اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الذكرى الخامسة والسبعين لاستسلام ألمانيا النازية: الجزء الثاني// د. يوسف شيت

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. يوسف شيت

 

عرض صفحة الكاتب 

الذكرى الخامسة والسبعين لاستسلام ألمانيا النازية: الجزء الثاني

د. يوسف شيت

 

فرانكلين روزفلت (1882- 1945)، من الزعماء البارزين في الحرب. وهو الرئيس الأمريكي الثاني والثلاثين (1933- 1945). درس بكلية الحقوق بجامعة كولومبيا، لكنّه لم يحصل على شهادة جامعية. انتمى إلى الحزب الديمقراطي وتقلّد عدة مناصب، منها سيناتور في مجلس الشيوخ (1911- 1913) ثمّ عيّنه الرئيس ويدرو ويلسون مساعدا لقائد البحرية (1913- 1920). أصيب بالشلل سنة 1921 لمدة ثلاث سنوات وبعد شفاءه عاد لمزاولة نشاطه السياسي. انتخب محافظا لولاية نيويورك (1929- 1933) وقام بإصلاحات، منها تقليل ساعات العمل بالنسبة للأطفال والنساء إلى 48 ساعة في الأسبوع، وتشكيل هيئة لمساعدة العاطلين عن العمل وتسهيل إعطاء القروض للمزارعين لتطوير الزراعة . ورشحه الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية لعام 1932 التي أصبح فيها الرئيس الثاني والثلاثين. في شباط 1933 جرت محاولة اغتياله لكنّه لم يصب بأذى وأعدم الفاعل. كانت أهمّ خططه القضاء على الكساد الاقتصادي الذي عانت منه الولايات المتحدة منذ عام 1929 وحقق مشروعه الذي أطلق عليه "العهد الجديد" نجاحا ملموسا. أعيد انتخابه كرئيس عام 1936، ثمّ فاز في الانتخابات الرئاسية لفترة ثالثة عام 1940 ودخل معه هنري أغارد والاّس كنائب للرئيس، وكانت هذه الفترة من أصعب وأهم الفترات، حيث دخلت الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء. رفض روزفلت، في البداية، الترشحّ لفترة رابعة في عام 1944، وقال حينها: "فشل الحزب الديمقراطي عندما وقع تحت سيطرت أولئك الذين يحسبون كلّ شيئ بالمال عوضا عن القيم الإنسانية، وما لم يتخلّص الحزب من قيود القوى المحافظة والرجعية وعقلية الاسترضاء فلن يتابع الحزب مسيرته إلى النصر، لذلك أرفض شرف الترشيح للرئاسة"، وجاء في الرسالة أيضا قوله "لو كنت مندوبا في هذا المؤتمر لصوّت ل هنري والاّس". ولكن نائبه هنري والاّس حرّم من الترشيح كنائب له لفترة ثانية بسبب ممارسات بعيدة عن الديمقراطية من قبل أقليّة مناهضة لإصلاحاته وأفكاره، وفرضت هاري ترومان كنائب للرئيس. ووالاّس شخصية مثيرة للجدل، وسنأتي على ذكره لاحقا لأهميّة دوره الذي يخفيه الإعلام الرأسمالي.

 

بعد الحرب الأهلية في روسيا وإنهاء التدخّل الأميركي بدأت العلاقات التجارية بين البلدين لتنتهي باعتراف أمريكا بالدولة السوفييتية وإقامة علاقات دبلوماسية عام 1933،أي بعد انتخاب روزفيلت، كما انتعشت الحياة السياسية والاقتصادية وانفتاح جزئي على القوى اليسارية الملاحقة من قبل المخابرات وإطلاق تهمة العمالة للسوفييت جزافا ضدّ الناشطين من الشيوعيين واليساريين، إلاّ أنّ هذا لا يعني  غياب الملاحقات واتهامات كيدية بحقّهم، ففي عام 1937 اعتقل غيس هول سكرتير الحزب الشيوعي الأمريكي. انتعشت الحركة النقابية في زمن رئاسته ودعا إلى تثبيت الأسعار لحماية أصحاب الدخل المحدود. كانت زوجته  إليانور روزفيلت من المدافعين عن حقوق السود.

