايته والذود عنها (نطقا) وتدميرها (عملاً)، بعدها وقف أمام البرلمان الكرواتي، في جمهوريته، وقال عبارته المشهورة التي ذكرناها في أعلاه.

 

في تحديد المفاهيم:

لقد ذكرنا سابقاً أن معظم ،إن لم نقل جميع، من كتب عن البلقان من العرب كانوا يهدفون الى الحط من الصرب بأي وسيلة كانت انطلاقاً من مبدأ ، انصر أخاك، من دون تقديم أدلة علمية، أو دون النظر الى لب الصراع من الداخل. وكأن واجب المثقف العربي ينحصر في كيل الشتائم للصرب ووصمهم بأرذل النعوت.  ولكي نستوعب حجم  وفاعلية الضخ الإعلامي الثقافي ضد الصرب في الوطن العربي وتاثيره على الناس البسطاء، يمثل أمامنا مشهد الهجوم، أثناء حرب البوسنة، على مقبرة في تونس تضم قبور جنود صرب من الحرب العالمية الأولى تم حرقها وتخريبها لأن المواطن العربي المسلم لم يجد ما يفعله للانتقام من الصرب الذين صورهم الإعلام الغربي تصويراً بشعاً بشكل رهيب.

 

 إننا نشدد أن على الباحث العلمي أن يكشف الصورة الحقيقية وإن كانت مرة، لأن المواقف العاطفية لوحدها تضر ولا تنفع. فكثيراً ما قيل إن الصرب كانوا سبباً للتفكك وذلك بسبب هيمنتهم على المواقع الحساسة للدولة. وقيل كذلك إن الصرب صليبيون. وأشيع أيضاً أن الصرب يستهدفون المسلمين في المنطقة. فماذا تعني كلمة مسلم في البلقان؟ هل تعني نفس الدلالة التي نعرفها باللغة العربية؟. هذا ما سنجيب عنه في السطور التالية.

 

 لقد اعتمد العرب الرسميون في مواقفهم أزاء الوضع في البلقان على معطيات مجافية للواقع سوف نطرحها الآن على شكل تساؤلات، هل كان الصرب حقا سبب التفكك؟ إن معظم الذين كتبوا من العرب في الشأن البلقاني كانوا  يعكسون وجهة النظر الغربية التي كانت وسائل إعلامها معاول لهدم الكيان الفدرالي اليوغسلافي الذي لا يتلائم ومصالحها في تلك المرحلة.

 

نسف كذبتين بالدليل المادي الملموس:

كذبة سيطرة الصرب على المواقع الحساسة في الدولة

وكذبة الصرب صليبيون

الكذبة الأولى الصرب والمواقع الحساسة: وأبرز ما كان يقال إن سبب تفكك يوغسلافيا يعود الى هيمنة الصرب على مقاليد  الأمور واستحواذهم على المواقع الحساسة في الدولة.

لنطلع على الواقع بالتاريخ وبالاسماء.ففي لحظة التفكك عام 1991كان:

- رئيس الدولة الاتحادية ستبان ميسيتش Stepan Mesič (كرواتي).

- رئيس الوزراء الاتحادي آنته ماركوفيتش  Ante Mrkovič (كرواتي).

- وزير الخارجية الاتحادي بودمير لونجارBdomir Ločar  ( كرواتي).

-  وزير الدفاع الاتحادي فيلكو كاديفيتشVeljko Kadejevič(نصف كرواتي).

 

إذن ماذا بقي من المواقع الحساسة في الدولة إذا كانت رئاسة الدولة ورئاسة السلطة التنفيذية ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع بيد عناصر ليست صربية؟.

 

الكذبة الثانية، الصرب صليبيون: قرأنا عبارات كثيرة عن وصف أحداث البلقان بأنها تمثل هجمة صربية صليبية ضد المسلمين، وهذا الكلام ليس دقيقاً، ونستطيع أن نبرهن عملياً على عدم مصداقيته ودليلنا الحجج والوقائع التي نطرحها بالاسم والوثيقة والتاريخ، ومن تلك الوقائع:

- لازال الصرب يذكرون أطفالهم في المدارس بهمجية الحملات الصليبية، فالجنود الصليبيون الذين عبروا الأراضي الصربية خلال الحملات الصليبية عاثوا فساداً فيها. ولدينا المقررات المنهجية لمادة التاريخ التي تدرس لتلاميذ الابتدائية والمتوسطة والثانوية وهي تشير الى ذلك بشكل واضح.

-  نعلم أن الصليبية كاثوليكية، والمذهب الكاثوليكي غريم المذهب الأرثدوكسي، فقد استطاعت البابوية الكاثوليكية أن تكثلك، عن طريق مبشريها، شعوباً في مختلف قارات الدنيا البعيدة عبر المحيطات ووصلت الى أمريكا الجنوبية، ولكن لم تستطع اختراق بحر الأدرياتيك الضيق لتكثلك الصرب. ومعلوم أن المذهب الأرثدوكسي ليس مذهباً تبشيرياً. في حين أن المذهب الكاثوليكي تبشيري، وقد رافق قساوسته كل الحملات الاستعمارية الأوروبية (الفرنسية والأسبانية والايطالية...الخ)[39].

- في صربيا أذا اراد أحد أن يزدري آخر فبدلاً من أن يقول له يا سرسري أو يا مارق أو يا محتال، يقول له يا صليبي بأختصار يعبر عنها باللغة الصربية بكلمةBitanga .وتحريت بنفسي عن أصل الكلمة، عندما كنت طالباً في مرحلة اللغة حيث سمعت جاري يعزر حفيده الطفل بكلمة بيتانغا ( وهنا تجد الإشارة بأن الباحث يجب أن لا يعتمد في بحوثه على الكتب والمقالات بل يمكن الإستفادة من المعايشة والاختلاط مع الناس). فسألت عشرات المختصين في اللغة وتوصلت أخيراً الى نتيجة صحيحة، حيث تبين أن جذور الكلمة ألمانية تتكون من مقطعين (بيتا – تعني عفواً) و( دانكا- تعني شكراً ) حيث كان المقاتلين الألمان في الحملات الصليبية، وجلهم من المجرمين والسفلة وأرباب السوابق جندوا "لتحرير" بيت المقدس من المسلمين "الكفار"،  فؤلئك الجنود لابد أن يخترقوا صربياوهم في طريقهمالى بيت المقدس. وأثناء مرورهم في القرى الصربية يطرقون أبواب الفلاحين لطلب قطعة خبز أو أي شيء يؤكل، فيمد يده متسولاً مع كلمةBitaبيتا، بمعنى عفواً أو لطفاً،وعندما يُكرمون بشيء يقول دانكا Anga ، أي شكراً.وقبل أن يخرج من المزرعة فلابد أن يسرق شيئا أو يعبث بأي شيء أمامهحتى لو يخنق دجاجة أو يكسر غصن شجرة بلا مبرر. القرويون الصرب لاحظوا سفالة الجنود الصليبيين فأخذوا يطلقون علىهم لفظ بيتانغا. وبمرور الوقت أصبح معناها محتال أو مارق.

فكيف يقول الجهلة الوهابيون ومن لف لفهم بأن الصرب صليبيون وهم من أعدى أعداء الصليبية؟

 

الأرثدوكس المذهب المسيحي الأقرب للإسلام

- تعد الارثدوكسية أقرب للإسلام من الكثوليكية في أمور عقائدية جوهرية، مثلا،  يقرالإسلام  بأن المغفرة تعود لله وحده فكذلك الارثدوكس يعتقدون أن ذنوب الفرد  تدخل معه  للقبر وان الله عز وجل  وحده مختص بالمغفرة، في حين يغفر البابوات والقساوسة الكاثوليك ذنوب اتباعهم. 

- يقول واقع الحال إن سياسيي مسلمي البوسنة مقربون الى الكروات الصليبيين، والدليل على الأرض واضح من خلال وجود فدرالية تسمى (الاتحاد الكرواتي- المسلم)[i] التي تم التوقيع عليها في واشنطن بتاريخ 18/3/1994وهي قائمة ليومنا هذا.

