كـتـاب ألموقع

مطالب لمن يريد حقاً ان يطالب// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب

مطالب لمن يريد حقاً ان يطالب

صائب خليل

13 تشرين الأول 2019

 

لو اردنا الاستفادة حقاً من الغضب الشعبي العارم، لتحويل بلدنا الى بلد معقول، ولا أقول متقدم او مترف، ووضع عجلاته على سكة التقدم والحياة، مثل البلدان الطبيعية لا اكثر، لوجدنا ان عدد التغييرات العملاقة المطلوبة كبير جدا ومحبط!

والسبب في ذلك هو ان الشعب ترك البلد يتدهور تحت حكم الاحتلال ووكلائه لفترة طويلة! ولو لاحظنا المطالب (أدناه) لوجدنا ان كل منها عبارة عن العودة خطوة الى الوراء لتصحيح خلل تسببت به تلك الحكومات المأمورة من السفارة والطائعة لها.

 

المطالب فوق طاقة الشعب لفرضها على وكلاء السفارة وقواعدها العسكرية ووحداتها الأمنية المتغلغلة في الجيش والشرطة والقوات الخاصة والنظام المالي والقضائي والفساد وكل شيء. لكن وضعها جميعا بشكل قائمة اهداف ولو بعيدة المدى، امر ضروري، ليس كبوصلة عمل نتجه اليها فقط، وإنما أيضا، لتكشف لنا حجم المسافة التي انهار فيها العراق وحجم السيادة التي فقدها، وكم تكلف استعادتها من جهد وتضحيات، وربما دماء ودموع.

 

يمكننا ان نعتبر المطالب الأولى ادناه مطالب عاجلة بدرجة أو بأخرى، رغم ان تنفيذ بعضها قد يتطلب وقتاً طويلا. اما الثمانية التالية فيمكن اعتبارها مطالب بعيدة الأمد، رغم انه يجب البدء بها بأسرع وقت ممكن، وان تبقى على بال الجميع كهدف لا غنى عنه.

1.   الاعتراف بأن انتخاب عبد المهدي كان باطلاً وغير دستوري والغاءه

2.   ـ تحويل الحكومة الى حكومة تصريف اعمال والبدء بالتحضير لانتخابات جديدة وفرض الشفافية في كل مفاصل تلك الانتخابات، والالتزام بإعادة عد الأصوات يدوياً عند وجود اعتراضات بمستوى معين او حتى إعادة الانتخابات في مناطق معينة ان تطلب الأمر، وتجريم أي تلاعب بالتصويت او النتائج وبعقوبات رادعة، والالتزام بإعلام النتائج النهائية خلال 24 ساعة من اغلاق الصناديق.

3.   تجميد أموال الأحزاب والمسؤولين بدرجة مدير عام فما فوق، ومنعهم من السفر لحين تقديم براءة ذممهم المالية.

4.   أول مهام الحكومة الجديدة هي الغاء كافة الاتفاقيات المدمرة للاقتصاد وتقدم  البلد والمتسببة بخسارة فرص العمل، التي وقعها، وخاصة اتفاقية التجارة مع الأردن، واعتبارها غير شرعية لأنها مخالفة للدستور الذي يؤكد على ان الاتفاقيات يجب ان تحصل على موافقة البرلمان.

5.   كشف نصوص عقود القروض السرية، وبحث الديون التي وقعها عبد المهدي ومن سبقه مع المؤسسات المالية الغربية ومع الدول والمقرضين في الداخل ووضع سياسة للتعامل معها تضع العراق وسيادته واستقلال قراره الاقتصادي أولوية لأهدافها.

6.   عمل كل ما هو ممكن لطرد القواعد الأجنبية من البلاد وبأسرع وقت ممكن.

7.   محاكمة الضباط الخونة الذين تسببوا بسقوط الموصل وكركوك والانبار وغيرها بيد داعش، وسلموا لها أسلحتهم، ومحاكمة من تركهم يفلتون بجريمتهم بحق الشعب وضحاياه، وكشف ارتباطاتهم ومن كان يوجه المؤامرة. وكذلك التحقيق في قضايا هرب الدواعش من السجون وشراء أجهزة كشف متفجرات مزيفة وغيرها، والتوصل الى كشف كل الخلايا العميلة التي لابد ان تكون نائمة في الجيش والشرطة وبشكل خاص في القوات الخاصة والأمن.

