كـتـاب ألموقع

الأرهاب يتسلل عبر حدود الفساد -//- حسن حاتم المذكور

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

حسن حاتم المذكور

الأرهاب يتسلل عبر حدود الفساد

في دول العالم, بما فيها غير المتقدمة, توجد حالات فساد , يكتشفها القانون ويحاسب عليها ثم تختفي اثارها, اما في العراق , فاصبح الفساد ظاهرة دولة ومجتمع , ونهج وسلوك ووظيفة حكومة بعد ان تحول الأمر الى واقع مرعب , يولد من رحمه الأرهاب ومن بيئته يستمد جبروته, مؤسسات وثقافة وتقاليد واعراف وتحت تصرفه دستور وقوانين وديمقراطية , مافيات منظمة مقتدرة على التلاعب بثروات الوطن واقتصاد الدولة وارزاق الناس, هنا يصبح الأصلاح والتغيير السلمي من داخل تلك المؤسسة الفاسدة امر عسير , المؤسسة الحكومية التي استحوذت على السلطة بكامل مؤسساتها القمعية والثروات والأعلام , ورغم مظاهر الخلافات والصراعات بين اطرافها , فأن خوفها من ان تكون نهاية المقبور صدام حسين ورموز حزبه ونظامه نصيبها , يجعلها تتآلف وتتشارك فيما بينها وتتفق على ممارسة كل الأساليب بما فيها الدموية , وتوظيف الأرهاب المليشياتي واساليب اخرى كتزوير الأنتخابات بغية الألتفاف على الهامش الهش لمظاهر الحريات الديمقراطية الذي لازالت تعتمده الجماهير من اجل التغيير من داخل صناديق الأقتراع ( 1 ) .

بالأمس كشفت السيدة النائب حنان الفتلاوي عن سرقة متواضعة تقدر بـ ( 15) مليون دينار وليس دولار, مبلغ لا يكفي هدايا متواضعة للمحروسات والمحروسين لأفراد عائلة السيد النائب , الحدث لا يثير فضول واستغراب المواطن , فالسيد الشهيلي واحد من اربعين (احرار ! ) منتخب ويتمتع بحصانة وحماية يستمدها من نفوذ كتلته داخل مجلي النواب والحكومة , وعبر المساومة والتوافق مع كتلة فساد اخرى او اكثر يتم احتواء الفضيحة , السيد النائب ليس بحاجة لسرقة هكذا مبلغ تافه ـ انها مجرد دناءة نفس ـ وهو الذي يتمتع بسرقة تقاعد لمدى الحياة عالي الكلفة لخدمة اربعة سنوات او اقل , لا يتجاوز عمله الفعلي فيها لأكثر من بضعة اشهر , اضافة لشفط الأرباح الخيالية من عمولات وعقود شركات وهمية , وحتى لو كشفت السيدة الفتلاوي عدد آخر من حالات فساد كما كشفت سابقاً , وكما كشف الأستاذ النائب شيروان الوائلي عمليات فساد من الوزن الثقيل , فالأمر يبقى بعض من ( 325 ) اعضاء السلطة التشريعية !!! التي تشكل احدى مؤسسات الفساد العملاقة , بعد ان ابتلعت مؤسسات الدولة وشوهت المجتمع كأخطر ظاهرة فساد في العالم وفي التاريخ العراقي , حيث افرزت وعبر اقل من تسعة اعوام , اكثر من 175 ملياردير , كانوا جميعهم ينتظرون المعونة الأجتماعية عند ابواب مؤسسات اللجوء السياسي , ظاهرة فساد متعرية تم شرعنتها قانونياً ودستورياً وديمقراطياً واخلاقياً واصبحت عرفاً اجتماعي لا يثير الخجل , حالة سقوط وانحطاط مدعومة بزمر مليشياتية للتصفيات والأغتيالات واجراءات قمعية اخرى , آمنة تحت مظلة الكتل الثلاث التي تتشكل منها حكومة الشراكة والعملية السياسية بشكل عام .

بعض الكتاب الذين استحسنوا النظر بأقل من نصف عين , سلطوا الأضواء على السرقة التافهة للسيد الشهيلي من دون ان يراعوا , انه شفطها ضمن السياق القانوني والأخلاقي وكذلك الديمقراطي الدستوري للعملية السياسية والتقاليد المآلوفة لحكومة الشراكة .

اثارة موضوع السرقة من قبل بعض الكتاب , وكأن الأمر وقع في المانيا او السويد وليس في العراق الجديد !!, تثير الأستغراب ايضاً , فالأخوة الأفاضل , كمن يشغلوا الناس باطفاء جمرة في الطريق عن تدارك كارثة الحريق وهو يبتلع كامل بيوتهم وممتلكاتهم , فلو اخذوا قليلاً من وقتهم وخففوا القليل من حماسة استقطاباتهم وشموا ابط مقالاتهم وتحليلاتهم , لأدركوا ان رائحة الفساد الثقافي قد اخترقت اجوائهم وجعلتهم طرفاً في لوي عنق الرأي العام عن رؤية كامل الحقيقة المأساوية للعراق والعراقيين  .

نواجه الآن حالات فساد دولة ومجتمع , اصبحت ظاهرة عراقية وثقافة مجتمعية  لها مؤسساتها وتجاربها وتقاليدها ونفوذها والمعقد من علاقاتها واساليبها , والحديث عنها او الدعوة الى انقاذ المستقبل العراقي من عواقبها , يجب الا يستهلك الطاقات والوقت في الصراخ حول الحالات الفردية , فمؤسسات (مافيات) الفساد لا ترحم من يجهل اصولها وابعادها وامتداداتها وكامل اخطارها, ويهتم في التوافه منها, لهذا لا غرابة , ان يصبح عضو لجنة النزاهة !! السيد الشهيلي مشبوهاً , ان لم تكن لجنة النزاهة ذاتها بيئة للفساد, وهنا يجب عدم اثارة غبار التضليل والأستغفال في بصيرة الرأي العام حتى لا يرى ما هو الأخطر في الأمر .

مجلس النواب الذي اصبح مستنقعاً للفساد والرذائل , يحتضن بذات الوقت الجناح السياسي والأعلامي لمجرمي البعث والقاعدة , ولا يمكن تصنيفه على انه احدى واجهات المستقبل الديمقراطي للعراق ـ كما يعتقد البعض من الكتاب والأعلاميين ـ الذين لا زالوا مصرين على ايهام المواطن بعراق جديد في ظل العملية السياسية وعصيدة حكومة الشراكة ( الوطنية !!! ) .

لم نختلف معهم في بدايات ( التحرير !!! ) , لكن الوقائع والتجارب والأحداث الدامية , اقنعت الملايين , ان بيضة مجلس الحكم الموقت , التي وضعها الأحتلال طائفياً وعرقياً في جعبتنا كانت فاسدة , ومن العبث والخرافة انتظار الحياة من داخلها المتعفن , كما انه من السذاجة والغباء , ان نستجمع معارضة ( كانت ؟؟؟ ) قد سكب الأحتلال غسيلها في رمال التحاصص والتوافقات , فالأحتلال لم يستنفذ بعد العطاء الخياني للعملية السياسية وديمقراطية التمزق والتشرذم والتقسيم , انها زيت الفتنة تحت الطلب , والتي سوف لن تنضب على المدى القريب مهما كتب البعض من مقالات وتحليلات تبريرية حالمة .

ــــــــــ

( ! ) : النائب شيروان الوائلي : السياسيون يختلفون صباحاً , ويجلسون في المساء على مائدة واحدة .

 

26 / 09 / 2013