- وللمذهب الأرثدوكسي علاقات مشرفة منذ فجر الإسلام فالنجاشي الملك الحبشي الأرثدوكسي قد آوى أصحاب رسول الله (ص) في هجرتهم الأولى، ويقال إن النجاشي هو المسيحي الوحيد الذي صلى عليه النبي (ص) عند موته، وأمر أصحابه بالصلاة عليه.

- ولابد أن نذكر تعليقاً جميلاً سمعناه شخصياً من سماحة مفتي المسلمين في يوغسلافيا الشيخ حمدي يوسفسباهيتش إذ قال :" إن قرارات الحرب والكراهية لم تصدر من الجوامع أوالكنائس بل من الخمارات وكواليس الدول العظمى التي ترغب في القضاء على الإسلام في أوروبا".

 

إذن أين هي صليبية الصرب المزعومة؟  نحن لا نتطرق في هذا المقام الى إجرام أو عدم إجرام  الصرب في ساحات القتال في البوسنة، ولكننا في صدد تحديد المفاهيم وغربلتها علمياً.

مفردة "مسلم" في اللغة اليوغسلافية تعني أولئك الصرب الذين أعتنقوا الإسلام خلال فترة الاستعمار العثماني لبلادهم ولا تشمل المسلمين اليوغسلاف من القوميات الأخرى.

 

 هناك لغز يصعب فهمه، على غير المتبحرين في شؤون البلقان،. إذ لا تعطي كلمة مسلم نفس المعنى الدلالي الذي تعنيه هذه الكلمة لدينا نحن العرب. فكلمة مسلم عندنا تعني من نطق الشهادتين واتخذ الإسلام ديناً. أما في يوغسلافيا السابقة تحديداً فأن كلمة مسلم ذات دلالة قومية وليست دينية[40]. ولا تطلق على كل من اعتنق الإسلام من مواطني البلاد. فلا تطلق على المقدوني المسلم ولا على الألباني المسلم ولا على اليوغسلافي التركي المسلم...الخ  بل تطلق تحديداً على  كل مسلم من أصل صربي دخل الإسلام في فترة الاستعمار التركي.

 

ولتوضيح هذه الإشكالية لننظر الى آخر احصائيتين* الأولى على مستوى الفدرالية لعام 1981 والثانية على مستوى جمهورية البوسنة والهرسك لعام 1991. واختيارنا لاحصائية  قديمة للفدرالية مقصود لأنها بعيدة زمنياً عن حقبة التناحر العرقي والطائفي.

 

التوزيع العرقي (حسب القوميات) لجمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية[41]، احصاء عام 1981

ملاحظة: استبعدنا من الاحصائية كافة الأعراق التي يقل عدد نفوسها عن 50 ألف نسمة.

العدد

القومية

508.843

الجبل الاسود

4.526.782

الكروات

1.729.932

المسلمين

1.678.032

السلوفين

8.143.246

الصرب

1.309.523

الألبان

50.627

البلغار

477.374

مجريين

78.485

غجر

83.656

سلوفاك

127.920

أتراك

 

التوزيع العرقي لجمهورية للبوسنة والهرسك [42]حسب إحصاء عام 1991

العدد

القومية

1.902.965

مسلمين

1.366104

صرب

760.852

كروات

242.682

يوغسلاف

4.922

ألبان

10.048

جبل أسود

590

تشيك 

893

مجريين

1.596

مقدون

470

ألمان

526

بولنديين

8.864

غجر

162

رومان

133

روس

297

سلوفاك

2.190

سلوفين

732

طليان

267

أتراك

3.929

أوكرانيين

18.018

آخرين

 

ماذا نفهم من الأرقام الموجودة ضمن الاحصائيتين أعلاه؟ أرجو من القارئ الكريم أن يتأمل التوزيع العرقي (أسماء القوميات) بغض النظر عن أعداد الأفراد لأن الأرقام لا تهمنا هنا.

نلاحظ ظهور اسم القومية المسلمة برقم مستقل، وظهرت أسماء قوميات أخرى أيضاً مسلمة، كلياً أو جزئياً، بشكل مستقل، مثل الأتراك 100% مسلمون والألبان أكثر من 90% مسلمون ونسبة كبيرة من الغجر مسلمون. فلماذا لم تحسب أرقامهم مع (المسلمين)؟ هذا دليل على أن الاحصائيات ليست دينية، بالإضافة الى أن النظام الشيوعي الذي كان قائماً في زمن إجراء التعداد السكاني لم يعترف بالأديان، وبذلك نرى الاحصائيات لم تصنف الناس على أساس ديني.

 

إذن كلمة (المسلمين) في البلقان تحمل دلالة قومية وليست دينية. وقد اتضحت الصورة أمامي أكثر عندما قابلت شخصياً في سراييف والدكتور حارث سيلايجيتش، الرئيس البوسني والذي كان يومها مسؤول العلاقات الخارجية لحزب العمل الديمقراطي (حزب المسلمين) وذلك بتاريخ 6/9/1990 إذ كنت أعمل مراسلاً محلياً لوكالة الأنباء العراقية في يوغسلافيا السابقة.

 

سألته لماذا لم يسمح حزبكم، حزب العمل الديمقراطي، المسمى محلياً (حزب المسلمين)، بانضمام كل المسلمين في البوسنة والهرسك الى صفوفه؟ أجابني بالحرف الواحد: "حزبنا حزب المسلمين وليس حزباً إسلامياً". ومعنى جواب الدكتور سيلايجيتش أن حزبهم (حزب المسلمين) هو حزب أبناء القومية (المسلمة) وليس حزباً لكل الذين يؤمنون بالإسلام ديناً من مواطني البوسنة. فالألباني المسلم في البوسنة ليس مسلماً بالمعنى القومي، والبوسني من أصل تركي وهو مسلم لا يعد مع المسلمين بالمعنى القومي...الخ.

نحن نعرف أن القومية هي القومية والدين هو الدين، على سبيل المثال ممكن القول أنا عربي من الناحية العرقية وديني الإسلام فما علاقتي بالمسلم الباكستاني من الناحية الأثنية؟.

 

وتفسيرنا الشخصي لسبب ظهور هذه التسمية الغريبة في البوسنة، يعود لأمور اجتماعية- تاريخية، وهي أن الذين يطلقون على أنفسهم تسمية (القومية المسلمة) يرجع معظمهم لأصول صربية ، دخلوا الدين الإسلامي أثناء حقبة الاستعمار العثماني في البلقان مع قليل من أصل كرواتي. وعندما قام الصرب بمقاومة العثمانيين، إبتداءً من الانتفاضة الصربية الأولى1804 – 1813 والحروب البلقانية المتتالية، أدى في نهاية المطاف الى  إزالة الوجود العثماني من المنطقة. وفي مرحلة ما بعد استقلال البلاد أخذ تلكم الناس يطلقون على أنفسهم القومية (المسلمة) إذ لا يمكن لهم القول أنهم صرب لأن ذلك سيجعلهم عرضة للنقد والعار وسيوجه لأطفالهم اللوم على أساس أن آبائهم وأجدادهم دخلوا في دين الأجنبي المحتل. هذا هو الواقع كما نراه من الداخل، ولم يتجرأ أحد على ذكره.

 

ولابد أن نذكر، أنه في الآونة الأخيرة، أخذ المسلمون (بالمعنى القومي) يناقشون، في لقاءات وندوات أكاديمية، اشكاليات استخدام هذه التسمية[43]وهم يبحثون عن أسم لقوميتهم!. وقد فضل بعضهم استخدام تسمية البوشناكBošnjački nacionalizam بدلاً من تسمية (القومية المسلمة) أثناء تعاملهم مع بيئتهم الخارجية، وبشكل خاص أثناء مفاوضاتهم، في محاولة دخولهم المجموعة الأوروبية ومحاولة  انضمامهم لحلف الناتو. ولكن في رأينا أن هذه التسمية غير دقيقة لأن كلمة بوشناك، ـوتكتب بالعربية بوشناق- تعني مواطن من البوسنة،وهذه الكلمة يمكن أن تطلق على أي شخص من البوسنة. فالصربي البوسني والكرواتي البوسني والألباني البوسني ...الخ جميعهم من البوشناق.