 

 بعد الغزو الألماني للاتحاد السوفييتي قدّمت الولايات المتحدة مساعدة مالية ومعدات عسكرية له، ولكن لم تكن هذه المساعدة لتلعب دورا هاما في انتصار السوفييت كما يدّعي الكتّاب الغربيون وغيرهم، لكن الولايات المتحدة لعبت دورا هاما بعد إعلانها ومشاركتها في الحرب على دول المحور (ألمانيا، يابان، إيطاليا) بعد الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر الأمريكي في جزر هاواي في كانون أول 1941. كان روزفلت يختلف مع تشرشل في موقفه من الاتحاد السوفييتي، وكان يقول: " إذا اختلفنا مع السوفييت سنجد دائما ما نستطيع التوصّل  إليه"، كما لم يتفّق مع تشرشل في الدعوة لإخراج القوّات السوفييتية من بولونيا وإبعاد الحزب الشيوعي البولوني عن قيادة الدولة بقوله،أي روزفلت، "أنا أتفهّم ستالين، لأنّ بولونيا كانت بوّابة لحربين ضدّ روسيا". وكانت أمريكا الدولة الوحيدة التي استفادت من الحرب في إنعاش اقتصادها.

 

هنري والاّس(1988- 1965)، في بداية نشاطه السياسي كان ليبراليا منتميا إلى الحزب الجمهوري، ثمّ انحاز إلى مشروع روزفلت الإصلاحي "العهد الجديد" وانتمى إلى الحزب الديمقراطي. عيّن وزيرا للزراعة في الفترة 1933- 1940 الذي كان والد والاّس يشغله سابقا. كما شغل منصب رئيس اللجنة الاقتصادية وتمّ عزله منها بسبب ضغوط من المحافظين في الحزب. استطاع إعادة الإعانة الحكومية إلى المزارعين، وانتعشت الزراعة بفضل إصلاحاته، مما خفف من وطأة الكساد الاقتصادي. وأصدر تعليماته بمساعدة الفقراء بتقديم مساعدات مالية وغذائية ووجبة طعام مجانية إلى المدارس في المدينة.  كان مقربا للعلماء ورفض التمييز العنصري بينهم. وكذلك التمييز في إيجاد فرص عمل للعاطلين. في الانتخابات الرئاسية لعام 1940 رشّح والاّس نائبا للرئيس روزفلت وأصبح أكثر احتكاكا بالعالم الخارجي. أرسله الرئيس ليقوم بجولة إلى بلدان أمريكا اللاتينية لكسب حكوماتها إلى جانب الحلفاء في الحرب ضدّ دول المحور ولاقى خلالها ترحابا منقطع النظير وموافقة 12 دولة للانضمام إلى الحلفاء. كان والاّس ثاني أكبر شخص ذي شعبية في أميركا، خاصة بين العمّال والمزارعين، وكان يبوح بأفكاره أمام الملأ، ففي أحدى خطبه عام 1942 قال: "تحدّث البعض عن القرن الأمريكي، أعتقد أنّ القرن الذي نراه الآن، القرن الذي سيلي الحرب يمكن أن يكون، ويجب أن يكون قرن الإنسان العادي، يجب أن لا توجد أي إمبراطورية اقتصادية أو عسكرية. إنّ سيرة الحرية التي قطعت أشواطا خلال الأعوام ال150 الماضية شهدت ثورات شعبية، فقد شهدنا الثورة الأمريكية والثورة الفرنسية وثورات أمريكا اللاتينية والثورة الروسية، كلّ تلك الثورات تحدّثت باسم الإنسان العادي، بعضها أفرطت بعض الشيئ ولكن الشعوب شقّت طريقها نحو النور". رغم أنّ تشرشل كان كثير التودد لروزفلت كون بريطانيا كانت بحاجة إليه إلاّ أنه، أي تشرشل كان ينظر إلى والاّس ببرود، وقد أمر مخابراته في أمريكا إلى مراقبته.  كان والاّس شديد الكره للإمبراطورية البريطانية. وردّا على إحدى مقولات تشرشل حول تفوّق العرق الانكلو- سكسوني قال والاّس: "قلت بوضوح، إنني أعتقد أنّ مفهوم التفوّق الانكلو- سكسوني الذي يتبنّاه تشرشل في أساليبه يسئ إلى الكثيرين، وربّما كان مخمورا حين صرّح بذلك".دعي والاّس لمقابلة الرئيس روزفلت والبتّ في ترشيح نائب الرئيس لانتخابات 1944 قبل مؤتمر الحزب، وعن هذا اللقاء قال والاّس: "بدت عاطفة قويّة جدا من قبل الرئيس، وشاورني قائلا: هنري، أتمنى أن يبقى الفريق نفسه".  في جلسة مؤتمر الحزب الخاصة  بترشيح نائب الرئيس للولاية الرابعة طالب البعض في قيادة الحزب رفع الجلسة للتشاور فيما بينهم على كيفية إزاحة والاّس، إلاّ أنّ الأغلبية الساحقة من المندوبين صوّتت بمواصلة الجلسة، لكن رئيس الجلسة صامويل جاكسون أعلن فجأة رفع الجلسة رغم الاحتجاج على ذلك وخارقا مبدأ الديمقراطية الحزبية. ولو أنّ الجلسة استمرّت لحصل هنري والاّس على الأغلبية الساحقة من الأصوات  وفشل هاري ترومان أحد القادة المحافظين في الحزب. ورفع الجلسة جاء لإعطاء الوقت لإتمام الصفقات لشراء الأصوات لصالح ترومان الذي فاز بالمال فقط لا بالإرادة الحرة للنوّاب المصوتين له وإبعاد والاّس الذي حظا بالتأييد الواسع  من جمهور الحزب ونقابات العمال والرئيس روزفلت. في فترة روزفلت الرابعة عيّن والاّس وزيرا للتجارة، ثمّ أزيح من الوزارة بسبب خلافاته مع الرئيس الجديد هاري ترومان، خاصة حول الحرب الباردة التي عبّر عنها في خطابه المشهور في قصر الرئاسة في أيلول 1946 الذي دعا فيه الولايات المتحدة إلى الاهتمام بشؤونها الداخلية وعدم تحمّل عبئ مواجهة التحديات والمخاطر في كلّ مكان. تخلّى والاّس عن الحزب الديمقراطي وأصدر مجلّة "الجمهورية الجديدة"، ثمّ أسس حزب العمل الأمريكي وخاض الانتخابات الرئاسية عام 1948 وفشل فيها. كانت أفكاره تتلخّص بأخذ إيجابيات الرأسمالية الأمريكية والاشتراكية الأوروبية والشيوعية السوفييتية.

