اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

قراءة في كتاب صلاح عباس (بشير مهدي فن اللوعة والولع)// نبيل عبد الأمير الربيعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

عرض صفحة الكاتب 

قراءة في كتاب الناقد التشكيلي صلاح عباس

(بشير مهدي فن اللوعة والولع)

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

    تعرفت على الفنان بشير مهدي العبيدي عام 1975م في مدينة الديوانية من خلال صداقتي الدائمة لأخيه محمد مهدي رحمه الله، كُنت في حينها طالباً في الثانوية ونعمل سوية مع أخيه محمد في اتحاد الطلبة العام، وكانت زياراتي المتكررة لداره الواقعة في الحي الجمهوري ومتابعتي لأعماله الفنية وخاصة لوحته الغير مكتملة التي تركها معلقة على حائط إحدى غرف دارهم وسافر إلى خارج العراق، فكنت اسأل أخيه محمد عن وضعه وأعماله الفنية في بلد الغربة إيطاليا، وكان يوافيني بكل مستجد عنهُ. والتقيت به مؤخراً عندما استضافته دار الود للثقافة والفنون في بابل يوم الجمعة المصادف 20-4-2012، وقدمهُ للجمهور الحلي الفنان صلاح عباس، فقد عرض الفنان بشير أعماله الفنية للجمهور الحلي من خلال جهاز (الدات شو) موضحاً أسماء ومضمون لوحاته الفنية.

 

    من خلال متابعتي لأعمال الفنان بشير مهدي أجد فيها قد سلط اللون وتدرجاته وعناصر الضوء وقيّم النور والظل في اللوحة، وخاصة لوحته الحديثة (اللوعة والولع) التي حملها معهُ من هولندا مكان إقامته إلى العراق والتي أبهرت الفنانين والمهتمين في الفن، وتعتبر أغلب أعمال الفنان بشير مهدي ذات أسلوب رومانطيقي وبعضها سريالي، من خلال الخطوط والأحجار، عن طريق التلاعب بدرجات اللون التي تعطي للعمل الفني بعداً تشكيلياً وبصرياً هو خليط من المتعة والتفكّر في لوحاته، وهنالك دوماً مكان بعيد يأتي من الحكايات والأفكار، وهنالك مكان شاغر لشخص لا يظفر المتلقي بوجهه ولكن يلمس حضوره، منها في السرير الفارغ الذي يمثل الولادة والحياة والموت، إضافة إلى الحقيبة المعدة للسفر والمسمار الصدأ على الجدار، والحجر الأزرق بسبع عيون وتماثيل صغيرة للحيوانات، وبعض الرموز التاريخية.

 

    لذا نرى في لوحات الفنان بشير مهدي بقايا لوجود إنسان على شكل جمجمة، وبعض لوحاته ذات طابع درامي تكويني إلى درجة تشعر بالخوف والوحشة والبرد، ومتناقضات الحياة بين الولادة والموت والمرض والحياة والأحلام والسعادة. الفنان بشير يبحث في الروح البشرية وألغازها وآلامها، كما أُدخلَ على لوحاته فلسفتهً الخاصة والمعاصرة في الحياة.

 

    قبل ايام صدر للفنان والناقد التشكيلي صلاح عباس كتابه الموسوم (بشير مهدي فن اللوعة والولع) وهو إعداد وتقديم وليس تأليف، والكتاب خلاصة الملفات الصورية، وملفات النصوص الأدبية والنقدية التي يعتز بها الفنان بشير مهدي وحافظ عليها طيلة سنين، ونجد بين المتون نصوصاً لكتاب وفنانين عراقيين، والكتاب من تصميم الفنان سمير مرزة، وعنوان الكتاب كما ذكر الناقد والفنان صلاح عباس جاءت لولع الفنان بشير مهدي بعشقه الأول واللوعة تأتي بعداً، اللوعة من الفراق المرّ الذي قَض عليه مضجعه، وأرقه، الكتاب صدر بواقع 137 صفحة من الحجم الكبير (A4) دون ذكر اسم بلد ودار الناشر.

