اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ديرستون ( تربه سبى ) .... هل ستعود ذات مرت .؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

ناظم  ختاري

 مقالات اخرى للكاتب

ديرستون ( تربه سبى ) .... هل ستعود ذات مرت .؟

 

تقع قرية ديرستون على الطريق الدولي الواصل بين دهوك ومدينة الموصل وقريبا إلى مفترق طرق يمتد منه شارعا يتجه شرقا نحو أربيل مخلفا وراءه ناحية ألقوش الواقعة إلى الشمال منه والتي تتبعها القرية إداريا ، مارا بقرى وقصبات أخرى إلى أن يتقاطع مع شارع قادما من مدينة الموصل  ويتجه شمالا عبر مدينة شيخان . ولهذا فإن القرية تتميز بموقع مهم وخصوصا إن الكثير من أراضيها تصاحب نهر دجلة لعدة كيلومترات ، الذي يجري غربها وغير بعيد عن بيوتها .

 

تستوطن القرية في الوقت الحاضر عوائلا من عشيرة الحديدية العربية ، احتلتها منذ سنة 1961 بقوة السلاح وطردت سكانها من الأيزيديين بعد انطلاقة البوادر الأولى للثورة الكوردية  وعلى اثر عملية  عسكرية  لقوات البيشمه ركه الناشئة بالقرب منها أدت إلى مقتل اثنين من المواطنين العرب ، إذ احتشدت قوات كبيرة من القرى العربية المجاورة بهدف شن هجوم على القرية مما اضطر الأهالي لإخلائها لقناعتهم بعدم جدوى الدفاع عنها أمام هذه الحشود الكبيرة وتجنبا لإراقة دماء شبابهم ، حيث تركوا كل أموالهم ماعدا الماشية التي انتقلت معهم إلى القرى التي لجئوا إليها  وبهذا تعتبر القرية من القرى الأيزيدية المغتصبة تحت ضغط السلاح وهي من أوائل خسائر الثورة الكردية ،  فتوزع هؤلاء المشردون بعد ذلك ، في قرى حتارة وسريجكا وجراحية وشاريا وغيرها ، إذ كان يبلغ عدد هذه العوائل والتي كانت تسكن القرية آنذاك 27 عائلة ، وهذه العوائل لما تزل تعرف بالديرستونية (ون) أو أهالي تربه سبى .

 

ولهذه القرية حكاية طويلة ، فيها الكثير من المتاعب يرويها سكانها الذين يحنون للعودة إليها ثانية لاستغلال أراضيها وخيراتها الأخرى التي حرموا منها منذ ما يقارب نصف قرن .

 

فتعتبر ديرستون من القرى الأيزيدية منذ أقدم الأزمنة ، ولكن سكانها كانوا يتعرضون إلى التشرد والطرد من قبل العشائر العربية على الدوام ، بتحريض من ملاكي مدينة الموصل الذين كانوا يتبعون مختلف السبل لغرض وضع اليد على أملاكها مع غيرها من القرى الأيزيدية مثل خورزان وكرسافا والخ .. إذ رغم إن القرية مع قرى أخرى من المنطقة كانت موطنا للأيزيديين وليس لغيرهم ، فإن هؤلاء الملاكين من الأغوات والبكوات ظلوا يتبعون كل الوسائل لانتزاع القرية من ساكنيها خصوصا بعدما رحل العثمانيون ونشوء الدولة العراقية الجديدة  في سنة 1920وذلك للهيمنة على المزيد من الأراضي الأميرية ، إذ جاؤوا يقدمون لهم قروضا في ظاهرها خيرية وهي تساهم على معالجة بعض مشاكلهم ، ولكن الهدف الحقيقي من وراء هذه القروض كان إيقاعهم في فخ قانوني ، عندما كان السكان يمضون ( يبصمون ) على عقود بيع لهذه الأملاك دون معرفتهم بذلك . وهناك من يقول ، إن قاضيا خيرا وشريفا  في مدينة الموصل وقف إلى جانب سكان هذه القرى ، وأوضح  لهم إن هذه العقود التي يقومون بالإمضاء عليها هي بمثابة عقود بيع لأملاكهم . وهذا الموقف المشرف للقاضي دفع  بالسكان إلى الامتناع وعدم الإمضاء على عقود بيع ملزمة لأملاكهم ، ولكنهم أي ملاكي الموصل واصلوا نهجهم الشوفيني بشكل خبيث للهيمنة على القرية فقاموا هذه المرة بالتحريض على قتل بعض المواطنين العرب من العشائر التي كانت تسكن المناطق المجاورة لقرية ديرستون ، وفي نفس الوقت توجيه الاتهام إلى السكان الذين كانوا يتعرضون إلى إجراءات السلطات التعسفية من سجن ودفع فدية علاوة على عداوات مع هذه العشائر ، وبالتالي كانوا يتظاهرون بأنهم المدافعين عن حقوق هؤلاء الناس ، الأمر الذي كان يضطرهم إلى اللجوء إليهم لحماية النفس بهؤلاء الملاكين الذين كانوا يسيطرون على أملاكهم وأرضهم ويعملون لديهم كعمال زراعيين وفق نسب ضئيلة من المحاصيل والإجحاف بحقهم .

