اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ألمكتبة

بؤر الصراع التاريخي في المجتمع العربي عامة والعراقي خاصة// يوسف زرا - صفحة6

 

30- المتغيرات الأساسية... ولعبة الكبار دوليا وإقليميا

      يشهد عمق التاريخ، إن لا ثوابت لحركة المجتمع الإنساني لمفردات حياته الأساسية وحتى الثانوية، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، قومية أو دينية، أثنية أو عنصرية. وخاضعة لتوازن القوى على ارض الواقع وتكون العلاقات الآنية لأي فئة منها كبيرة أو صغيرة مبنية على التحالف مع بعضها لفترة محدودة، ثم تنقلب الآية. ومن المتغيرات التي قد تحصل، يختل التوازن بينها، ويبدأ العمل بموجب (تكتيك ظرفي) وبمقتضى ما تمليه استمرارية تفوق المتغيرات للكتلة الكبيرة (ضمن مفهوم التيار السياسي المتذبذب)، على الطرف الثاني الحليف المؤقت. وتبادر كل جهة البحث عن البديل ليأتمن لأطول مدة (حالة الاستقرار السلبي) بغية تنفيذ مشروع معين على حساب الطرف أو الأطراف الأخرى، سواء كان المشروع حقوق إدارية سياسية أو اجتماعية اقتصادية أو فكرية عقائدية لأحدهم أو لغيرهم.

      ولابد من التحرك الآني ثانية مع الغير وفق شروط متفق عليها مسبقاً كوثيقة تاريخية يعمل بموجبها الأطراف كجبهة متحدة.

      وخير دليل بسيط وضمن القرن الماضي والعقد الأول من القرن الجديد حصراً، وكنموذج تاريخي ومؤثر لما حصل بين الدول الكبرى – الشرقية والغربية – ومنها الاتحاد السوفياتي سابقاً، كدولة شرقية اشتراكية تقاطعت مصالحها الاقتصادية والسياسية والفكرية مع جميع الدول الكبرى الغربية – بريطانية – فرنسا – أمريكا (أقطاب الرأسمالية العالمية). هذه المجموعة أعداء أمس (قبل عام 1939) بدء الحرب العالمية الثانية، وأصدقاء اليوم (فترة الحرب المذكورة لغاية عام 1945). ضد كل من الدول الكبرى – ألمانيا النازية – إيطاليا الفاشية (أوربا غربية) + اليابان (شرقية أسيوية). أي بمعنى – دولة شرقية + كتلة دول غربية. ضد دولة شرقية يابان + ألمانيا (محور الحرب) وايطالية. (كتلة غربية شريك لها).

      وجميع هذه الدول تحالفت مع بعضها وفق ما تمليه مصالحها الأساسية وبمقتضى إستراتيجية قادتها (مصدر قوتها) وسعة نفوذ كل طرف آنئذ. ومستقبلا عبر القارات الثلاثة – أوربا – أسيا – أمريكا.

      وبعد انتهاء تلك الحرب، والكل يعلم ما خلفته على شعوبها أولا والبشرية ثانياً من الدمار الاقتصادي والثقافي والتخلف الاجتماعي ومقتل عشرات الملايين من مختلف الجنسيات.

      وها هي ألمانيا اليوم – دولة عظمى + اليابان + إيطاليا (دول المحور) أعداء الحلفاء سابقاَ – أمريكا – بريطانيا – فرنسا – (أصدقاء اليوم) ضد روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي – والكل يحاول تقليم أظافرها كي لا تعيد المجد والجبروت السياسي والاقتصادي والعسكري للدولة السوفياتية الفتية سابقاً.

      وإذا أردنا إن نسلط الأضواء على ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط + شرق أوكرانيا بصورة خاصة وإفريقيا بصورة عامة. فلابد إن نستنتج بأنه لا يوجد شبر من البقعة الجغرافية فيها تسمى وطناً ذو سيادة ومعترف به دولياً وعضو في هيئة الأمم المتحدة، وليس هناك صراع محتدم بين جميع مكوناته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية. ظاهرهُ ديني – مذهبي – قومي قبلي – عنصري اثني (حصراً بدول الشرق الأوسط العربي وغير العربي). بدءاً بالكتل ذات النفوذ الديني الكبير – الإسلام – وانقسامه التاريخي آلى مذهبين متصارعين (سنة وشيعة) كل يحاول التحالف مع غيره وذات نفوذ مؤثر على ارض الواقع، كالعراق وسوريا وتركيا وإيران والأردن واليمن ودول الخليج العربي وغيرها.

