اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

هل الماركسية لا زالت حاضرة في عصرنا؟ (2)// محمد الحنفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد الحنفي

 

عرض صفحة الكاتب 

هل الماركسية لا زالت حاضرة في عصرنا؟ (2)

محمد الحنفي

المغرب

 

تميز الماركسية عن غيرها:

إن أهم ما يجعل الماركسية، والفكر الماركسي، منذ ظهورهما، في القرن التاسع عشر، وإلى يومنا هذا، وإلى ما لا نهاية، هو تمييزها عن غيرها، من التيارات الفكرية، والثقافية، والسياسية، فلسفة، وعلما، ومنهجا، وممارسة، وسعيا مستمرا إلى إعداد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعيا، وتنظيما، وانخراطا في النضال، من أجل تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بما تقتضيه مصلحة العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، والعمل على بناء الدولة الاشتراكية، التي تضمن التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية.

 

وهذا التميز، الذي لا زال يحظى بالاهتمام الكبير، لا يمكن تفعيله بالمعنى الصحيح للتفعيل، إلا في إطار ممارسة الصراع الطبقي، الساعي إلى نفي الاستعباد، وممارسة التحرر، ونفي الاستبداد، وممارسة الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ونفي الاستغلال، وتحقيق التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، على جميع أفراد المجتمع، مهما كان لونهم، أو جنسهم، أو عقيدتهم، أو لغتهم، لضمان المساواة فيما بينهم ،على جميع المستويات، حتى يتمتعوا بجميع الحقوق الإنسانية، كما تراها الماركسية، في إطار الدولة الاشتراكية، التي يقيمها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والتي تنتفي فيها العبودية، والاستبداد، والاستغلال، وكل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

 

وتتميز الماركسية عن غيرها، بناء على أن:

 

1) الماركسية فلسفة. ومهمة الفلسفة، هي طرح السؤال. والسؤال الماركسي، يستهدف الجوهر، ولا يكتفي بالقشور التي تبلى مع الزمن. واستهداف الجوهر، يعني البحث في عمق إشكالية الوجود البشري برمته، وكيف نجعل هذا الوجود، مصدر التحرر الإنساني من العبودية، ووسيلة لاجتثات جذور الاستبداد، ومجالا للتخلص من الاستغلال المادي، والمعنوي للإنسان، في مقابل تحقيق الديمقراطية، والاشتراكية.

 

ومعلوم، أن سؤال الماركسية، يحمل في مضمونه، عناصر الجواب العلمي، الذي ينمي فينا التمتع بالعلم الماركسي، الذي لا يمكن أن يكون، كذلك، إلا إذا قام على أساس امتلاك المنهج العلمي، الذي يمكن اعتباره وسيلة للتحليل الملموس، للواقع الملموس، لتكون الماركسية، كفيلة بطرحها للسؤال الفلسفي الماركسي، لا تسعى إلا إلى إنتاج العلم الماركسي، الذي لا يتوقف، مما يترتب عنه طرح اسئلة ماركسية لا تتوقف.

 

2) الماركسية علم، ومهمة العلم، هي تقديم المعرفة العلمية بالواقع، حتى يصير في متناول العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يحرصون على تغييره لصالحهم: ماديا، ومعنويا، والسعي إلى إنماء تلك المعرفة، وتطورها، حتى تستوعب المنهجية العملية، التي تعمل على تغيير الواقع، في مستوياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل جعله في خدمة الإنسان، أنى كان هذا الإنسان، وكيفما كان؛ لأنه هو المفكر، وهو العامل، وهو الكادح، وهو المترجم للعلم الماركسي، إلى واقع ملموس، يقتضي طرح المزيد من الأسئلة، التي تفرض أجوبة علمية محددة، تساهم بشكل كبير في نماء العلم الماركسي، بدون حدود.

