اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

شط أبو جفوف، شط الشامية: نبض للذكريات// ذياب مهدي آل غلآم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

شط أبو جفوف، شط الشامية: نبض للذكريات

ذياب مهدي آل غلآم

 

عسنك ياشط عسنك ، تنشف وعبرك كَيش ياشط عسنك

يامنك ياكــلها منك ، حـارمني شوف هواي ياكـلها منـك

حينما يذكر العراق، لأبد وأن يذكر بعظمة نهريه دجلة والفرات.. وكما أنه لكل عظيم امرأة، ولكل ثورة قائد، أيضاً لكل حالة عشق عراقي، شاطئ في دجلة الخير، او الفرات، أو ضفة نهر أو بحيرة. شط ابو جفوف، شط الشامية. هو قصة عشقي الأول. هو بيت أسراري الجميلة، وطفولتي، وانتظاري. شط بهذا الجمال يجتاز الشامية كعربيد، بدهلته للخير، وعلى ضفافه تحتضنه اشجار الصفصاف والغرب وبساتين النخيل، والعنبر الشتال بانواعه. يجتاز المدينة حاملاً مع حركة مويجاته البطيئة ألف قصة عشق وحب بكل ما فيها من سعادة وألم، ليقذفها إلى جوف اهوار جنوب المراثي العراقية، لتختلط مع ملايين من القصص الغرامية هناك في الرجع البعيد اهوارنا السومرية، مُشكلة معاً على سطح امواجه حكايات حب لا تنتهي.

شط ابو جفوف، شط الشامية:

كم ألف الشعراء معلقات في زرقتك حين الصيهود ودهلته الحمراء في خنيابه "فصل الربيع عادة". وفي وصف جماله، وكم وضع الملحنون مقطوعات موسيقية وغنائية لازالت خالدة من خلاله، انه الفرات السرمدي. مثله مثل كل الأنهار، خاطبته اللغات، وكأنه كائن مخاطب. ضفافه وعمقه المائي كلها صفحات كُتب عليها أحاديث المناجاة وعمق الصمت... الجلوس إلى ضفتيه، يعمق في الإنسان مساحة الحرية والأتساع، يفتح أمام الإنسان كل الخيارات، ويعطيه المدى، ليسترجع كل الذكريات التي سُجنت في اللاوعي، قد يضحك، قد يبكي، أو قد يصمت ليتوحد معه في انسيابه وحركته التي لا تتوقف.

لشط ابو جفوف المخضوضر الآن!؟ تسابيح في ذاكرتي حينما كانت دهلته خير وعطاء وانماء، تسابيح مثله مثل كل المخلوقات الأرضية، ولكن لا يفهم تسبيحه إلا العشاق والمحبين، من لغة عشق الشرق الأسترالي، أتيت بذاكرتي إليك أيها الشط الساحر. حاملاً معي كل حكايا الحب، ومفردات العشق والغرام الفراتي، التي حكيتها إلى حبيبتي وعشقي الأول مابين النجف والسماوة نبض ذكريات حبي وعشقي. كم كانت منبهرت بمعانيها الجميلة، وخافت أن أكون بائعاً للهوى ونحن في ريعان الصبا، كعادة العراقيين؟. فكنت ياشط ابوجفوف أنت الشاهد على صدق مشاعري. وكنت أنت المستشار لحبنا وعشقنا. وكنت أيها الفرات العظيم محراب العشق الذي كنت أصلي إليه مع حبيبتي كلما هاجت بنا الأشواق، كنا نهرب إليك، لنحكي لك بصمت قصة حب قد بدأت تُرسم على أمواجك، نسألك ونحن ننظر إليك بعيون ملؤها الأمل، نسألك هل قصة حبنا ستخلد على أمواجك كأجمل قصة حب عرفتها البشرية؟ كنا نسمع تسابيحك ومباركتك لنا، وكنا نفهم كل لغات العشق التي كنت تتقنها، نستلهم منها المفردات الجميلة التي روت حديقة حبنا الغض. وكم خانتنا الكلمات عندما كنا نجلس أنا وحبيبتي على صخرة قبعت على ضفتك تحت صفصافة هرمة، التي فصلت بستان النخل عن الماء. وكم كنت منقذنا وملهمنا بعد صمتنا الطقوسي وتأملنا للونك وعمقك، وسحرك ومداك، عندها كانت تتدافع المعاني الرائعة من قلبينا، وكأننا كنا نقرأها كلمة، كلمة، سطرت على أمواجك المتهادية. وبدون شعور كنا نتعانق، وتأخذنا القبلات التي كانت تنسينا وجودنا المادي، لنتحول الى عالم الروح، نسبح على زرقتك حينما تصفو، كنت تحملنا أيها الفرات، ليطول بنا العناق، وتطول بنا القبلات، حتى نسمع هديرمحرك زورق أو مواطير تحمل أثقالها على سطحك الممتد. فنعود من جديد الى عالم المادة ، لنودعك على أمل اللقاء القريب.

ياشط ابو جفوف ياشط الشامية: كنت عراب حبنا وعشقنا، وكنت شاهداً على فراقنا. كم قالوا وكتبوا أن الزواج هو مقبرة للحب، لكنك عَمّدت حبنا بطول البقاء. شاءت الأقدار أن نودعك، وكان وداعنا لك وفي دواخلنا لقاء أنذاك. عدت الى العراق لكني اصطحبت معي هذه المرة ذكريات من استراليا. وأمني النفس ان ارجع لأعيش في مدينة عنوانها النجف مأهولة بالعشق والفكر والصلوات . وأتذكر حينما تتصل بي حبيبتي تسألني: " ألا يوجد في مدينتكم الجميلة (بيرث) فراتاً وعلى ضفته تقبع صخرة في ظل صفصافة لنجلس إليها كما أعتدنا مع شط ابو جفوف، شط الفرات"!؟. استولى على الصمت، وأغمضت عيناي مسترجعاً صورة شط الشامية، نهر الفرات ودجلة الخير، الذي تغنى به الشعراء يوما ما ... سألتني مجددا: "حينما تأتي لنذهب لزيارته"؟ ، فهي تعشق الأنهار لأنها أبنة الرافدين ارض مابين النهرين العراق العظيم. ورحت اسرح في خيالي، وافترضت لقائي بها، وتعانقنا ورحنا مسرعين لزيارة شط ابو جفوف، شط الشامية. صُدمت من هول ما رأت، نهر تحول الى جدول صغير، مياهه من مجاري مدينة الشامية. سقطت من عينيها دمعتين، وسألتني... "أتدري لماذا جف نهركم هذا"، أجبتها لا أدري... قالت لي وهي تشد على يدي: لأن قصص حبكم وعشقكم قد جفت، وما عاد يحمل الفرات إلا الحزن والألم. فجفت عروقه. عشرون عاماً عشتها في غربتي، ولازلت وفيّ للعراق، اذكره كل لحظة وكل يوم، وفي كل مناسبة له مليون أمنيه اريدها واريدها لكنها أماني؟؟ وهل ينسى العاشق عراب حبه الفرات.... قرنفلاتي

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.