كـتـاب ألموقع

هل الماركسية لا زالت حاضرة في عصرنا؟ (14)// محمد الحنفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد الحنفي

 

عرض صفحة الكاتب 

هل الماركسية لا زالت حاضرة في عصرنا؟ (14)

محمد الحنفي

المغرب

 

تغيير الواقع بفعل الماركسية:

عندما وجدت الماركسية في القرن التاسع عشر، وجدت لتصارع، ولم توجد لشيء آخر غير الصراع، إلا إذا كان الماركسيون في اتجاه الحرص على التبرجز، وتخلوا عن ماركسيتهم، وكثير ما هم، إذا سكنت جماجمهم عقلية البورجوازية الصغرى، المريضة بالتطلعات الطبقية.

 

والصراع في فكر، وفي ممارسة الماركسية، والماركسيين، هو صراع أيديولوجي، وسياسي، وتنظيمي، واقتصادي، واجتماعي. فالماركسي المخلص للماركسية، عندما يصارع أيديولوجيا، يصارع، في نفس الوقت، تنظيميا، ويصارع سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، بهدف جعل الماركسية شائعة في المجتمع، ومتغلغلة في فكر، وفي ممارسة الأفراد، والجماعات، وفي صفوف الشعب، أي شعب، من أجل أن تصير الماركسية هوية له، حتى يتغير واقعه الأيديولوجي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

 

فالصراع الأيديولوجي، هو صراع ضد أيديولوجية الحكم، كيفما كان هذا الحكم، ملكيا، أو جمهوريا، ما لم يكن ماركسيا، وضد أيديولوجية الأحزاب البورجوازية، وأحزاب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وضد الأحزاب الإقطاعية، والبورجوازية الصغرى، والمتوسطة، وضد أيديولوجية كل حزب رجعي متخلف، بما في ذلك الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، أو مؤدلجة لأي دين، باعتبار هذه الأحزاب، تحرف مختلف الأديان، من أجل تحقيق أهداف اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، بتحويل الدين، أي دين، من كونه شأنا فرديا، إلى كونه شأنا جماعيا، يوظف في كل شيء، أيديولوجيا، وسياسيا، حتى لا يجعل المؤمن به، يتحلى بالقيم النبيلة لأي دين، بما في ذلك الدين الإسلامي، الذي يعتبر الإيمان به شأنا فرديا.

 

وقيام الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، بممارسة الصراع الأيديولوجي، ضد مؤدلجي الدين، أي دين.

 

وهذا النوع من الصراع، هو صراع ضد الدين، كما يذهب إلى ذلك مؤدلجو الدين الإسلامي، بل إن الماركسية لا تصارع الدين، بقدر ما تصارع أدلجة الدين، لأي دين؛ لأن الدين شأن فردي، والشأن الفردي، ليس عاما، وليس وسيلة لممارسة الصراع الأيديولوجي، مهما كانت متغلغلة في صفوف الشعب، أي شعب؛ لأنه مهما كثر الأفراد المؤمنون بالدين، في ممارسة طقوسه، المتلائمة مع المعتقد، الذي يؤمن به.

 

وبالتالي، فإن الماركسية لا شأن لها بما يؤمن به كل فرد، ولا بالطقوس التي يمارسها كفرد، أو في إطار الجماعة، كما يحصل في البيع، وفي الكنائس، وفي المساجد، في إطار ديانة موسى، أو في إطار ديانة عيسى، أو في إطار دين الإسلام، ولكن عندما يتم تحريف أي دين، من أجل أن يصير مؤدلجا، وتتأسس، بناء على أدلجته، أحزاب سياسية، لا تكون إلا معادية للماركسية؛ فإن الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، تجد نفسها، وجها لوجه، مع أدلجة أي دين، سواء كان يهوديا، أو مسيحيا، أو إسلاميا؛ لأن الهدف من أدلجة الدين، أي دين، هو جعل المؤمنين به يتجيشون وراء مؤدلجيه، الذين تصبح لهم أحزاب، وتوجهات مؤدلجة للدين، أي دين، تقوم بقيادة الصراع الديني المؤدلج، ضد الماركسية، والماركسيين. ولذلك، نجد أن الماركسية، تجد نفسها، وجها لوجه، في صراع أيديولوجي / تناحري، ضد مؤدلجي الدين، أي دين. والمشكلة القائمة هنا أن:

 

ـ أدلجة الدين، أي دين، ليست هي الدين الذي جاء به موسى، أو جاء به عيسى، أو جاء به محمد؛ لأن أدلجة الدين، ليست وحيا منزلا، بل هي من اختراع مؤدلجي الدين، من أجل إيجاد الأساس الأيديولوجي، الذي يعتمده المؤدلجون، في إيجاد أحزاب، وتوجهات أيدولوجية، تعتبر نفسها دينية، تعطي لنفسها الحق في تكفير المقتنعين بالماركسية، ودعوة العامة إلى قتلهم، باعتبارهم كفارا، وملحدين.

 

ـ الماركسية، والماركسيين، لا يميزون في صراعهم بين الدين، وأدلجة الدين، الأمر الذي يترتب عنه الاعتقاد: أن الماركسية ضد الدين، ولو صارت الماركسية تميز بين الدين، وبين أدلجة الدين، لاحترمت كل المعتقدات الدينية، مهما كانت، فإذا تأدلجت، فإن على الماركسية أن تصارع أدلجة الدين، وأن تحافظ على احترام كافة المعتقدات، باعتبارها شأنا فرديا (شخصيا).

