اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• القصص الأخيرة - الكابوس التاسع: الأصفر -//- أفنان القاسم

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

القصص الأخيرة - الكابوس التاسع: الأصفر

أفنان القاسم

التقت الزوجات الثلاث لأقوى الرجال في الصين، رئيس اللجنة التنفيذية غانغ (متانة) ونائبيه كانغ (بأس) وجيان (بأس كذلك)، من أجل البحث في أمر خيانة هؤلاء الأخيرين لهن. أنا لم أعد أحتمل، قالت آي (حب) زوجة رئيس اللجنة التنفيذية، أن أتظاهر بعدم معرفتي للعلاقات العاطفية التي يقيمها غانغ من وراء ظهري. تدعوين علاقات عاطفية، يا عزيزتي، قالت باو (كنز) زوجة نائب رئيس اللجنة التنفيذية الأول، تلك التي تقام في شارع غِيو (أمة)، شارع المومسات؟ زوجات مخدوعات نحن، قالت هِيا (زهرة) زوجة نائب رئيس اللجنة التنفيذية الثاني، مُهانات، هذا ما يعود علينا من علاقات أزواجنا العاطفية، هؤلاء الظمأى لكل شيء، للسلطة وللجنس وللمال. لم أشأ جرح عواطفكن، همهمت آي. عواطفنا مجروحة، همهمت باو. مسفوحة، همهمت هِيا. رشفت كل منهن رشفة من فنجان شايها الأبيض، ورحن يتأملن رسومًا لنساء عاريات في لوحة قاتمة تكاد تغطي الحائط. وماذا سنفعل؟ سألت آي. لم نزل حلوات في أكثر عمرنا مَلاحة، قالت باو، وهي تذرف دمعة. لا تبكي، باو، قالت هِيا، وهي تبكي. لا تبكيا، باو، هِيا، رجاء، قالت آي، وهي تبكي. أنهين شرب فناجين الشاي، وقالت الواحدة للأخرى: لنرسم خطة. اقتربت كل واحدة برأسها من رأس صديقتيها، ورحن يهمسن، وهن يحركن رؤوسهن تارة بالموافقة وتارة بعدمها.

* * *

كان لا بد من الزوجات الثلاث أن يعددن أنفسهن على أكمل وجه ليكون باستطاعتهن التغلب على أزواجهن، فبدأن بإصلاح بعض العيوب في أجسادهن: آي، التجاعيد التي بدأت تغزو طرفي فمها وطرفي عينيها، باو، ترهُّلُ ثدييها، هِيا، ترهُّلُ ردفيها. اخترن أحسن مستوصف تجميل في بكين، مستوصف شان (جميلة)، واستسلمن لأيدي الأطباء المهرة فيه، وفي أقل من أسبوعين، عدن إلى شبابهن: آي، وجهها كالقمر، باو، ثدياها ثديا فتاة في العشرين، هِيا، ردفاها ردفا ممثلة من ممثلات البورنو. وجه جميل، وثديان جميلان، وردفان جميلان. تمنت كل واحدة أن يكون لها ما للأخرى، لكنهن كن راضيات بما لهن تمام الرضاء.

بعد مستوصف التجميل، ذهبن إلى أكبر صالون للتدليك في بكين، صالون فانغ (معطَّرة)، وتركن أجسادهن لأصابع المدلكات الماهرات، وفي أقل من أسبوعين، عدن إلى رشاقتهن: آي، جسد البان، باو، جسد النعام، هِيا، جسد الثعبان. وهن يسرن في الشارع، عاد الصفير يشنف الآذان، وطنت كلمات الغزل في الأجواء، وركض الشبان الذين لا يكلون من الركض. كل هذا أسعدهن، وجعلهن يشعرن بكسب المعركة سلفًا مع الخونة أزواجهن.

قضت الزوجات نهارًا كاملاً في دكاكين السيكس شوب الواقعة خلف ساحة تيانانمن، فاشترين كل الثياب التحتية والفوقية الخليعة، واشترين كل الدهون والحبوب المثيرة. اشترين أفلام ومجلات البورنو، واشترين البواطن النسائية والرجالية الماشية ببطارية. اشترين الروايات والقصص الجنسية، واشترين الموديلات الحية والبلاستيكية. كن يشترين، وفي الوقت ذاته، يكركرن، وهن يكتشفن ما لم يخطر على بالهن، وهن يلمسن ما كان محرمًا في عرفهن: فخذ هذا الشاب، أو إلية تلك الشابة، وخاصة عندما رحن يأخذن دروسًا في التقبيل، وفي الترجيم، وفي التنجيم.