 

وهذا لا يعني إن السلطات العثمانية في ولاية الموصل قبل رحيلها لم تكن تساند محاولات ملاكي الموصل وإجراءاتهم التعسفية ضد سكان هذه القرى للاستحواذ على أملاكهم  وتوسيع الرقعة التي  كانوا يسيطرون عليها ، ومما يجدر قوله  إن  هذه المحاولات اشتدت  وتيرتها في زمن نشأت بك الذي كان يهيمن على المزيد من أملاك الناس ويعرض حياة سكان هذه القرى إلى مخاطر العداوات العشائرية مع العرب وإلى السجون وغيرها ، وبعد وفاته جاء عبد الله بك الذي واصل ممارسة نفس النهج متماديا في استغلال الناس وابتزازهم إلى أن  باع  القرية مع كل أراضيها إلى المدعو  السيد قاسم ديوجي .

 

   لم يتوقف هؤلاء عند هذا الحد من الظلم ضد سكان القرية ، بل حاولوا تغيير أسم القرية من ديرستون حيث اسمها القديم ، إلى تربه سبى ، بعدما جرى تهديمها وبناء أخرى جديدة تحت هذا الأسم الجديد ، إذ جرى جمع كل العوائل التي كانت تسكن على أراضي القرية وفي أماكن متفرقة منها في القرية الجديدة ، ولابد من التأكيد إن القرية القديمة والتي كانت تتميز بوجود نبعين للمياه الكبريتية والمعالجة للكثير من الأمراض الجلدية وذات طبيعة جميلة واخضرار دائم ، كانت تقع إلى الغرب من شارع دهوك – الموصل بحوالي سبعة كيلومترات وعلى بعد حوالي 3 كيلومتر عن موقع تربه سبي القديم إذ تحولت القرية إلى موقعها الحالي بمحاذاة الشارع الدولي  بين دهوك والموصل بعد بناء سد أسكي موصل في بداية الثمانينات من القرن الماضي ، وكان الغرض من هذه العملية ( التهديم والبناء)هو التأكيد على عدم وجود قرية تحت اسمها القديم ديرستون والتي كانت مقيدة لدى الدوائر الحكومية ذات الشأن مع أملاكها وأراضيها الزراعية لحساب سكانها الأصليين من الأيزيدية ، وفي هذه الحالة سيكون من السهولة بمكان تسجيل القرية الجديدة على حساب أي مالك يقوم بشرائها من آخر ، وبذلك تكون ديرستون قد سرقت من سكانها و إلى الأبد ، ولكن الذي حصل إن الحكومة لم تكن مستعدة على تغير اسم القرية فجرى الإبقاء على اسمها القديم ، ورغم ذلك استطاع الأغوات فرض هذا الاسم الجديد على السكان مما ازدوجت القرية تحت اسمين ، إذ كان اسم ديرستون يتداول في السجلات الحكومية الرسمية واسم تربه سبي يتداول بين السكان بعدما فرض عليهم  كرها.

 

سكانها الذين تشردوا منها في الفترة المذكورة أعلاه لما يزل يكنون بالديرستونيون كما قلت في الدوائر الحكومية مثل النفوس وغيرها وقد جاؤوا إليها  في عهد عبد الله بك وبقي السكان يعملون كعمال زراعيين في القرية رغم انتقالها من مالك إلى آخر إلى أن تشردوا منها على اثر ما ذكرت في أعلاه . وكان هؤلاء ينحدرون من قرى داكان وبعض القرى القائيدية وختارة الكبيرة وختارة الصغيرة .

