اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• أربعة أيام في الموصل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسن حاتم المذكور

مقالات اخرى للكاتب

أربعة أيام في الموصل

05 ديسمبر / كانون الأول 2011

 

لسوء حظي و لغربتي المبكرة , لم أرى في حياتي اغلب المدن العراقية التي أشتاق إليها كمواطن عراقي , و من بينها مدينة الموصل , لسبب وأخر تجنبت زيارة المدن الشمالية الغربية , فاخترت الموصل لأقضي فيها أربعة أيام برفقة الصديق محمود حازم رشيد المتولد فيها , قال لي البعض " كن حذراً ... زيارتك مجازفة ... " و أشياء أخرى , لكن رغم ما قيل و يقال وجدت الموصل دافئة وديعة مسالمة , فيها أكثر من سبب ووسيلة لصلة المودة و الألفة و الاحترام مع أهلها , لكن الأمر لا يخلو من وجهه نظر متواضعة حول ظروف المدينة و تفكير أهلها و مواقف سياسييها , و قد لا أفي بالغرض كون وجهة نظري محاصرة بأربعة أيام فقط رغم أنها مكثفة , لكنهم لم يبدو اهتماما ملحوظا لمعرفة هويتي القومية و الدينية و المذهبية و كذلك المناطقية , و أكتفوا بأني عراقي , و هذا أمر جميل يحسب لهم , كانوا صريحين معي في طرح أفكارهم و أرائهم و مواقفهم السياسة و الاجتماعية و الثقافية .

الموصل مدينة محافظة جداً .. تعتز بتاريخها , أهلها يعرفون بعضهم و كأنهم في قرية و ليس في ثاني أكبر محافظة عراقية , يبدو أن الأمر موروث اجتماعيا له علاقة بتقاليد و أعراف أهلها ,

تفكير الناس و مواقفهم , و رغم مشتركاتهم التي تتحكم فيها العلاقات الأسرية و العشائرية , ألا أنها موزعة على جيلين و مختلفة فيهم.

الجيل القديم : لازال تستهويه قيم و مكانة ماضي مدينتهم و تتحكم في تفكيرهم هيبة الرتب و الألقاب العسكرية و الاجتماعية , يبحثون ألان في نظام الأقاليم و الثغرات الدستورية عن مخرج من حالة الإرباك و التخبط , محبطون مجبرون أحياناً للاستسلام لضغوطات الواقع الجديد الذي يتحرك من حولهم , غير مهيئون للتأقلم مع المتغيرات , يزحفون خلف الأحداث دون التأثير فيها عكس ما عليه الجيل الجديد .

الجيل الجديد : وصل إلى قناعة , على أن التاريخ السياسي و الاجتماعي و العسكري لمدينتهم قد تجاوزته رياح المتغيرات للواقع الجديد , و أن صفحة الأمجاد القومية قد طويت تماماً , وان احتمالات العودة إلى ما كان  أصبحت غير ممكنة و عليهم أن يبدءوا من حيث الممكن و يتعايشوا  مع المستجدات , أنهم ألان أكثر وضوحاً جيدي الوعي غير مستعدون للتضحية بوطنهم من أجل أوهام أقلمة العراق , فنظام الأقاليم من وجهه نظر أغلبهم خرافة و مجازفة بوحدة العراق , إضافة لكونها ظواهر غير مألوفة و ليست مقبولة بالنسبة لوعيهم القومي , أفكارهم لا تحمل ردود أفعال طائفية متشنجة و وعيهم القومي يجعلهم الأقرب إلى الوطنية العراقية منه إلى التطرف الطائفي , و ليس بالضرورة إن الذي يدعي تمثيلهم هو حقاً يمثل تطلعاتهم و توجهاتهم ثم مواقفهم , لكنهم – و قد يكونوا محقين – يعتقدون على أنهم مهمشون مستهدفون و أن مدينتهم مهملة مغدورة ,شديدي التذمر , يشعرون بخيبة أمل حتى إزاء من صوتوا لهم و منحوهم ثقتهم , يقدموا بهذا الصدد أمثلة حية عن حالات الفساد و تفشي مظاهر المحسوبية و المنسوبية و فضائح الرشوة حتى التي وقع في مستنقعها من يدعي تمثيلهم في حكومة المركز و مجلس المحافظة و المسؤلين السياسيين و الإداريين الكبار في مدينتهم , لهذا اصبحت احتمالات التغيير على الخارطه السياسيه والاجتماعيه والثقافية وراده في مدينه الموصل والمحافظات الغربيه الاخرى , ستتراجع كتل وتسقط رموز وتصعد افضل منها تماماً كما سيحدث في جميع المدن العراقية , وقد يكون التغيير محدوداً في بداياته , لكنه بدايه لمستقبل عراقي زاهر , وستكون الانتخابات القادمه حالة تحول ملموسه ستغير الكثير من الافكار والاراء والمواقف والقيم والسلوكيات داخل الدوله والمجتمع , وقد لا يدرك البعض من المسؤولين السياسين وهم في زحمه الاوهام والصراعات وهوس الاستحواذ على المكاسب تلك الحقيقه لكن الحتمية ستأخذ طريقها صعوداً .