* * *

صارت الزوجات الثلاث على استعداد لبدء الجولة مع أزواجهن الخونة، ورحن ينتظرن منهم التذرع بقضاء الليل لاجتماع طارئ تعقده اللجنة التنفيذية، لكن شيئًا من هذا لم يقع. كان الأزواج الثلاثة يعودون إلى البيت في المساء، وهم منهكون، يأكلون، ويذهبون إلى السرير ليناموا حتى صباح اليوم التالي. غانغ، يا حبيبي، ماذا جرى؟ تغنج آي، تحت نظرات زوجها المتعجبة، ليس هناك من اجتماع طارئ للجنة التنفيذية؟ لا! يجيب غانغ بجفاف. اشرح لي، يا حبيبي، تغنج آي من جديد، وهي تلتصق بزوجها، فيدفعها، ويتجه إلى السرير، وهو يقول: لم أحصل بعد على عمولتي من قرار اللجنة التنفيذية. أي قرار؟ تسأل آي مصدومة، قراراتكم لا تعد ولا تحصى. بناء عشرة مفاعلات نووية، يكشف الزوج القوي. بناء عشرة مفاعلات نووية! عمولتي. عمولتك؟ نعم، عمولتي، عمولتي، يردد غانغ بجفاف قبل أن يضيف: مليار. تكلفة بناء العشرة المفاعلات النووية؟ عمولتي، يا دين تاو! يقذف الزوج، ويلقي بجسده على السرير، ولا يلبث أن يبدأ بالهلوسة. وأنتَ، يا حبيبي؟ تغنج باو. وأنا ماذا؟ يرد كانغ بجفاف. اجتماعاتك الطارئة للجنة التنفيذية؟ اجتماعاتي الطارئة للجنة التنفيذية على قفاي، يقول الزوج بجفاف. هذا لأنك تحبني كثيرًا، يا حبيبي، تعود باو إلى الغنج، أكثر من اجتماعاتك الطارئة للجنة التنفيذية. أحبك كثيرًا، يا دين تاو، أكثر من نصف مليار عمولة لبناء عشر غواصات نووية. عشر غواصات نووية... عمولة... نصف مليار...؟ تسأل باو مصدومة. وماذا عن ليلة هادئة بعيدًا عنكِ، يا دين تاو! يقذف الزوج، ويلقي بجسده على السرير، وفي الحال يأخذ بعمل كوابيس لا تنتهي. وبدورها، تسأل هِيا: عمولة لاجتياح البط أسواق الصين من أقصاها إلى أقصاها! نصف مليار، يطن جيان، أيتها المغناج العظمى من بين مغناجات حريم ماو! نصف مليار... المغناج العظمى... حريم ماو...! تعيد هِيا دون أن تخفي خيبتها. يعني الأسوأ من بين كل حريم ماو، يا دين تاو! يقذف الزوج، ويلقي بجسده على الأرض، فهو يوجعه ظهره، والنوم على الأرض، حسب أساطين الطب الصيني التقليدي، خير من ألف علاج.

* * *

أصاب الزوجات الثلاث اليأس، وليس في الأجواء أقل ما يوحي بأن علاقات أزواجهم العاطفية عادت إلى سابق عهدها، فغرقن في تناول الكحول والأفيون، وممارسة الاستمناء والسحاق. كن يهرقن طاقتهن الشبقية بطريقة من الطرق في سبيل احتمال ما لا يحتمل: أن ينأى أزواجهن عن خيانتهن سعيًا وراء المال. لم يكن المال السعادة التي ينشدنها من وراء مغامرة أعددن لها، كان المال آخر ما يهمهن. الجنس كان أول ما يهمهن، أما مليارات أزواجهن، فلم يكنّ يحلمن بها. كانت لهن ككل الصينيات أحلام متواضعة، ولكن جسورة، غيورة، غير بريئة، غير سرية، غريبة، عجيبة، إغرابية، إعجابية، فيتعرفن على أجسادهن، ويكتشفن ما هو سري في التاوية. السلطة ربما كانت أهم من المال، أهم من الجنس، شرط أن تكون في خدمة الجنس، لهذا اشترين الأثواب الجلدية، والسياط الجلدية، لهذا أردن أن يمارسن سلطة الجنس، سلطة الثياب التحتية، لا سلطة المال، سلطة الثياب الفوقية. طال ابتهالهن لتاو، إلا أن المفاجأة كانت كاملة عندما قال الأزواج الثلاثة لزوجاتهم إن لديهم اجتماعًا طارئًا للجنة التنفيذية الليلة سيدوم حتى الصباح.