      فكان التيار الديني العروبي ولأكثر من أربعة عقود يمثل مصدر القوى والنفوذ المتحكم في البنية التحتية للمجتمع والنخبة السياسية القائدة. وأصبح اليوم وبعد سقوط النظام في العراق في 9/4/2003. تياراً قومياً ضعيفاً ومهمشاً. لا بل مقصياً كلياً (حصراً في العراق). واحتل بديله ودخل حلبة الصراع على كراسي الحكم، المذهب الشيعي ذو النفوذ الأوسع في العراق بصورة خاصة. فلابد إن يتحالف هذا التيار مع نقيضه سياسياً وإداريا – التيار القومي الكردي صاحب النفوذ الأقوى الثاني على ارض الواقع وتقتضي مصلحة الطرفين حاليا ولفترة زمنية معينة، التحالف لاقصاء الطرف الثاني (المسلم) التيار السني القبلي والعروبي من الميدان السياسي المؤثر، وبسبب ذلك هو ظهور متغيرات مهمة في النفوذ السياسي، خلفتها استراتيجية الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا.

      بدءا بتأجيج ما مترسب ومحتقن تاريخيا بين المذهبين الإسلاميين (على اثر ظهور جمهورية إيران الإسلامية) كقطب مؤثر، ثم توظيف ذلك بتحريك الأقطاب الإقليمية ذات المصلحة المباشرة في المنطقة. وبغية خلق نوع من النزاعات وصراعات تمتد إلى عقود وعقود من السنين. ولابد من تحريك  القطب الثاني المتمثل بالمذهب السني الأوسع نفوذا في المنطقة متمثلة بـ (تركيا – السعودية – وبعض دول الخليج).

      فلا مصداقية بين أصحاب النفوذ الديني – المذهبي – والقومي – والاثني. إلا بصورة مؤقتة وحسب ميزان القوى والخلل الذي يطرأ عليه.

      فكل شيء في التغيير بدءا بالنمو والتحول والارتقاء ضمن اقوام وقبائل اجتماعية تتمثل فيها أقلية في النفوذ والسلطة، وأكثرية في النفوذ والسلطة معا.

وخلاصة القول:

1- لا يمكن بقاء النفوذ لأية عقيدة دينية في أية بقعة جغرافية كانت وهناك عدة منابر لزعامات مذهبية متصارعة على ارض الواقع، وعلى كراسي الحكم التي لا شرعية لها غير السلطة الموروثة، والشرعية الحاصلة في العراق خاصة من جراء عملية الانتخابات الصورية وللمرة الثالثة في 30/4/2014 وتحت خيمة الديمقراطية اللبرالية المهلهلة ودستور الدولة المشوه، والقوى الديمقراطية عامة مقصية لضعفها ولأسباب كثيرة.

2- لا يمكن بقاء النفوذ الديني بغطاء قومي أو مذهبي في أية دولة ضمن إقليم الشرق الأوسط عامة والعربي خاصة. وفي تركيبها الاجتماعي قبائل ومذاهب تتضارب وتتقاطع مصالحها لتنوع زعاماتها ومناهجها الفكرية والاجتماعية كما هو قائم فعلا في غالبية محافظات العراق – سنة – شيعة.

3- إما الأقليات الدينية والقومية والاثنية الأخرى في العراق وسوريا والأردن. فإنها منسية ومهمشة ولم تدخل في حسابات إستراتيجية أقطاب الدول الغربية والإقليمية لحمايتهم من الاندثار والضياع كما حدث للشعب الكردي في العراق عام 1991 وبقرار من مجلس الأمن (688) والذي حذر بموجبه تحرك القوات العراقية لحكومة النظام السابق البرية والجوية شمال خط عرض 36 وعلى أثره تمكن الشعب الكردي المباشر ببناء إقليمه والتمتع نسبيا بقدر من الاستقرار والأمن الداخلي.