8.   التحقيق في الاتفاقيات مع الكويت والمتعلقة بميناء الفاو وخط السكك الحديدية وتعديلها، وكشف الفساد فيها والضرر الذي تسببت به ومحاسبة من كان وراءه.

9.   التحقيق في الآليات التي تم بواسطتها تمرير قانون شركة النفط الوطنية المدمر داخل مجلس النواب، ومن الذي كان يقف وراءه، باعتباره اخطر قانون على الثروة الوطنية العراقية، لتلافي مثلها من الكوارث مستقبلا.

10.  تصحيح الخلل الشديد الشائع في التساهل بمخالفة الدستور، ووضع قانون يعتبر المخالفة الصريحة للدستور جريمة خيانة عظمى مخلة بالشرف، والتحقيق لمعرفة المسؤولين عن ترشيح عبد المهدي لمنصبه خلافاً للدستور ومحاسبتهم.

11.  وضع قانون يحرم حجب جلسات البرلمان أو يضع على ذلك شروطاً عالية وأن لا تناقش اية قضية عامة في جلسة سرية، ويتم نقل الجلسات مباشرة، ويجب تحريم التصويت السري في البرلمان إلا في انتخاب أعضاء اللجان البرلمانية واعتبار نشر تفاصيل التصويت على أي قانون واتاحة الوصول اليها للشعب شرط من شروط شرعية أي قانون.

12.  تشكيل محكمة خاصة لمراجعة كل قضايا الفساد على الشعب واجراء محاكمات علنية للمتهمين بها.

13.  ـ إعادة النظر في الاتفاقيات مع كردستان ومنع الامتيازات على حساب باقي الشعب العراقي ومحاسبتها على الديون التي في ذمتها للحكومة المركزية، واستعادة أموال السرقة الخاصة برواتب الموظفين، والسيطرة على الحدود ومواردها.

14.  عرض الاستقلال على كردستان كبديل في حالة رفضها هذه الشروط، والدعوة للاستفتاء بين الخيارين.

15.  إعادة تشغيل المعامل الحكومية المتوقفة عن العمل ودراسة افضل الطرق لاستمرارها وتطويرها، ودراسة السياسة الجمركية المناسبة لتسويق سلعها، وعدم توقيع اتفاقيات تخفيض جمركي مع أية دولة بدون اثبات ان ذلك سيتيح لسلع عراقية ان تصدر لها، وان مردود ذلك سيكون اكبر من كلفته الجمركية.

16.  ـ تأسيس شركة وطنية للهاتف النقال والإنترنيت تراعي سرية معلومات المواطن، وتوفير تلك الخدمات للشعب بأسعار معتدلة وبمستوى عالي الجودة

17.  ـ إعادة النظر في النظام المالي المفروض من الجانب الأمريكي وتأميم البنوك وإلغاء قانون البنك المركزي الذي وضعه بريمر والذي يمنع القضاء العراقي من محاسبة موظفيه، والسيطرة ثانية من قبل الحكومة على سوق بيع العملة.

18.  ـ رفع السرية عن تفاصيل كل العقود بكل انواعها والموقعة منذ عام 2003، وتشريع قانون يعلن بطلان اي اتفاقية غير معلنة ومصوت عليها في مجلس النواب.

19.  مراجعة عقود الخصخصة وخاصة الكهرباء والغاء كل ما لم يكن اقتصاديا للدولة الى الدولة وخاصة الجباية.

20.  اعتبار التأمين الصحي من واجبات الدولة الأساسية وتوفيره مجاناً للفقراء و بأسعار رمزية للآخرين.

21.  إعادة النظر في سياسة التعليم والتأكيد على توفير التعليم الحكومي ووقف التعليم الأهلي تحضيراً لإلغائه، كما هو الحال في العديد من البلدان الرأسمالية ذاتها، ووضع خطط متينة للنهوض بواقع التعليم حسب احتياج البلد

22.  تأسيس مؤسسة للرقابة الإعلامية على صدق وسائل الإعلام ومراقبتها وتفعيل قانون بعقوبة شديدة على من يتعمد إيصال معلومة خاطئة باعتباره خطراً على الوعي الشعبي.