حال مغادرة الرجال الأقوياء الثلاثة، ارتدت نساؤهن ما يفجر مفاتنهن، وبالغن في تزويق وجوههن. وضعن على رؤوسهن شعرًا مستعارًا أزرق وأحمر وأصفر، فلم يعد يعرفهن أحد، حتى أن أفراد الغونغانبو (مخابرات وزارة الأمن العام) المكلفين بالسهر على الزوجات المهمات لم يفرقن بينهن وبين مومسات خلف ساحة تيانانمن: جياو (جميلة)، لا تذهبي أبعد، لدي كل ما تشتهين، همسوا في آذان سيداتهم. ركبت كل منهن تاكسي، وأمرن السائق بالإسراع إلى زقاق دان (أحمر) المتفرع عن شارع غِيو (أمة)، شارع المومسات، هناك حيث كانت تقف بائعات الهوى الأجمل. مع سائق تاكسي مثلي بين فخذيك، لا داعي إلى الإسراع، همهم سائق التاكسي، وهو يلقي نظره على المفاتن المغرية المزلزلة المدمرة عبر المرآة الارتدادية. لطمته آي بحقيبتها البلاستيكية على ظهره، وهي تنبر: قليل من الأدب! فانفجر السائق يقهقه. جذبته بسلسة حقيبتها من عنقه، وهددت: ستكون نهايتك على يدي! راح سائق التاكسي يزكزك يمنة ويسرة، واصطدم ببعض عربات الطباخين الجوالين. سحبت المرأة القوية، ولكن المتخفية تحت المساحيق الدنسة وزيها الشيطاني، سلسلة حقيبتها، فامتثل الجبان للأمر، وفي أقل من لا شيء، أوصل آي إلى المكان الذي تريده.

وجدت آي صديقتيها باو وهِيا بين المنتظرات في زقاق الهوى، تبادلت معهما الإشارات، وفهمت أن أزواجهم لم يصلوا بعد. كن يعرفنهم جيدًا، أزواجهم الخونة، فهم لا بد أن يكونوا في إحدى الخمارات أمام كأس نينغكسيا، أو في أحد صالونات التكييف يدخنون الماريجوانا. كانت الليلة ليلتهن، فلزبائن الجسد كن محور اختيارهم، مما أثار حنق "زميلاتهن". تضاربت إحداهن مع باو، فهبت هِيا وآي للدفاع عنها. أين قوادكن؟ راحت المرأة تصرخ مغلوبة على أمرها. لمحت ثلاثتهن سيارة ليموزين سوداء، وهي تقترب متهادية، فتركن المومس تصرخ من جديد: أين قوادكن؟ ونزلن إلى وسط الطريق، وهن يعرضن مفاتنهن. لم يكن يعرفن زوج من كان، فذهبت النساء الثلاث على إشارة من إصبع مثقلة بالماس تبين بالكاد من وراء الزجاج الخلفي. كان غانغ، زوج آي. أرادت الصعود في الليموزين، لكنه أشار إلى هِيا ذات الشعر المستعار الأصفر، فصعدت آي على الرغم من كل شيء، وضربت الباب بعنف آمرة السائق، وقد نسيت نفسها: كلب! بمعنى امش.