 

أما الصراع ضد الأيديولوجيات الإقطاعية، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، والبورجوازية الصغرى، بالإضافة إلى أيديولوجيات الأحزاب، التي تدعي أنها دينية، مع أن اي دين، لا يمكن أن يكون إلا شأنا فرديا، وليس شأنا حزبيا، خاصة، وأن الأحزاب المؤدلجة للدين، أي دين، لا تكفر لا الماركسية، ولا الماركسيين، ولا تلحدهم.

 

ومعلوم: أن واقعا معينا، عندما تسود فيه الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، يتغير فيه الفكر، وتتغير فيه الممارسة، وتتغير فيه التنظيمات الأيديولوجية، والسياسية، ويتغير الأمل في المستقبل، ويصير فيه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ساعين إلى تحقيق التحرير من كل أشكال العبودية، والديمقراطية: بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والعدالة الاجتماعية: بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وما يسعى إليه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. هو طموح كل المجتمعات الإنسانية، التواقة لتحقيق الكرامة الإنسانية؛ لأنه، لا كرامة بدون تحرير، ولا كرامة بدون ديمقراطية، ولا كرامة بدون عدالة اجتماعية، كما هو حاصل الآن، في معظم مجتمعات الأنظمة التابعة للأنظمة الرأسمالية، التي تغرق في خدمة الدين الخارجي، من أخمص قدميها، إلى هاماتها، لتدخل في نفق من شظف العيش، لا تخرج منه أبدا، إلا بالوعي بالذات، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والنضال من أجل تغيير الأوضاع المختلفة، انطلاقا من العمل على تعميق الوعي، ورفع مستوى الوعي، الذي لا يكون إلا بمنطلق مادي، وبفكر ماركسي، ومنهج علمي، في التحليل الملموس، للواقع الملموس.

 

وبناء على قيام الماركسية بتغيير الفكر السائد في المجتمع، من فكر غيبي، يعتمد المنطلقات الغيبية: المثالية، أو الدينية، أو الخرافية، إلى فكر واقعي، بمنطلقات مادية / واقعية، تهدف إلى نقض كل ما هو غيبي، وما يبنى عليه من أفكار، والشروع في بناء منظومة فكرية / واقعية، بمنطلق مادي، تعتمد في العمل على إعداد الواقع المادي، من أجل الوعي بالهوية وبمعرفة القوانين المتحكمة فيه، والعمل على تغيير تلك القوانين، في أفق تغيير الواقع، من واقع تفتقد فيه الحرية، إلى واقع يتمتع فيه جميع أفراد المجتمع بحرياتهم المختلفة، ومن واقع تفتقد فيه الديمقراطية، إلى واقع تتحقق فيه الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بعيدا عن ديمقراطية الدولة التابعة، في أي بلد من البلدان التي كانت محتلة سابقا، التي صارت تسمى بديمقراطية الواجهة، ومن واقع يسود فيه الاستغلال المادي، والمعنوي الهمجي، لكل فرد من أفراد المجتمع، وبالبشاعة التي يصعب تصور نتائجها، على جميع أفراد المجتمع، وبالبشاعة، التي يصعب تصور نتائجها، على جميع أفراد المجتمع، وبالبشاعة التي يصعب تصور نتائجها، على جميع أفراد المجتمع، إلى واقع تتحقق فيه العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة: المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية، وبناء الدولة الاشتراكية.

 

ومن أهم ما تقوم به الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، والعمل على تغيير المنظومات الفكرية، من منظومات تعتمد الفكر الغيبي، أو الديني، أو الخرافي، لإنتاج المزيد من الفكر الغيبي، ومن الفكر المؤدلج للدين، ومن الفكر الخرافي، الذي يدخل الناس في متاهة التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يعتاش منه المستغلون، والمرتشون، وناهبو الثروات المادية، ومخوصصو الثروات المعنوية، والعاملون على تفقير غالبية جميع أفراد المجتمع، من أجل أن يختزنوا الملايير، التي يتم تهريبها إلى الأبناك الخارجية، ليحرم منها الشعب، في كل بلد رأسمالي تابع، يحرم أفراده من حقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلى منظومات تعتمد الواقع المادي، لإغلاق أبواب الغيب، والدين، والخرافة، كمنطلقات لبناء الفكر، لتصير المنظومات الفكرية، المؤسسة على اعتماد الواقع المادي، وسيلة لجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يمتلكون وعيهم بالذات، وبالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل العمل على جعله في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، عن طريق تحرير المجتمع، وتحرير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من العبودية المهينة، التي لا زلنا نعيشها في القرن الواحد والعشرين، وعن طريق فرض اعتماد الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتمتع المجتمع برمته، وبتمتيع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالديمقراطية، وبالحقوق التي تضمنها كلها: العوامل الجديدة، التي يقتضيها التحليل الملموس، للواقع الملموس، وعن طريق فرض العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الدولة الاشتراكية، لحماية المجتمع المتحرر، والديمقراطي، والعادل.