 

    وفي المقدمة ذكر صلاح عباس علاقته وتواصله مع الفنان المغترب بشير مهدي منذ عام 1992م من خلال نشره مقالاً مستفيضاً عن تجارب الفنان بشير مهدي المقيم حالياً في هولندا في جريدة (العرب) اللندنية. وذكر صلاح عباس عن تاريخ الفنان مهدي الفني منذ انشغاله مع الفنان الايطالي (لويجي دوني) في مشغله في ايطاليا لمدة طويلة من الزمن، وكان ساعده على انجاز لوحاته من التأسيس اللوني وحتى رسم الوحدات الصورية والأجزاء والتفاصيل الدقيقة المتداخلة في بنى اللوحات. ولا ننسى دور صلاح عباس في المساهمة مع جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين ببغداد من تفعيل مسابقة الفنان بشير مهدي الأولى والثانية وكانت من خلال وزارة الثقافة ودائرة الفنون العامة، وإن حسابات الكلف للمسابقة بما فيها الجوائز بقيمة ألف دولار امريكي للفائزين الثلاثة الأوائل، كانت تستوفي من الفنان بشير مهدي بعد أن يتم جمعها من الراتب التقاعدي للفنان الذي يتقاضاه من محافظة الديوانية، وبفضل الاستاذ حسين صالح مهدي ابن أخ الفنان بشير مهدي حققت هذه المسابقات نجاحاً ملموساً واعلاماً جدياً. ويذكر صلاح عباس في ص4 من الكتاب دور بشير مهدي ((في صناعة الاشكال، ومن ثم ضخ أعلى قدر من الطاقة الحسّية والتفكيرية لقيّم التضامن التي يتناولها في لوحاته الفنية، مما دفع الناقد الهولندي (خريت لاودخا) للكتابة عن تجاربه وتأليف كتاب فني أنيق عن مجمل الاتجاهات الفنية التي اشتغل عليها (بشير مهدي) وطبع هذا المجلد الجميل باللغة الهولندية)).

 

    الكتاب تضمن عدّة مقالات جمعها الفنان بشير مهدي والناقد صلاح عباس والتي نشرت في تواريخ سابقة، منها مقال للناقد والفنان التشكيلي صلاح عباس تحت عنوان (بشير مهدي بين المؤهلات السردية والمحاكاة الحلمية)، والذي جسد الناقد عباس في المقال مؤهلات الفنان بشير مهدي السردية في لوحاته بمنتهى الاتقان من جوانبه الفنية المتعددة وعناصرها الاساسية شكلاً ومضموناً، واكساب اللوحة الفنية بعداً ثالثاً من خلال مقدرة الفنان الهائلة على التجسيد. فقد عني بشير مهدي برسم التفاصيل وابراز الأجزاء بطريقة الرسم الواقعي. كما اشار الناقد صلاح عباس في ص12 من الكتاب على اسلوبية الفنان مهدي من خلال العناصر الثلاث المشتركة (العمل على المضاهاة والخلق الابداعي، وإلاء المنظور البصري اهمية استثنائية مدعمة لتجسيد مساقط الضياء وانكسارات الظلال والتحسس بالمديات، والتأكيد على تشارك عناصر الطبيعة مع البيئة)، وبهذا نرى لوحات بشير مهدي تتخللها الغرف الصغيرة والستائر وزجاج النافذة المطل على الفضاء الخارجي، فقد استغل بشير طاقة الرمز والمفردات الصورية المفارقة في لوحاته.

 

    أما في ص18 من الكتاب فقد وثّق صلاح عباس حياة والد الفنان ومكان تولده ومهنته. وفي ص20 من الكتاب فقد تضمن مقال للناقد ياسين النُصيّر تحت عنوان (عالم بشير مهدي، الطبيعة بحساسية شعرية)، وهو مقال يجسد مشاركة بشير مهدي بمعرض مع فنانين آخرين في كاليري (اوترخت) في هولندا يوم 6/9/2008، وقد أكد النصير أن لوحات بشير مهدي قد هيمنت على قاعات (الكاليري الثلاث، وبدت الصالة كما لو أنها تحتفي بالفن العراقي لوحده، حيث غاب الفنانان الهولنديان عن الحضور، ويستمر المعرض لفترة شهر لينتقل بعدها إلى مدن هولندية أخرى. بشير مهدي الذي تعافى أخيراً من مرض، يطل علينا هذه المرة بروحية جديدة، هي تجسيده لرؤية الأفول، فيلجأ للعتمة والظلال الحادة والضوء القوي، ليصنع فيها الأمكنة الآفلة وانكسارات الأشياء والمواقع الخربة والروح المنسجمة والبيت مطفأ الأضواء).