 

لقد سلطنا الأضواء، في دراساتنا السابقة، على عدم منطقية الآلية التي اتبعها الغرب في موضوع التفكك. فقد دعم الغرب ،في أول أيام الفتنة، الانفصاليين في كرواتيا وسلوفينيا، إذ أسرعت ألمانيا بالاعتراف بانفصال تلك الجمهوريتين والذي أطلق عليه "اعتراف عيد الميلاد". واعترفت المجموعة الأوروبية بعد يوم واحد فقط من الاعتراف الألماني، وكذلك  قدم الفاتيكان اعترافه بسرعة،على غير عادته في الاعتراف بالدول الجديدة. وحجتهم في ذلك أن يوغسلافيا لا يمكن أن تستمر بتركيبتها العرقية والدينية والمذهبية.

 

لننتبه الى هذا اللغز: الغرب نفسه أصر على وحدة جمهورية البوسنة والهرسك وهي الجمهورية الأكثر فيفساء دينياً وعرقياً. ونستطيع القول بثقة أن هذه الجمهورية تعد الصورة المصغرة ليوغسلافيا برمتها عرقياً ودينياً. وتدورالفتنة التي تم تأجيجها على طرفي هذه المقولة الغربية المتناقضة: وجوب تفكك يوغسلافية بسبب تنوعها العرقي الديني المتأججوضرورة وحدة البوسنة والهرسك بالقوة رغم تأجج الصراعات العرقية الدينية فيها.  فكيف يتم الحكم على يوغسلافيا بالتفكك في حين يفرض بالقوة بقاء البوسنة والهرسك موحدة؟كيف يكون التنوع العرقي عامل حتمي للتفكك في الفدرالية، وفي نفس الوقت يعد عاملاً للوحدة في البوسنة!؟  لماذا يصبح التنوع الفسيفائي سبباً للتفكك الحتمي هناك ويمسي عاملاً للتوحد هنا؟

هذا هو لب النفاق الغربي في الأزمة البلقانية.

 

العرب والبلقان

تأثرت النخب الفكرية بالوطن العربي، وتأثر كذلك صناع القرار العرب، بالحملة الإعلامية الأمريكية الغربية بخصوص البلقان. فالموضوع يتعلق بشعب "مسلم". وقد شرحنا سابقاً ما المقصود (بالشعب المسلم ) بلقانياً. لعل اسم زعيم حزب المسلمين يلهب مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اسمه عليا عزتبيغوفيتش. في حين كانت سياسة هذا الرجل قد تطابقت مع سياسات الدول الاستعمارية في محاربة وتقويض نظام الرئيس تيتو، حيث حكم عليه بالسجن عام 1983. وقد ألف أثناء سجنه كتيباً تحت عنوان (البيان الإسلامي)[44] و يطالب بهذا الكتيب إقامة دولة إسلامية واحدة من سراييفو الى جاكارتا!. ولعل القارئ العربي المسلم يتقبل بحسن نية فكرة الرجل في توحيد العالم الإسلامي حتى من باب الأمنيات المشروعة للمنظرين، ولكن علينا أن ننتبه الى المفارقة التالية: أن حزبه لا يسمح بانضمام المسلمين الى صفوفه من غير (القومية المسلمة) البوسنية داخل جمهوريته ويمكن التأكد من خلال إعادة قراءة ما قاله لنا د. حارس سيلايجيتش في 6/9/1990 والذي ذكرناه في أعلاه "حزبنا حزب المسلمين وليس حزباً إسلامياً"، فكيف يود أن يوحد المسلمين بدولة تمتد من سراييفو البوسنية الى جاكارتا الأندونيسية؟. ويستطيع القاريء الكريم أن يطلع على هذا العمل، وهو مترجم الى لغات عديدة، ليجد أن السيد بيغوفيتش ينتقد أنظمة الحكم في الخليج العربي وينعتها بأقذر النعوت، إذ يصفها بالأنظمة المتخلفة التي هي على نمط انظمة القرون الوسطى، ويصف نظام الحكم في السعودية بوجه خاص بأنه نظام رجعي متخلف. وكما يقال (دار الشعير وعاد الى قطب الرحى) وإذا بهذا الرجل يتجه الى تلك الدولة التي وصفها بالرجعية ليجد منها الظهير الرئيس في دعمه إعلامياً ومادياً وبمباركة وتشجيع أمريكي.

 

ونظرا لإجادة اللغة العربية من قبل قادة الانفصال في البوسنة مما ساعد على سرعة صياغة المعلومة وبشكل يضمن تعاطف معظم الأنظمة العربية معهم. وفي المقابل حينما نتابع تصريحات نفس القادة بلغتهم الأم  مع غير العرب، نراهم يطرحون مسائل أخرى مثل ضرورة اندماح البوسنة بحلف الناتو. فعلى سبيل المثال نذكر تصريح وزير خارجية البوسنة تشاتشر بي الذي يقول فيه:" إن حكومة سراييفو تعلق الآمال الكبيرة على حلف شمال الأطلسي ليس من أجل حماية السلام في البوسنة بل من أجل حماية وحدة البوسنة... وأنه لا يكفي أرسال قوات الحلف للبوسنة بل ويجب اندماج البوسنة والهرسك في عضوية الناتو[45]".

 

ولم يعلم السيد شاتشر بي بأن وصول قوات الناتو الى البوسنة يعني أذلال كافة قومياتها بما فيهم القومية (المسلمة). وهذا ما حصل بالفعل إذ اعتزل الرئيس بيغوفيتش الحياة السياسية عام 2000 بعدما شعر بأن الحاكم الفعلي بالبوسنة هو قائد قوات سفور الأطلسية.

 

- اين ذهبت الأموال العربية في البوسنة؟

بعد أن نجحت الولايات المتحدة في تمرير مخططاتها بالبوسنة، وانتهى دور قادة الانفصال، قامت مخابراتها المركزية بنشر ملفاتها السمينة، وهي تفضح من تعاون معها بالأمس. فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز سلسلة مقالات حول فضائح الاختلاسات المالية التي قامت بها قيادة البوسنة، إذ اختفت ملايين الدولارات من المساعدات التي وجهت لتلك الجمهورية، فكتب (Kris Hecis) بأن المخابرات الأمريكية أعدت تقريراً من (4000) صفحة مزوداً، بكشوفات مالية، وأسماء الأشخاص المتورطين في نهبها ،ابتداءً من رئيس حزب العمل الديمقراطي عليا عزت بيغوفيتش، ونجله الأكبر باكير بيغوفيتش، وكبار المسوءولين مثل بايروموفيتش.

وذكر التقرير أسماء مجرمين عاديين اشتركوا في السرقة مثل يوكا برازين ورامز دياليتش وموشان توبالوفيتش. 

وقد ادرجت في التقرير فضيحة تتعلق برئيس بلدية بوسانسكي موست (Bosanski Most)  المدعو مهمت الآغيتش الذي سرق– حسب التقرير الأمريكي- مبلغ (450) ألف دولار من المساعدات التي جاءت من السعودية بشأن تنمية المواشي في تلك المدينة. ويتهم التقرير أيضاً باكير بيغوفيتش، الذي أصبح مديراً للشركة العامة لاعمار كانتون سراييفو، إذ كانت تحت تصرفه (80 ) ألف وحدة سكنية، هذا بالإضافة الى امتلاكه (15)% من شركة طيران البوسنة وذلك بالاشتراك مع كبار مجرمي سراييفو مثل توبالوفيتش وتوتسا.

