كـتـاب ألموقع

زيارتي للموصل.. قيامة جديدة.. مشاهدات// كامل زومايا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

كامل زومايا

 

عرض صفحة الكاتب

زيارتي للموصل.. قيامة جديدة.. مشاهدات

كامل زومايا

 

وانت قادم من اربيل الى الموصل، قد لا يثيرك او يصدمك الدمار الذي حل في المدينة، بسبب الازدحام الكبير والتدافع بكل صوب بين المارة، فالساحل الأيسر (حسب جريان نهر دجلة) حياة مفعمة بالبحث عن الرزق.. باعة يفرشون بضاعتهم في الساحات العامة وعلى أرصفة الشوارع، ونساء واطفال يتدافعون بين المركبات لبيع بعض الحاجات من ورق المناديل والسكاير واشياء اخرى... المهم يريد ان يبيع وانت عليك ان تشتري لكي يكسب بعض قوته له ولأفراد عائلته،  ومن يعرف ما يخبئه له القدر في اليوم الآخر...

 

من أول نظرة ستأخذك الذكريات بما كان يحدث قبل داعش الذي كان مخبأ في عقول آكلي اللحوم البشرية في السر، وعندما تقارن مشاهدتك الاولية سترى ليس هناك فرقا كبيرا بين الأمس واليوم... قبل داعش وبعده أو قبل "التحرير "أو بعد التحرير... لم اتلمس التحرير الفكري وسوف لا تتلمس منه شيئا حتى بعد حين في ظل تلك الاجواء المخيبة للآمال، ويصدمك بما تشاهده في الشارع الموصلي  بأطلاق اللحى والحجاب الذي يخيم على النساء القليلات اللواتي تشاهدها في الشارع الرئيسي عند مدخل  باب عين الشمس، ويبقى الساحل الأيسر برغم ندرة النساء هو افضل من الساحل الأيمن فطوال الزيارة التي استغرقت اكثر من ست ساعات لم اشاهد امراة واحدة تقضي حاجتها في مركز المدينة او في المناطق الاخرى التي زرتها/ الميدان سوق الشعاريين ومحلة الشفاء والساعة وباب الجديد والدواسة ومركز المدينة باب الطوب وحتى ونحن نترك الساحل الأيمن صوب الأيسر يبقى الاستثناء الوحيد كان في محلة سوق الشعاريين/ الميدان بعد ان تم ركن السيارة بجانب الخرائب بهدف زيارة مناطق المسيحيين في المحلة حيث تتواجد في المنطقة مجموعة من الكنائس في تلك الازقة القديمة، كانوا ينتظرون النسوة امام السيارة لحين رجوعنا ليطلبوا الحاجة بسبب نقص الدواء او من اجل سد رمق الاطفال الجياع ...موقف مؤلم ومؤثر جدا، احداهن وهي شابة محجبة طبعا، طلبت الحاجة منا وهي تعرف اننا مسيحيون حيث لاحظت المسبحة والصليب المعلقة في السيارة وهي تقول بصوت حزين "اننا نعرف ان المسيحيين لهم قلب كبير ورحيم والله ما عندي فلوس الدواء، والاخرى تتحدث عن اطفالها وعدد افرادها وتلك التي اقسمت بأنها سوف تصلي في صلاتها اليومية لحمايتي من كل مكروة" ، اجبتها لا احتاج الصلاة يا اختي ولكن الذي نحتاجه جميعا ان تهدى النفوس وتمتلئ قلوبنا بالمحبة والسلام هذا اهم شيء...

 

 كان موقفا مؤثرا يا ترى كيف كان حالها أو حالهم في ظل داعش؟؟ هل كانت معهم في تسليب المسيحيين وتهجيرهم؟؟ هل كانت مع الحسبة الاسلامية؟ هل كانت دليلة مع المجرمين الاوباش للبحث عن المسيحيين واموالهم، أم انها كانت  تراقب النسوة المسيحييات والايزيديات اللواتي اجبرن بترك دينهم بالاكراه ليتعلموا الصلاة بلا الله الا الله والبكري خليفة الله على الارض... أم كانت هي الاخرى ضحية من ضحايا الاضطهاد الذي خيم على الموصل.. أم انها ايضا كانت مغرر بها في خلافة الله على الارض وكانت فرحة في سبي الايزيديات والمسيحيات للخلاص من الكفرة في ارض الخلافة!!! أفكار مشوشة تدور في ذهني من كل صوت وفي بعض الاحيان يستيقظ في داخلي وحش الانا والسن بالسن واتصارع معه واقتله... بأننا مازلنا بشر نؤمن ونبقى نؤمن بأن المحبة والرجاء عنوانا لنا لننشد السلام معا، ويبقى السؤال مع كل ذلك الصراع وتلك الاسئلة... تلك النسوة وتلك المرأة بالذات كيف ان تطلب مع كل الذي جرى، أن تطلب الحاجة من ذلك المسيحي الكافر..؟

 

 لم تكن إمراة كباقي رفيقاتها اللواتي اجتمعوا من حولنا... كانت متحدثة ولبقة ولا يبدو عليها انها امتهنت الكدية منذ زمن بعيد ولكن الحاجة في الزمن المر جعلتها تتسول من اجل التشبث بالحياة، ولكن مع كل الحقائق والصور الحزينة والبائسة من حولي يخيم على هذه البقعة الذي اختارها الله لنجاة نبيه يونس ان تدمر من جديد بدمار شامل لا مثيل له، لايوجد اثر لمدينة اسمها الساحل الايمن، انها اثر بعد عين، صعوبة ان تتعرف على الشوارع والمحلات والاسواق التي عهدت ان تشاهدها مهما رحلت وهجرتها تبقى هي هي، ومرة اخرى يبقى السؤال الذي يدور في ذهن كل من شاهد ويشاهد الموصل عبر شاشات التلفزيون وفي الحقيقة افضع من الصور... لمصلحة من ان نبقى نتقاتل ونزرع الحقد في كل صوب  بدل المحبة والسلام...

 

 سؤال لا يحتاج الى خطابات بل يحتاج ترك الدين في الجوامع  ونشرع بالعمل لبناء الانسان قبل البنيان... ولكن يبدو بأن هذه الكلمات لا تلقى صدى في اذن المنتفعين...

كامل زومايا

الموصل 3/ تشرين الثاني /2018