4- وبدأ يفكر في تقرير المصير بسبب الاختلال الحاصل في ميزان القوى في العراق لصالح التيار الديني المذهبي الشيعي واستئثاره في الحكم وابعاد غيره عن مواقع السلطة المؤثرة في الحياة اليومية. واستفحال الفوضى وفقدان الامن في جميع المحافظات، بل وقد اجتاحت الشمالية والغربية والشرقية منها قوى مسلحة متعددة الجنسيات والتسميات الدينية ومدعومة من بعض الدول المجاورة ودخل العراق في حالة حرب شاملة. وقد تكون اشرس من الحرب في سوريا واطولها أعواما.

      مما اضطرت القيادة السياسية لإقليم كردستان التفكير في عملية تقرير المصير وقيام دولة كردية مستقلة عن بغداد.

ولابد إن تنظر القيادة السياسية المذكورة إلى الموضوع بانه لا يمكن إنجازه عمليا وأعداءه التقليديين متربصون له في كل من تركيا وإيران، والتيار القومي العربي في العراق وسوريا إن تمكن من النهوض واستلام السلطة عاجلا أم أجلا ويعيد التاريخ نفسه. لان الحقد القومي لدى غالبية الأقوام يبقى دفينا أجيال وأجيال.

5- إن ملامح تفكك العراق واضحة، فهل مصيره دولة فدرالية من مجموعة أقاليم هزيلة ومتصارعة، أم دولة (كونفدرالية) تضم عدة دويلات صغيرة غير متجانسة اجتماعيا وسياسيا وفكريا.

      أم يتجزأ العراق إلى عدة (كانتونات) شبه مستقلة تدور في فلك أقطاب المنطقة وغيرها.

6- وأيضا لابد إن نشير إلى الأصوات التي بدأت تصرخ من بعيد عبر دول المهجر بأسماء الجاليات للأقليات العراقية القومية والدينية والاثنية، من المسيحيين – كلدواشوريين وسريان – واليزيدية والصابئة وغيرهم، وهي مسلوبة الإرادة الصادقة ولا تأثير لها لان الحرب الأهلية قد مزقت نسيج مجتمعها التاريخي وأنها فقط أصوات للاستهلاك الإعلامي لا غير.

7- فان القوى الوطنية العراقية وبكل مكوناتها الاجتماعية  والسياسية والدينية والنخبة المثقفة من العرب والأكراد، إن يتحملوا جميعا المسؤولية التاريخية القانونية والأخلاقية. وان لا يغفلوا أو ينسوا ما حل وما سيحل بهذه الأقليات، لا وطن لهم ولا راعٍ يرعاهم. وان التاريخ لا يرحم ولا يستثني أحدا من هذه المهمة مهما طال. وجروح الكل لازالت تنزف الدم من ظلم الحكومات الرجعية والدكتاتورية السابقة.

      وليس بإمكان الأقلام المتواضعة هنا إلا المساهمة بالتذكير والتأكيد على ذلك وبدون كلل لا غير.

 

8/7/2014

ويلي هذا المقال قصيدة شعرية اعبر فيها عن محنة مدينة نينوى ارضاً وتاريخاً وبشراً والتي لم تشهده حينما كان اسمها التاريخي (نينوى) وما حل بها بعد 6/7/2014 وجاء بعنوان:

31- أيا نينوى

يا اُم حدباءَ واخت نمرود

      الى متى تحومُ حولكِ أشباهُ الأسود ؟

وتُسقَطُ الأجنةُ من الارحامِ

      كي لا يُبصِرَ لكِ وريثُ ولا مولود

أغدُرَ بكِ الزمانُ وغَفا

      أم بوغِتّ فجراً بعهدِ ظلامٍ جديد ؟

لا مَن يسألُ عنكِ ولا مجيب

      هلاَّ أحدٌ يعلمُ بالقادمِ من بعيد ؟

أيةُ حضارةٍ تُبيحُ تشرد شعبٍ

      وأيةُ ديانةٍ ترضى به وتسود ؟

والسلامُ موشحٌ براياتٍ سود

      تُرفرفُ فوقَ المعابدِ ودورَ السجود

والعوائل تتزاحمُ في قرى الاطرافِ

      تائهة في الازقةِ وحائرة كالمطرود

أغلبها من الأقلياتِ المهمشة

      وكأنهم قادمون من خلف الحدود

إنهم أبناءُ هذا الوطن التليد

      ومن صلبِ شعبٍ أبي وعتيد

لمن لائحة حقوق الانسان كتبت

      ام نسأل عنها الاجدادا في اللحود ؟

ألم يكن لقوم حُنَين بن اسحق

      يوماً ذا شأنٍ في بغدادَ الرشيد ؟

وطموحهُ بالعيشِ الرغيدِ شَرعٌ

      وهل يتحقق ذلك ببث الحقود ؟

نداءُ الاُمَمِ عِبرَ الأديان كانَ

محبةٌ وسلامٌ والتاريخ سباق بالشهود

إن كانت للحروب حُجَجٌ ومبرراتِ ؟

      فتجارها يُذكون سجرها بالوقود

فحق الشعوب لم ولن يموت

      مهما كان الباغي مُتجبراً وعنيد

23/7/2014

32- من يدفع الجزية كثمن للحياة

      وبدون مساومة على الحقيقة، لابد إن نسال ؛ هل تمرد القلم على قانون حركة الحياة، وفي مقدمتها الإنسان ومجتمعه ؟ وهل يقر بأنه عاجز عن فهم ماذا يعني التغيير، وما الغاية من التجدد، ولماذا البقاء للأفضل ؟ ولم يأتي الجواب.

وبهذا نعود ونسال أيضا...

      فهل كان القلم قد أصبح مغفلا وفقد الرؤية لمجرى التاريخ وفي ظنه انه غير ملام عن ذلك، ولا عن مسؤولية توثيقه لما مضى من قرون وقرون ؟ وهل عرف من سيتولى بعد عقود وعقود زمام المبادرة ويبدأ يشيد صروحا جديدة لعلاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية بأطر فكرية – عقائدية – ويكون اللاحق إما بعيدا أو قليل  الاهتمام باقتناء بعض منها، إن لم يكن كلها وحسب حاجته إليها. كما حدث عبر مسيرة الإنسان الطويلة وترك اثأرا لحضارات كانت قائمة على أسس ذات مفاهيم واقعية وأسطورية ومن صلب بنيانه الذاتي لحاجاته اليومية. وليس تخيلا سرابيا عن كيف بدأ وإلى أين المسار. وماذا تكون قيمه المادية لحياته الآنية بما فيها لمستقبله القريب والبعيد، ولابد من ذلك في كل زمان ومكان.

      أليس كل قلم عبر التاريخ سواء كان قطعة خشبية أو عظمة وبصم بها على ألواح الطين لرموز ومقاطع ذات دلالات لطقوس ومراسيم لشعب ما ؟

      أو كان القلم قصبة من الهور وبصم بها على رقم من الطين أحرفا للغة في وادي الرافدين، ومنذ أكثر من خمسة ألاف عام، سطر فيها ملاحمه الأدبية والاجتماعية والفلسفية ولازالت بعض مخلفاتها موضع اهتمام لكبار المفكرين والمحللين من العلماء والفلاسفة لذوي الاختصاص.

      وإذا كان الإنسان قد ترك ما هو موثق على الكثير من الألواح الطينية، بان فيضانا عارما غمر وادي الرافدين وقبل ما يقارب (14) إلف عام قبل الكتابة. أي قبل ظهورها ككتابة بأبجدية معلومة. ونسبت إلى شخصية تاريخية بعدة أسماء وحسب مواقعها الجغرافية ومنها – اتانبشتم – اتراخاسيس – وأخيرا – نوح – وحسب العهود، بدءا بالسومري ثم البابلي والأشوري. عبورا إلى الديانات السماوية الحالية.

      فكانت قساوة الطبيعة أكثر رفقا وإنصافا حينما غمرت سيول الطوفان العالم وتركت من الطمي والغرين طبقات وطبقات. ولكن لم تنل منها  بعد قرون وقرون لما خلفه الإنسان الرافديني ولم تزل ما تركه من البصمات البسيطة عليها. والتي غالبيتها استقرت في بطون الوديان والمغاور والكهوف وتحت أنقاض مساكنه البدائية، كأنها متاحف طبيعية. منها مكتشفة وغيرها مجهولة المواقع إلى هذا اليوم.

