كـتـاب ألموقع

• اتفاق فتح حماس طبخة أمريكية-إسرائيلية جديدة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. أفنان القاسم

اتفاق فتح حماس طبخة أمريكية-إسرائيلية جديدة

 

عندما تحكم تحت ألوية الاحتلال لا حرية لك، كل شيء يتم بأمر سيدك الإسرائيلي، من شراء فنجان القهوة إلى بيع ثالث الحرمين الشريفين، وما يستتبع ذلك من قهر سياسي، وسحق اجتماعي، أما الباقي فكله ضحك على اللحى، وتسويق إعلامي يقوم على الفهلوة الأوسلوية، والتهريج المنفضح لأبنائها. وعندما تحكم تحت ألوية المتزمتين لا حرية لك، كل شيء يتم بأمر سيدك اللاهوتي، من شراء فنجان القهوة كذلك إلى بيع أول وثاني وثالث الحرمين الشريفين، وما يستتبع ذلك من ردكلة دينية وهيمنة سياسية تقصيان كل ما هو إنساني لدى الفرد. محاولات تمرد الشبيبة الأخيرة في الضفة والقطاع، والتي جرت على منوال ما يجري في الشارع العربي، تم قمعها بشراسة من طرفي النظامين الفلسطينيين الاستبداديين (ويأتون اليوم ليتكلموا عن ديمقراطية وحرية تعبير وحرية فكرية!) رغم أنها تغطت سياسيًا بغطاء فضفاض عن رأب الصدع والتوحد وضد الانقسام، وهذا بالضبط ما طلع به علينا أزلام فتح وحماس في القاهرة منذ عدة أيام، فهل هي مفارقة أم هي خطة معدة بحذق تتجاوز في أبعادها رقعة الشطرنج الفلسطينية؟

 

لنلاحظ أول ما نلاحظ أن التقارب بين حماس وفتح قد أخرج في الحال إسرائيل من عزلتها الدولية، فهي عادت إلى أحضان العالم تحت رداء الضحية التي تهدد حماس بإزالتها من الوجود، وأوركسترا الغرب على رأسه أمريكا عادت تعزف ما يشنف الآذان عنده عن حماس التي عليها نبذ الإرهاب والاعتراف بإسرائيل كشرط مسبق للاعتراف بكل حكومة تشارك فيها أو يشارك فيها تقنوقراطيوها. أما الأهم من كل هذا فهو عدم التوصل إلى سلام مع حركة لا تريد في الأساس سلامًا، كما يروج الغرب وإسرائيل، وهم بذلك يرمون بكل الأسباب التي أمريكا وإسرائيل من ورائها جانبًا، وكأن تحقيق السلام يبدأ بمشاركة حماس أو عدم مشاركتها في حكومة تسويق للاحتلال، أي في حكومة هي في أساسها حكومة تعترف بإسرائيل ضمنيًا.

 

الملاحظة الثانية قبول حماس المفاجئ بوضع حد للانقسام الفلسطيني ظاهره وطني وباطنه لا وطني مليء بالحسابات السياسية التي أولها الحيلولة دون انفضاض الشارع عن حماس تمامًا بعد أن كفر الغزاويون بأربابها، وهي ما أعطت لحكومة الوحدة الوطنية عامًا من أجل تهيئة الانتخابات، وهذه مدة طويلة نسبيًا، إلا لتنشط اجتماعيًا وسياسيًا كما كان عهدها في الماضي، وتعيد لف الناس من حولها، هؤلاء الناس الذين من الصعب لفهم، وما يجري في الشارع السوري يمكن أن يجري في الشارع الفلسطيني، ولكن رهان قيادة حماس على احتواء هذا الشارع يبقى أقرب إلى أمل الغريق بالنجاة، على الرغم من أن الوقت لا يعمل في صالحها كما لا يعمل في صالح حلفائها، بعد أن فشل خطاب المقاومة الممل، وفشلت كذلك لعبة السهام النارية التي تدفع ردود الفعل الإسرائيلية المعتدية تبعًا لها الناس إلى الالتفاف من حول المعتدى عليه، وهذا ما يجمل كل الفروسية الإسرائيلية المتواطئة قبل التهدئة الأخيرة.

 

الملاحظة الثالثة أساطين فتح وكل أزلام أوسلو يعرفون أن نتائج الانتخابات القادمة إن لم تكن في صالحهم فلن تكون أبدًا في صالح الإخوان المسلمين، لهذا يطبلون للاتفاق ويطنطنون، وتجيء تصريحات نتنياهو وإجراءاته المالية التي هي في الظاهر ضدهم لدعمهم وإظهارهم كوطنيين يفضلون إجراء السلام مع أبناء ملتهم على السلام مع عدوهم، وهذه ذريعة من أقوى الذرائع لهذا العدو كي تبقى الأمور على ما هي عليه، وهي أيضًا ذريعة من أقوى الذرائع للحاكمين تحت الاحتلال من أجل الإبقاء على امتيازاتهم ومصالحهم، وكل هذا تمهيد "لفياسكو" أيلول/سبتمبر في حالة الإعلان عن قيام الدولة والضم القسري لأجزاء كبيرة من الضفة دون مفاوضات، أو في حالة عدم التمكن من الإعلان عن قيام الدولة والتأبيد الجبري لما هو قائم، هذا الإخفاق التام في كلتا الحالتين يجد تبريره منذ اليوم في المصالحة بين الفصيلين الأساسيين.

 

 

 

مفكر وكاتب وأستاذ سابق في السوربون

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.