كـتـاب ألموقع

هل نحن على أعتاب عصر المماليك والصبيان في العراق ...؟‏// موسى فرج

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

موسى فرج

 

عرض صفحة الكاتب 

هل نحن على أعتاب عصر المماليك والصبيان في العراق ...؟‏

موسى فرج

 

اصطلح المؤرخون على تسمية الفترة التي أعقبت احتلال هولاكو لبغداد عام 1258 بالفترة ‏المظلمة في تاريخ العراق، لكن منطق الأمور يقول إن الفترة المظلمة لم تبدأ في ذلك التاريخ إنما ‏سبقته بزمن طويل لأن اجتياح بغداد من قبل هولاكو يمثل المئال الذي آلت إليه الأمور والمصير ‏الذي أفضت إليه المرحلة الأولى من الفترة المظلمة لتستمر فصولها بعد ذلك ...أما قبل ذلك ‏فيصفه أبن جبير الأندلسي كالآتي:‏

في عام 1184 قبل احتلال التتر لبغداد بأكثر من 70 سنة وصل أبن جبير الأندلسي بغداد في ‏خـلافـة الـنّـاصـر لـدّيـن الله وسكن منطقة المربعة في رصافة بغداد القريبة من دجلة "ما زالت ‏لليوم معروفه وتسمى بنفس الاسم -المربعه"، ووصف خليفة بغداد وأهلها قائلاً: ‏

‏"أبـصـرنـا هـذا الـخـلـيـفـة أمـام مـنـظـرتـه وقـد انـحـدر عـنـهـا صـاعـداً في الـزّورق إلى ‏قـصـره بـأعـلى الـجـانـب الـشّـرقي عـلى الـشّـط: وهـو في فـتـاء مـن سـنّـه. أشـقـر الـلـحـيـة ‏صـغـيـرهـا، حـسـن الـشّـكـل جـمـيـل الـمـنـظـر. أبـيـض الـلـون مـعـتـدل الـقـامـة، رائـق ‏الـرّواء، سـنّـه نـحـو الـخـمـس وعـشـريـن سـنـة، لابـسـاً ثـوبـاً أبـيـض شـبـه الـقَـبـاء بـرسـوم ‏ذهـب فـيـه، وعـلى رأسـه قـلـنـسـوة مـذهّـبـة مـطـوّقـة بـوبـر أسـود مـن الأوبـار الـغـالـيـة ‏الـقـيـمـة، مـعـتـمـداً بـذلـك زيّ الأتـراك تـعـمـيـة لـشـأنـه...".‏

 

أما عن أهل بغداد فيصفهم قائلاً: "وأمّـا أهـل بـغـداد فـلا تـكـاد تـلـقى مـنـهـم إلّا مـن يـتـصـنّـع ‏بـالـتّـواضـع ريـاء، ويـذهـب بـنـفـسـه عـجـبـاً وكـبـريـاء… يـزدرون الـغـربـاء، ويـظـهـرون ‏لـمـن دونـهـم الأنـفـة والإبـاء، ويـسـتـصـغـرون عـمّـن سـواهـم الأحـاديـث والأنـبـاء… قـد ‏تـصـوّر كـلّ مـنـهـم في مـعـتـقَـده وخـلـده أنّ الـوجـود كـلّـه يـصـغـر بـالإضـافـة إلى بـلـده، ‏كـأنّـهـم لا يـعـتـقـدون أنّ لله بـلاداً أو عـبـاداً سـواهـم…".‏

 