 

وذكرت نيويورك تايمز بأن ثلاثة موظفين كبار في البنك المركزي البوسني قد اشتركوا في اختلاس (13.5) مليون مارك ألماني واودعوها في مصرف غير حكومي بمدينة زاغرب يمتلكه صديقهم إبراهيم ديديتش*. وجاء في الصحيفة المذكورة عدة فضائح تتعلق بحزب العمل الديمقراطي (حزب المسلمين) وحسابه المفتوح في أحد المصارف السويسرية.

ورفعت في سراييفو نفسها قضية ضد وزير الخارجية البوسني الأسبق تشاتشر بي لاتهامه بسرقة بضع ملايين من الدولارات من التبرعات التي جمعها في الولايات المتحدة، يوم كان ممثلاً للبوسنة في منظمة الأمم المتحدة. وطلبت حكومة البوسنة في مطلع عام 2002 من حكومة الولايات المتحدة عبر الشرطة الدولية (الإنتربول) تسليمه الى البوسنة، فلم يقبل الطلب§ لأن المتهم يحمل الجنسية الأمريكية.

 

ونشرت أحدى الصحف التركية[46] فضائح الاختلاسات المالية في البوسنة. وذكر كاتب المقال Sert Oglo Sedat بأن هناك فرقاً بين أن تذهب المساعدات الى الشعب البوسني، أي تودع في المصرف المركزي البوسني، وبين ذهابها لحساب حزب العمل الديمقراطي (حزب القومية المسلمة)، إذ أن هناك (350) مليون دولار تحت تصرف عائلة بيغوفيتش. وهناك كذلك (20) مليون دولار تبرعات جمعت من النرويج اختفت وهي في طريقها من أوسلو الى سراييفو.

وتناول المقال بأن العاهل السعودي –الملك فهد – تبرع بمبلغ (250) مليون دولار لشراء أسلحة مضادة للدبابات لم يصل منها الى الخزينة العامة سوى (50) مليون دولار.

 

أما مجلة داني المستقلة الصادرة في سراييفو[47] فقد وجهت آنذاك ثمانية أسئلة لبيغوفيتش، تتعلق جميعها بحجم المساعدات التي قدمت للبوسنة، وحجم المبالغ المختفية، وواحد من تلك الأسئلة يتعلق بسحب مبلغ(22.5) مليون مارك ألماني في 13/5/199. وذكرت داني أسماء بارزة  لقادة في حزب العمل الديمقراطي قد تورطوا  بعمليات السرقة مثل رئيس الحزب علي عزتبيغوفيتش وحارس سيلايجتش وأدهم بيتكاتشيتش وباكير بيغوفيتش وسليم بيشلاغيتش.

 

ونشرت صحيفة ليليان (Ljiljan) الاسبوعية الصادرة في سراييفو[48] فضيحة بيع الأسلحة والذخيرة التي تلقتها حكومة البوسنة من دولة الامارات العربية المتحدة، إذ تم بيع تلك الأسلحة لإسرائيل. وظهر على شاشات التلفزة المحلية مديرالصحيفة المذكورة، منصور بردار، مؤكداً بأن ما ورد في صحيفتهم حقائق تم التاكد منها، وليست مجرد شكوك. وفي يوم الأحد 19/5/2002 ظهر على شاشة قناة الجزيرة نائب وزير الدفاع البوسني فريد بولوبايتش، وسئل حول قضية الأسلحة المهداة من قبل الأمارات العربية، فكان جوابه أقبح من الذنب، إذ ذكر بأن الأسلحة لم تبع الى إسرائيل وإنما توسطت إسرائيل في بيعها للكاميرون. ونحن لو نأخذ برواية نائب وزير الدفاع على علاتها ، فكيف تبيع دولة أسلحة مهداة لها من دولة صديقة؟ ولماذا إسرائيل؟ ولأي فصيل كاميروني باعتها إسرائيل ؟

 

وبلا أدنى شك أن إسرائيل اوصلت (الأسلحة العربية – الإسلامية) الى فصيل كاميروني تتبناه إسرائيل نفسها داخل الكاميرون. وبعبارة أخرى أن الأسلحة المشتراة من عوائد النفط العربي تستخدم ضد العرب والأسلام وتخدم التغلغل الصهيوني في القارة الأفريقية.

 

ما هو سبب الدعم الإسرائيلي لمسلمي البوسنة؟

ومادام الحديث عن إسرائيل علينا أن نفتش عن أسباب الدعم الإسرائيلي لمسلمي البوسنة. فهل أن إسرائيل تكره العرب والإسلام وتحب مسلمي البوسنة؟ هذه مسألة في غاية الخطورة وعلينا أن نتوقف عندها. لقد شاهد المواطن العربي، أيام حرب البوسنة،عبر شاشات الفضائيات العربية ومنها الجزيرة، طائرة شحن للمساعدات الإنسانية تنطلق من مطار العاصمة الأردنية عمان وهي تحمل لافتة كتب عليها ( اللجنة الأردنية الإسرائيلية لمساعدة مسلمي البوسنة)!.إسرائيل التي تذبح أطفال فلسطين ولبنان وتقترف كل جرائم الحرب ضد المسلمين تقوم بإرسال مساعدات إنسانية لمسلمي البوسنة!. هل هذا معقول؟ لو كانت الطائرة مرسلة من لجنة أردنية فقط لكان الأمر طبيعيا للغاية ولكن عندما وضع اسم إسرائيل على اللافتة فعلينا أن نتوقف ونفتش ونبحث.

 

اطلعنا على نشرة إخبارية، صادرة عن سفارة البوسنة والهرسك[49] في ليبيا، تفيد بأن حكومة البوسنة وكمحاولة منها لطرد الصرب من سراييفو وجعلها " مدينة حرة وموحدة" قدمت عام 1993 تقريراً لجمع التواقيع بشأن العاصمة جمعت الى غاية الآن – عام 1995 وهو عام صدور النشرة- تواقيع كل من إسرائيل والتبت وميكرونيزيا والدنمارك والأرجنتين والبرازبل.

 

ويبدو أن اسرائيل بالفعل حريصة على وحدة سراييفو كما هي حريصة على وحدة القدس لتجعلها عاصمة أبدية لها. ولا نعلم هل أن دول العالم قد انتهت لتوقع التبت؟ ومتى أصبحت التبت دولة؟

أن الجهة التي أصدرت هذه المذكرة يقول لسان حالها: انظروا لا توجد دولة عربية أو إسلامية قد وقعّت وإنما وقعتها إسرائيل المهتمة بوحدة سراييفو. 

 

إسرائيل على الخط في كوسوفو أيضاً

لم يكن الموقف العربي-الإسلامي إزاء كوسوفو مختلفاً عما حصل في البوسنة ، فنشطت منظمة الموءتمر الإسلامي  في دعمها لألبان كوسوفو خلال اندلاع الحرب التي شنها حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة في 24/3/1999، والتي استمرت 77 يوماً والتي توقفت بتاريخ 10/6/1999. علما بأن الحرب التي تم اشعالها قد اندلعت من غير تفويض من مجلس الأمن الدولي[50] . وعقدت خلال تلك الحقبة ندوات علمية لمراكز بحثية عربية تناولت موضوع كوسوفو، منها الندوة التي أقامها مركز دراسات الوحدة العربية والتي تم عقدها في مقر المركزالعربي لبحوث التنمية والمستقبل في القاهرة في31/5/1999. وتبرع العديد من (الأصوليين) العرب بالدفاع عن ألبان كوسوفو من خلال البرامج المرئية والمسموعة. وخصصت نشرات الأخبار في معظم الأقطار العربية مساحة كبيرة في تناول موضوع كوسوفو لتعبئة الرأي العام العربي والإسلامي في الوقوف الى جانب الألبان ونصرة جيش تحرير كوسوفو. وتشكلت لجان دعم إسلامية ومنها على سبيل المثال جمعية الاصلاح الاجتماعي الكويتية – لجنة العالم الإسلامي [51]التي جمعت التبرعات واصدرتالبوسترات والملصقات، منها النموذج التالي: لجنة الإعلام الإسلامي في أوروبا

جمعية الاصلاح الاجتماعي في الكويت

لجنة العالم الإسلامي

ما أشبه اليوم بالبارحة ولكن شعب كوسوفو لا بواكي له.