توقفت سيارة الليموزين عند عتبة غِيلو (برج الطبل)، العمارة الشهيرة، وسارع رجل الصين القوي إلى الاختفاء في أحد طوابقها، ثم في إحدى شققها، مع آي، زوجته، المومس في ظنه. طلبت آي ألا يشعل القوي من الضوء تحت ذريعة أن الضوء الخافت أكثر رومنطيقية، بينما في الواقع كيلا يُفتضح أمرها. استجاب الزوج المغرر به، ولم يتأخر أحدهم عن قرع الباب. كان شابًا يحمل أكياسًا شتى من الطعام، وضعها على أقرب طاولة، وهو يهمس: أطيب أطباق لحم الكلاب، يا سيدتي. نست آي نفسها: لحم الكلاب! قالت بصوت عال، ثم بصوت واطئ: لحم الكلاب! كان رد فعلها الطبيعي، فزوجها لم يكن يحب لحم الكلاب. أخرجت من حقيبتها ورقة نقدية بخمسين يوان أعطته إياها، ففتح الشاب عينيه واسعًا على رؤيتها، وغادر المكان، وهو يبتسم للمرأة الإلهة. أخرجت أحد الأطباق الكلبية، باللوز والزنبق، ورمت قطعة لحم في فمها وجدتها لذيذة. ناداها بصوت ناعم لم تعهده من قبل: مومس، هلا أتيت، من فضلك؟ بصوت ناعم، وبكل لطف. دخلت عليه، فوجدته عاريًا ينام على بطنه. هلا تفضلت بتدليكي؟ عاد يطلب بصوت ناعم، وبكل لطف. وهذا أيضًا كان شيئًا جديدًا عليها. خلعت ثيابها، وصعدت على إليتيه لتدلك ظهره حسبما اعتقدت، فهمهم: مومس، يبدو أنك جديدة، قبل أن يضيف: تدليك بروستاتي. كادت المفاجأة تدفعها إلى الصراخ، لكنها اكتفت بقنبلة نووية راحت تتفجر في عينيها. تجدين في طاولة الليل كل شيء، همهم أقوى رجل في الصين. تناولت آي أنبوب كريم فرنسي، وجلست بين ساقي زوجها تنفخ مترددة. مومس، اذهبي بهدوء، همهم غانغ، بكل هدوء. بعصبية، سكبت آي نصف الأنبوب، وأدخلت إصبعها بعنف، فصاح: مومس، بهدوء، ثم بأرقّ صوت: بهدوء، بهدوء، بهدوء، وراح يتأوه لَذَّةً واسترواحًا.

بعد أن شبع لَذَّةً واسترواحًا، طلب من زوجته، المومس في ظنه، أن تقوم على الأربع، فقالت آي لنفسها: وهذا أيضًا كوضع كنت أجهله. ظنت أنه سيأخذها، فابتسمت لأن ذلك لا بد أن يكون شيئًا طريفًا ومبتكرًا أن يأخذها. وعلى عكس كل التوقعات، زحف برأسه تحتها، وتناول بفمه حلمتها هذه، فحلمتها تلك، حتى أهلك نفسه، وأهلكها. انقلبت كي يأخذها، ويفجر فيها النجوم، لكنه انقلب إلى جانبها، وانفجر يبكي. راعها أن ترى زوجها، لأول مرة في حياتها، يبكي، فراحت تقبله، من فمه، ومن صدره، ومن بطنه، ومن كله، من كله، من كله، حتى تفجر العالم. تراخى، فهزته، كان ينام نومًا عميقًا. ولحم الكلابِ الشهيّ لماذا إذن؟ قامت لتأكل بشراهة الكلاب، وبعد ذلك، ارتدت ثيابها، وعادت إلى بيتها.

* * *

تكرر الأمر مع الأزواج الأقوياء الثلاثة، حصل الشيء نفسه كل مساء. لكنهم في الليلِ كانوا غيرَ ما هم عليه في النهار، كانوا في النهار يضعون حدًا لكل تحركٍ شعبيّ بالحديدِ والنار، لكل مطلبٍ شعبيّ: رفع الأجور، تحسين شروط العمل، حرية الرأي، حرية التعبير، حرية التنفس، حرية التغوط، حرية الاستمناء، حرية الأوضاع، حرية الاستيهام، حرية الرياح، حرية الحبل، حرية الولادة، حرية الإرادة، حرية الموت، حرية الحياة. الحياة. الحياة. حرية الحياة. ملأ الموت ساحة تيانانمن، والأرواح الطيبة السجون. هذا المساء، عودي من حيث أتيتِ، همهم غانغ بكل لطفه ونعومة صوته عندما فتحت آي الباب، ودخلت. اغتاظت آي، وهي ترى مومسًا ثانية كيف حلت محلها، واهتاجت. هدئي روعك، عاد غانغ يهمهم بصوت ناعم وكل اللطف. لم تهدئ روعها، كان في حقيبتها ما لا يهدئ روعها. ارتدت ثوبها الجلديّ، ورفعت سوطها الجلديّ، وتقدمت والموت من تباريح الهوى لتقضي عليها. لكن الزوج غير الزوج سارع إلى هاتفه المحمول، وطلب رجاله الذين جاءوا، وحالوا دون عرسٍ للثوبِ والسوط.