 

هاري ترومان (1884- 1972)، وهو الرئيس الأمريكي الثالث والثلاثين (1945- 1952). تسلّم رئاسة الولايات المتحدة بعد وفات روزفلت في 12 نيسان 1945، عندما كان الرايخ يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت ضربات الجيش الأحمر وقبل أربعة أسابيع فقط من استسلام قادة النازية بدون قيد أو شرط أمام قادة الجيش السوفييتي. فشل في حصوله على الشهادة الجامعية، ثمّ توجّه للدراسة في دورات ليلية للحصول على شهادة المحاماة، لكنّه فشل أيضا. توجّه نحو الجيش، ورغم فشله في فحص العيون قبل في الجيش وترقّى إلى رتبة نقيب وقاد بطارية أمريكية عندما كان يحارب في فرنسا ضدّ الألمان في الحرب العالمية الأولى. لم يصاب أحد من جنوده في المعركة عندما فاجأهم الألمان بهجوم في جبال الفوغ لأنّهم هربوا ذعرا، لكنّه استطاع إرجاعهم بعد سبّهم وشتمهم. أنتخب قاضيا لمقاطعة جاكسون في ولاية ميسوري ثمّ سيناتورا للولاية. كان من المعارضين لنائب الرئيس هنري والاّس وينظر إليه كيساري متطرف، بينما هو، أي ترومان، كان يميل إلى مجموعة المعادين للشيوعية والاتحاد السوفييتي والممهدين للحرب الباردة، ففي أحد أحاديثه أمام مجلس الشيوخ، وبعد غزو القوّات النازية للإتحاد السوفييتي قال " إذا رأينا ألمانيا تنتصر علينا مساعدة روسيا، وإذا رأينا روسيا تنتصر علينا مساعدة ألمانيا، وبذلك نتركهم يستنزفون أكثر ما يمكن من القوّتين". لم يستشر روزفلت نائبه ترومان ولم يلتقي معه على انفراد سوى مرتين خلال ثلاثة أشهر الأولى من فترة حكمه الرابعة. وكان وزير خارجية ترومان إدوارد ستيتنيوس يتحدّث إليه ويقنعه بأنّ السوفييت مخادعين، ولذلك كان موت روزفلت خسارة للسلام العالمي والذي سلك طريق التفاهم مع ستالين كونهما مسؤولان عن حماية السلام العالمي. إلاّ أن ترومان أسس لبداية الحرب الباردة مع تشرشل والحكومات التي تلته ثمّ انضمام ديغول إليهم.           