 

وفي أسفل الملصق رقم الحساب الجاري ( 1/ 16742) بيت التمويل الكويتي – الفرع الرئيسي، مع وضع رقم هاتف (الخط الساخن) وخطوط مناوبة أخرى.

 

وفيما بعد ساهمت دولة الامارات العربية المتحدة بحملة تبرعات مالية لدعم ألبان كوسوفو وارسلت (1300) جندي ضمن القوات "الدولية" المرابطة في كوسوفو.

 

لناخذ الأمور كلها بحسن نية ولكن علينا، في الوقت نفسه، أخذ مزيد من الحذر في حالة أن هذه الممارسات تأتي استجابة لأوامر تصل من خارج العالم العربي والإسلامي. فإذا فسرنا النخوة العربية تجاه مسلمي العالم بحسن نية، فمباذا نفسر يد (العون) الإسرائيلية لمسلمي كوسوفو؟

 

 هذا الكلام لم نلتقطه من صحيفة لصرب البوسنة، أو من الصحف الروسية، بل نأخذه عن لسان السيد بكر إسماعيل ممثل المركز الإعلامي لكوسوفو في الشرق الأوسط وممثل المشيخة الإسلامية لجمهوريتي ألبانيا ومقدونيا في القاهرة.

 

يقول السيد بكر إسماعيل[52]: " ومن المؤسف في هذا الصدد الحديث عن غياب أي تحرك من جانب العالم العربي والإسلامي، وأشير هنا الى سؤالوجهه لي أحد الصحفيين فيما إذا كنت أشعر بالحزن والأسى لأن إسرائيل استقبلت حوالي مائة لاجيء كوسوفي؟ فأجبته بأن مبعث الحزن والأسى أن العالم العربي والإسلامي لم يتحرك مثل هذا التحرك الذي أتته إسرائيل، ولما كان أهالي كوسوفو يواجهون الموت في كل لحظة، فليس من المنطقي أنه عندما تمتد إليهم أي يد – مهما كانت- لانقاذهم أن يرفضوها ويسألوها عن الأسباب والمصالح وراء انقاذهم...".

 

ومع إحترامنا لممثل المشيخة في الشرق الأوسط، ومع إحترامنا للمشيخة التي يمثلها، إلا أننا نقول بإن العذر الذي قدمه أقبح من الفعل، فلو طبقنا معيارممثل المشيخة على الشعب الفلسطيني المناضل لأصبح  الفلسطينيون مرتدين عن الإسلام ويجدون من يبرر لهم ذلك والعياذ بالله.إن كلاماً من هذا النوع يعبر عن سذاجة أصيلـــــــة -مهما كانت صفة قائله-  أو أن صاحب الكلام يفترض مخاطبة رأي عام عربي وإسلامي ساذج.

 

وضع ألبان كوسوفو في ظل يوغسلافيا الاتحادية

لايستطع أحد أن ينكر أن في كوسوفو،وفي ظل يوغسلافيا الاتحادية، كان الألبان يستخدمون لغتهم القومية في مدارسهم وفي جامعة بريشتنا. وفي كوسوفو توجد الأكاديمية الألبانية للفنون والعلوم ومقرها بريشتنا. والى جانب ذلك توجد في كوسوفو (22) منظمة علمية في مجالات الطب والقانون والاقتصاد وعلوم الحياة والاجتماع وغيرها، يعمل فيها (1400) موظف ألباني من ضمنهم (213) بدرجة دكتوراه (19) بدرجة ماجستير[53]. وكانت تصدر في كوسوفو باللغة الألبانية (23) صحيفة منها صحيفة الشبابZeri Rinsi وصحيفة للأطفال Gazete  e  Pionerve  ومجلة للمرأة Kosovarija  ومجلة للفلاحين Fjalia وأخرى للتربويين Skendija  وغيرها. وفي ظل يوغسلافيا الاتحادية توجد في كوسوفو (6) محطات للإذاعة المسموعه تعمل (19) ساعة بث يومياً و(24) ساعة في أيام الأعياد والعطل، ومحطتان للمرئية تبث (2668) ساعه سنوياً – في عصر ما قبل الفضائيات- وأن (80%) من برامجها باللغة الألبانية والباقي بالصربية والغجرية والتركية[54].

 

ومن الناحية السياسية تبوء الألبان مراكز حساسة في الدولة باعتبارهم مواطنين يوغسلاف، ولكي لا يكون كلامنا عاماً وفضفاضاً نذكر بعض الأمثلة بالأسماء (اخترنا عن قصد الفترات الزمنية الواقعة ما بعد رحيل تيتو) وهذه لا تحتاج الى مراجع أو مصادر يشار لها بالهوامش لاثباتها.

 

أبرز الشخصيات الألبانية التي شغلت مناصب عالية في ظل الفدرالية:

-أصبح أصلان فازيليا عام 1983 رئيسا للبرلمان الاتحادي. وهو ألباني ومن مواليد كوسوفو.

- أصبح علي شكريا سكرتيراً عاماً لرابطة الشيوعين اليوغسلاف (الحزب الحاكم) عام 1984، وهو الباني ومن مواليد كوسوفو.

- أصبح ألياز كورتيشي عام 1985 رئيساً للبرلمان الاتحادي. وهو ألباني ومن مواليد كوسوفو.

- أصبح سنان حساني عام 1986 رئيساً ليوغسلافيا الاتحادية. وهو ألباني ومن مواليد كوسوفو.

- أصبح هاشم رجبي عام 1986 رئيساً لاتحاد الطلبة اليوغسلاف. وهو ألباني ومن مواليد كوسوفو.

وهناك الألوف من اليوغسلاف من أصل ألباني تقلدوا مناصب رفيعة في الوزارات والدوائر الاقتصادية وكمدراء عامين وسفراء.

أين هو التمييز ضد الألبان في ظل الدولة اليوغسلافية؟. والسبب في اختيارنا عن عمد للأسماء التي تولت مناصبها في مرحلة ما بعد تيتو، هو تحسبنا للقول الشائع  الذي يدعي بأن حقوق الألبان كانت مصونة في عهد تيتو وعندما رحل تيتو تبدلت الأمور مما أدى الى التمرد في الاقليم.

 

الدين تجارة سياسية في كوسوفو كما في البوسنة

حينما نستشرف المستقبل ينبغي أن يدور حديثنا عن ما هو كائن على أرض الواقع دون طرح الأمنيات، أو الركون الى العواطف. فالحقيقة على الأرض تقول بإن المخطط الغربي في البلقان قد نجح بحذافيره، وذلك بفضل التعبئة الإعلامية والعسكرية وتسخير الدين لصالح تطلعات القوى المتنفذة في العالم. ورغم تحديد موضوع بحثنا عن البلقان وعلاقته بالربيع العربي، وبعبارة أدق نقول، إن أحداث منطقة يوغسلافيا السابقة إنعكست سلباً وبوقت متأخرعلى البلد ان العربية، إلا أن ذلك لا يمنع من ذكر مناطق صراعات أخرى خارج البلقان، جرى فيها تجيير الدين لصالح السياسة، كالقضية الأفغانية والشيشانية  وهي في حقيقتها تستهدف العرب والمسلمين.

