اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ثورة الزعيم الروحي للكُرد الشيخ عبيد الله النهري 1880م (ح2)// نبيل عبد الأمير الربيعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

عرض صفحة الكاتب

ثورة الزعيم الروحي للكُرد الشيخ عبيد الله النهري 1880م

(الحلقة الثانية)

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

موقف الشيخ عبيد الله من المسألة الأرمنية

    عند اندلاع الثورة وتحرك القوات الكُردية صوب كُردستان إيران أصدر الشيخ عبيد الله النهري فتوى بتحريم مهاجمة الأرمن والنساطرة الآشوريين, وبأمر منه أوعز للأرمن بأن يرفعوا فوق سطوح منازلهم أعلاماً زرقاء سماوية اللون, لكي يتم التعرف إليهم ولا يتعرض لهم أحداً(27).

 

    كما دلت الوثائق التاريخية على أن أحد أهم المقربين للشيخ عبيد الله كان الأرمني كيوردوتشي سيمون تشيليغيان, الشهير بـ(سيمون آغا), وقد حضر عدة لقاءات بين الشيخ عبيد الله والمسؤولين الأوروبيين في كُردستان. فكان سيمون آغا المستشار الرئيسي لدى الشيخ عبيد الله في مراسلاته الدبلوماسية(28) ووزير خارجيته.

 

    عام 1880م افتتح الشيخ عبيد الله النهري في شميدان مؤتمراً لزعماء الكُرد وكان من اكثر المؤتمرات حضوراً في تاريخ الكُرد, لكن الأتراك استغلوا الشيخ (فهيم) الذي حضر المؤتمر وطلبوا منه أن يقع المؤتمرين بضرب الأرمن حتى يشغل الأكراد عن قتال الأتراك فاعترض عبيد الله النهري بل حسّن عبيد الله النهري علاقته مع الأرمن فعين ارمنياً وزيراً للخارجية(سيمون آغا)(29).

 

    كان من نتائج الحرب الروسية التركية عام 1877م-1878م منح سلطات رسمية اوسع من تلك التي كانت تمنح للأمراء الكُرد قبل ذلك بنصف قرن, وافضت هذه الحرب إلى اتفاقية برلين, حيث دعت القوى الأوروبية وخاصة المادة (16) منها إلى حماية الأقلية الأرمنية, وهو ما اعتبره الشيخ عبيد الله والكُرد المسلمون خطوة باتجاه دولة أرمنية, وفي حينها قال الشيخ النهري (ما هذا الذنب اسمعه معترضاً لموظف تركي من أن الأرمن سوف يكون لهم دولة مستقلة في (وان) وأن النسطوريين (المسيحيين) سوف يرفعون العلم البريطاني واعلان انفسهم كرعايا بريطانيين ونحن أمة كُردية نبقى هكذا), فدعا البريطانيين للاعتراف بالكُرد كأمة مستقلة, وقد قدم القضية الكُردية بمصطلح قومي علماني متداول إلى الهيئات الدبلوماسية, وقد شكلَ الشيخ ما يسمى (بالعصبة الكُردية) وهي مجموعة قومية اسسها لكي يوسع من دائرة اتباعه ويعطي لتحركه مضامين وابعاد قومه, ويدعوا إلى كردستان حرة مستقلة(30).

 

    أما فيما يخص موقف الأرمن من ثورة الشيخ عبيد الله فإنهم قابلوا عروض الشيخ للتعاون بكثير من الشك والتوجس, فإلى جانب خشيتهم من توريط أنفسهم في حركة العصيان رأوا في مشروعه خطة موحى بها من الأتراك, ترمي إلى سلبهم تلك الامتيازات التي وعدتهم بها معاهدة برلين(31).