 

3) الماركسية منهج للعلم . والماركسية لا يمكن أن تكون ماركسية، إلا بمنهجها المادي الجدلي، والمادي التاريخي، المتطورين باستمرار،  بقوانينهما: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، التي يمكن توظيفها في التحليل الملموس، للواقع الملموس في تطوره، الذي يمكننا من معرفة الواقع المتطور، معرفة علمية دقيقة ومتطورة، في نفس الوقت، تمكننا من امتلاك نظرية عن الواقع المتطور، القائم في الزمان المتحول والمكان المتغير، وفي نفس الوقت، معرفة ما يجب عمله، من أجل تغييره، في أفق التحرر، والديمقراطية، والاشتراكية، وإقامة الدولة الاشتراكيةن التي تضمن التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ لأن المنهج الماركسي، هو الذي يعطي للماركسية مدلولها، وهو الذي يجعلها متميزة بالدرجة الأولى، عن المنهج الإقطاعي، وعن المنهج البورجوازي / الرأسمالي، وعن المنهج البورجوازي الصغير، وعن منهج اليمين المتطرفن وعن منهج اليسار المتطرف، وعن مناهج مؤدلجي الدين الإسلامي... إلخ.

 

4) المنطلقات المنهجية في الفلسفة الماركسية، وفي العلم الماركسي، وفي المنهج الماركسي، منطلقات مادية، بدل المنطلقات الغيبية المعتمدة في المنهج الإقطاعي، وفي المنهج الرأسمالي وفي منهج التحالف البورجوازي / الإقطاعي، وفي المنهج البورجوازي الصغير، وفي منهج اليمين التطرف، وفي منهج اليسار المتطرف، وفي مناهج مؤدلجي الدين الإسلامي... إلخ، سواء كانت هذه المنطلقات خرافية، أو ما ورائية ـ مثالية، أو متعددة، أو موحية بالتطرف اليميني، أو اليساري، أو دينية؛ لأنه، في الماركسية، لا يتم الأخذ بالخرافة، أو بالما ورائيات ـ مثاليات، أو بما يوحي بالتطرف، أو بالدين، التي تلعب دورا أساسيا، في تضليل المتلقية، أو المتلقي،  حتى لا يشعر لا بالذات، ولا بالواقع، وحتى لا يدرك موقعه من علاقات الإنتاج: الإقطاعية، أو الرأسمالية. وهو ما تعمل الماركسية: كفلسفة، وكعلم ماركسي، وكمنهج ماركسي، على تنفيذه جملةن وتفصيلا؛ لإثبات أن المنطلق المادي، هو الذي يمكننا من معرفة دقائق الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وهو الذي يمكن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وهو الذي يجعلهم يمتلكون الوعي بالذات، وبالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ويدركون أهمية معرفة الموقع من علاقات الإنتاج القائمة، وأهمية دور العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في العملية الإنتاجية، على مستوى المؤسسة الإنتاجية، وعلى المستوى العام؛ لأنه بدون المنطلق المادي، سيصاب العمال، وباقي الأجراءن وسائر الكادحين، بالتيهان، عندما يعتمدون منطلقات خرافية، أو ما ورائية ـ مثالية، او متعددة، أو موحية بالتطرف،  أو حتى دينية؛ لأن هذه المنطلقات اللا مادية، لا يمكن أن تقود إلى معرفة الواقع، أو إلى امتلاك وعي معين بالذات، أو بالواقع، بقدر ما تقود إلى التيهان، الذي يستفيد منه الإقطاعيون، أو الرأسماليون، أو البورجوازية الصغرى، أو اليمين المتطرف، أو اليسار المتطرف، أو مؤدلجي الدين الإسلامي، في إطار التشكيلة الإقطاعية، أو الرأسمالية.

 

5) الماركسية بفلسفتها الماركسية، وبعلمها الماركسي، وبمنهجيتها الماركسية، تسعى إلى تغيير الواقع تغييرا جذريا، في اتجاه التحرر، والديمقراطية، والاشتراكية، التي تنتفي معها العبودية، والاستبداد، والاستغلال، والعمل على بناء الدولة الاشتراكية، التي تتجاوز مهمتها المتمثلة في تنظيم المجتمع، إلى الإشراف على التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنويةن حتى لا تبقى الثروة محتكرة، من قبل الإقطاعيين، في التشكيلة الإقطاعية، أو من قبل البورجوازيين، ومن يدور في فلكهم، في التشكيلة الرأسمالية؛ لأن التشكيلة الإقطاعية، والتشكيلة الرأسمالية، قائمتان على الاستغلال المادي، والمعنوي، لكل الكادحات، والكادحين، كيفما كانوا، وأينما كانوا.