 

شارل ديغول (1890-1970)، تخرّج من الكلية العسكرية عام 1912.عيّن قائد فرقة برتبة جنرال ونائبا لوزير الدفاع الوطني. عارض فكرة توقيع هدنة مع الألمان التي تبنّاها رئيس الحكومة بيتان. بعد استسلام فرنسا لقوّات هتلر وتقسيمها بين ألمانيا وايطاليا وحكومة موالية لألمانيا دعا ديغول إلى مقاومة الاحتلال، وقال حينها "إنّ فرنسا خسرت المعركة، ولكنّها لم تخسر الحرب".ثمّ شكّل حكومة مؤقتة في لندن في كانون الثاني 1941 التي تحوّلت في عام 1942 إلى المجلس الوطني للمقاومة الفرنسية ضدّ الاحتلال وحكومة فيشي العميلة، وضمّت فصائل أنصار الحزب الشيوعي والحركات الوطنية المعادية للاحتلال النازي. بعد تحرير فرنسا شكّل حكومة وفاق وطني (الحكومة المؤقتة 1944- ينتقد 1946 وبداية الجمهورية الرابعة) التي ضمّت الشيوعيين والاشتراكيين والديمقراطيين المسيحيين. فشل ديغول في فرض دستور يكون النظام في فرنسا رئاسيا أي تمتع الرئيس بصلاحيات واسعة. في انتخابات 1947 شكلّ الحكومة الجديدة جورج بيدو من الحزب الديمقراطي المسيحي ونائبه موريس توريس سكرتير الحزب الشيوعي، إلاّ أنّ الشيوعيين أبعدوا من الوزارة لعدم موافقتهم على تجميد الأجور ورفضهم تخصيص ميزانية لحماية المستعمرات الفرنسية. وبقي ديغول والحزب الشيوعي في صفوف المعارضة. في أزمة أيّار 1958 بعد استيلاء الجيش على الحكم في الجزائر، طالب الإنقلابيون تعيين ديغول رئيسا للوزارة، إلاّ أنّ ديغول اشترط تغيير الدستور الذي سيكون نظام الحكم في فرنسا رئاسيا، وحصل الدستور الديغولي أكثر من 70% من أصوات الناخبين. وهكذا أسست الجمهورية الخامسة على يدّ الجيش الفرنسي وبرئاسة شارل ديغول. أصدر ديغول عدة مؤلفّات حول الجيش.

 

