كـتـاب ألموقع

نبدأ من الأسس في أي تنمية مستقبلية (15)// محمد الحنفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد الحنفي

 

عرض صفحة الكاتب 

نبدأ من الأسس في أي تنمية مستقبلية (15)

محمد الحنفي

المغرب

 

اعتبار كل مسؤولية حكومية أو سلطوية أو برلمانية أو جماعية تستلزم التصريح بالممتلكات: .....9

 

د ـ وعلى المستوى السياسي، في أبعاده المختلفة، في البعد الدولتي، والحكومي، والمؤسساتي، والحزبي، وغير ذلك من الأبعاد، التي تمتد إليها الممارسة السياسية، التي يراد لها أن تنحسر في الإجراء الانتخابي، كل خمس سنوات على مستوى البرلمان، وكل ست سنوات على مستوى الجماعات الترابية، فإنه يجب تخليص الممارسة السياسية، من كل أشكال الفساد، حتى تصير السياسة بصفة عامة، وسياسة الدولة، والحكومة، ومختلف المؤسسات المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية المنتخبة، خالية من كل أشكال الفساد السياسي. وهو ما يدفعنا إلى القول بأن:

 

أولا: الممارسة السياسية الدولتية، التي يجب أن تحظى بالحرص على التخلص من الفساد السياسي، سعيا إلى جعل الدولة، باعتبارها دولة وطنية ديمقراطية علمانية، ودولة للحق والقانون، ودولة للمؤسسات، خالية، في أجهزتها المختلفة، من الفساد السياسي، الذي يترتب عنه: تلويث كل شيء في حياة الدولة، وفي حياة المؤسسات، في مستوياتها المختلفة؛ لأن تجنب التلوث، والتلويث، لا يتم إلا بالحرص على أن تكون ممارسة الدولة السياسية، من خلال ممارسة المؤسسات السياسية الدولتية، بطبيعة الحال، مما يجنبنا الكثير من المشاكل، التي تشغل بالنا، والتي قد لا نجد لها حلولا تذكر، الأمر الذي لا يمكن تجاوزه، إلا بالحرص على تجنب الممارسة السياسية الفاسدة، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، الأمر الذي يترتب عنه: أن تصير الممارسة السياسية الدولتية، ممارسة وطنية ديمقراطية علمانية، حريصة على ضمان الحقوق، لجميع أفراد المجتمع، وعلى تطبيق القوانين المعمول بها، وعلى جميع المستويات.

 

ثانيا: الممارسة السياسية للحكومة، في تدبير الشأن العام: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. هذا التدبير، الذي يفتقر إلى الشرعية الشعبية، والشرعية الإنسانية، قبل أي شرعية أخرى، حتى وإن كانت قانونية، وحتى إن كان ما تقوم به الحكومة، التي يسميها البعض بالمحكومة، التي لا تخدم إلا مصالح الجهات العليا للحكم؛ لأن الشرعية الشعبية، تقتضي أن تكون اختيارات الحكومة ديمقراطية شعبية / إنسانية، وأن تلتزم بالبرنامج الذي قدمته إلى المواطنين، أثناء الحملة الانتخابية، وأن تعمل على نهج السياسة التي تقربها من المواطنين، على المستوى الوطني، وأن تحرص على تمتيع جميع أفراد المجتمع، بالحقوق الإنسانية، وعلى ضمان حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالإضافة إلى محاربة الريع المخزني، الذي يعتبر شكلا من أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وأن تضع حدا للاتجار في الممنوعات، وتهريب البضائع، من، وإلى المغرب، والعمل على التخلص من الفساد الإداري، ووضع حد لظاهرة الإرشاء، والارتشاء، التي أعطتنا ديناصورات من الفاسدين، والمفسدين، الذين أصبحوا، بالإرشاء، وبالارتشاء، من كبار الأثرياء، وعلى مستوى كل جماعة ترابية حضرية، أو قروية، وعلى مستوى كل مجلس إقليمي، وعلى مستوى كل مجلس جهوي؛ لأن محاربة هؤلاء، ومن على شاكلتهم، يدخل في إطار محاربة الفساد، الذي يسيء إلى الشعب، وإلى الجماعات الترابية، وإلى الحكومة، وإلى الدولة، في نفس الوقت، إذا كانت الحكومة غير فاسدة، وكانت الدولة غير فاسدة، أما إذا كانتا فاسدتين معا، فلا ننتظر إلا أمر استفحال الفساد.