 

لماذا هذه المطالب هي الأساسية؟

-    إزاحة عبد المهدي وحكومته مطلب مركزي لا يمكن التحرك بدونه، فالرجل اخلص الذيول الأمريكية التي حكمت العراق وأكثرها كفاءة في التدمير. ويستنتج من مواقفه التاريخية المشبوهة في التقلب بين الأحزاب، ومن استخدام عبارة "جائرة" لوصف قوانين ثورة تموز، وهي نفس الكلمة التي استخدمتها الشركات في حينها، إضافة الى البيئة الاقطاعية التي نشأ فيها، أنه كان مأجوراً أمريكيا منذ 1958 أو بعدها بقليل. وقد تم تنصيبه بأكبر جريمة مخالفة للدستور وقاحة منذ تبني الشعب للدستور وحتى اليوم، حيث ينص على ضرورة ان يكون المرشح "من الكتلة الأكبر"، لكنه نصب بدون اعلان تلك الكتلة.

 

لنفس السبب فأن الغاء الاتفاقيات التي نجح عبد المهدي بتمريرها خطوة ضرورية واساسية للنجاح. ولحسن الحظ ان أبناء العراق البواسل افشلوا مؤامرته الأكبر قبل استلامه السلطة مؤامرة ما اسمي "شركة النفط الوطنية العراقية" والتي كانت ستسلم ثروة العراق النفطية الى الكارتلات المالية الدولية، كما اوضحنا في مقالات سابقة مفصلة. اما اليوم فأمام الشعب العراقي انقاذ نفسه من اتفاقية الأردن التجارية وإلغاء أنبوب نفط العقبة حتى لو تكلف العراق بسبب ذلك أموالا. فهذا الانبوب وهذه الاتفاقية التي مررت أيضا بشكل غير دستوري – بدون عرضها على البرلمان، عبارة عن انابيب امتصاص لدم الشعب! وكذلك الامر مع الديون التي وقعها عبد المهدي ومن سبقه مع الجهات الأجنبية والمحلية.

-    التحقيق في الفساد المرعب في الجيش والقوات المسلحة الأخرى مهم للغاية وخطير. فمن الضحك على الذقون ان نبقى نهتف لـ "جيشنا الباسل" ونحن نعلم ان في اعلى قياداته خونة سلموا مدنهم واسلحتهم بلا قتال ولم تتم معاقبتهم، ونحن نعلم من يقف وراء داعش، ومن حمى الخونة الذين سلموهم البلاد. مازال هؤلاء يحتلون اعلى المناصب كما يبدو ويسيطرون على المؤسسة العسكرية، وحتى اليوم لا يعلم العراقي متى ستكون ضربة الخيانة القادمة منهم.

-    من اخطر القضايا التي يجب ان تتغير وعلى الفور، هي الشفافية في داخل مجلس النواب! وللأسف فأن هذه القضية لا تحظى بأي اهتمام لا شعبي ولا سياسي، ويبدو ان أهميتها غائبة عن الناس، رغم انها من اكبر أسس الفساد. فنحن مثلا لا نعرف، ولن نعرف من صوت على  ما سمي "قانون شركة النفط الوطنية" الذي ساقه عبد المهدي وفريقه وكاد يقضي على البلاد. فبدون رؤية الشعب لتصرف نوابه وتصويتهم على القرارات يصبح مجلس النواب بلا معنى، ويدفع به الى الفساد دفعاً، ثم يلام على ذلك! يجب ان يهتم الناس بكيف يصوت نوابهم، وإلا فلن يكون لهم أية قدرة على مراقبتهم ولن يعرفوا من سينتخبوا في المرة القادمة، وهذا هو ما يحصل اليوم.

-    كردستان تحولت الى سرطان إسرائيلي فاسد ينمو بسرعة مهولة في الجسد العراقي ويسيطر على ثرواته ومقدراته، والتخلص من هذا الورم بأسرع وقت ممكن ضروري لحياة المريض، حتى لو بالتنازل عن الديون الهائلة التي لدى الحكومة على كردستان، فقد تسبب سفلة الخضراء واولهم عبد المهدي بنزيف مالي مهول لكردستان يستحيل استعادته كله. كما اسهم الحزب الشيوعي بالتغطية على تلك السرقات في جريمة كبيرة بحق الشعب العراقي، وتماهى معها اكثر الساسة.

-    الإجراءات الخاصة بإعادة الحكومة والدولة وثرواتها للشعب واضحة ولا تحتاج شرح. يجب ان نبقي في بالنا ولا ننسى ابداً أن اميركا وكل ذيولها في كل العالم، كان دائما هدفهم سحب ثروات الشعوب ونزع سلطتها على حكوماتها من خلال الفساد والخصخصة والتعليم الخصوصي ومنع الحكومة من التأمين الصحي، وامتلاك وسائل الاتصال والتعليم لأنها أمور أساسية يجب ان لا تترك بيد الشركات التي تقرر سياستها وفق تحقيق اقصى الأرباح.