وإذا كان الإنسان الحالي قد ورث الكثير من البؤر الساخنة لما بعد الفيضان المذكور. وتميز سلوكه وطباعه بالتحدي الدائم. بمعنى ذلك ان مكوناته الاجتماعية كانت غير متجانسة اثنيا وقوميا ودينيا. وضلت متصارعة مع بعضها بهذه النسبة وتلك وحسب ما تحركها عوامل الاختلاف ذات تأثير مباشر عليها. ومنها المرجعيات الاجتماعية والقبلية – العشائرية – ذات الإرث المقدس، والذي لازال يمثل الطابع الطاغي لغالبية مكوناتها الاجتماعية إلى جانب المرجعيات الدينية وهي لا تقل تأثيرا على مجرى حياة الفرد والجمع وبشكل صارم ومركزي عن نفوذ المرجعيات السابقة.

      وإذا كان هذا الإرث المقدس – القبلي والديني قد أنكفى أو عزل جانبا في كثير من الشعوب الأوربية. فان عامل سرعة التطور والتغيير في نمط الحياة والتجدد فيها لم يكن هبة من السماء أو صدقة عملت دورها. بل جاء كانقلابات اجتماعية متواضعة عبر قرون وقرون وثم على شكل ثورات تبنت قياداتها دساتير جديدة أصبح الفرد والمجتمع في حل من مدى تمسكه بتلك التقاليد والقيم والأعراف الاجتماعية لا تقبل التغيير ولا التجدد. 

      إما في العالم العربي فرغم وصول الكثير من المظاهر المدنية للمجتمع الغربي لها. وقيام أنظمة حكم في غالبية دوله ظاهريا تتبنى الكثير من المفاهيم الحديثة في العلاقات الاجتماعية والفكرية إلا أنها ضلت باطنيا الموجه والمتابع والمسؤول المباشر عن الالتزام الكلي بتلك الروابط وتقديس الموروث، ممثلا فعليا ولصالحها مباشرة ولغرض ديمومتها وهي كالمرجعيات الاجتماعية (القبلية – العشائرية) والعقائدية على اختلاف  مذاهبها وطوائفها. كانت ولا زالت هذه الحكومات تغذي المؤسسات كمدارس منذ مرحلة الطفولة حتى أخر مراحل الحياة للفرد والمجتمع وكأنها محميات مغلقة يصعب على النخب ذات الثقافة النوعية صدها. سواء كانت علمية أو اجتماعية أو مدنية. إلا أنها ضمن جهاز الرقابة وبحكم النص المثبت في دساتيرها – دين الدولة – قانون العشائر وغيرها.

      وان ما يحصل على ارض الواقع ومنذ عدة عقود من ظهور منظمات بتسميات دينية أو مذهبية في العالم الإسلامي عامة والعربي المسلم خاصة. تتولى جهارا التحدي للمجتمع الإنساني مبدئياً وحسب نفوذها الكمي ومدى تواجد المرجعيات الدينية والمذهبية والاجتماعية القبلية بقربها وتواصل دعمها ماديا وبسخاء ومدها بالعنصر البشري ولاسيما من الشباب ذات الأعمار المتوسطة وشديدة الاحتكاك بمراكز التأثير الفكري والتربوي. وهناك لا ننسى وحتى في غالبية الدول العربية وغير العربية المسلمة وخاصة في الشرق الأوسط الأسيوي والإفريقي. تبقى في باطن مجتمعاتها الكثير من الخلايا الحية النائمة لصغر أعمارها (كأطفال) لحين تغذيتهم تدريجيا بالفكر الديني المتطرف والاجتماعي القبلي المتعصب و((جيش القدس والحرس القومي في النظام السابق خير دليل على ذلك وبصلاحيات استثنائية)).

      وتوظيفها من قبل الكثيرين من المنظمات الأوربية الغربية وفي مقدمتها الأمريكية كأدوات فعالة ضد الكثير من التيارات الفكرية والاقتصادية المتقاطعة مصالحها معها.