 

لم تنتهي قصة القرية وسكانها عند هذا الحد ، ففي مرات عديدة شكلوا وفودا أوصلوا أصواتهم إلى أعلى القيادات في الدولة العراقية  وفي مختلف المراحل عبر تحرير العديد من المذكرات وجمع التواقيع ورفعها إلى السلطات ذات الشأن بهذا الخصوص ، وحينها اهتمت صحافة الحزب الشيوعي العراقي وخصوصا طريق الشعب بالأمر بشكل جيد إذ غطت مختلف نشاطات أهالي القرية ومطالبهم في العودة إلى القرية ، ولكن التوجهات الشوفينية لمختلف هذه القيادات والأنظمة كانت تحول دون استرجاع القرية إلى أصحابها أو عودتهم إليها ، بالرغم من أن بقايا عائلة ديوجي فكت ارتباطها بالقرية تماما .

 

وعند سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 ، اعتقد أهالي القرية إن حلم العودة إليها قد تحقق وأنها أصبحت في متناول اليد وخصوصا إن العوائل العربية  التي  استوطنتها  لهذه الفترة الطويلة رحلت عنها  وتركتها خوفا من انتقام قوات البيشمه ركة القادمة من دهوك وأهالي القرية السابقين ، ولهذا حزم بعض الشباب أمرهم وذهبوا إليها لحراستها تمهيدا للانتقال إليها مع عوائلهم ولكن قوات البيشمه ركه منعتهم وطردتهم شر طردة متذرعة بضرورة إلتزام الأساليب القانونية للعودة ثانية إلى القرية دون أن  يخطر في بالهم ولو للحظة واحدة بأن أهل القرية تركوها مرغمين وتحت ضغط السلاح وبقيت العوائل العربية فيها واستغلت أراضيها  بقوة السلاح وبقرارات سياسية من الحكومات الشوفينية المتعاقبة وحمايتها لها ، وبانتهاء عهود هذه الأنظمة  وترك العوائل العربية للقرية في ظل ظروف خاصة تكون العودة "الحرة "لسكانها إلى القرية دون قيود أو شروط ، قانونية ومشروعة .

 

وكذلك إن قوات البيشمه ركه لم تبال تماما بكل ما قيل من وعود من قبل العديد من المسئولين الكبار في الإقليم بأن القرية يجب أن تعود إلى أصحابها ، لأنها ضحية انطلاقة الثورة الكوردية وسكانها ضحايا انتمائهم القومي الكوردي وأرضها كوردستانية ، الأمر الذي يفرض على الحكومة الكوردستانية القيام بمعالجته من خلال الضغط  لعودة الأهالي إلى قريتهم أو تعويضهم تعويضا ينسجم مع حجم معاناتهم أثناء التشرد ومدى الخطورة التي تهددتهم علاوة على خسائرهم المادية .

 

بعد تراجع الشباب تحت ضغط أوامر قوات البيشمه ركه بأيام قليلة تقدمت القوات الأمريكية نفس هذه العوائل العربية وأعادتهم إلى القرية رغم ما  كان يعتصر قلوب سكانها من الأيزيديين  من آلام , هذه الواقعة لم تنل من عزم أهالي القرية بقدر غيرها وما تلاها من تصريحات وإهمال من قبل السلطات  والمسئولين في كوردستان ، وخصوصا بعدما أغلقت الأبواب في وجوههم ولم يبقى غير وسيلة واحدة وهي  اللجوء إلى سلطات الإقليم وتشكيل الوفود  لزيارة المسئولين فيها والمطالبة بالقرية ، فبالرغم من أنه قيل لهم الكثير مما يسرهم من قبل البعض المسئول ولكن لا أحدا فعل لهم ما يسرهم ولو على قيد شعرة ، بل أسمعوهم في بعض الأحيان كلاما مفرطا في التشاؤم  وبعيدا عن أية مسئولية يهدف إلى فك المطالبة بالقرية إلى الأبد ، فمثلا قال أحدهم أي أحد المسئولين الكوردستانيين لوفد قام بزيارته عله أن يفعل شيئا كونه من الأيزيديين إذ قال لهم "كنا نستطيع إعادة السكان إلى القرية  منذ البداية ولكن غالبيتهم للأسف أصبحوا شيوعيون .. فلم نفعل " .. أي كلام مسئول هذا .. فالسيد المسئول هذا يفرط بقرية وأراضي كوردستانية لأن سكان القرية أصبحوا شيوعيون .. والشيوعيون شاركوا بكل ثقلهم في الثورات الكوردستانية إلى جانب بقية حلفاءهم من الأحزاب الكوردية .. بل دافعوا أكثر منه عن كورديتهم في إحصاء 1977" إذ لم يبقى شيوعا واحدا إلا وأصر على كورديته بينما من كان على شاكلة هذا المسئول قدم نفسه وباعتزاز بأنه من القومية العربية .