 

    أما مقال الناقد الراحل قاسم عبد الأمير عجام في ص28 تحت عنوان (بشير مهدي لوحات تجسد لغة الغياب)، يعلق الراحل عجام على لوحات الفنان بشير مهدي قائلاً: (الإدهاش الذي تحدثه مهارة التحكم بالضوء واستثمار مساقطه للكشف أو رسم الظلام. وإنطاق المكان بلغة الغياب. واللوحات في الحقيقة هي رسومات أو صور تعتمد منطق الفوتوغرافي في تحديد الشكل وأبعاده ولكنها تشحن الشكل بالتعبير من خلال العلاقات التي يقيمها الرسام بين محتويات اللوحة).

 

    وقد استثمر الفنان بشير مهدي الضوء والظل في اغلب لوحاته من خلال تكوينها وشحنها بالمعنى، وقد اثث لوحاته بالعديد من التشكيلات والعلاقات التي ترمز للإنسان المغادر والتي تنطق بلغة الغياب، ومنطق الاستيحاش الذي تبرزه اللوحة.

 

    أما مقالة الشاعر المغترب الراحل فوزي كريم في ص30 وتحت عنوان (بلاغة بشير الباهرة)، من خلال اطلاع فوزي كريم على صور لوحات بشير مهدي والتي يقول في مقاله (الفنان بشير مهدي وصلني شيء من لوحاته المصورة في البريد، مدهش في اكثر من معنى.. لوحاته ساعية إلى الكمال في التقنية الشغوفة بأشياء الواقع في ذاتها، في استلهام الضوء، في التوازن، في القصيدة التي وراء اختير الموضوع، في الشكل، والنسيج، واللون، وأخيراً في المضامين المفتوحة التي تغذي كل بصيرة فردية بما تريد).

 

    لذلك تتميز لوحات الفنان بشير مهدي بالصرخة المكتومة والأزهار المجففة والشرشف والضوء الخافت والسفر والعمود الحجري والبطانية المطعجّة، فلوحات بشير رصينة وجادة ولها كمال فني مسكونة بهاجس التحرر والحرية من عناصر الشد والابداع، وتحرره من اسلوبيته المعروفة.

 

    أما الفنان والأديب الراحل حامد الهيتي في مقاله (نظرة في اعمال الفنان العراقي المغترب بشير مهدي) يؤكد في ص34 قائلاً: (في لوحة بشير مهدي الجديدة يترك وظيفته كرسام ليتحول إلى مُنقّب آثاري ليكشف لنا عن موجودات تاريخية، عراقية أصيلة). لذلك نجد بشير مهدي قد اهتم بتوازن اللوحة وتناظر كتلتيها في الأثر والعمق، فبشير يرسم انعكاس الواقع وكأنه يتكلم بصمت عِبرَّ بُنية النص الفني وتجليه المنفي والرمزي.

 

    وقد كتب الناقد حسين السكاف مقال بعنوان (عن صراع الروح البشرية بين اللوعة والمتعة وفلسفة الألم) والتي تضمنها الكتاب في ص38 قائلاً أن اعمال بشير مهدي (تمنح المشاهد أنه سرعان ما يكتشف رموزاً ودلالات متداخلة مع بنية العمل تشير إلى حداثة وتفرد بأسلوبٍ وفلسفةٍ خاصة). فأعمال الفنان بشير فيها لوعة وألم مشحون في الأمل يجسده في قماش اللوحة، فضلاً عن اعتماد بشير على الدقة في الرسم، وكفنان محترف ومحب له، وشغوف به، مما يلتمس المشاهد الدهشة في فلسفة اعمال بشير الفنية. وقد وظف بشير اعماله الفنية لخدمة الإنسان والطبيعة والكون لاعتماده باستخدام قيّم الفلسفة والجمال.