من أبرز زعماء دول المحور المثيرين للحرب،  

أدولف هتلر (1889- 1945)،كان هتلر من المناوئين لاستسلام ألمانيا وفق اتفاقية فرساي واعتبرها طعنة في الظهر، لأنّ إعجابه بالأمّة الألمانية كان منقطع النظير، مع العلم لم يصبح مواطنا ألمانيا إلاّ عام 1932. في عام 1919 انظمّ إلى حزب العمّال الألماني، وهو حزب يميني متطرّف وملائم لأفكاره. بعد الأزمة القيادية في هذا الحزب انتهز هتلر الفرصة واستطاع إملاء شروطه ليترأس قيادة الحزب في عام 1921 ويغيّر اسمه إلى حزب العمّال الاشتراكي الألماني القومي (الحزب النازي) وأصبح هتلر يلقّب ب"الفوهرر، أي القائد. وبعدها أخذت خطبه النارية تحرّض الألمان، خاصة الشباب منهم، ضدّ جمهورية فايمار (حكومة ألمانيا 1919- 1933) والدعوة إلى الإطاحة بها كونها حصيلة معاهدة فرساي المذلّة للأمّة الألمانية. كانت البطالة واستياء الجماهير من سياسة الحكومة من الأسباب التي مكّنت هتلر من زيادة جماهير الحزب النازي متهما اليهود والشيوعيين وجميع الماركسيين واللبراليين وتأثير الأقليّات "غير المرغوب فيها" بخلق الأزمة. في تشرين الثاني 1923 قام هتلر بمحاولة انقلابية فاشلة ضدّ حكومة فايمار للاستيلاء على الحكم  أدت به إلى السجن خمس سنوات، وقضى منها سنة واحدة فقط وبدأ خلالها بكتابة مؤلّفه "كفاحي" الذي ضمّنه مبادئ الحركة النازية، وانتهى منه عام 1927. بعد فشل المحاولة الإنقلابية، انتهج هتلر "استراتيجية الشرعية" أي الامتثال الرسمي لمبادئ جمهورية فايمار، التي لا يؤمن بها أصلا، حتى يتولّى زمام الحكم قانونيا ويستغل مؤسسات الدولة لتنصيب نفسه ديكتاتورا مطلقا وتنفيذ أفكاره المريضة. وكان يردد مقولته: "يجب أن لا تتحكّم بنا الدولة، بل نحن من يتحكّم بها"، أنّه يستبعد وجود  دولة تتمتّع بمؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية تعمل باستقلاليّة. وهو يشاطر  صديقه موسيليني الذي يقول: " إرادة الشعب ليست الوسيلة لإدارة الحكم، وإنمّا القوّة هي الوسيلة التي تحكم وتفرض القانون، لذلك السلطة التنفيذية هي التي تشرّع وتنفّذ ويكون على رأسها شخص قائد بارز".

 