 

 وضمن سياق تشكيل الوفود وزياراتهم ، أبلغت جهة حكومية أخرى في نفس هذه الفترة وفي الإقليم أيضا  وفدا من أهالي القرية وذلك في مدينة دهوك " إذا أردنا أن نعيد القرية فسنعيدها لغيركم ، ولا تنتظروا كثيرا بأن القرية ستكون لكم .

 

إذا كان هؤلاء اللذين وضع الشعب كل ثقته فيهم للحفاظ على التراب الكوردستاني  والدفاع عن تجربتها على هذه الشاكلة ، فإن أمن كوردستان لن يكون  بخير . .!

 

ولازال السكان يبحثون عن القرية ، ولكن هذه المرة أرادوها حتى وإن كانت تعويضا بالرغم من أن هذا الأمر كان بالنسبة لهم كالعلقم ، فكانت حينها ولما تزل المادة 140 تمنح القاطنين والمهجرين من السكان تعويضات مادية في مختلف مناطق العراق وتعيد السكان إلى مناطق سكنها ، وكان كلام المسئولين الآنف الذكر في كوردستان حجر عثرة أمام سكان القرية للمطالبة بحقوقهم في العودة إلى القرية  ووضع حدا قطعيا للبحث عنها ترابا ، ولذلك قبلوا بالتعويضات المادية وهي أفضل من لاشئ ، حيث وضع المسئولون الحزبيون في المنطقة برنامجا للبحث عن سكان القرية في القرى التي توزعوا عليها وكتبوا الأسماء من الكبير إلى الصغير وقالوا إن كل واحد منهم سيمنح 10,000,000 عشرة ملايين دينار عراقي ، حزنت العوائل الأيزيدية لأن قريتهم  ستباع دون رغبة منهم وبثمن بخس ولكنها رغم ذلك حسبت رأسمالها بعد اليأس الذي أصابهم من أهل الدار ورسمت مشاريعها ، كان بينها الكثير من المشاريع الاقتصادية التي ستجني أرباحا لهذه العوائل وللدولة لـ"كوردستان " وكان بينها أيضا مشاريع لعبور الحدود إذا كانت الحقوق  تضيع بهذه السهولة في زمننا الغابر والمتعثر ، حيث يقود مجتمعنا أناس أمثال ذلك المسئول الذي لم يرغب في إعادة القرية لسكانها لأنهم شيوعيون ، " وهنا بودي أن أخبر القارئ العزيز إن عدد العوائل التي التحقت في صفوف الحزب الشيوعي من أهالي هذه القرية  لاتتعدى الـ 5 عوائل  ومن بينها عائلة كاتب هذه السطور "، وفي سياق انتظارهم العشرة ملايين  دينار  كتعويضات وفق المادة 140 من الدستور العراقي جرى إبلاغ الأهالي بأن المسجلين في إحصاء  1957هم من ستشملهم التعويضات و استلام العشرة ملايين  وحرمان المولودين في القرية بعد هذا التاريخ ، وعلى شاكلة قبول كل سرقة من جزء لحقوقهم قبل الأهالي هذه السرقة أيضا بانتظار عشرة ملايين فقط حتى ولو تشطرت العائلة الواحدة إلى أكثر من عشرة عوائل ، ولكن لا هذه العوائل ولا الفرق الحزبية التي روجت لعشرة ملايين سواءا للفرد الواحد أو لعدد من الأفراد  تعرف لحد الآن مصير هذه الملايين العشرة .

 

أين تقف حكومة كوردستان من كل ما ذكرت ؟

وأين تقف لجنة المادة 140 من كل ما ذكرت ؟

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.