اخر الاخبار:
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

إذا عاد بيّ الزمن ( نصف قرن ) ماذا كُنتُ سأفعل!// نيسان سمو

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نيسان سمو

 

عرض صفحة الكاتب 

إذا عاد بيّ الزمن ( نصف قرن ) ماذا كُنتُ سأفعل!

نيسان سمو

 

منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا أُفكر في كتابة السيرة الذاتية او بعض الهوامش المذكراتية ولكنني فشلتُ فشلاً ذريعاً ( راح اكتب عن فلم هندي يبدأ البطل فيه بالبكاء والعويل وينتهي بإنتحار البطلة وهي تلطم ) ! تركت الموضوع وحاولتُ ان اُبسط الملهاة واختصرها في كتابة سيرة نظرية مختصرة عن اهم الافعال التي قمتُ بها والتي كان من المفروض ان افعلها لو عاد بيّ الزمن لنصف قرن للوراء . 

 

اول هروب جماعي لنا الى دولة اخرى كان عام خمسة وسبعون وانا طفل صغير! بعد عام عُدنا  الى العراق الأبي وبدأ المسلسل التراجيدي ! الدراسة كانت عبارة عن عملية طفر الموانع . كل ربع ساعه كان يأتي احد الرفاق البعثيين ويقتحم الصف يسأل عن نيسان الكُردي لأنني كُنتُقد ادعيتُ بأنني كُردي وسأعود الى الشمال ولهذا لا استطيع ان انتسب الى الحزب . بدأت مفارز الجيش الشعبي تلاحقني قبل اي وجبة إلتحاق بأيام وأنا اهرب قبلهم الى كُردستان حتى تلتحق الوجبة ومن ثم اعود الى المقاعد الدراسية ( اتكون نصف السنة الدراسية قد انتهت ) . قضينا شبابنا بين الكر  والفر من هذا الفصيل وذاك الرفيق . بدأت الحرب الثانية وانا عسكري تحت الارض الى ان انتهت ! كل ما إستطعنا ان نفعله هو بقاءنا  على قيد الحياة . 

 

اقتربت الحرب الثانية ( ما اعرف اسميها حرب التحرير ، الاحتلال ، السقوط ، سقوط بغداد اقصد مو غير شيء )  ولكننا كنا قد تمكنا قبلها في الهروب السادس عشر والاخير . 

 

عادت بيّ الذاكرة وتمحصت وگلگلتُ كُل  تلك الفترة الزمنية الطويلة والمريرة لأُقيّم ما فعلته من الاخطاء وماذا كان عليّ فعله في اليوم الفلاني والحادثة العلانية والفترة الزمانية إذا عاد به الزمن فلم اجد غير إن افضل شيء عملتهُ وقمتُ به هو الهروب الاخير ! 

 

لم اجد  اي اخطاء قمتُ بها غير النجاحات ! نجاح البقاء على الحياة ومن ثم الهروب . 

 

هذا اشرف وانجع وافضل وأقدس عمل قمتُ به في كل تلك الفترة الزمنية التي عشتُ بها في بلدي بلد الخيرات والحضارات والانبياء وانا واثق بأن هذا العمل هو مفخرة لمعظم العراقيون الذين هربوا من العراق وأُمنية كل عراقي لم يستطع او لم تسعفه ظروفه للقيام بذلك الهروب ،بإستثناء الذين استغلوا ونجحوا في نهب العراق وتهريب خيراته للخارج وفي إنتظار اللحاق  بتلك الاموال . اي منذ الولادة الى لحظة الهروبكُ نا مسيرين ومضطرين للتسايس والتحايل والقبول والمساومة لا من اجل الاقتناع او الادراك او الموافقة المقرونة بالإستيعاب واتخاذ القرار والمشاركة فيه بل فقط من اجل البقاء على قيد الحياة ! يعنو اذا عاد بيّ الزمن سوف لا افعل اي شيء غير الذي فعلته تماماً ! وهذه مصيبة وبلوة وكارثة على حياة الانسان ( واحد يعود خمسون سنة للوراء ويبدأ حياة جديدة وليس لديه حلم واحد او تغير ما في كل تلك الفترة ) ! مضحكة ماوراءها مهزلة ! يعني حياتنا كانت بلا اي قيمة او فعل او حتى معنى ، مجرد حشرات تم خنقها تحت ارجل المجرميين من كل الاشكال ، مو بَس السياسية ، لاء ومعها المذهبية والطائفية والتاريخية وحتى الاجتماعية والفكرية لا بل حتى الى مستوى الشارع . مجردحشرات فطس الكثير منها تحت تلك الاقدام ونجى وبالصدفة البعض منها ( اذا انا حشرة اشلون تطلبون  مني المشاركة في العمل والبناءوالابداع ) ! 