تبنى هتلر فكرة معاداة السامية، وحسب ادّعائه، عندما كان في النمسا رأى كيف يعبث اليهود بمقدّرات البلد، وزاد هذا الاعتقاد عندما اطّلع على كتابات لانز فون ليبنفيلس المنظّر في معاداة السامية وكارل لويجر مؤسس الحزب الاشتراكي المسيحي وغيرهم من زعماء الحركة القومية الألمانية. انتقى هتلر بعضا من الحركات الاشتراكية والبلشفية التي كان اليهود في زعامتها واعتبرها حركات يهودية ليدمج بين فكرة معاداة السامية ومعاداة الماركسية. كما زعم بأنّ اليهود هم أعداء الجنس الآري لتترسّخ لديه فكرة إبادتهم التي تمّ تنفيذها، بما يسمّى"هولوكوست" وبإشراف اليهودي الألماني وأحد المقرّبين لهتلر "أدولف آيخمان" الذي اختطفته المخابرات الإسرائيلية بعد اختفائه 15 عاما في الأرجنتين، ثمّ حكم عليه بالإعدام أمام محكمة إسرائيلية ونفذّ الحكم عام 1962. وشملت الهولوكوست، ليس فقط اليهود كمّا يدّعي البعض، شملت كذلك الملايين من قوميات وأجناس أوروبية، وخاصة من شعوب الاتحاد السوفييتي. برّرت العقيدة النازية عملية الإبادة كونها طريقة للتخلّص من هم تحت البشر، ولمّا كان للأمّة الألمانية عرق نقي فمن حقها حكم العالم، وأنّ العرق الآري يفوق في جودته الأعراق الاوروبية الخليطة مثل الغجر والبولونديون والسلافييون واليهود والألطيون والأفارقة، وحتى الآريون مثل الشيوعيين واللبراليين والمعادين للعقيدة النازية والمرضى والمعاقين والمثليين هم طبقة تحت البشر تجب إبادتها. كما كان هتلر يقرّب الرجال الذين كانوا يبحثون في العرق الآري وتمجيده، من أمثال هملر وغوبلز. وقد نفّذت الأجهزة الإرهابية التي أسسها هتلر عمليات الإبادة، ومنها الشرطة السريّة المعروفة ب"الغيستابو"، والجناح العسكري للحزب النازي المعروف ب"قسم الهجوم آي إس" ووحدات النخبة النازية المعروفة ب"إس إس"بقيادة هملر، ودعمت هذه الأجهزة من قبل ماكنة غوبلز الإعلامية المضللة. يدّعي هتلر بأنّه مسيحي، ولكن لا علاقة لتعاليم السيّد المسيح بسلوك هتلر الهمجي تجاه البشر وعقيدته القومية ، خاصة تلك التي يطالب فيها السيّد المسيح المرء "أن يحبّ لغيره ما يحبّ لنفسه" ونشر السلام والمحبّة على الأرض، وحلّ كتاب هتلر "كفاحي" وأحاديثه محل كتب الثقافة العالمية المتنورة وكلّ ما يدعو إلى السلام. كرّس هتلر جلّ جهازه الإعلامي، الذي كان يتزعّمه جوزيف غوبلز، لنشر أفكاره، فاستطاع الحزب النازي في انتخابات أيلول 1930، وألمانيا تئّن تحت أزمتها المالية، الحصول على 107 مقاعد بعد أن كان قد حصل على 12 مقعد فقط في انتخابات أيار 1928 ليرتفع هذا العدد إلى 230 في انتخابات تمّوز 1932. وعلى إثر الانتخابات الأخيرة ترشّح هتلر  لمستشارية ألمانيا (رئيس الحكومة) وحصل على الأكثرية في البرلمان بعد أن منعت العصابات النازية دخول الكثير من الشيوعيين والمعادين للنازية دخول البرلمان، بالإضافة إلى وجود الكثير من الشيوعيين النوّاب في سجون حكومة فايمار "الديمقراطية". بهذه الطريقة عيّن الرئيس الألماني هندبنرغ هتلر مستشارا لألمانيا في كانون الثاني 1933. بعد حرقه الرايخ في شباط 1933،اتهم هتلر القوى اليسارية بالحادث، وخاصة الشيوعيين، وأخذت ماكنة دعايته تنشر كتابه ليحصل عليه كل بيت ويحلّ محل الكتب  السماوية والوضعية، وقامت ميليشياته تنشر الرعب في كافة أرجاء البلاد مما أعطى فرصة لاجراء انتخابات برلمانية التي حصل فيها الحزب النازي على حوالي 300 نائب، بذلك أصدر البرلمان "قانون التفويض" الذي سلّم كلّ سلطاته لهتلر الذي بدأ بالقضاء بكلّ الأساليب على خصوم النازية من الشيوعيين والاشتراكيين والليبراليين واليهود، وفي تمّوز 1933 حظرت الحكومة الصحافة المعادية للأهداف القومية للحزب النازي وجميع نقابات العمّال والأحزاب. وبعد وفاة الرئيس الألماني هندبنرغ أصبح هتلر حاكما مطلقا لألمانيا وأطلق على نفسه لقب (فوهرر أندر رايخسكانزلر)، أي زعيم ألمانيا ومستشارها. إنّ الإقبال على تأييد الحزب النازي كان نتيجة انهيار الإمبراطورية الألمانية  في الحرب العالمية الأولى، فشعر المواطن الألماني بأنّه أصبح بدون هويّة، وأخذ يبحث عن هوية جديدة وضنّوا بأنّهم سيجدونها بين أساطير ألمانيا القديمة، وهذا ما دفع بقادة النازية إلى التشبث بالأمجاد القديمة التي لا يمكن لغير الحزب النازي وقائده هتلر تجديدها. وحال استلامه زمام السلطة، بدأ هتلر بإعداد ألمانيا للحرب لتكون زعيمة العالم، وكانت البداية احتلال الراين عام 1936.

 

بداية الحرب، كما أسلفنا كانت هناك معارك واغتصاب وضمّ أراضي بشروط سمّيت ب"اتفاقيات"، أو بدونها من قبل دول المحور قبل بدأ الحرب في الأول من أيلول 1939. في هذا اليوم غزت القوّات الألمانية بولندا ب60 فرقة تعدادها 1.5 مليون جندي واحتلّت ثلثي أراضيها. وفي 17 أيلول قام الجيش السوفييتي باحتلال القسم الشرقي لبولندا، والتي هي القسم الغربي لأوكرانيا وبيلاروسيا، بعد أن أعلنت الحكومة السوفييتية بعدم صلاحية المعاهدة الموقعة مع الحكومة البولندية عام 1932 بسبب انتهاء بولندا كدولة، وزجّ في المعركة حوالي نصف مليون جندي. استبسل الجنود البولنديون في القتال  حتى دخول الألمان العاصمة وارسو في 6 تشرين الأول بعد مقتل 66 ألفا منهم وأسر حالي 700 ألف مقاتل وإرسالهم إلى معسكرات الأسر(الموت) الألمانية. بعد يومين أعلنت الحكومتين البريطانية والفرنسية الحرب على ألمانيا. رفضت فنلندا التخلّي عن الأراضي للإتحاد السوفييتي وفق معاهدة مولوتوف- روبنتروب، مما حدا بالأخير لغزوها في 30 تشرين الثاني، وبعد الخسائر بين الطرفين، وافقت فنلندا على التنازل عن بعض من أراضيها. كما اتفق الاتحاد السوفييتي مع دول البلطيق بإقامة قواعد عسكرية ضمن مواثيق المساعدة المتبادلة.