 

    أما الحكومة البريطانية فكانت متوجسة من ثورة الشيخ عبيد الله بسبب التقارير التي ارسلها لها سفيرها في استنبول مستر جورج جي گوشن, والقنصل آبوت في تبريز, تعتقد أن الحكومة العثمانية هي وراء انتفاضة الشيخ عبيد الله, كما اعتمدت الحكومة البريطانية على تقرير كريميان هايرك, الذي شرح في تقريره (أن هناك شك في أن الحكومة العثمانية هي وراء العصبة الكُردية لإثارة المسألة الكُردية, للقضاء على المسألة الأرمنية, إن هذه العصبة هي انعكاس للسياسة العثمانية وامتداد لها وإن الشيخ عبيد الله يقودها اسماً, أما الرئيس الفعلي فهو بحري بك ابن الأمير بدرخان بك, المقرب من الحكومة العثمانية, علماً أن بحري بك قد استخدم نفوذه, والهدايا والمال, وحتى التهديد ولترغيب الكُرد, ليس فقط في الدولة العثمانية, بل الكُرد في إيران لدعم العصبة(32).

 

    يقر بعض المسؤولين البريطانيين بزعامة الشيخ ومهابته وعدالته وسلوكه القويم وبحكومته العادلة, وسهر الشيخ على مصالح مواطنيه, وسواء جاء الاقرار بصورة جانبية أو اقراراً للواقع. رغم محاربة البريطانيين لثورة الشيخ, يرفع (ويليام ج. آبوت) القنصل البريطاني العام في تبريز تقريراً إلى السفير البريطاني في بلاط الشاه وقد ورد في مرفقها: (يقوم الشيخ وابنه شخصياً بالتحقق في شكاوى وطلبات الشعب ويبحثون معهم عن قرب, في مدينة الشيخ عبيد الله لا وجود لشيء بأسم المشروبات الكحولية. يقوم الشيخ من اشراقة الشمس وحتى منتصف الليل بتصريف الأمور الإدارية لشعبه. شعب الشيخ يعشقه وينفذون أوامره من غير نقاش, الاعتداد على القوانين يصاحبه حكم الموت, الشيخ ذكي جداً وهو على خلاف سائر الروحانيين وعلى اطلاع بعلوم الزمان. يضع الشيخ نفسه الشخص الثالث, ما عدا بعض عشائر الكُرد داخل إيران, يقر الكُرد جميعاً بزعامة الشيخ, يعيش الشيخ عبيد الله كما يعيش الملوك, يتناول ما بين 500 حتى 1000 شخص الطعام على مائدته يومياً, يرى بين الضيوف الأفراد من كل طبقات المجتمع, من أفقر الناس إلى المسؤولين الكبار في الدولتين الإيرانية والتركية.(33).

 

    يعد الشيخ عبيد الله النهري (افضل نموذج للقيادات الكُردية التي ظهرت بعد حكم الأمراء, وهو على حد قول ديفيد ماكدوول وفي نظر الكثيرين أول بطل قومي كُردي لأنه قام بثورة باسم القومية سنة 1880م, وكان هدفه توحيد الكُرد ضمن دولة كردية مستقلة) (34).

 

   من أهم الأسباب لقيام ثورة الشيخ عبيد الله النهري ما يلي :

1- الدعوة إلى إمارة كُردية مستقلة.

2- الأسباب الاقتصادية وما حلَ بالشعب الكُردي والأرمني من مجاعة وانتشار الأمراض ومنا الطاعون.

3- الفوضى والتدهور الاقتصادي في الاناضول والعجز العثماني في فرض القانون والنظام خارج المحيط المباشر لكل مدينة.

4- عبء الضريبة الكبير والغير معقول على المواطنين الكُرد.

5- المحاولات الرامية إلى إدخال التجنيد الإلزامي.

6- الابتزاز المالي الحكومتين التركية والإيرانية للكُرد في المنطقة.

7- عدم ارتياح الشيخ عبيد الله للباشوات في المنطقة.