      وفعلا كان هذا الاستثمار من قبل هذه الدول لمثل هذا التيار الديني والقبلي وحتى المذهبي في الآونة الأخيرة ذات تأثير مباشر في انهيار المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي عام 1991. والدور الرئيسي ولازال في خلق ثورات ذات طابع فوضوي من دون هدف اجتماعي أو فكري أو اقتصادي وان كان الإعلام المستخدم من قبل محركيها لغرض تغيير نظام حكم أو تجديد علاقات اجتماعية وإدارية وغيرها. وباطنيا خلط الأوراق على من هم في سدة الحكم من الملوك والأمراء والمشايخ أو الأنظمة الجمهورية الحديثة التكوين والقديمة منها. وان غالبية حكامها هم ممن يعتبرون من السائرين في فلك الدول الغربية بصورة عامة وحسب مصالحها كزعامات مترسبة تاريخيا سواء كانت قبلية اجتماعية أو مذهبية دينية ولازال الكثير منها تحكم شعوبها بأسماء تاريخية قبلية. كآل سعود و آل هاشم وآل صباح وآل الثاني في دول عربية وخاصة خليجية. ونعلم إن هذه المنظمات المتطرفة والتي لازالت تغذيها مباشرة ماديا ومعنويا ومنها: القاعدة – جند الحق – جبهة النصره – وأخيرا (داعش) وقد أصبح خطرها يهدد حتى الحكومات العربية نفسها التي تبنت تأسيسها وتمويلها ماديا والى هذا اليوم وبتوجيه من جهات خاصة خارجية.

      ثم وصلت الحالة من الحرب الأهلية في كل من سوريا ومنذ ثلاثة أعوام. وامتد سعيرها إلى العراق وبشكل أشرس. وما حصل في غالبية الدول العربية مما يسمى بالربيع العربي وشمل تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين _ وهذا ليس ألا تحريك تلك الخلايا النائمة والنامية في أرضية مجتمعاتها وتوجيهها في الظرف المناسب سواء نجحت بهذه النسبة أو بتلك، أو فشلت فان استمراريتها يعتبر انتصارا لمحركيها من حكام الدول ذات الشأن داخليا ودول الغرب + أمريكا خارجيا. والغرض منه استمرار بقاء تلك القيادات بإطارها القبلي والديني والمذهبي والقومي، في خدمة للنظام الرأسمالي العالمي والى أمد غير معلوم.

      إما الأقليات الدينية والقومية والاثنية المتواجدة في هذه الدول وفي مقدمتها العراق وسوريا خاصة. فإنها مستهدفة من كلا الجانبين الحكام في الداخل وحلفائهم الغربيين في الخارج وأسبابها. أولا لكون هذه الأقليات أصبح وجودها اقل نفعا وغير مجدي للدول الكبرى والغربية منها خاصة. وعبئا ثقيلا داخليا على أنظمة الحكم التي فيها ولأسباب خاصة معلومة. وإنها أصبحت أيضا مهمشة من قبل مرجعياتها الدينية والاجتماعية لان الكثير منها وخاصة من تولى تنظيمها ضمن أحزاب ومنظمات سياسية واجتماعية وثقافية كانوا بغفلة من التاريخ. إن تصارعهم فيما بينهم على مسميات أثنية أو مذهبية جعلهم في اضعف واقع إمام نفوذ الأكثرية القومية والدينية. رغم ما لعب بعض الحكام وأصحاب النفوذ من دور باستمالة إفراد أو نخب ذات تأثير كبير على بقاء وحدتها (كطائفة) سواء كانت قومية او دينية. غير متماسكة. وتراجع مرجعياتها الدينية في تولي مسؤولية قيادتها لان المجتمع بحد ذاته أصبح غير واثق من مصداقيتها أيضا لوقوعها هي الأخرى تحت تأثير الصراع المذهبي وخاصة المسيحيين مذهبيا (كنيسة شرقية بشقيها والغربية بإعلامها الخاص. وأثنيا – (كلداني – أشوري – سرياني). وهذا هو القذى الذي قصم ظهر البعير منذ عقود لا بل قرون لهذه المجموعة. 

      عدى الأقليات الأخرى من الإخوان اليزيدية والشبك والتركمان وغيرهم. ولا يقل واقعهم عما جاء أعلاه من التشتت لهم والتشظي داخليا. وخارجيا في دول المهجر وأصبح كالنزيف الدموي لا يمكن إيقافه.

