اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الاحتقار !!// نيسان سمو الهوزي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

الاحتقار !!

نيسان سمو الهوزي

 

من اين ورثنا ثقافة الاحتقار وكيف استمرت في عروقنا وكيف التخلص منها !!

اهلاً بكم في بانوراما الليلة وبرنامجكم ( روافد ) وهذا الموضوع سيكون محور حديثنا مع الضيف الكبير الاستاذ نيسان الذي سيسرد لنا القليل من تلك الآفة !! سيد نيسان تعلم بقواعد اللعبة فلا داع للإطالة او المقدمات .. اوكي ، اوكي ....

في عام 1988 دخلت الخدمة العسكرية الالزامية ( يعني اجبارية ) وقد تم فرزنا الى معسكر الفايدة ( هذا دهوكي مو نيوزيلندي ) وسوف لا ادخل في سرد المآساة التي كنا نعاني منها ليلة الإلتحاق وكراج العلاوي وطريقة حصولنا على مقعد في احدى وسائط النقل وطريقة هجومنا الوحشي من اجل النيل لأحد المقاعد وووو الخ بإختصار كنا كالكلاب السائبة وهي جوعانة وعطشانة ( يعني ضمآنة ) وترغب في ان تصيد ارنب شبعان !! كلما اتذكر تلك الايام اتخيل كلاب الشوارع !!

ندخل الى صلب الموضوع . كنا ثلاثة سرايا في ذلك المركز التدريبي وبعد ان تعرفت على عريف في السرية التي انتسبت اليها ( الاخ مهند نذكره بالخير واتمنى ان يكون قد تجاوز هذا السونامي الذي ضرب القوش ) اصبحت معاملتي حسنة نوعاً ما من قبل الجميع . لقد اتصل طيار الرئيس العراقي ( سابقاً ) العقيد الطيار عبدالكريم بآمر مركز تدريب فايدة العميد ( يمكن اسمه كان سركون او لؤي ) طالباً منه منحي إجازة قصيرة لقضاء بعض الاعمال الضرورية في بغداد وقد سافرت الى بغداد ( عن طريق القطار الاوربي ايرو ستار ) وبعد العودة كانت المؤامرة قد حبكت . سمع رئيس عُرفاء الفصائل (يمكن اسمه جان باسم او سنحاريب ) بالقصة وطريقة معاملتي من قبل عريف الفصيل فأوصل الخبر الى آمر السرايا النقيب ( يمكن اسمه جان زهير او مرقس ) والذي كان رأسه وخشمه اكبر من منخاير وزير الدفاع نفسه فأوصى هو بنفسه لآمر سريتنا الملازم الثاني ( مراهق من الجنوب ويمكن اسمه كان جان ) للقيام باللآزم !!!!!!

في شهر ديسمبر ونحن في عز الثلج والبرد وبعد إنتهاء الفترة التدريبية المسائية الإضافية ( احنا جْنا ناقصين حتى نأخذ حُصص إضافية ) ونحن في طريق العودة الى مراكزنا ( جَمَلونات سويسرية ) قاطع طريقي ونادى بالتوقف . لقد توقفت واديت التحية بشكل مضبوط وانا ارتعب ( مو من الخوف او البرد لا سامح الله بل من شدة الوقار ) . لقد طلب مني ان امد ذراعي وبشكل مقلوب للأمام . فعلت ما طلب مني وطبعاً بعد ان ناقشته وناقشني وتجادلنا عن الموضوع وتبادلنا الأحاديث الودية وتعريب شعار ( نفّذ ومن ثم ناقش وووالخ ) فسحب عصاه الخيزرانية من تحت ابطه ( لا اعلم لماذا يحمل كل آمر حتى لو كان زعطوط لعصا خيزرانية ) وقام بتصفيط وترميم منظر اصابع كفي وهي مقلوبة ( هسة لو جانت عدل يمكن اللحم كان امتص بعض الهزات الارتجاجية ) فتوقفت نبضات قلبي دون ان ابد بكلمة ( مو من الخوف او الاحتقار لاسامح الله بل من شدة العلاقة الربانية بين الكلب ( يعني جندي ) والضابط العراقي ) فطلب مني تكرار العملية الإستشهادية مرة اخرى ، عدتُ قليلاً للخلف حتى لا يتطاير  او تتطاير حبات الثلج والمياه الى بدلته النظيفة وقمتُ بإداء التحية بعد ان اوصلتُ قدمي وهي مكسورة الى وسط عصعوصي ومشطّتُ الأرض من شدة الضربة واثلجتُ ذراعي لِكي لا يتحرك فطلب مني مرة اخرى بمد الذراع ( طبعاً لازم مقلوبة ) فطاوعته وكرر وسحب الخنجر ) اقصد الخيزرانة ) وصفعني على اطراف اصابعي اليابسة ولكن بشكل اعنف من المرة الأولى . بدأ الدم الاسود يقترب من سطح الفوهة البركانية وانا في حيرة لا يدركها حتى الذي خلقني ( يوم اسود جان ) فعاود وطلب مني وقال : خُذ التحية بشكل عدل يا ابن الكلب ( في وقتها كانت عبارة ابن الكلب للجندي كلمة مرموقة و حنونة ) . كررت المحاولة وانا اتذكر كل كلمة قالها لنا عريف السرية لِكي لا اترك له حُجة يتجج بها مرة اخرى ولكن طلب مني مرة ثالثة ان ابسط ذراعي للريح وهي مقلوبة ( لعد شلون يسير الجندي رجال وبعدين ينتقل للهومو ) وكرر بسحب الخيزرانة النحيفة ولكن التصق الدم الاسود بها هذه المرة .بدأت الدموع تهطل من عروقي  وعيوني تعزفُ عرقاً وألماً ( مو من البرد او الالم لاسامح الله بل من شدة اعجابي بالشعر التنفيذي قبل النقاشي ) . لم اتمالك ولم يبقى لي غير ان اتوقف وأسأله لماذا يا سيدي ماذا وجدتّ خطأً في تحيتي فقال : السيد الرئيس يفتح ويبسط كفه للأمام عندما يأخذ التحية والتي تقوم بها تشبه التحية الهتلرية ( اي مو عالأساس جنا نأخذ محاضرات إضافية عن التحية الألمانية ) !!