وعندما جد الجد واجتاح التتار بغداد دخل هولاكو المدينة فأمر بحبس الخليفة المستعصم بالله في ‏برجه الذي يحفظ فيه كنوزه من ذهب وجواهر ومنع عنه الماء والطعام وخاطبه قائلاً: لو أنك لم ‏تستأثر بهذا المال لك وحدك لاستطعت أن تسلم وتحتفظ بمدينتك فكل منه واشرب إن ‏استطعت... وأمر بإذابة الذهب وصبه في حلقومه قائلاً: إن لـم يـكـن قـلـبـكَ قـد شـبـع مـن ‏الـذّهـب فـإنه سـيتـشـبّـع بـه، وهـكـذا قـتـلـوا الـخـلـيـفـة، وعادوا يقتلون أهل بغداد لأربعين يوماً ‏متواصلة ...‏

 

نشأة المماليك وحكم الصبيان في العراق...‏

إن أول من أتى بالمماليك إلى العراق هو الوالي العثماني حسن باشا فقد أراد هذا الوالي بعد أن ‏فسد نظام الإنكشارية أن يجعل لنفسه جندا مختصين به يستعين بهم ويتعصبون له فأرسل إلى ‏بلاد القفقاس من يأتي إليه بالصبيان. وكانت أسواق مدينة تفليس آنذاك زاخرة بالصبيان ‏المعروضين للبيع، فأسس حسن باشا في بغداد دائرة خاصة مهمتها الإشراف على شراء ‏المماليك من تلك البلاد وتدريبهم، وعندما تولى الحكم من بعده ابنه أحمد باشا أكثر من شراء ‏الجنود المماليك وأعتنى بهم، حتى أصبحوا قوة لا يستهان بها، وبعد وفاة الوالي أحمد باشا كثر ‏عددهم واستطاعوا فرض إرادتهم على الدولة العثمانية. وينصبوا أحدهم وهو سليمان باشا أبو ‏ليلة واليا على العراق في سنة 1749...‏

 

وصول المماليك والصبيان إلى الحكم...‏

كان سليمان باشا أبو ليلة أول مملوك يتولى الولاية وذلك في سنة 1749م، إثر فتنة طاحنة قام ‏بها الأنكشاريون في بغداد. وضربوا مبنى السراي العثماني بوابل من القنابل، واستمرت الفتنة ‏ثلاثة أيام مما جعل الوالي العثماني يفر من بغداد، فاضطرت الدولة العثمانية آنذاك إلى تعيين ‏سليمان باشا واليا مكانه. دام حكم سليمان باشا حوالي ثلاثة عشر عامًا وقد سمي سليمان باشا ‏بأبو ليلة وذلك لتخفيه في الليل وخروجه....‏

 

نهاية حكم المماليك والصبيان في العراق...‏

وفي ذات يوم دعا علي رضا باشا المماليك مع جماعة من أعيان بغداد وعلمائها إلى اجتماع ‏بحجة الاستماع لقراءة الفرمان الذي وصل مؤخرا من الاستانة ما أن شرب جميع المدعوين ‏القهوة ودخنوا الجبوق حتى انهال الجنود الألبانيين الذين احضرهم علي رضا باشا بقتل جميع من ‏كان مدعوا لهذا الاجتماع...‏

وهكذا انتهى حكم المماليك والصبيان في العراق....‏

 

اليوم وأنا أرى الحال في العراق، الخزينة فارغة من المال الذي تحول إلى حسابات وخروج ‏الفسادين من الحكام، وحكامها لا يختلفون عن الناصر لدين الله والمستعصم بالله، لا يسعني إلا أن ‏أقول: ما أشبه اليوم بالبارحة ...؟ وعندما أمعن النظر فيمن تولى الأمور منذ عام 2003 والكم ‏الهائل من الصبية والمماليك والجواري يديرون الأمور تحت يافطة الإنابة عن الخلفاء والحكام في ‏حين أنهم يعملون على وفق توجهاتهم هم ورغائبهم هم الواحد منهم مأخذ راحته يفصّل ويلبّس ‏ويقسم العراقيين على وفق مسطرته هو أيقنت أننا على أعتاب حكم المماليك والصبيان من جديد ‏وربما حكم الجواري وشجرة الدر... وقد يلزمنا رضا باشا....‏