      وان ظهور حركة (داعش) المتطرفة بأسرع من سرعة البرق في شمال العراق في محافظات الحكومة الاتحادية قرب حدود إقليم كردستان، وانهيار جميع فصائل المجتمع المتواجدة على هذه البقعة الجغرافية العريضة، وسقوط مدينة الموصل والكثير من القصبات والقرى الكبيرة بعدة ساعات.

 والأسلوب الإرهابي الذي مارسته مع جميع الأقليات الدينية والقومية في المدينة وإطرافها. وتحديد لهم ثلاثة أيام إما الدخول في الإسلام أو دفع الجزية، وإلا يعمل السيف بقطع الرؤوس وسبي النساء. وهذا ما حصل فعلا في قضائي سنجار ذات الأغلبية اليزيدية، وتلعفر ذات الأغلبية المسلمة التركمانية – مذهب شيعي – وهجر عشرات الآلاف منهم لقراهم في سهل نينوى من المسيحيين واليزيدين إلى إقليم كردستان وبشكل عشوائي وبدون هدف. طلبا للنجاة بحياتهم فقط.

      وأصبحت جميع الأطراف السياسية ذات النفوذ الاجتماعي في هذه المنطقة – عراق – سوريا تشعر بخطرها المباشر وتهديد مصيرها المجهول، والى جانب ما تناقلته وسائل الإعلام الفضائية من الإخبار بضرب مصالح الدول الغربية مباشرة. أو بسقوط الأنظمة الموالية لها وداعمة لمنظمة داعش الإرهابية أيضا.

      وهرعت أمريكا مباشرة وبشكل اضطراري لتحريك جميع دول المنطقة بصورة خاصة. وتولت مهام ضربها عسكريا وبدون توقف. مما اضطر المحفل الدولي من له مصلحة مباشرة بذلك من قريب أو بعيد إن يهرع للمساهمة عسكريا ولوجستيا وفي مقدمتهم دول الخليج الراعي القديم ومغذي هذا التيار الإرهابي وغيره سابقا.

كما أصبح الجميع إمام أمر الواقع وإلا فان خطر التطرف الديني لهذه الزمر قد يمتد الى جميع الأطراف إقليميا وقاريا ودوليا. وان مصير الأقليات التي استهدفت مباشرة في العراق من المسيحيين واليزيدية والشبك (الشيعة) لا يمكن التكهن به ولا تحديد كم نسبة منهم سيعودون (إن قضي على هذا التيار كليا). إلى مدنهم وقصياتهم وقراهم، لأنهم أصبحوا شتات متشظية وكخراف في البيد لاراعي  لهم ولا من يمكن الاعتماد عليه بنجدتهم في محنتهم هذه.

وهذا فصل من فصول مآسي الصراع الفكري والقومي والديني للمجتمع الإنساني ونحن في العقد الأول من الألفية الثالثة وأخيرا لابد إن نسأل:

من سيدفع الجزية كثمن للحياة؟

                                                              24/9/2014

33- أمريكا : - وسياسة خلط الاوراق اقليمياً و دولياً

قبل عدة عقود من السنين، شعرت الولايات المتحدة الامريكية، أن هناك قوى اقتصادية وعسكرية متنامية بوتيرة عالية في اكثر من موقع جغرافي في آسيا، ومنها حصرا كل من الصين الشعبية والهند بصورة خاصة، ودخولهما مرحلة غزو الفضاء، وثم جمهورية ايران الاسلامية عدا نفوذها المذهبي في المنطقة.

وفي امريكا الجنوبية كل من الدولتين، الارجنتين والبرازيل في مجال الصناعات الخدمية وغيرها.

أما في اوربا. فكان ظهور روسيا كقطب اقتصادي وسياسي وعسكري وفضائي بديلاً عن الاتحاد السوفياتي السابق، ومؤثراً نسبياً في الساحة الدولية، واصبح لها حساب لدى الغرب عامة وامريكا خاصة.