لم يكن لا للتحية التشيكوسلوفاكية علاقة بالموضوع ولا فتح صنبور الكف بل الموضوع برمته وعن بكرة ابيه كان عباره عن اوامر من آمر السرايا النقيب لويس لأحتقاري واهانتي لأنني حصلتُ على إجازة إضافية وبعض الرعاية العادية من عريف السرية .

لقد كرهتُ وبغضتُ الجيش العراقي وضباطه ومراتبه وكل مسؤوليهِ من تلك اللحظة ولو كان هناك مواجهة حقيقة مع العدو وطلب مني الاختيار في قتل انسان من الطرف الآخر او قتل النقيب سامي او الملازم الثاني مايكل كنتُ سأوجه خيزرانتي للصدر العراقي وليس العدو .

هذه ليست قاعدة شاذة او استثناء قد يذهب اليها البعض ولكن هذا هو الواقع والشاذ والمستثنى هو البعض القليل من المسؤولين والضباط الذين يحترمون الانسان الاصغر .

لقد تذكرتُ هذه الحادثة البسيطة وانا اتابع وضع الجيش العراقي وطريقة محاربته الارهاب وكيف يترك الساحة بسلاحه ومعداته وكيف وصلت الامور الى ان اصبح الحشد الشعبي الطائفي هو البديل عن كل تاريخ ذلك الجيش . ولكن كيف للجندي ان يحارب وهو مُحتقر ! كيف للعسكري ان يحارب وهو مُهان ورذيل ! كيف للإنسان ان يدافع عن تراب ارضه وبلده وهو حشرة يدوسها كل مًن هو اعلى منه مرتبة واحدة !

هذا هو التراث الذي وصل الينا وهذا هو حال الشعوب العربية برمتها ان لم نستثني بعض البؤر هنا او هناك ! صفة احتقار الآخر هي تربيتنا ومدرستنا في كل شيء ! احتقار مًن يختلف عنك في المذهب ، في الفكر ، في العقيدة ، في المرتبة ، في الظروف الاجتماعية ، في الملبس ، في الشرب وحتى في طريقة المشي . نحن امة نحتقر للإحتقار لأنه مدرستنا وموروثنا وثقافتنا التي تعلمناه من مدارسنا الحقيرة لا لشيء بل لأن التحقير يجري في عروقنا . إلا إذا اعتبر احدكم طريقة التفنن في قتل الآخرين ليست وراثة واحتقار للكل ! كان بودي ان اعطي بعض الامثلة ولكن وقت البرنامج قد انتهى ..شكراً لكم ..

لقد ذهب ضيفي دون ترك بعض الامثلة بالرغم من انني اشك في مقدرته على اعطاء اي مثال حي على ماذكره ( شنو الشغلة تجني وبس ) !!.

انظروا الى مرأة الوضع الحقير الذي نحن فيه .. انظروا الى وجوهنا في المعاكسة وسنرى فيها اي قبح نحن به . تأملوا المشهد السوري والعراقي واليمني والليبي والمصري والتونسي والفرنسي والكويتي ووووووووووووووو وسترون في اي حقارة نحن ! السؤال هو لماذا !!

 

نيسان سمو الهوزي 28/06/2015

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.