اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• القصة الأولى في الأدب العربي: الإبحار على متن قارب هندي أحمر - صفحة 3

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

كانت كاسكارا وهمًا ظلَّ أهلُ أتلانتيدا يقاتلونَ من أجلِهِ ليلَ نهار

وكنا نحن لا ننام الليل في الليل ونحن نفكر فيها

تفكيرَ المتيمِ العاشق

كانت كاسكارا لنا لونَ الليلِ لليل

وضَوْءَ النهارِ للنهار

وطَعْمَ البرتقالِ للحامض

كانت لنا جَمَالَ الفستان

وأنتِ فيه

 (( في يومٍ قادمٍ سيأتيكُمُ الرجلُ الشاحب

من مكانٍ أبعدَ من وطنِكُمِ الفقيد

الذي ليس وطنا

الوطنُ القصل

والمقصلة

الحكمُ والمحكمة

الدخانُ والمدخنة

وطنُكُمُ الضائع

وسيعينُ الرجلُ الشاحبُ أعداءَكم فكونوا جاهزين)) قال الكاتشينيون لنا

قبل أن يودعونا

 

كان وداعُهُمُ الصامت

دون بكاء

ودون عناق

كان وداعُهُمْ إلى الأبدِ لنا

ارتفعوا في السماء

وعادوا إلى كواكبِهِمُ السيارة

ليُعْلِموا الخالق

بعذابنا الأزليِّ بعدَ أن دمرنا

وقال أنقذتكم

وبعد أن شتتنا

وقال جمعتكم

كالقوارب

المحطمة

تحررَ الخالقُ منا

بعد أن كنا سلاسل

... لَ

قيدناه بنا

كنا الحديد دون أن نعلم

دون أن يقولَ أحدٌ لنا

ولم نكن ((كن فيكون))

لَهُ

أخرجَنَا من العيون

كحجرٍ ينام

ثم ينهض

نهوضَ السادرِ العاثر

هو من كان ((كن فيكون))