 

فالدفاع عن المسلمين في البوسنة شيء، ودعم مخططات الناتو في البلقان شيء آخر. والدفاع عن ألبان كوسوفو المسلمين شيء، ودعم استراتيجية الولايات المتحدة في تمزيق صربيا شيء آخر. وكذلك هو الحال في الشيشان فالدفاع عن المسلمين هناك شيء والدفاع عن المصالح النفطية  للأجنبي في قاع بحر قزوين شيء آخر. لذا نرى لاعلاقة للدين بما حصل في أفغنستان والشيشان والبوسنة وكوسوفو، وإنما تم استغلال العامل الديني من قبل الولايات المتحدة لتحقيق أهداف القوة الوحيدة المتجبرة في عصر العولمة.  وهذا الاستغلال للدين يعني أن الولايات المتحدة تضمن تمويل مشاريعها الحربية الاستراتيجية بالبترودولار العربي من جهة، ومن جهة أخرى السعي لحث خلايا الإسلام السياسي النائمة على النهوض واعدادها وتشجيعها على " الجهاد " كي يتحول هذا الجهاد الى إجرام لاحقاً.

 

إبراهيم روغوفا دجال مخادع

لننظر الى قضية كوسوفو وصعود نجم "المجاهد" إبراهيم روغوفا والذي أشادت به كل وسائل الإعلام الخليجية باعتباره قائداً مسلماً من طراز فريد.

 

الشيء الملفت للنظر هو عندما أتابع تصريحات روغوفا مع وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية أشعر بأنه ليس مسلماً، ومخالفة تماماً لتصريحاته لوسائل الإعلام الخليجية. وفي حينها، قمنا بترجمة نماذج من تصريحاته المختلفة، وحذرنا من دور النفاق الذي يلعبه روغوفا وهو يضحك على عقول العرب. لقد أصبت التوقع وذلك يوم دفن روغوفا، لم يدفن بمقابر المسلمين ( في كوسوفو، عدد مقابر المسلمين يفوق عشر مرات عدد المقابر الكاثوليكية)، وفي النتيجة دفن في مقبرة كاثوليكية وبمراسم دفن مسيحية. أود هنا التأكيد على نقطة مهمة وهي أننا بمستوى من الوعي والرقي الفكري الذي يجعلنا أن نحترم قناعة الطرف المقابل، فاختيار روغوفا الكاثوليكية حق من حقوقه حر فيه ولكن أن يخادع ويلعب دور المسلم زوراً، فهذا هو الشيء المرفوض.هكذا هو الحال في البلقان، الدين تجارة.

 

حارس سيلايجيتش دجال مراوغ

وقد واجهت موقفاً شبيهاً عندما قابلت د. حارس سيلايجتش الذي أصبح رئيساً للبوسنة حيث قال لي باللغة العربية وبالحرف الواحد " أنتم جلبتم لنا الإسلام ونحن ابتلينا به"، في الحقيقة لم استطع هضم هذا الكلام العسير فقلت له (يا دكتور الدين عقيدة تجري في العروق ولا يمكن وصفه بالبلوى).

 

نعتقد حينما نتحدث عن العالم الإسلامي فاننا نعد الوطن العربي مركزاً أما مناطق الصراعات المذكورة أطرافاً. وفي رأينا تم عن قصد إلهاء المركز بقضايا الأطراف لكي تمرر مخططات على المركز نفسه. لقد تم تمرير العديد من المشاريع الإسرائيلبية في عز احتدام القتال في البوسنة، موءتمر مدريد عام 1991، محادثات أوسلو والاعتراف المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1993. وجاءت الحرب التي شنها الناتو على يوغسلافيا عام 1999 لكي تمهد لمحادثات كامب ديفد الثانية عام 2000 وتغطي على إجرام شارون في تكسير عظام أطفال الحجارة الذين قاموا بالانتفاضة الثانية في العام نفسه.

 

إن أرض العرب تمثل مركز العالم الإسلامي وقلبه النابض الذي يضم بين ربوعه أقدس المقدسات الإسلامية، إذ لا يمكن تصور الدين الإسلامي من غير أرض بلاد العرب، ولا يمكن أ ن يكون هناك إسلام من غير العرب. وهذه ليست نظرة شوفينية بقدر ماهي نظرة واقعية من الناحيتين الدينية والسياسية.

 

فهل من المعقول أن إسرائيل تدعم الألبان المسلمين في كوسوفو وفي الوقت نفسه تذبح أطفال فلسطين ولبنان ؟ وهل تحرص الولايات المتحدة على مسلمي البلقان وهي تدعم إسرائيل، على طول الخط، إذلالاً للعرب؟ فهل هناك من يحب المسلمين ويكره العرب؟

 

ويذهب الدكتور دايان ميروفيتش،عضو البرلمان الصربي من الحزب الراديكالي المعارض، الى ما نذهب اليه في تحليلنا للمعضلة البلقانية وربطها بالقضية الفلسطينية، إذ يشدد على هذا الجانب في كتابه الموسوم ( كوسوفو – فلسطين، نظام الأزمات).*. ويبين ميروفيتش أن افتعال الأزمة البلقانية وتأجيجها يعتمد على نظرية هنري كيسنجر في "ترابط الأزمات"، أي أن ما جرى في عملية تفكيك الفدرالية اليوغسلافية، وتمثيل الولايات المتحدة لدور (حماية  حمى المسلمين) في البلقان، ما هو إلا تغطية لمخططات نفذت من أجل المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط ، لصالح إسرائيل. والكاتب المذكور يسمي الأمور بمسمياتها مثل " العدوان الصهيوني على لبنان" و "الصهيونية حركة عنصرية " و "مجرم الحرب شارون" و"شهيد الوطن أحمد ياسين" وغيرها. علماً بأن د. ميروفيتش رفض حضور دعوة  وجهت إليه من السفارة الإسرائيلية في بلغراد، مما أدى الى اتهامه بمعاداة السامية، وهي التهمة السخيفة الجاهزة التي توجه الى أي كاتب أوروبي يتمرد على الطروحات الصهيونية، كما حصل للمفكر الفرنسي روجيه جارودي. لقد ربط ميروفيتش ما حصل لبلاده (يوغسلافيا) مع ما جرى في "الشرق الأوسط "، وانتهى الى نتيجة مفادها أن تدمير الولايات المتحدة ليوغسلافيا جاء كعربون لتمشية المخططات الإسرائيلية في الشرق الأوسط، وهي تضلل العرب والمسلمين بأنها تحمي المضطهدين المسلمين في البلقان.

 

وكما ذكرنا في أعلاه، لقد نجح المخطط الأمريكي الغربي في تمزيق يوغسلافيا وانفصلت الجمهوريات الخمس وكذلك تحقق الأنفصال الفعلي لإقليم كوسوفو كخطوة نحو إقامة ألبانيا الكبرى، ووصلت الى سدة الحكم، في جميع الجمهوريات، بما فيها صربيا، حكومات موالية للغرب تتهافت للانضمام الى المجموعة الأوروبية والدخول في حلف الناتو.

 

[1]- إمري ناجي ( 1896 – 1956): رئيس وزراء المجر،بعد سنتين من توليه رئاسة الحكومة المجرية ولعدم ارتياح الروس منه قررت اللجنة المركزية للحزب عام 1955 تنحيته عن منصب رئيس الوزراء. وعندما اندلعت الثورة المجرية ضد الهيمنة السوفيتية تم انتخاب ناجي من قبل الشعب ليصيح رئيساً لوزراء المجر عام 1956. أعلن ناجي في 31/10/1956 انسحاب المجر من حلف وارشو. بعد أقل من شهر على هذا الإعلان غزت القوات السوفيتية المجر وسيطرت على الوضع في البلاد. استسلم ناجي بشرط أن يفتحوا له طريقاً آمنا لكي يلجأ الى السفارة اليوغسلافية في بودابست وباتفاق أذيع علناً، ولكن تم توجيه السيارة التي كانت تقله بالقوة الى مكان اعتقاله. ونقل الى رومانيا بعدها أعيد الى بودابست وأجريت له محاكمة سرية بتهمة الخيانة العظمى وحكم عليه بالإعدام هو وثلاثة جنرالات معه. وفي منتصف  عام 1958 تم نتفيذ الحكم .