 

ثالثا: أما مؤسسات الدولة، فإن من مهامها، التي تفرضها شروط ارتباطها بالدولة، أن تعمل أولا، وأخيرا، على أن تلتزم بالاختيارات الديمقراطية الشعبية العلمانية، التي تعتمدها الدولة، وأن تعمل على الالتزام ببرامجها، التي وضعتها على أساس تلك الاختيارات، حتى تكون في خدمة الجماهير الشعبية الكادحة، وفي خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. أما إذا كانت مؤسسات الدولة، تتبع اختيارات لا ديمقراطية، ولا شعبية، فإنها لا يمكن أن تكون إلا في خدمة المؤسسة المخزنية، وفي خدمة البورجوازية، التي نعرف أن أصولها آتية من نهب ثروات الشعب المغربي، ومن الإرشاء، والارتشاء، ومن الريع المخزني، ومن الاتجار في الممنوعات المختلفة، ومن تهريب البضائع، من وإلى المغرب.

 

والمؤسسات الدولتية، التي تم إنشاؤها، بناء على الدستور المعتمد، كقانون أسمى للدولة، من أجل حماية الشعب من جهة، ومن أجل أن تكون في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من جهة أخرى، ومن أجل أن تكون، كذلك، في خدمة الشعب، من خلال التزامها بالقوانين المعمول بها، والتي يفترض فيها، أن تكون متلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

غير أن هذه المؤسسات، لا يمكن أن تفعل ذلك، أبدا، خاصة، وأن المكلفين بها، يتلقون تعويضات خيالية، عن المهام المؤقتة، التي يقومون بها، والتي تلزمهم بالالتزام بالتعليمات، لا بالالتزام بالقوانين المعمول بها، بما فيها القوانين المنظمة لتلك المؤسسات، من أجل أن تصير في خدمة الجهات، التي تتحكم في كل شيء، بما في ذلك كل مؤسسات الدولة، التي توجهها إلى ما يجب أن تكونه.

 

رابعا: وعندما يتعلق الأمر بالأحزاب السياسية، فإن المفروض فيها، أن تناضل من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، خاصة وأننا أمام أحزاب، لا أصل لها، ولا فصل؛ لأنها لم تنفرز عن تشكيل طبقي شرعي، حتى تكتسب شرعية الوجود، كأحزاب تعبر عن تواجد طبقي معين، أو عن تشكيل طبقي، يستهدف كل منها الوصول إلى السيادة الطبقية، ثم إلى السيطرة الطبقية.

 

وبالنسبة إلينا، فإننا يمكن أن تصنف الأحزاب إلى:

ـ أحزاب تاريخية، اكتسبت شرعيتها، من خلال مواجهة الاحتلال الأجنبي الفرنسي، والإسباني، ولكنها، بعد ذلك، انقسمت إلى أحزاب تتمسك بالدفاع عن شرعية الحكم، وأحزاب اختارت الارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة، التي انفرزت عنها.

 

ـ أحزاب تحرص على الارتباط بالشعب، والدفاع عن مصالحه، والنضال من أجل الديمقراطية، في أبعادها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يعتبر مدخلا للنضال، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وللنضال من أجل تمتيع جميع أفراد الشعب، بالحقوق الإنسانية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

ـ أحزاب إدارية، عملت الإدارة المخزنية، على تشكيلها، لتشويه المشهد الحزبي، والمشهد التاريخي، والمشهد الإنساني، في صفوف الشعب المغربي. وبعد ذلك، يتم اختيار المشكلين للأحزاب الإدارية، لعضوية المجالس الترابية، ولعضوية البرلمان، في نفس الوقت، حتى تكتسب الشرعية، عن طريق ممارسة كافة أشكال الفساد الإداري، والسياسي، والنهب الذي تتعرض له أموال الشعب، على جميع المستويات، من أجل أن تتحول الأحزاب الإدارية، إلى أحزاب تتكون من طبقات مصنوعة من النهب، ومن الإرشاء، والارتشاء، ومن الاتجار في الممنوعات، ومن التهريب، ومن الريع المخزني، ومن الغش في إيجاد المشاريع المختلفة... إلخ.

 

ـ حزب الدولة، الذي تكون من كبار الناهبين، وتجار المخدرات، والمرتشين، والمتمتعين بامتيازات الريع المخزني، والذي أصبح أول حزب سياسي، بعد التشكيل مباشرة، من خلال مشاركته، في أول انتخابات جماعية، بعد تكونه، ليحظى بالملايير  الواجبة للأحزاب السياسية، في أي انتخابات لا تكون حرة، ولا تكون نزيهة، نظرا لازدهار شراء الضمائر، التي تعرض نفسها للبيع، في سوق النخاسة، مقابل الحصول على أموال آتية من الريع المخزني، أو من نهب ثروات الشعب المغربي، أو من الإرشاء، والارتشاء، أو من الاتجار في الممنوعات، أو غير ذلك، مما يتجاوز كل المصاريف المرصودة للحملات الانتخابية، من قبل الدولة بعشرات المرات، إن لم تكن المآت.

