كـتـاب ألموقع

مـن ســهل نيـنوى إلـى ضفـاف الخـابـور النزيف الآشــوري لــم ينقطـع// غســان يـونان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

مـن ســهل نيـنوى إلـى ضفـاف الخـابـور النزيف الآشــوري لــم ينقطـع

غســان يـونان

 

النزيـف الآشـوري لم يتـوقف بعـد، بـدأ فـي سـهل نيـنوى ولـن ينتـهـي فـي الخـابـور. فالرحلـة الداميـة هـذه، ابتـدأت مـن العـراق فـي العـام ١٩٣٣ وعلـى أثر الانتفـاضـة التي قـام بهــا الآشـوريـون هنـاك فـي ظـل الانتـداب البريطـاني آنـذاك ومـن أجـل رفـع الغـبن عنهـم ونيل حقـوقهـم فـي أرض آبـائهـم وأجـدادهـم أسـوة بباقـي مكـونات الشـعب العـراقـي، وبـدل أن يصطف الانتـداب البريطانـي مع الحق، انحـاز للنظـام الحـاكـم آنذاك والـذي كـان دميـة فـي أيـدي الجنرالات الإنكـلـيز، فتـم وئـد الانتفـاضة الآشـوريـة تمـامـاً كما هـو حاصـل اليـوم وتجميـع أسـلحتهـم تحت وعـودٍ بريطانيـة بعـدم التعرض عليهـم ولكـن المخطط تم تنفيـذه وحصل ما حصل مـن مجـازر بحقهم فاضطـروا إلـى ترك موطنهـم والرحيـل دون إرادتهـم إلـى خـارج أرض آبـائهـم وأجـدادهـم ولـم يكـن أمـامهـم إلا الانتقـال إلـى سـوريا (الأقـرب) والتـي كـانت وقتهـا تحت الانتـداب الفـرنسـي.

فمنـذ العـام ١٩٣٣ انتقـل الثوار الآشـوريـون مـع عـوائلـهـم مـن العـراق إلـى نهـر الخـابور فـي سـوريـا حيـث كـانت الأرض قـاحلـة لا حيـاة فيهـا.

اعتمـد الآشـوريون علـى النهـر لما يقـارب النصف قـرن وجعلـوا مـن تلـك المنطقـة الصحـراويـة جمـالاً طبيعيـاً ومـورد رزقهـم مـن خـلال الـزراعـة حتـى تم تجفيف ميـاه النهـر المـذكـور فـي السـنوات الأخـيرة مـن قبـل النظـام كوسـيلـة ضغط. بالإشـارة أيضـاً إلـى أن الأوضـاع وتحت ظـل النظـام القـائم حتى تاريخـه كـانت سـيئة، وبمعنـى آخـر، ومن منطق المبـدأ البعثي: "تتفتت كل القوميـات علـى صخـرة القوميـة العربيـة" كان ممنـوعـاً علـى الفرد الآشـوري أن يقـول "أنا آشـوري" وإنمـا عـربـي وحتى تعليم "لغــة الأم" لم يكـن إلا فـي الكنائس وهـذا ينطبق علـى باقـي القوميـات الغـير عربيـة.

اليـوم وبعـد ازديـاد الخطـر الأصـولـي فـي المنطقـة، اضطـرت المجمـوعـات الشـبابيـة مـن أبنـاء شــعبنـا إلـى حمـل السـلاح الفـردي لحمـايـة قُـراهـم وعـوائلهـم فـي ظل غيـاب تام لمـؤسـسـات الدولـة، فتم تشـكيل "وحـدات حمـايـة الخـابور" و "المجلـس العسـكري السـريانـي" ضمـن إمكانيـات جـداً متواضعـة.

لكـــن، وفـي صبيحـة الإثنـين المـاضي ٢٣ شـباط ٢٠١٥ اجتـاحت جحـافـل "داعـش" البربريـة كـامل القُـرى الآشـوريـة المسـالمـة فـي الخـط الجنـوبـي لنهـر الخـابـور فـي محافظـة الحسـكـة - وعلـى بـُـعد ٨٥ كلـم جنـوب غـرب مدينـة القامشـلـي - ( إذ تقـع هلـى ضفّتـي نهـر الخـابـور (٣٣) قـريـة آشـوريـة وفـي السـنوات الأخـيرة تم اسـتحـداث قُـرىً جـديـدة، بمعنى بين كل قـريـة وقـريـة آشـوريـة زُرعت قـريـة عـربيـة والتـي هـي بمجملهـا اليـوم تتشـكل البيئـة الحاضنـة لهـؤلاء الغـزاة).

أمـا القرى التي احتُلت بالأمـس الإثنـين، فهي:

تل هـرمـز - تل طـال - تل مخاضـة - تل الخريطـة - تل بالوعـة - قـبر شـاميـة - تل گـوران - أبو تينـة - تل طلعـة - تل شـميرام.

إن الأوضـاع سـيئـة جـداً حيث اسـتشـهد ثمـانيـة مقاتلـين من أبنـاء شــعبنـا وأُخـذ العشـرات منهم رهـائـن (من الشـيوخ والأطفـال والنسـاء) وأُحـرقت إحـدى الكنائس، بالإشـارة إلـى أن الأعـداد حتى السـاعـة غـير مؤكـدة ومرشـحـة للزيـادة (لا سـمح الله).

من جهـة أخـرى، تشـير بعض المصـادر إلـى أن عـدد النازحـين مـن المنطقـة يقـارب الـ٦٠٠ شـخص باتجـاه الحسـكـة و ١٠٠ شـخص إلـى القـامشـلـي.

الاتصـال بسـكان قـريـة تل شـميرام كان ممكنـاً حتى الثامنـة من مسـاء يوم الإثـنين (الأمس) وبعـد ذلـك انقطـع، حيث كانـوا مجمّـعين فـي أحـد المنازل وسـط القـريـة والأنبـاء متضـاربـة عـن أحـوالهـم.

(يُذكر أن تعـداد الأهـالي فـي هـذه القـريـة بـدايـة الغـزوة  كـان بحـدود الـ ١٢٠ شـخص) أما باقـي القـرى فأغلبيـة سـكانها كـان قـد هجـرهـا مسـبقـاً إلـى مـدينـة الحسـكـة.

واليـوم صبـاحـاً بـدأ الهجـوم المضـاد لتحـرير تلك القـرى من عصـابـات داعـش وذلـك مـن قبـل شـباب حرس الخـابـور والمجلـس العسـكري السـرياني ووحـدات الحمـايـة الكـرديـة وبالفعـل تم تحـرير بعض القـرى وقصـر تـومـا يلـدا والمعـركـة الأشـرس هـي فـي قريـة تل شـميرام حيث يُحتجـز العشـرات مـن سـكانهـا كرهـائـن.

 

إن الشـعب الآشـوري يحـاول وحيـداً الحفاظ علـى وجـوده فـي بحـر تتـلاطم أمـواجـه يمينـاً ويسـاراً ولا يلقـى الدعـم الرسـمي ولا حتى التغطيـة الإعـلاميـة فـي أجـواء تنادي وتُطالب بالحـريـة والديمقراطيـة. فيحـارب الإرهـاب بأسـلحـة فـرديـة بينمـا العـالم العـربي والغـربي فـي سـبات عميق.