 [2]- كان تهديد الرئيس السوفيتي نيكيتا خروشوف للغرب حاداً حينما قال: إن الاتحاد السوفيتي مستعد لإرسال أفواج المتطوعين الى مصر ويكون بينهم إبني في أول وجبة تتوجه الى هناك".

د. دايان ميروفيتس:كوسوفو فلسطين ، نظام الأزمات، ترجمة د. جعفر عبد المهدي صاحب، النجف ، مطبعة الميزان، 2013 ص 287.

 [3]Williams Tieren:The Prague Spring and Its Aftermath: Czechoslovak Politics, 1968–1970)Cambridge, UK: Cambridge University Press, 1997( p 6.

 [4]- Antonin Novotný:Prag spring(Paris:Libri publishing house, 2007) p. 38.

 [5]- اعتزل دوبتشيك السياسة واشتغل في شركات الغابات.  أثناء الثورة (المخملية) 1989-1990 كان يتوقع أن يصبح رئيساً للبلاد ولكن الثوار الجدد انتخبوا فاكلاف هافال رئيساً مما أصابه الاحباط حسب المراقبين. تعرض لحادث مرور عام 1992 ونقل على إثره للمستشفى في العاصمة السلوفاكية براتوسلافا وتوفي فيها.

 [6] سافكا كوتشار: الحلم الكرواتي والواقع عام 1971 ( زاغرب: الكتاب المعاصر 1997) نص يوغسلافي.

 [7]- التقى مؤلف هذا الكتاب في طرابلس عام 2005 مع الرئيس الكرواتي ميسيتش وواجهه بهذه الحقائق،أنظر بالتفصيل الملحق رقم (3) نهاية الكتاب.

 [8]- Bill Clinton: my life(New York: Alfred Knope,2004(.

 [9]- أمجد ميقاتي: نشرة العالم العربي ويوغسلافيا اليوم، المؤسسة  العربية – اليوغسلافية للإعلام والنشر، ع 10،بلغراد، آب 1995، ص4.

 [10]- جمهورية كرايينا

 [11]- جمهورية غرب البوسنة:

 [12] أمجد ميقاتي: ماذا جرى في كرايينا، كيف ولماذا؟، العدد 10، المرجع السابق، ص1.

 [13]- د. جعفر عبد المهدي صاحب: صراع حضارات ام تفجير لبؤر الصراع(الزاوية: دار ضموع الثقافة،2003).

 [14]انظر على سبيل المثال :ا

- الأرقم الزغبي: قضية البوسنة والهرسك(دمشق:دار النفائس 1993) يذكر لنا أن الكروات يتكلمون الألمانية!.

- د. ـمحمد شلبي: صيحة تحذيرية من الزحف الأسود في البوسنة والهرسك( الاسكندرية: قايتباي للطباعة 1993) يعتقد أن نهر الفولغا يجري في يوغسلافيا!

- اسماعيل الفخراني: هموم صحفي مسلم (القاهرة: مكتبة مدبولي 1994 ) يذكر وقوع البوسنة على البحر الأسود!.

 

§ - خارس سيلايجيتش (1945 -  ):  سياسي بوسني وأستاذ في كلية الفلسفة بجامعة سراييفو.أكمل الدراسة الجامعية الأولية في جامعة قار يونس في بنغازي والماجستير والدكتوراه في جامعة بريشتينا. إنتمى الى حزب العمل البوسني بقيادة عليا عزتبيغوفيتش.أصبح وزيراً للخارجية بعد انفصال البوسنة للفترة (1990 – 1993) ثم رئيساً للوزراء (1993 – 1995). وعين عضواً في مجلس رئاسة جمهورية البوسنة والهرسك (2006 – 2010). انشق عن حزب العمل الديمقراطي وأسس حزب من أجل البوسنة. وجهت له عدة اتهامات في اختلاس الأموال التي قدمت كتبرعات خلال فترة الحرب في البوسنة. متزوج وله ابن واحد. قابله كاتب هذه السطور في سراييفو بناريخ 6/9/1990كان يومها مسؤولاً للعلاقات الخارجية لحزب العمل الديمقراطي (حزب بيغوفيتش). أنظر: ملحق رقم 5، في نهاية الكتاب.

 [15]- أمجد ميقاتي: المسألة اليوغسلافية والتضليل الإعلامي، نشرة العالم العربي ويوغسلافيا اليوم، ع 76، ص1-7.

 [16]سميت بهذه التسمية نسبة الى جوزيه كوتيلير وزير خارجية البرتغال الذي ترأس الاجتماع الذي عقدته المجموعة الأوروبية في      لشبونه بتاريخ 17/3/ 1992 حيث تم جمع كافة أطراف النزاع في البوسنة وهم عزت بيغوفيتش زعيم حزب العمل الديمقراطي ورادوفان كاراجيتش زعيم الحزب الديمقراطي الصربي وماته بوبان زعيم الحزب الديمقراطي الكرواتي في البوسنة. وبموجب هذه الخطة كادت أن تنتهي مأساة البوسنة بوقت مبكر لولا التدخل الأمريكي وسحب عزت بيغوفيتش لتوقيعه.

- للتفاصيل راجع: جعفر عبد المهدي صاحب:اتفاقية دايتون –دراسة تحليلية قانونية (الزاوية ليبيا: دار شموع الثقافة2002) ص62.

 [17]- وارن زيمرمان (1934 -  2004): دبلوماسي أمريكي خدم كسفير لبلاده في موسكو (1973- 1975)  و (1981- 1984) بعدها عمل في باريس وفينا وكاراكاس ولكنه لم يصعد نجمه إلا أثناء عمله في بلغراد وهو بذلك آخر سفير للولايات المتحدة في يوغسلافيا السابقة.لعب زيمرمان دوراً قذراً في إذكاء نار الحرب في البوسنة، فقد نجحت خطة كوتلير عام 1992 في إنهاء الحرب الأهلية في البوسنة إلا أن زيمرمان اتصل بعليا عزتبيغوفيتش وغرر به طالباً سحب توقيعه من اتفاق لشبونه الذي وقعه قبل يوم واحد مؤكداً له بأن الولايات المتحدة ستقف الى جانبه، وهذا ما حصل فأشتعلت الحرب من جديد.

 [18] - Warren Zimmerman: The last Ambassador, Foreign Affairs, Belgrade March April 1995, P,5.

 [19]-- - سوزان وودوورد: مأساة البلقان، ترجمة فيليب فيشنيتش(بلغراد: منشورات دار الكتب الحديثة 1997) ص267.(نص يوغسلافي)..

 [20]- وارن زيمرمان: أصل الكارثة (بلغراد: منشورات دان غراف 2003) ص93.(نص يوغسلافي).

 [21]- - ميلوراد سيميتش: موجز تاريخ بلغراد( بلغراد: ديريتا 2005) ص55.(نص يوغسلافي).

 [22] - جون ليمبي: يوغسلافيا تاريخياً توحدت مرتين( بلغراد:منشورات دان غراف 2004) ص40.(نص مترجم الى اليوغسلافية).

 [23]- - تربيمير ماتسان: تاريخ الشعب الكرواتي، ط3 (زاغرب:منشورات شكولسكي كنيغا 1999)ص 231. (نص يوغسلافي).

 [24]- - جعفر عبد المهدي صاحب: الصرب الأرثدوكس الطائفة المفترى عليها(طرابلس: دار النخلة 1997) ص31.

 [25]- بيتر باخمايل: العلاقات النمساوية الصربية والنظام الأوروبي الجديد، بحث منشور في، أوروبا على مفترق طرق، منشورات معهد التاريخ التابع للأكاديمية الصربية للعلوم والفنون، بلغراد 1999 ص127.(نص يوغسلافي),

 [26]- دراغان  يانكوفيتش: صربيا ويوغسلافيا خلال عامي  1914- 1915 ( بلغراد: منشورات سفيتلوست 197) ص 46.(نص يوغسلافي).