لنا

أدخلناهُ في العيون

كشعاعٍ يحتار

أين يجلس

ثم يجلس

على عرشٍ يكونُ لَهُ المكانَ الدائم

قبل أن ينسانا

*

ظهرت الشمسُ على الجزيرةِ مَعَ ظهورِ الرجلِ الشاحبِ بِتِبْرِهَا وحُسْنِهَا

حُسْنِ الظلمِ وتِبْرِ الجرمِ على ظهورِ النساءِ الحُبالى

عندما يغدو التبرُ والحسنُ لفحةً وخداعا

وظَهَرَ القمرُ إلى جانبِهَا

تارةً كُحْلِيَّا

وتارةً فُستُقِيَّا

كان ظهورُ الرجلِ الشاحبِ كالقمرِ غريبا

ظهورَ البراعة

في التكنولوجيا

على ظهورِ الحيتانِ الطائرة

لم نعملْ بالنصيحةِ التي أعطانا إياها حماتُنَا القدامى

كنا له طاعة

وكنا له الجسدَ مشاعا

جعلنا الشجرَ والحجرَ والطيرَ له طاعة

حتى النوارس العاشقة للذهبِ والملحِ والتي لا تأتي شواطئَنَا إلا لماما

جعلناها له طاعة

كان ذا سطوةٍ كبيرةٍ علينا

وككلِّ نبيٍّ صنعَ وأعجزَ

علَّمَنَا كيف نموتُ من أجلِهِ وكيف نكرهُ كلَّ ما كنَّا

نحبُّهُ أو لا نحبُّه

أن نحبَّهُ هُوَ وألا نحبَّنَا

ملأ قلوبنا بجفاءِ الألفة

ومن شفتيكِ بقوةِ طاقةِ الدمِ علينا

كان قادرًا على رفعِ كتلِ الصخورِ بإصبعِهِ الصغيرة

وعلى تحريكها بذراعٍ تفهمُ لغتها

كشف لأبناءِ أتلانتيدا أسراره

علمهم ما لم يَعْلَمْهُ أحدٌ منا

قوّاهم في البحرِ وفي البر

ومكّنهم مِنَ القنصِ وَمِنَ الصيد

وجعلهم له ذراعا

وبعد ذلك اعتلى ظهورَ أسماكِ القرش

وكلابِ البحر

واختفى

أسميناهُ ملكَ قروشِ البحر

أو إمبراطور كلابِ الموج

شيئًا كهذا أو ذاك مما كنا نخشى

*

وبقينا نَحِنُّ إلى وطنِنَا الأصليّ

وطنِ أجدادِنَا من الطيورِ يومَ كانتِ الطيورُ تتكلم

وأجدادِ أجدادِنَا من السمكِ يومَ كانَ السمكُ يحبل

كان بعيدًا هناك ما وراء المياهِ الكبيرة

يسكنُ خيالنا

يحفرُ جباهنا

يعطي اللونَ الأحمرَ لدمائنا

ولكلِّ جنسِنَا لقبا

على الرغمِ من أنه لم يعد موجودا

محورَ حديثِنَا اليوميِّ كان

وفي قلبِ شقاءِ العيشِ كانَ دافِعَنَا

على احتمالِ الشقاء

في عالمِنَا الجديدِ القديم

عالمِنَا السينما والخيال

العلميّ

في ظلكِ نراه

وفي ظلِّ الصخورِ التي نرفعُهَا على أكتافِنَا

في بطونِ الينابيع التي نُفَجِّر

وفي أحشاءِ الطرقاتِ التي تذهبُ من نيويورك

إلى لوسَ أنجلس

ومن لوسَ أنجلس إلى آلاسكا

ومن آلاسكا إلى القمر

الفستقيّ

على أكتافِنَا

ومثلما علمهُمُ الرجلُ الشاحبُ تكنولوجيا الحيتان

ارتدى أهلُ أتلانتيدا أجسادَهَا

وذهبوا يعيشونَ فيه وحدَهُم

فالحياةُ الحقيقية

هي الحياةُ في جوفِ البحار

تم لجبابرتِهِمْ ما أرادوا

حتى أنهم أخذوا ما كانَ لأوشينوسَ من صفات

نبت في رأسِ كلِّ واحد

... دٍ

منهم قرنان

وفي ذقنِ كلِّ واحد

... دٍ

منهم لحيةُ راهب

وصار لهم أسفلَ أجسامِهِمْ ما كانَ للسمكات

لم يَجِئْ

حُماتُنَا ليعيدونا إليهِ سمكًا نعيشُ فيهِ نحنُ أيضًا وأهلُ أتلانتيدا تحتَ الماء

جنبًا إلى جنب

قلبًا على قلب

وحلمًا مقابل حلم

وهاجسًا

في قُوّارِ هاجس

لم يَجِئْ

أولئك الكاتشينيون الذين كانت لهم صفاتُ البشر

ولم يعودوا بشرا

بعد أن تركوا للرجلِ الشاحبِ

كلَّ الصفات

والذين كانت لهم قدراتُ الآلهة

ولم يعودوا آلهة

بعد أن تركوا للرجلِ الشاحبِ

كلَّ القدرات

لم يَعُدْ

يهمُّهُمْ مصيرُ تلكَ القارةِ الضائعةِ كاسكارا قارتنا

أهمّ منها كان على قلوبهم مصير ما في الطناجر

كان في ضَياعِهَا ضَياعُ العالمِ الذي يتربعُ الرجلُ الشاحبُ فوقه

وَهُمْ

في ظله

الأسود

وكان في ضَعْفِهِا ضَعْفُ العالمِ الذي يسيطرُ الرجلُ الشاحبُ عليه

وَهُمْ

قُبلةٌ لنعله

الأبيض

لم يَعُدْ

يقلقُهُمْ أمرُنَا

أهمّ منا كان على قلوبهم شجن العناكب

وإلا قويَ العالمُ بقوةِ كاسكارا

ونافسَ العالمُ الرجلَ الشاحب

في علمه

وفي عمله

وحتى في شَوْيِ الهمبرغر وصناعةِ البيتزا

والصورِ الافتراضيةِ للأرانب

المحشوةِ بالصنوبرِ وبالأرز

وكانت نهايتُهُ ونهايةُ من هم

في ظله

الأسود

الأسودِ الحالك

لَوَّثْنَا وجوهَنَا بألوانِ الموت

الأبيض

الأبيضِ الناصع

ولجأنا إلى مانيتو الروحِ المسيطرِ على كل قوى الطبيعة

روح غاليليه

نَصْل العقلِ وإفحام القانونِ للسابقِ وللاحق

مما تعلمنا

امتطينا أحصنةَ البحر

وخضنا البحرَ معَهُ ضدَّ غيرِهِ وغيرِنَا

بعد أن أشعلنا النارَ في الماء

وأطلقنا صيحاتِ الحرب

قاومنا

الوحوشَ الخياليةَ منها وغيرَ الخيالية

وصارعنا

الأمواجَ وكلَّ ما بين أنيابِ الأمواج

وفجَّرنا

البراكينَ اللُّجِّيَّة

هدمنا

أعمدةَ الماءِ الناطحةَ للسحاب

تسلقنا

الأعاصيرَ المكوكية

وتفجرنا

مع حلزوناتِ الردى في جهنم ما تحت المياه

فقدنا

أجملَ الفتيانِ ممن لدينا

وأجملَ الفتيات

وأجملَ العقاربِ مما لم يكن لدينا

نبتت في كل بيتٍ من بيوتِنَا وردةٌ سوداء

وفي كل عشٍ من أعشاشِنَا جناحٌ ثالثٌ لأطفالنا

وفي كل مِخَدَّةٍٍ من مِخَدَّاتِنَا ثلاثُ شفاه

احتفلتِ النارُ بأعيادِ دمنا

وصعدت معَ الدخانِ وجوهُ موتانا وهي تبتسمُ لنا وتشجعنا وتحثنا على الصمود

والإقدام

ثم.. اتحدت كلُّ وحوشِ البحرِ مع جبابرةِ أهلِ أتلانتيدا ضدنا

 

هذا ما كانَ يريدُهُ الرجلُ الشاحب

لتبقى الأمورُ على ما هي عليه الأمور

والوحوشُ على ما هي عليه الوحوش

والنظامُ القائم

 