 

رغم إعلانهما الحرب على ألمانيا لم تقدّم انكلترا وفرنسا أي مساعدة عسكرية لبولندا، تغلغلت القوّات الفرنسية مسافة عشر كيلومترات فقط ثم تقهقرت أمام ضربات القوّات النازية، بعدها أرسلت بريطانيا قطعات عسكرية إلى فرنسا لمساعدة بولندا، ولكن الدولتين لم تتحرّكا لفعل أي شيء واكتفتا بإعلانهما الحصار الاقتصادي على ألمانيا مما حدا بالأخيرة مهاجمة السفن التجارية الانكليزية والفرنسية لتبدأ معركة المحيط الأطلسي التي كانت بدايتها في المياه الإقليمية لأرجنتين عندما هاجمت الطرادات البريطانية سفينة ألمانية  عند مصب نهر لابلاتا. عندما حاولت انكلترا قطع طريق إمداد ألمانيا بخام الحديد من السويد عن طريق النرويج والدنمارك وإغراق بعض سفنها نتيجة الألغام التي زرعتها البحرية البريطانية، قامت ألمانيا باحتلال الدنمارك في نيسان 1940 خلال ساعات، ثم احتلالّ النرويج في 10 حزيران. بسبب الخسارات المتتالية للجيش البريطاني، قدّم رئيس وزرائها شامبرلن استقالته واختير تشرشل بدلا عنه في 10أيار نفس العام. أصبحت الجبهة الغربية هادئة لمدة سبعة أشهر، فأطلق عليها الانكليز "الحرب المزيّفة" والفرنسيون "الحرب المضحكة" والألمان "الحرب الجالسة". عندما رأى هتلر عدم وجود نيّة جديّة للردّ على عدوانه، فقام في الفترة من 10 أيّار حتى 28 منه باحتلال لوكسمبورغ وهولندا وبلجيكا وأصبحت القوّات الألمانية على خط ماجينو لتبدأ حملة احتلال فرنسا في 13 أيار. اخترقت القوّات الألمانية خط ماجينو من مناطقه  الغير متوقعة لدى الفرنسيين والانكليز، مما اضطرّهم إلى الانسحاب وترك الأسلحة الثقيلة ورائهم، فأصبحت قبلة الألمان العاصمة الفرنسية باريس التي تمّ احتلالها يوم 14 حزيران، وفي 16 حزيران قدّم رئيس وزراء فرنسا بول رينو استقالته، وفي 22 حزيران وقّعت فرنسا معاهدة الاستسلام في نفس المكان ونفس العربة التي وقّعت فيها ألمانيا معاهدة استسلامها في الحرب العالمية الأولى. وشكلّت ما تعرف ب"جمهورية فيشي" في وسط فرنسا الموالية لألمانيا يترأسها الجنرال فيليب بيتان، واحتلّ الألمان الجزء الشمالي وسواحل المحيط الأطلسي لفرنسا والطليان جزئها.  وفي تقييمه الوضع في فرنسا قال تشرشل: " لم تكن فرنسا لتواجه الحرب مع ألمانيا بنفس الثقة وبروح معنوية عالية كالسابق (يقصد أيّام الحرب العالمية الأولى)، كما أنّ الجبهة الداخلية لم تكن متماسكة، حيث هناك حركة فاشية كانت تصغي إلى  دعاية غوبلز وتنشرها بشتى الطرق".  بعد هزيمة فرنساعرضت ألمانيا على بريطانيا توقيع معاهدة سلام معها للحيلولة دون دمار الإمبراطورية البريطانية، إلاّ أنّ بريطانيا رفضت مشترطة بذلك إعطاء الدول الأوروبية حقّ تقرير مصيرها. في هذا الأثناء تمكّن الآلاف من الجنود الانكليز الهروب إلى انكلترا  بواسطة القوارب. حطّت ألمانيا طائراتها في  مطارات شمال فرنسا لتكثيف هجماتها الجوية ضدّ بريطانيا لتمكين قوّاتها البريّة عبر القنال الانكليزي الوصول إلى البرّ البريطاني، وسمّيت الخطّة ب"أسد البحر" وسمّاها الانكليز ب"حرب بريطانيا". كان هتلر يعوّل على الحرب الجوية للانتصار على بريطانيا عن طريق تدمير مدنها وموانئها وكافة فروع صناعتها وقتل  السكّان وإرهابهم.  خاب ضنّ هتلر الذي كان يحلم بسهولة تحقيق هدفه في بريطانيا بسبب المقاومة العنيفة للسلاح الجوّي البريطاني واحتفاظ معظم البريطانيين بمعنوياتهم العالية، مما حدا بهتلر تأجيل خطّة "أسد البحر" عدة مرّات حتى انهيار جيشه. في الفترة من 6 نيسان حتى 27 نيسان قامت القوّات النازية بالاستيلاء على يوغوسلافيا واليونان رغم المقاومة البطولية لجيوش الدولتين، وفي الأول من تمّوز استولت على جزيرة كريت وهروب الحكومة اليونانية إلى مصر.