-    النظام المالي الذي وضعه الامريكان واشتراط البنوك المركزية "المستقلة" التي تخضع في واقع الامر للكارتل المالي العالمي، ليست سوى لغم تستطيع اميركا تفجيره في أي وقت لتحطيم البلد، متى ما استعاد الشعب سلطته على حكومته. وقانون البنك المركزي لا يعقله انسان اذ يضع منتسبي البنك فوق القانون ويمنع الحكومة او القضاء من محاسبة جميع منتسبي البنك!

-    كما هو الحال مع نقص الاهتمام بشفافية البرلمان، لا يبدو ان الناس يدركون خطورة الاعلام الكاذب على حياتهم. وبفضل ذلك فقد أصبحت وسائل الاعلام، وكلها مدفوعة الثمن بالطبع، وسيلة بث السموم لتضليل الوعي وتخديره ودفع المواطن العراقي نحو الاتجاه الخاطئ، وبدون ان تضمن الدولة حداً ادنى من العقوبة على الكذابين من ناحية وحداً ادنى من تصحيح الأكاذيب الخارجية من الناحية الثانية، فأن الشعب يتحول الى قطيع تسيره وسائل اعلام اعدائه، وما الضياع الذي يعاني منه العراقي اليوم الا بفضل ما بذل من أموال سخية في هذا المجال.

 

-    مطالب غير اساسية أو غير صحيحة:

 

-    تغيير الدستور: من الأخطاء الشائعة اننا يجب ان نغير الدستور اولاً وإلا لن يكون هناك فائدة من أي اصلاح. نعم ان في الدستور نقاط ضعف خطيرة، لكن انهيار البلد تجاوزها بمراحل عديدة وصار الدستور "جنة" بالنسبة لما يحدث اليوم. ويمكننا ان نلاحظ أن الاحتلال وذيوله والفاسدون لم يعودوا يستخدمون الدستور لخدمتهم لأنهم عبروه بمسافة طويلة، بل صار معرقلا لهم. فهم لا يستخدمونه، بل يتجاوزونه بشدة حين ينصبون تابعهم عبد المهدي. وهم لا يستخدمونه بل يتجاوزونه بشدة حين يوقع عبد المهدي اتفاقياته التجارية مع الأردن دون عرضها على مجلس النواب، وهم يتجاوزونه حين يتم تعييين أصحاب الجنسيات المزدوجة في مناصب حساسة عكس ما يشترط الدستور، وهم يتجاوزونه في عدم علنية الجلسات ويتجاوزونه بشدة وهم يخنعون لسرقات كردستان المتزايدة وحتى في تصديرها للنفط واعتباره نفطا كردستانياً (الى إسرائيل) رغم ان الدستور يعتبره نفطاً عراقياً لكل الشعب العراقي.

-    لذلك فأن التركيز على تغيير الدستور هو تضييع للجهد والوقت والاهتمام. وان من يستفيد من تحقير الدستور هو هؤلاء أعلاه والذي سيجعل تجاوزاتهم اقل أهمية ولا تثير الغضب الشعبي الذي تستحقه.

-    تغيير النظام الى رئاسي ليست ذات اولوية ابداً، فهي مسألة فيها إيجابيات وسلبيات والنظام الحالي ليس المشكلة، وهو لا يغير كثيرا. ويمكننا ان نرى مصر صاحبة النظام الرئاسي وافسد نظام سياسي في العالم كله ربما.

-    سانت ليغو وأرقامها لا تكاد تعني شيئا.. كل من يتحدث عنها اما لا يفهمها حقا او يحاول خداع الناس بلفت انتباههم إلى ما لا قيمة له.

-    مقترحات مثل الانتخاب الفردي، لا تستحق حتى الاهتمام وهي أنظمة فيها من المشاكل والاضرار ما يزيد عن نفعها كثيراً.

 

هذه الأشياء تساق لتلهية الناس او كمحاولة مخلصة خاطئة من قبل البعض، يدفعهم اليها رغبتهم الشديدة في "حل كل المشاكل بضربة واحدة" مثلما يتمنى أي منا. لكن الأمنيات غير السليمة التوجه او غير الممكنة، لا تقدم بل تؤخر، ولا تخدم سوى بتغيير الانتباه الى قضايا جانبية لن تنتج شيئا. وفي الازمات، حين نحتاج كل ذرة طاقة وكل وقت وكل انتباه، قد تكون قاتلة!