 

    أما الأديب والناقد جاسم عاصي فَلهُ مقال تحت عنوان (المكان... الجدل الحضور والغياب، الرؤية الفلسفية للمكان في لوحات الفنان بشير مهدي) فيذكر في ص51 من الكتاب أن (لوحات الفنان بشير مهدي مكرسة لتجسيد صور الأمكنة، بما تحتويه من مكونات وأشياء، وهي في الأساس منزلية أو تحتوي على حيز مهجور من منزل، من هذا المشهد تنطلق اللوحة لتقيم علاقة جدلية بين هذه المحتويات والإنسان الغائب جسدياً، والماثل أثراً). ثم يستدرك حول عالم بشير مهدي الذي يجسد من خلال لوحاته (الضوء والظل والفراغ واللون والانكسار والأشياء الهامشية والمتروكة في الزوايا للتعبير عنها من خلال اللوحة، ومن خلالها يحدد العلاقة بين الإنسان كذات وبين الآخر وهي رموز دالة على تعيين السرد البصري في كشف المعاني، وهي وسائل تمتلك إدامة المسافة التي يرصدها الفنان بشير).

 

    أما الفنان التشكيلي عاصم عبد الأمير في مقاله (المكان الخالي)، يذكر في مقاله في ص60 من الكتاب بأن الفنان بشير مهدي (يبدأ خطاباته من المكان الخالي كمركز طرد قوي ومصدر للضجر الذي لا نهاية له، لهذا وبرغم وفرة الجمال ومصدر الراحة التي يشيّ بها المكان غير أنها ليس إلا فضاء تخنقه الجدران، لذا فليس هناك من فرصة مؤاتية لممارسة حريتها، فالجدران والأرائك والكراسي والخزانات والسلالم النظيفة لا تصنع إلا معاناة وحياة مهجورة ليس لها شبيه إلا في المنافي، فالمكان عنده دال على مفارقة ومبعث التعاسة اللانهائية، ثمَّ أنه وفي جانب واسع النطاق يحتفظ بسريته). لذلك نجد لوحات بشير مهدي تحمل هويتها المفردة من سرية الأشياء التي تحمل ماهية الوجود ومماثلة للموجودات والبحث عن الحرية، فينفتح الفنان بكل مدركاته الحسية والعقلية الكامنة في الأشياء مثل الآثاث والجماجم والغرفة وجدرانها، والكائنات المحنطة والأجساد والفضاءات ورموزها الدلالية لحياتها المعاصرة.

 

    أما الدكتور جواد الزيدي في مقاله (بشير مهدي.. استعارات متحف الذاكرة الصورة) فيؤكد الزيدي في ص66 من الكتاب قائلاً: (أن مهدي يحتفي بالمهملات والموجودات اليومية التي غادرتها الحياة الحضارية مثل الأباريق والكراسي المهشمة وزوج احذية قديم وآنية الماء ذات الاستخدامات المتعددة التي تحفر موضعها داخل غرفة النوم أو غرفة المعيشة مزدوجة الأغراض في الحياة العراقية البسيطة، ليؤسس علاقة بين الأثر القادم من عالمه العقلي إلى وجوده الجديد عالم اللوحة الذي تعتاش عليه الذاكرة مرة أخرى؛ بعد إعادة هيكليته بصورة فنية جمالية تترك أثرها داخل سياق التلقي في ضوء الاحتفاء بهيبة المكان الروحية أو المكان الأجمل الذي غادره بشكل فعلي).

 

    فالفنان بشير مهدي لا زال من خلال لوحاته يجسد ما كان يعيش بداخله من الفواصل الزمنية المتصلة للمزاوجة بين الأمكنة المتعددة في صورتيها البدائية والمعاصرة، مما يعمد الفنان في جميع أعماله إلى توظيف رمزية النافذة التي تفصل بين صورة عتيقة كامنة في الذاكرة وأخرى معاصرة من خلال الستائر الشفافة التي يكرس من خلالها فحص الماضي والنظر إليه بعين متكاملة مفتوحة على المستقبل.