 

في جبهة المحيط الهادئ، استغلّ اليابانيون سقوط فرنسا وتراجع بريطانيا أمام الألمان، فقاموا بغزو ماليزيا والفيلبين ولاؤس وفيتنام وكمبوديا، ثمّ اندنوسيا للسيطرة على منابع نفطها، ورحّبت شعوب هذه الدول بالاجتياح الياباني وانتقلت أعداد من الجنود إلى الجيش الياباني  بسبب القسوة التي كانوا يلاقونها من المستمرين الأوروبيين ، إلاّ أنّ قسوة اليابانيين لم تكن أقلّ.  وفي 7 كانون الأول 1941 هاجمت اليابان وبشكل مباغت القاعدة الأمريكية في ميناء بيرل هاربر في جزر هاواي ودمّرت معظم سلاحها البحري والجوّي. وفي يوم 8 كانون الأول دخلت أمريكا الحرب إلى جانب الحلفاء. كان سبب هذا الهجوم الحصار الذي فرضته أمريكا على اليابان وللحدّ من المساعدات الأمريكية للحلفاء. وفي اليوم التالي أعلنت ألمانيا وإيطاليا الحرب على أمريكا، واتهم هتلر أمريكا بسياسة التوسع وفرض الديكتاتورية والهيمنة على العالم بغير قيود!

 

أمّا في شمال أفريقيا، قامت القوّات البريطانية المتمثّلة بالجيش الثامن والطيران والسفن الحربية وبمساعدة البحرية الأمريكية بالهجوم على قوّات المحور (الألمانية والإيطالية) في 18 تشرين الثاني 1941 في منطقة الحدود بين مصر وليبيا، منطقة برقة، واستولت على مدينة طبرق الليبية في 6 كانون الثاني 1942 بعد انسحاب قوّات المحور. استعادة قوّات المحور تنظيم جيوشها بقيادة ارفين رومل وبإسناد البحرية الفرنسية التابعة لجمهورية فيشي النازية فشنّت هجوما على الجيش الثامن في 26 أيار في معركة عين الغزالة واستعادة طبرق  بعد أن أنزلت خسائر كبيرة بالجيش الثامن. لم تهدأ المعارك بين الطرفين حتى نشوب معركة العلمين الأولى في مصر من تمّوز 1942 حتى 26 منه، استطاع الجيش الثامن البريطاني بقيادة برنارد مونتغمري أن يهزم قوّات المحور. حاولت قوّات المحور استعادة المناطق التي فقدتها بعد إعادة انتشارها والبدء بمعركة العلمين الثانية وانتهت بهزيمتها في 4 تشرين الثاني 1942 تحت ضربات الجيش البريطاني الذي واصل مطاردتها فيما سمّيت ب"حملة تونس" ، منهية بذلك الحرب في شمال أفريقيا واستتاب الأوضاع للحلفاء.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.