نعم.. في اتحادِ الجبابرةِ والوحوش

قوةٌ جهنمية

لم تكن لنا

كان لنا ضَعْفُنَا الدائم

وانهزاماتُنَا العبثية

كانوا من كلِّ الأصناف

من كلِّ الأشكالِ والألوان

ومن كلِّ ما لا يصطادُ للموائد

كانوا جبروتَ البحارِ السديمية

وكلَّ ما لا ينهار

العظاءاتِ التنينية

القروشَ المتعددةَ السنام

التماسيحَ الهندية

الفقماتِ الأمازونات

كبارَ الزواحف

الربوبية

وثعابينَ البحرِ والكركدنات

كانوا أسماكَ المنشارِ والسيفِ والفأس

الهمجية

أسماكَ الزَّجَرِ والتُّنَّ والماردات

من الحيات

أسماكَ الزَّمِّيِرِ والوَرَنْك وباقي الأسماكِ الهلّستينية

السمكَ الطيَّار

السمكَ المدرَّع

السمكَ الزحَّاف

السمكَ الذي لا يوجد إلا في رؤوسِ آلهة الحروب

الهِستيرية

حيتانَ الوال والبال

وصغارَ العنابرِ من الحيتانِ الأوتوماتيكية

حتى الدلافينُ أُخوتُنَا اتحدتْ معَ جبابرةِ أهلِ أتلانتيدا ضدنا

 

هذا ما كانَ يريدُهُ الرجلُ الشاحب

لتبقى السيورُ على ما هي عليه السيور

والسيوفُ على ما هي عليه السيوف

ومشيئةُ السلاسل

 

وتمكنت

القوةُ الجهنمية

من طردِنَا إلى سطحِ الماء

العابرونَ لم يعودوا نحنُ

عَبْرَ ما في الرأسِ من طرقات

بعد أن وقفنا ما بعدَ العبور

ومن خلفِنَا

كلُّ القناطر

وكلُّ العوالم

دونَ مساء

أخذنا نعومُ كالجزرِ التائهة

ولم يعد بقدرتنا تسلقُ حبالِ الهواء

كان الكونُ قد انفصلَ عنا

 

هذا ما كانَ يريدُهُ الرجلُ الشاحب

لتبقى القدورُ على ما هي عليه القدور

والقدودُ على ما هي عليه القدود

وأَيْدُ رافعاتِ النهدين

في فنادق

... قِ

المتعة

 

انتظرنا

من حماتنا القدامى أن يرأفوا بمن لم يعد لهم لا البحرُ ولا الأرضُ ولا السماء

انتظارَ الغاضب

منا

واعتقدنا

أن أبناءَ أبناءِ الرجلِ الشاحب

الذين جاءوا فيما بعد ليضاجعوا الحمام

أهلُ كاتشينَ لِجَهْلِنا

ولِقَطْعِنا رؤوسَ سلاحفِ الأيام

فعلوا فينا

ما لم يفعلْهُ أحد

لقحونا بكلِّ مضادٍ للانتصار

وللعلم

وللعقل

وجعلوا منا ساحاتٍ مفتوحةً للهزيمة

وللبلاهة

وللعبادة

حين تغدو العبادةُ وعودَ التوتِ وشظايا العنب

انتزعوكِ من بين ذراعي ديوفه خالقنا

ورموكِ بين ذراعيِ النهرِ والجنس

لتكونَ الفيضانات

تحتَ أقدامِنَا وفي الجسد

أيقظوا كرهَنَا القديم

وجعلوا منهُ الصلاةَ في المسجد

وفي السرير

وفي سراباتِ الغضب

لم يمنعنا

روادُ الحياةِ من قطفِ فاكهةِ

الموت

وكلِّ فاكهةٍ أخرى كالموت

ليست فاكهة

لم يفهمنا

فلاسفةُ العبثِ عندما غدا الموتُ والحريةُ لدينا

عنصرًا واحدًا للجنونِ وللسأم

ولاغتصابِ العزلة

لم يحمنا أبطالُ حقوقِ الرمان

منا

متوَّهين كنا أو غيرَ راضينَ بالعقابِ الذي أُنزلَ بنا

من أجلِ إثباتِ الظلال

والدفاعِ عنِ البراءة

لم يحررنا المحبونَ للعدلِ مِنَ العالمِ البدن

الذي لنا

تركوا نفسنا السجينة

تنام

فينا

لئلا ترى الأشياءَ على حقيقتها

إلى ما لا نهاية

لم ينقذنا

رسلُ الحضارةِ مِنَ الكارثةِ

ابنةِ الكارثة

وعمرُ الكارثةِ اليومَ

مائتانِ وستونَ ألف عام

وستةُ شهور

وثلاثةَ عَشَرَ يوما..

 

نابلس الأربعاء 1964.4.8

باريس الخميس 2010.10.21

 

من ديوان أنفاس1 لأفنان القاسم بمناسبة نشره للأعمال الكاملة

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

 مفكر وأديب وأكاديمي متقاعد من السوربون

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.