 

    أما الشاعر والأديب مالك مسلماوي في مقاله (بشير مهدي محترف الضوء وصانع الوحشة)، ففي ص71 من الكتاب يقرأ مسلماوي لوحات بشير مهدي (وفق نظرة تتخطى الوجود المحضّ إلى ما يمتلكه هذا الوجود، ومن رؤيا عابرة للمحاكاة ومستندة إليها في الوقت ذاته... وللوهلة الأولى تبدو معظم الاعمال ذات ولَع واقعي، وتمثل للظاهرة ذات البعدين، وإن هناك ارجحة بين الواقعية والانطباعية تتولى اهتماماً بيناً بالطبيعة والمكان التقليديين المسكونيين بالبراءة والهدوء والوحشة، وخلوها غالباً من الحضور: إنسان/ حيوان). لكن لوحات بشير مهدي تعطينا انطباعاً انها لوحات سريالية في بعضها، منها لوحة الطفل والجمجمة والثور، فضلاً عن انها تترجم مساحة الغياب الطاغي والصمت ونوع من السريالية.

 

    إن تواجد السرير في اعمال بشير مهدي هو رمز للولادة والحياة والموت، ففي هذا السرير يولد الإنسان ثم يرحل إلى الآخرة على هذا السرير، لهذا يظهر السرير تجسيد لمعظم لوحات بشير وإضافة للكرسي الفارغ الصغير الغير متساوي الأرجل في لوحة (لوعة الإنسان)، وقدح الماء الذي يمثل الاستقرار والتوازن والأمل، ونلاحظ دائماً رمز النبات في أعمال الفنان وهي تدل على استمرار الحياة وتدفقها، كذلك نجد في بعض لوحاته دائماً بقايا لوجود إنسان أو جمجمة رغم غيابه للوحة .

 

   إن جميع أعمال بشير فيها عنصر الإبداع والشَدّ، فهو فنان ينقًب في آثاره، وينحت في أعماله لتظهر لوحاته كأحد الكنوز المكتشفة حديثاً، لكن نلاحظ في بعض لوحاته التناقض والتجاذب بين القديم والجديد المعاصر، والفرح والألم، فهي أعمال تدل على جمالية متجانسة وموضوعية لحياة مؤجلة تمنحها السلام والأمان، لكن في بعض لوحاته نجد دلائل على الحوار بين الإنسان والكون والطبيعة والذات، أما مدن بشير الحزينة التي تسكنها الرمال والغرباء والصعاليك والخراب، كما في بورترية قد ظهرت في خلف اللوحة مدينة الديوانية الطينية الخربة، وقد صورها كمدرسة مهملة ما بعد التغيير، لقد تعب الفنان بشير في سنواته الأخيرة وضعف إنتاجهُ الفني بسبب إصابتهُ بالجلطة الدماغية، فقد ضعف نطقه وأصبح ينتج اللوحة الفنية بمدة زمنية لثمانية أشهر هذا ما صرح به خلال زيارته الأخيرة لمدينة الحلة.

 

    وفي الكتاب هناك مقال لحسين صالح مهدي في ص75 وهو ابن أخو بشير يوثق السيرة الذاتية للفنان من تاريخ الولادة والمكان والدراسة والعمل والمعارض التي شارك بها الفنان وهواياته حتى تاريخ سفره إلى ايطاليا للدراسة عِبرَ طريق القائم. أجد هناك اخطاء إملائية متكررة في هذه السيرة، فكاتب المقال يكتب كلمة (الظروف) بهذه الشاكلة (ضروف)، علماً أن هنالك مشرف لغوي للكتاب وهو الأديب مالك مسلماوي، فلا اعرف كيف فاتته هذه الأخطاء المكررة في هذا المقال. مع أن هذا الكتاب صدر بشكل جميل واحتوى على (90) لوحة وصورة شخصية ذات الألوان والطباعة الراقية وبحجم يستحق التقدير والثناء لهذا الجهد الراقي، وقد شكل الغلاف الأمامي لوحة للفنان بشير مهدي، أما الغلاف الثاني فكانت قصيدة لأخيه الشاعر حبيب تحت عنوان (عروة بن الورد هدية إلى (الشاقول بشير):-

شراك يبن الورد

أخالك نجماً والسماء في كَبد

أحلم إني :

وزعتُ الخبزة والخمرة  والشقُ بلا عدد

وجلست على كرسي الشمس إلى الأبد

نثرتُ الغيمة.....

وسقيتُ بدم حروفك خد الوردِ

أستميحك عذراً يا بن الورد

 

لذلك نقول يستحق الفنان المغترب بشير مهدي هذا المنجز الرائع.

 

الحلة ليلة الأربعاء الموافق 27/10/2021

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.