بين جيلي القديم و الجديد , ثغرة أفكار و أراء و مواقف قد تتسع حد الانفصال , و هنا على الدولة (الوطنية) و الحكومة منها بشكل خاص أن تتجنب الخلط بين الماضي السياسي و الاجتماعي و الثقافي لمدينة الموصل و بين المتغيرات العاصفة التي تجتاح المدن العراقية كافة , أعني بالتحديد تجنب رمي عباءة الماضي ألبعثي على أكتاف المدينة , ووضع الجيل الجديد في مأزق هم غير راغبون فيه , فالموصل يتغلب على أهلها الطابع القومي وليس الطائفي و هم على استعداد إن يبدءوا من حيث الوطنية العراقية , فالمشروع العراقي بالنسبة لبعضهم هو مهمة بناء مستقبلي يشترك في انجازه الجميع , و على الجميع أيضا تفهم ألأمر بوجدانيه بدأً من الصدق مع الذات و الوطن .

أعتقد هنا , أن الوسيط الطائفي أو القومي بين الناس و عقائدهم و معتقداتهم , هو نقطة ضعف العلاقات الوطنية الإنسانية بين مكونات المجتمع العراقي , و أعتقد أيضا أن جهل الناس بقضاياهم و مصائرهم ومستقبل أجيالهم , هي سبب حالة التمزق الاجتماعي القائمة و التي يتحرك و ينتصر فيها الوسيط الطائفي العرقي على الحقيقة العراقية , أنها مواجهات وعي يجب أن تكون الأجيال الجديدة طليعتها و على الدولة أن تكون متحررة تماما من إعراض الشحن الطائفي العرقي والنظر بروح المساواة بين مكونات المجتمع , رافضه الشروط المجحفة للاغلبيه القومية و الدينية والمذهبية  على الاقليه مهما كانت صغيره وتضع حداً لإعراض التطرف والتصعيد التي يمارسها مدعي تمثيل المكونات العراقية من داخلها , هنا يمكن القول , على أن الدوله ( الحكومة ) قد نحجت حقاً في عملية  تطهير نفسها ومكونات المدن العراقية من قذارات سوء الفهم والاحتقانات التي تركتها الانظمه الدكتاتوريه والشمولية عبر تاريخ تسلطها .

تحيتي ومودتي لاهل الموصل واملي كبير في ان يجعل الوطنيه العراقية قاسمهم المشترك مع اهالي المدن العراقية الاخرى , وتسعى كل مدينه عراقية ان تكون مثال وقدوه لغيرها في التسامح والمحبة وصدق الرغبة في اعادة البناء المشترك حاضراً ومستقبلاً .

2011/12/5    

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.