اجتمعت الزوجات الثلاث المخدوعات، من جديد، ليخرجن بحل لأزمة زوجية تتفاقم يومًا عن يوم، بَكَيْنَ، ولطمن، وعذبن أنفسهن بملاقط عضت حلماتهن. إنها توجع بالفعل، لهثت باو، وهي تتلوى من الألم، ولكن لا بأس، أريد أن أتوجع لأعرف. لتعرفي ماذا؟ سألتها آي، وهي تتلوى كباو من الألم. لأعرف، أعادت باو، وهي تواصل التلوي من الألم. لتعرف، همهمت هِيا، وهي كالأخريين تتلوى من الألم. تخلصن من الملاقط، وسقين حلماتهن من الماء البارد ما يروي كل أثدائهن. كانت كل منهن أجمل من الأخرى، وكلهن أجمل من شنغهاي. سننتظر كثيرًا، قالت آي. المجلس الوطني الشعبي القادم لم يزل بعيدًا، قالت هِيا. من هم في بكين لا يفكرون بشنغهاي، قالت باو. أعرف مطعمًا يقدم الأفضل مما يؤكل في شنغهاي، قالت باو، رائحة الأكل أكثر ما أحب. أحب رائحة البحر في شنغهاي، قالت آي. أنا، أحب رائحة الخراء في شنغهاي، قالت هِيا. رائحة الخراء! تعجبت آي وباو، وانفجرتا ضاحكتين. رائحة الخراء! همهمت الصديقتان، وهما تواصلان لعبة القذارة، قذارة الضحك، ومعهما انفجرت هِيا ضاحكة، وهي تحلف: أقسم لكما أنني أقول الصدق. رائحة الخراء! أعادت آي وباو، وهما تكادان تختنقان من كثرة اللعب في مخرأة العالم.

حضرت الصديقات الثلاث، في اليوم المشهود، بشعرهن المستعار، وبزيهن الخليع، مما زلزل الأرض تحت أقدام الأزواج الأقوياء الثلاثة. وعلى العكس، دفع جمالهن، جمال المرأة المنحطة، إلى التفاف أعضاء وعضوات المجلس الوطني الشعبي حولهن، ولأول مرة في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني كانت الثورة ثورية، وكانت القرارات ثورية: نحن نندد بالفساد، صاحت آي من قلب المؤتمر، فارتعد زوجها. نحن نطالب بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، كل السجناء المجانين والمثليين، صاحت بوا في وجه أعضاء اللجنة المركزية، فارتعد زوجها. نحن نطالب بحرية الرأي، بحرية التعبير، بحرية الشَّخِ، بحرية الشم، بحرية البحر، بحرية البر، صاحت هِيا في وجه أعضاء اللجنة التنفيذية، فارتعد زوجها. خرجت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية على الرأي العام بما لم يعتد عليه، وطالبت بعض الأقلام باعتقال الثلاثي القوي ومحاكمته، الثلاثي القوي، التنين ذي الرأس الثلاثي، القاذف للجحيم، للجحيمِ وللجحيم، المرتكب للمعاصي، بوذا العصيّ، الملتاث، الممسوس، الهِستيريّ، امبراطور المدينة المحرمة، الماخور العسكريّ، الماخور الإيديولوجيّ، الماخور البروستاتيّ. نعم، الاعتقال، المحاكمة، الكابوس الأبشع لمن في يدهم الساعات. لمن في قدمهم الأحذية. ماذا سنفعل؟ همهم غانغ، الرجل الصيني الأقوى. كما فعلنا في كل مرة، قال كانغ وجيان، نائباه. مثل كل مرة، عاد غانغ إلى الهمهمة. مثل كل مرة، أكد كانغ وجيان. مثل كل مرة، همهم غانغ من جديد. مثل كل مرة، عاد كانغ وجيان يؤكدان. كانت الاعتقالات على يد سمك أعماق المياه، اليد الخفية للغونغانبو، بالعشرات، بالمئات، بالآلاف، بعشرات الآلاف، بمئات الآلاف، بالملايين، بعشرات الملايين، بمئات الملايين، بالمليارات. هذا عقاب من لا يحب رائحة الخراء، لفظت آي وباو، وانفجرتا مع هِيا باكيتين. حشا رجال الغونغانبو الأفواه بالورق، وفتكوا بالطيور. الطيور تحب الحرية، لهذا فتك رجال الغونغانبو بالطيور. بِكّين دون طيور لم تعد بِكّين. لم تعد السنين. لم تعد القناديل. الملونة.