 

منذ عقود وكل العقول هربت وتركت بلد الانبياء والحضارات ،  وملايين العراقيين هربوا وانتشروا  في كل ارباع العالم والباقي يحلم وينتظر تلك اللحظة ( ومع هذا نفوس العراق تضاعف مرتيّن فهل من تفسير ! لماذا ينجب العراقيون الاطفال ليقتلوهم في النهاية ) . عدد الاخوة الاكراد الذين هربوا من العراق بعد سقوط صدام  تضاعف ثلاث مرات عن ما قبل السقوط ( يُمكن الشغلة متعلقة التراب أو المقدسات ) ! والله فكرة . 

 

كيف سيتم بناء بلد وتعمير اقتصاد وتربية الاجيال وشعب بأكمله ينتظر لحظه الهروب ! كيف ستقوم قائمة بلد الاديان والحضارات وجَم احلام شعبه المؤمن هي الوصول الى بلدان العالم الكافر ( والله راح تندمون ) . بَس اذا ترامب هرب او راح يهرب بقت الشغلة على العراقيي ! 

 

الهولة والمصيبة التي نحن فيها هنا في الغرب والذي اعتقدنا بأننا وصلنا الى بر الامان وجدنا أنفسنا في الفترة الاخيرة بأننا في العراق ! نفس التعاليم وعين التقاليد وذلك الارهاب . في العراق لم أصادف يوماً احدهم قال لي هذا الاكل حلال وذاك  حرام  ( يارجُل بدأت احلم بتلك البلدان من جديد ) ! وهنا حتى الغربي اول ما ينظر إلى رأسك الكبير يقول لك لا تشتري من هذا لأنه مذبوح على الطريقة الغربية بينم ا هذاك على الطريقة الإسلامية ( يعني حلال ) . 

 

صادقاً منذ فترة ليست بالقصيرة بدأت تنتابني افكار غريبة خوفاً من المستقبل وتخطر ببالي الهروب والعودة مرة اخرى الى اي دولة عربية تخلو من الارهاب والحلال والحرام ! عندما تنتهي المصائب والبلاوي في بعض الدول العربية سيكون الارهاب والتخلف قد ساد الغرب ! ايعني نهرب من جديد ! يجب البحث عن دولة إسلامية نعود إليها هرباً منذ الذي يحصل في الغرب والذي سيحصل لنعيش باقي عمرنا القصيرفيها ( شنو كتب انبياءنا الهروب بإسمنا ) ! 

 

اعظم واجمل حلم لأي إنسان على وجه الارض اذا سألته عنه ، سيقول ودون تردد عودة الزمن بيّ ربع او نصف قرن للوراء حتى اقوم بما كان يجب ان اقوم به او افعل ما لم افعله في حياتي ، فقط العراقي لا يتمنى تلك العودة ، لأن افضل شيء واعظمه في حياته هو هروبه ونسيان كل ذلك العمر وتلك الفترة ( مو زين بقى عائش ) ! الفرق كبير وكبير جداً ، والأعظم من كل هذا وذاك هو إنسابهم لكل تلك المصائب والبلاوي والجرائم الى الله ( عادي ، اذا كان كُل شيء مكتوب مسبقاً فلا دخل للإنسان فيها ) ! إذاً لم يبقى لنا وأمامنا غير تكرار الكليشة الجاهزة المتخثرة في دماغنا : الحمدلله على كل شيء وعلى لا شيء. والله فكرة .

 

لا يمكن للشعوب المتأخرة التقدم دون البدأ من نقطة الصفر ! 

 

نيسان سمو 13/11/2020

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.