 

أما التشكيلة الاشتراكية المتطورة، والمنفتحة على المستقبل، فلا تهتم إلا بالإنسان، المنتج للثروة المادية، والمعنوية، والتي من حقه أن يتمتع بها، مما لا يمكن أن يتم إلا بقيام الدولة بالإشراف على التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، على جميع أفراد المجتمع الاشتراكي، مهما كان لونهم، أو معتقدهم، أو جنسهم، أو لغتهم؛ لأن غاية الاشتراكية، هي تحقيق العدالة.

 

6) أن الماركسية تستفيد من تطور العلوم، والتقنيات الدقيقة، والفكر، والفلسفة، والآداب، والفنون، لصالح تحقيق رفاه الإنسان، الذي يتوفر له وقت أكثر، من أجل التمتع بملذات الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا تهتم، أبدا، بتكديس الثروة، التي يجب أن تصير في خدمة الإنسان، وليس العكس، بخلاف الإقطاع المحتضن للخرافة، التي تشتغل عليها العقول، التي تصير منشغلة عن ممارسة الإقطاعيين، لاستغلال عبيد الأرض، وبخلاف البورجوازية، التي لا تعتمد إلا على الفكر الغيبي، الذي لا يتأذى منه إلا العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يغرقون في المثاليات، ويصيرون حالمين، بتحولهم، بين عشية، وضحاها، إلى بورجوازيين كبار، ليصيروا، بأحلامهم، مجرد متطلعين، لتحقيق التطلعات الطبقية، التي لا يمكن تحقيقها، إلا بممارسة العمالة الطبقية، التي تلحق أضرارا كبيرة، بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

وإذا كانت الماركسية، توظف الاستفادة من التطور، الذي تعرفه العلوم، والتقنيات، والآداب، والفلسفة، والفنون، لصالح تحقيق سعادة الإنسان، فإن الإقطاع لا يهمه أن يستفيد من تطور العلوم، والتقنيات بالخصوص، إلا إذا كان ذلك يخدمه، في إرهاب عبيد الأرض، الذين لا يزدادون إلا ارتباطا بالأرض، وخدمتها، حتى تنتج أكثر، لصالح الإقطاع، حتى يضمن الاستمرار في خدمة الأرض، وبإخلاص، وأن البورجوازية التي لا تسعى إلا إلى مضاعفة أرباحها، فإنها تستفيد من التطور، الذي تعرفه العلوم، والآداب، والتقنيات، في تطوير البضائع، التي تنتجها، حتى تدر عليها تلك البضائع، المزيد من الأرباح، التي تجعل الرأسمال البورجوازي ينمو، بحسب متوالية هندسية، ترفع من شأن البورجوازية، التي تستطيع إنجاز ما تريد، من مؤسسات صناعية، وخدمات، بالإضافة إلى مضاعفة استغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل الاستمرار في مضاعفة الرأسمال، الذي يمتص كل ما في الجيوب.

 

فالماركسية كفلسفة، تبقى متميزة عن باقي الفلسفات، على مستوى منطلقات التفكير الفلسفي، وعلى مستوى الرؤيا الفلسفية للعالم، وللكون، ولتصور الرؤيا، ولطرح السؤال.

 

والماركسية كعلم، تبقى متميزة عن باقي العلوم غير الماركسية، على مستوى اعتماد القوانين العلمية، التي تصوغها، على مستوى تفعيل تلك القوانين، في التعامل مع واقع معين، بما في ذلك التاريخ، الذي يتحول إلى علم مادي.

 

والماركسية كمنهج، تبقى، كذلك، متميزة على مستوى المنطلقات، وعلى مستوى القوانين الموظفة، في تفعيل المنهج الماركسي، في التحليل الملموس، للواقع الملموس.

 

والماركسية كمنطلق منهجي مادي، تختلف عن المنطلقات المنهجية المثالية، في التعامل مع الواقع المادي، لنصل إلى نتائج مختلفة، علمية، وغير علمية.

 

والماركسية كفلسفة ماركسية، وكعلم ماركسي، وكمنهج علمي ماركسي، تسعى إلى تغيير الواقع، بخلاف الفلسفات، والعلوم، والمناهج الإقطاعية، والبورجوازية، لا تسعى إلى تغيير الواقع، بقدر ما تسعى إلى إعادة إنتاج نفس الهياكل الإقطاعية، أو البورجوازية، التي تتجدد باستمرار، من أجل إطالة عمرها، حتى لا تتغير، من بين ما يتغير، بتفعيل المنهج الماركسي، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يصير، بفعل الماركسية، في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إما جزئيا، أو كليا.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.