* * *

توقفت العاهرات في شارع غِيو (أمة) وفي الأزقة المتفرعة عَنْهُ عَنِ الصعودِ في السيارات الليموزين السوداء، كانت طريقتهن في الرد على ما يجري. التحقت بهن آي وباو وهِيا، وهن يضعن شعرهن المستعار الأزرق والأحمر والأصفر، ويرتدين قطعهن المعرية لهن أكثر العراء. كن، كلما مضت سيارة ليموزين سوداء بهن، وبانت من زجاجها الخلفي إصبع مثقلة بالماس، كلما ازددن إصرارًا على عدم الامتثال لها. سنلقنهم درسًا لن ينسوه، قالت آي لباو وهِيا. سنعلمهم كيف يطيعوننا، قالت باو لهِيا وآي. سنقضي على بطشهم الخشن ببطشنا الناعم، قالت هِيا لآي وباو. جاء شاب تبدو عليه سذاجة الطلاب الجالدي العميرة، وقال لثلاثتهن بحياء دون أن يتوجه إلى واحدة منهن: مومس، هل تصعدين معي؟ سأصعد معه، قالت باو، في الوقت الذي نادتها فيه إصبع مثقلة بالماس. اعملي على إسعاده، سارعت هِيا إلى القول، وباو تتعلق بذراع الشاب، وتذهب معه. هذا كل ما أسعى إليه، قالت باو. لا، بجد، اعملي على إسعاده، أعادت هِيا، وباو تطبع على خد الشاب قبلة. مومس، يا دين تاو، جاء صوت أبح من وراء هِيا وآي. التفتتا، فرأتا متسولاً قذرًا. أنتِ أو هي، يا دين تاو، أريد من إحداكما أن تذلني، فقهقهت المرأتان، والرجل القذر يبتسم ببلاهة. أن تذلني، يا دين تاو، عاد المتسول إلى القول بصوته الأبح، وهو يواصل الابتسام ببلاهة. هذا لكِ، آي، قالت هِيا. بل لكِ، قالت آي، وهي تدفعها مع الرجل القذر، ومن ورائهما تقول: دعيه يأخذ حمامًا، ولكن، آه! كدت أنسى، أنت تحبين رائحة الخراء، وانفجرت ضاحكة. كان أحدهم يجلس على حافة الرصيف، وهو ينظر إليها. لماذا تنظر إليّ هكذا؟ نبرت آي. وبعد قليل، نادته: تعالَ، فجاء. لماذا تنظر إليّ كالخرع؟ سألته آي. تردد الشاب قبل أن يهمهم: مومس، لأنك تشبهين أمي. أمك، أشبه أمك! قالت آي، وانفجرت ضاحكة. لأنك تشبهين أمي، عاد الشاب إلى الهمهمة. وما رأيك في النكاح مع أمك؟ سألت آي، وهي تسعى إلى استفزازه. مومس، هذا أحب ما عليّ في الوجود، قال الشاب، وهو يبتسم كالطفل. أنت عامل؟ أنا عامل. عامل كيف؟ عامل كل شيء. عامل كل شيء؟ عامل كل شيء. يا لحظ معلمك! قالت آي، وهي تسحبه من ذراعه. وبعد عدة خطوات، سأل الشاب: مومس، لماذا؟ حظُّ معلمِكَ؟ حظُّ معلمي. لأن لا حظ لك. مومس، لماذا؟ لأنك المال الذي له، أنت المال، أنت كل شيء بالنسبة له، أما الأداة، فشيء قديم الزي. مومس، لماذا؟ احتارت، ماذا تقول له؟ لأنك مثلي، همهمت آي بثقة. مومس، مثلك، أنا؟ مثلي... أنا. وابتلعهما شارع غِيو (أمة)، شارع العاهرات.

تمكنت العاهرات من النجاح في قمعِهِنَّ الجنسيّ، فزلزلن الأرض تحت أقدام تنينات السياسة، وكانت النتيجة: غانغ، رئيس اللجنة التنفيدية، رمى بنفسه من برج الطبل، كانغ، نائبه الأول، أطلق في فمه طلقة واحدة، طلقة واحدة فقط، فقط واحدة، جيان، نائبه الثاني، شنق نفسه.

الكابوس القادم: الأحمر

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.