كـتـاب ألموقع

14-2 يوم الحب والشهادة// باسل شامايا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

باسل شامايا

 عرض صفحة الكاتب

2-14 يوم الحب والشهادة

باسل شامايا

القوش/ العراق

 

كم من رجال شجعان ما فتأت الذاكرة تطرق حضورهم وذكراهم معنا وتستذكرما سطروه من الشجاعة والاقدام، اولئك الذين نكروا ذاتهم وجادوا بأرواحهم من اجل القيم والمُثل العليا التي كانوا يؤمنون بها، ومع مرور الزمن اصبحوا شموعا أناروا الدرب للأجيال فأثمروا طريقا معبدا بالحرية لشعبهم ووطنهم الصابر، فنالوا مجد الشهادة، لكنهم بقوا في احاسيسنا وضمائرنا أحياء كعبير الزهور الطرية التي تمنح الحب والعطاء. فقبل 64 سنة اعتلى ثلاثة ابطال من ابناء الرافدين ( فهد، صارم، حازم) أعواد المشانق في قلب العاصمة بغداد بعد ان خيرهم الاستعمار وجلاوزته بين ان يعيشوا حياة العبودية والذل تحت مخالب المستعمر الجشع أو أن يموتوا شرّ ميتة، فاختاروا الموت بديلا عن الخضوع والعمالة والعبودية للمستبد الغاشم.. فضلوا الموت بشرف من اجل قضية شعبهم العادلة على التبعية التي لا تجلب لهم الا العار والخذلان، لم يثنهم الموت عن التواصل في ذات الطريق الذي سيدفعون ضريبته حياتهم.. رفعوا هاماتهم عالية وهم يعتلون منصة الخلود وفي لحظاتهم الاخيرة قبل أن يوقف الجلاد حياتهم عن الخفقان صرخوا ملء اصواتهم: (لا للاستعمار، لا للرجعية، لا للخونة) ولم يكتفِ الاستعمار وجلاديه بشنقهم بل عُلقوا في ساحات بغداد ظناً منهم بأنهم سيجعلونهم عبرة للغير، وبدلا من إرهاب الناس وتراجعهم بفعلتهم تلك وابعادهم عن ذلك الطريق الذي فرشوه بدمائهم الطاهرة، تفاجأ المجرمون داخل الوطن وخارجه بازدياد عدد السائرين على خطى الشهداء، ولم يمر على استشهادهم اكثر من عشر سنين، اي بعد اشراقة ثورة 14 تموز 1958 الخالدة بعام واحد، حتى طافت شوارع بغداد بالاحرار من مختلف شرائح المجتمع العراقي والبالغ عددهم اكثر من مليون ثائر حرّ. فالدماء التي سالت وخضبت ارض العراق انجبت مئات الالاف من احرار العراق، وهكذا مع مرور الزمن تحول اولئك الابطال الى رموز وطنية وانسانية، وسار على دربهم الكثير من احبة هذا الوطن حتى نالت جموع غفيرة من انبل وأخلص الناس منهم شرف الشهادة بعد ان طرزوا تأريخ الوطن بمآثرهم ومواقفهم وبطولاتهم ومن اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، حيث وجدوا في الاستشهاد من اجل مبادئهم تعبيرا لأرقى وأسمى حب في الحياة، وبالرغم من حبهم وتعلقهم بها الا ان الشهداء  فضلوا الموت ناكرين ذاتهم من اجل ان يكونوا مصدرا لسعادة الغير.. لقد كانوا صادقين في حبهم وانتمائهم لبلدهم، حملوا بين أوصالهم انسانية لا تضاهيها إنسانية وترجموها فعلا حينما وهبوا حياتهم من اجل تحقيق الهدف السامي الذي نادى به احرار العراق (وطن حر وشعب سعيد). وحينما ولد من رحم الشر والرذيلة طغاة لم يعرفوا في حياتهم الا لغة العنف والقتل في مواجهة الحق المتجسد في الاباة والاصلاء من الغيارى في جميع ارجاء المعمورة وبشكل خاص بلدنا النازف، وعندما يأس الاشرار من كل محاولات اغراءاتهم لثنيهم عن التواصل في طريقهم، ومن اجل ان يحافظوا على عروشهم اصدروا احكامهم الجائرة في تصفيتهم وابعادهم عن مصالحهم التي تشبثوا بعروشهم من اجلها.. هكذا ومن اجل تلك الدماء المهراقة اختير يوم 14-2 من كل عام يوما وطنيا للشهيد الشيوعي ويوم الحب الذي دفع ضريبته محب اعدمه الدكتاتور قبل سنين طويلة للحفاظ على عرشه.. وبهذه المناسبة الاليمة والتي هي بنفس الوقت مصدر اعتزاز وفخر ينحني كل الوطنيين اكراما وعرفانا لأولئك الغيارى شهداء الشعب والوطن لوقوفهم الشجاع ولصلابة مواقفهم وتحديهم لأعتى نظام موغل بالاجرام.. شهداء فرشوا بدمائهم طريق الحرية لهذا الوطن المبتلى وعلى مر السنين، ناذرين حياتهم قربانا للإنسانية التي تشبعوا بقيمها السمحاء.. عاشوا بكرامة ونفس ابية، لم يتلونوا بل ثبتوا على مبادئهم وبالرغم من تعرضهم لشتى صنوف الاضطهاد والتعذيب لكسر شوكة صمودهم وعلى ايادي احقر ازلام الاجهزة القمعية الظالمة وبإشراف جناة لا يمتون بصلة للإنسانية، هدفهم قتل الإنسانية المتجذرة بأولئك الذين حملوا الأمانة التي وضعت بأعناقهم فصانوها من شرورهم وتساموا من اجلها فوق جراحاتهم مؤمنين بان تضحياتهم ستكون يوما معولا لهدم صروح الظلم والطغيان، فجسدوا البسالة والبطولة بأروع صورها حتى نالوا مجد الشهادة اسوة برفاقهم الذين سبقوهم الى رحاب الخالدين. وفي ختام مقالي أتقدم بألم واعتزاز الى عوائل وذوي الشهداء بصادق مواساتي متمنيا لهم صبرا وسلوىً على فقدانهم احبتنا الراحلين الذين سيبقون احياءا ولهم الذكر الطيب دائما وابدا.