 [27] - ب تشوبريلوفيتش(إعدد): الشعوب اليوغسلافي قبيل الحرب العالمية الأولى (بلغراد- منشورات الأكاديمية الصربية للعلوم والفنون 1997)ص 73.(نص يوغسلافي).

 [28]- دوشان بيلانجيتش: تاريخ كرواتيا الحديث (زاغرب: غولدن ماركتنغ 1999) ص 8. (نص يوغسلافي).

.[29]-.برانيسلاف غليغوريفيتش: الملك الكسندر كالوجورجيفيتش( بلغراد: دار زونيس 2003) ص 943(نص يوغسلافي).

 [30]- دي يانكوفيتش: القضية اليوغسلافية وأعلان كرف( بلغراد: دار نوفستي 1976) ص95. (نص يوغسلافي).

     - وانظر أيضا، م. يوفيتش(إعداد): قوة يوغسلافيا من قوة صربيا(بلغراد: نوليت 1991) ص79. .(نص يوغسلافي).  

 [31]- - زت فوكوفيتش: من المقاومة الشعبية الى الحرب الأهلية( بلغراد: ناش دوم 1991) ص58. .(نص يوغسلافي).

 [32]- بوغدان كريزمان: الأوستاش والرايخ الثالث،ج2( زاغرب: منشورات غلوبوس 1983) ص141، .(نص يوغسلافي).-

 [33]- برانيسلاف غليغوريفيتش:مرجع سابق ص88.

 [34]- الملك  بيتر الثاني (1923  1970): هو الإبن  الأكبرللملك الكسندر الأول  وللملكة ماريا – أميرة رومانيا. توج ملكاً على إثر اغتيال والده في مرسيليا عام 1934.  ونظرا لعدم بلوغه سن الرشد فقد أصبح ابن عم والده الأمير بافلا وصياً على العرش. وعندما غزت القوات النازية المملكة اليوغسلافية عام 1941، واعلان البلاد استسلامها،غادر الملك (17 سنة) مملكته وتوجه الى أثينا ثم القدس باعتارها كانت تحت الانتداب البريطاني، ثم توجه الى القاهرة، وبعدها قصد لندن. تزوج عام 1944 من الكسندرا أميرة اليونان والدنمارك. عانى  لمدة طويلة من مرض تليف الكبد، وفشلت عملية زرع الكبد الذي أجريت له في  دنفر بولاية كوليرادو الأمريكية ، وهو الملك الأوروبي الوحيد الذي أصبح دفين الولايات المتحدة. أعيد رفاته الى صربيا في 27/5/2013 وتمت له مراسم دفن رسمية مهيبة حضرها الرئيس الصربي تومسلاف نيكوليتش وكبار رجال الدولة.

 [35]- ترجمنا تلك الشعارات بتصرف والترجمة الحرفية لها (الحرب خير من الحلف Bilje rat nego pakt) و ( في القبر أفضل من أكون عبدا Bolje grob nego rob).

 [36]- دراجا ميخائيلوفيتش Draža Mihailović: جنرال في الجيش الملكي اليوغسلافي، من مواليد صربيا 1893، قاد معارك حركة الجيتنيك الصربية  الى جانب قوات الأنصار (البارتزان) ضد الاحتلال النازي ليوغسلافيا عام 1940، وعندما تصاعدت الانتصارات التي حققها البارتزان أخذ يتعاون مع القوات المحتلة للقتال لمحاربة البارتزان. ألقي القبض عليه في 12/3/1946، ومثل أمام القضاء اليوغسلافي وحكم عليه بالإعدام بتهمة إرتكاب جرائم حرب ضد البوسنيين والكروات، أعدم رمياً بالرصاص في 17/7/1946.

 [37]- وقد سميت جمهورية يوغسلافيا الاتحادية –بعد حذف كلمة الاشتراكية-  بيوغسلافيا الثالثة في عهد الرئيس الراحل سلوبودان ميلوشيفيتش والتي ضمت جمهورتي صربيا والجبل الأسود عام 1992.

 [38]- - تيودور كوليتش: تيتو ( بلغراد: منشورات معهد الدراسات السياسية 1988) ص 357. .(نص يوغسلافي).

 [39]- قرأت بحثاً معمقاَ يجيب على سؤال، لماذا الأرثدوكسية تعيق النظام العالمي الجديد؟

د. زوران ميلوشيفيتش، امبراطورية المنطق الجديد، شاباتس، مركز الخطاب الأكاديمي (D.OO)،شاباتس- صربيا، 2014، ص 133. (نص يوغسلافي).

 [40]- أمجد ميقاتي: أنهم يعيشون معاً، العالم العربي ويوغسلافيا، العدد 13،شباط 1996، ص8.

لم يتم إجراء احصائية عام 2001 للظروف السياسية المعروفة. *

 [41]- Federal Statistical 0fficeYugoslavia: statistical of Yugoslavia 1981.Beligrade 1981.p.34.

 [42] - http://josip.purger.com/other/bih/index.htm

 [43] - داركو تناسكوفيتش: تناقض لم يوضح، بحث منشور في البوسنة والهيرسك من القرون الوسطى الى وقتنا الحاضر، منشورات معهد التاريخ التابع للأكاديمية الصربية للفنون والعلوم، بلغراد 1995، ص47. .(نص يوغسلافي).

 [44] -- علي عزت بيغوفيتش: البيان الإسلامي (سراييفو: منشورات أوسلوبوجينيا 1992). (نص يوغسلافي).

 [45]- - تصريح وزير خارجية البوسنة لمجلة سفيت البوسنية، سراييفو، العدد(3) في 15/1/1996 ص 13-18. ( نص يوغسلافي).

* حسب معلوماتنا ومن خلال متابعتنا للصحف والمطبوعات البوسنية، قتل إبراهيم ديديتش أمام منزله في زغرب، ونقلاً عن الصحف البوسنية تبين من خلال التحقيق يقف وراء مقتله مسؤولون كبار من البوسنة. صحيفة أوسلوبوجينيا، سراييفو16/4/ 2000.

 

.§ - حصل الشئ نفسه عندما رفضت الولايات المتحدة طلب الحكومة العراقية بتسليم وزير الكهرباء أيهم السامرائي لاتهامه باختلاس اكثر من مليار دولار باعتباره مواطنا أمريكيا.

 [46]- -سيدات سيرت أوغلو: اختفاء المساعدات المقدمة للبوسنة،صحيفة صباح التركية، اسطنبول 13/1/1995،ص 8. نقلا عن صحيفة البولتيكا البلغرادية، العدد الصادر في 14/1/1995.(نص يوغسلافي).

 [47] - مجلة داني: سراييفو 11/7/1995 ص3.(نص يوغسلافي).

[48]- صحيفة ليليان: العدد 482 : سراييفو18/5/2002.(نص يوغسلافي).

 [49]-- سفارة جمهورية البوسنة والهرسك لدى الجماهيرية الليبية،النشرة الاخبارية العدد(15) طرابلس 8/2/1995، ص16.(باللغة العربية).

 [50]- ميلوش كنيجفيتش: كوسوفو بعد اليوم، بلغراد، منشورات، رايفل كو، 3 301.

- صحيفة الوطن الكويتية، 6/6/1998.[51]

 [52]- انظر بالتفصيل: وقائع الحلقة النقاشية،قضية كوسوفو وتطور حلف الناتو، مرحلة مابعد الحرب الباردة، مجلة المستقبل العربي، العدد (245)مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت يوليو – تموز 1999نص93.

 [53]- جعفر عبد المهدي صاحب: ألبان مقدونيا (طرابلس: دار النخلة 2005) ص53.

 [54]- Veljo Tadic: Education and cultural transformation of Kosovo, Kosovo past and Future(Belgrade: review of international affairs 1989) p.197.

 

*- قمنا بترجمة هذا الكتاب من الصربية الى العربية  لحساب أحد مراكز البحوث العربية، وهو كتاب قيم غني بالمعلومات وضخم بلغت عدد صفحاته بعد الترجمة (657) صفحة .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.