8- المعاملة القاسية التي لقيها عدد من الزعماء القبليين الكُرد على يد السلطات المحلية ومنها انزال عقوبة (100) جلدة بأحد الزعماء الكُرد. وإعدام 50 رجلاً من رجال قبيلة عبيد الله.

9- مطاردة قطاع الطرق وإعادة الأمن والنظام في المنطقة.

10- تحقيق المساواة بين المسلمين والمسيحيين وتشجيع التعليم والسماح ببناء كنائس ومدارس.

11- اصلاح كردستان وإقامة حكومة عادلة.

12- سياسة حكم الدولتين العثمانية والإيرانية القاسية مع الكُرد.

 

13- سوء التعامل العثماني مع الشعب الأرمني والمسألة الأرمنية.

14- معاهدة برلين مع الأرمن وآمالهم في السيطرة على شمال كُردستان, وخوف الكُرد من غلبة الأرمن.

15- محاولة الشيخ عبيد الله النهري من توحيد كُردستان.

16- انتشار شائعات تثير القلق حول اعتزام الدول الكبرى من وضع الأرمن في مرتبة سياسية تعلو عن مرتبة الكُرد.

17- لم تكسب الثورة ولاءات الدول الكبرى.

 

    تعد ثورة الشيخ عبيد الله النهري من أهم الثورات الكُردية التي اندلعت ضد الدولتين العثمانية والإيرانية في القرن التاسع عشر, وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى, ولعل مرد ذلك إلى أسباب عدة منها:

1- اظهرت ولأول مرة في تاريخ الحركات التحررية الكُردية بوادر الفكرة القومية الحديثة.

2- تمكن قائدها الشيخ عبيد الله النهري من جمع شمل معظم الشعب الكُردي في مؤتمرها في تموز 1880م.

3- شكلت هذه الثورة رقماً صعباً في المعادلة السياسية للمنطقة.

4- استعادة الثورة ترتيب البيت الكُردي من الداخل, وبذل الجهد لنشر التحضر.

5- استطاعت الثورة السيطرة على اغلب مناطق كردستان, وانشأ فيها دوائر كُردية رسمية للإدارة المحلية.

6- احبطت الثورة العملية الاصلاحية الأرمنية وحولت الاهتمام من القضية الأرمنية إلى الاهتمام بالكُرد.

7- الدعوة باستقلال داخلي تحت الإدارة العثمانية لجميع امارات الأكراد التي جردت من جميع سلطاتها السياسية والإدارية منذ بداية القرن التاسع عشر

8- توحيد الكُرد وإقامة دولة كُردية.

9- تمكن قائدها ولأول مرة من جمع شمل معظم الشعب الكُردي.

10- اجبرت ثورة الشيخ عبيد الله الدول الكبرى (روسيا, بريطاني, تركيا, إيران) على إعادة النظر في حساباتها للتعامل مع الشعب الكردي.

 

المصادر:

27- جرجيس فتح الله. مبحثان على هامش ثورة الشيخ عبيد الله النهري. مصدر سابق. ص45/47.

 

28- جليلي جليل. انتفاضة الكُرد1880. مصدر سابق. ص73.

 

29- اسماعيل عمر الكوباني. ثورة عبيد الله النهري. منتدى الكوبان نت. 1 سبتمبر 2009.

 

30- حسن كاكي. مقال: ثورة الشيخ عبيد الله النهي 1880م.

 

31- وديع جويد. ثورة الشيخ عبيد الله النهري. في كتاب جرجيس فتح الله. مبحثان على هامش ثورة الشيخ عبيد الله النهري. ط2. دار ئاراس للطباعة والنشر. اربيل. 2001.ص13.

 

32- هوكر طاهر توفيق. الكُرد والمسألة الأرمنية. مصدر سابق. ص182.

 

33- تيلي أمين علي. حركة الشيخ عبيد الله النهري في الوثائق البريطانية. مصدر سابق.

 

34- د. عبد الفتاح علي البوتان. بدايات الشعور القومي الكُردي. دهوك 2005. ص35.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.