 

وهذا الحزب، نال، كذلك، عددا مهما تجاوز المائة عضو في مجلس النواب، وكان يمكن أن يكون رئيس الحكومة منه، إلا أن الحزب المؤدلج للدين الإسلامي: (العدالة والتنمية)، الذي استطاع، بتضليله لعامة الناس، وخاصتهم، أن ينال أكثر من حزب الدولة، الذي صار، بعد ذلك، يتراجع، بافتضاح أمر المنتمين إليه، ودخولهم في صراع لا يتوقف أبدا، فيما بين الأفراد القياديين: محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، الأمر الذي لا بد أن يترتب عنه  تدهور وضعية الحزب، وطنيا، وجماهيريا.

 

أما الأحزاب، التي كانت معتبرة يسارية، قبل أن تتمخزن، تصير إلى جانب الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة، والأحزاب التي عملت على تصفية اليسار، من مختلف المؤسسات، وخاصة من القطاعين: التلاميذي، والطلابي.

 

فالتمخزن معناه: اختيار الارتباط بالمخزن، الذي يجر كل من ارتبط به، إلى اعتماد الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، لتزول الفوارق القائمة، بين من كان محسوبا على اليسار، من الأحزاب المشار إليها، والمتمخزنة، وأحزاب اليمين المحتضنة، من قبل الإدارة المخزنية، وحزب الدولة، ونفس الوجوه، يمكن أن تنتمي إلى أي حزب إداري، أو حزب الدولة، أو إلى أي حزب من أحزاب اليسار المتمخزن، أو إلى الأحزاب اليمينية التاريخية، التي اختارت أن يحتضنها المخزن، قبل، وبعد الاستقلال  الشكلي للمغرب، الذي لم يكتمل بعد، بسبب وقوع المغرب، بين كماشة الرجعية، المتخلفة، والظلامية من جهة، وبين كماشة الديون الخارجية، التي جعلت المغرب مأسورا لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى، التي يقترض منها الحكام، ما يضعونه بين أيدي الناهبين، على مدى التراب الوطني، والذين يترصدون ما يخصص للمشاريع، التي يضعونها، ويدعون أنها تخدم هذا الوطن، ليتبين، بعد ذلك، أن قيمة أي مشروع، مرصودة، لا لإنجاز المشاريع، بل من أجل نهبها، من قبل من يضع تلك المشاريع، ومن يقترحها على الدولة.

 

ـ الأحزاب اليسارية الحقيقية، التي تسعى إلى التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في أفق الاشتراكية . وهذه الأحزاب، تناضل في عدة واجهات، في الواجهة الحقوقية، والواجهة النقابية، والواجهة الثقافية، والوجهة السياسية، في أفق جعل المجتمع المغربي، يمتلك الوعي الحقوقي، والوعي النقابي، والوعي السياسي، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتأتى للشعب المغربي، أن يتحرك من أجل التغيير الشامل للأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

 

ـ التوجهات اليمينية المتطرفة، واليسارية المتطرفة، التي يتحدد دورها في التشويش على اليسار بصفة خاصة، إرضاء للجهة الممولة لليمين المتطرف، واليسار المتطرف. وهذه التوجهات، لا تسعى، أبدا، إلى تنظيم نفسها، أو إلى القيام بمراجعة فكرية شاملة، ولا تطرح أي بديل، من خلال مشروع مجتمعي، تقتنع به، وهذه الأنواع، من اليمين المتطرف، واليسار المتطرف، لا تخرج ممارستها عن ممارسة الحكم، وعن ممارسة الأحزاب اليمينية، واليسار المتمخزن، في انتهاز الفرص.

 

أما النقابات، فإن دورها، لا يخرج عن العمل على تنظيم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وقيادتهم، من أجل تحسين أو ضاعهم المادية، والمعنوية، ولا شيء آخر يقود إلى التحريف النقابي.

 

 وبالنسبة للجمعيات بصفة عامة، والجمعيات الحقوقية بصفة خاصة، فإن مهمتها، هي العمل على تحقيق الأهداف التي تحددت من أجل العمل على تحقيقها. وكل عمل تحشر فيه الجمعيات المختلفة، وخاصة الجمعيات التي تناضل من أجل ضمان حقوق الإنسان للجميع، لا يمكن أن يقود إلى تحريف العمل الجمعوي بصفة عامة، والعمل الحقوقي بصفة خاصة.

 

وسواء تعلق الأمر بالنقابات، أو بالجمعيات، فإن مسؤولية العمل الجماهيري، هي الأساس، وإن احترام مبادئ العمل الجماهيري، المتمثلة في الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، والكونية، والشمولية، هي الضامن الأساسي لاستمرار النقابات، والجمعيات، في أداء مهامها، الهادفة إلى تحقيق أهدافها المسطرة.