وان جميع هذه الدول الخمس المذكورة اعلاه، خارج الاحلاف العسكرية التي لها دور فعال نسبيا في الساحة الدولية، ومنها حلف (ناتو) وبقيادة الولايات المتحدة الامريكية ايضاً. ولابد لهذه الدول الخمس أن يكون لها تأثير مباشر على النفوذ الاقتصادي وثم العسكري والسياسي في الكثير من الدول، وتزاحم النفوذ الغربي بهذه الدرجة او بتلك.

وكان قد طغى على القطب الواحد (ممثلاً بالولايات المتحدة الامريكية) خلال العقود المذكورة، الكثير من الغرور والغطرسة، وخاصة بعد نجاحها في اسقاط النظام الطالباني الديني المتشدد في افغانستان عام 2001. والنظام القومي العروبي المتطرف في العراق عام 2003. وثم نظام معمر القذافي في ليبيا عام 2012. وجميع هؤلاء الحكام من صنعها مع الكثير من الحركات الدينية الاسلامية السلفية المتشددة، والتي ظهرت في دول الشرق الاوسط العربي الآسيوي والافريقي، وفي مقدمتها الدول الخليجية، واحتضان قياداتها من قبل عدة دول اوربية، ومنها بريطانيا- فرنسا – المانيا. الى جانب الحاضن الرئيسي – امريكا – ومساهمة الدعم المالي والبشري والعسكري لهذه المنظمات، كل من السعودية و قطر والبحرين والكويت وتركيا وغيرها.

كل هذه الظواهر التي ازعجت الدول الغربية بصورة عامة وامريكا بصورة خاصة، واستفحل خطرها على شعوبها من الناحية الامنية والثقافية والاجتماعية.

ونؤكد الى جانب ذلك الخطر الداخلي عليها والذي اربكت الاستراتيجية الاقتصادية والعسكرية لها.

فبدأت الدول الغربية المذكروة وبقيادة امريكا. بخلق بؤر ومناطق مضطربة أمنياً، بتحريك الشرائح السياسية الدينية والقومية والطائفية النائمة، ودعمها مادياً وعسكرياً ولوجستياً.

بدءاً لما سمي بالربيع العربي لغالبية الدول لشمال أفريقيا ومنها تونس- ليبيا- مصر، وفي آسيا – اليمن – البحرين. وثم التركيز المباشر على سوريا بأشعالها الحرب الاهلية فيها ومنذ ثلاث سنوات، وعجزها من اسقاط نظام بشار أسد فيها. وثم تحفيزمباشر وبشكل مدروس لهيب التطرف الديني والقومي وباطار (مذهبي) مستقطب في العراق بين السنة والشيعة من جهة، وبين العرب والاكراد وبشكل شبه ظاهر من الجهة الثانية. ولازالت الحروب الاهلية مستمرة في غالبية الدول العربية المذكورة بدون استثناء. مع بعض الاطفاء في مصر بسبب نجاح الثورة الشعبية (النهضوية) واسقطت حكم الاخوان المسلمين الذي دام سنة واحدة وذلك عام2013.

لم تستكن الولايات المتحدة بهذا المستوى من خلط الاوراق الاقليمي في الشرق الاوسط.

فكانت قد حركت القوى اليمينية المتطرفة سابقاً في بعض دول اوربا الشرقية ومنها يوغسلافية. والكل يعلم بما حل بها وتمزيقها الى عدة دويلات مستنسخة غير فاعلة. وثم تحركها في اوكرانيا الأقرب الى روسيا كاستفزاز لها ومحاولة ضمها الى الحلف العسكري الغربي – ناتو – وما تشهده داخلياً بشكل حرب استنزاف في بعض أقاليمها الشرقية التي تطالب بالانفصال عنها.كما لم تغفل أمريكا تحرشها بدولة الصين الشعبية بتحريك حليفتها اليابان بحرياً ومطالبتها ببعض الجزر الواقعة في بحر الصين الشرقي وفشلت بذلك.

ثم تحريك عملائها داخل الصين كالتيار السلفي المسلم المتشدد في الاقليم الغربي منها. والاضطراب الأمني الداخلي ايضاً مؤخرا في اقليم هون كونك، وقد تفشل فيه ايضاً كما هو متوقع.

وهكذا، فأن المتابع السياسي لما آل اليه الوضع في سوريا مؤخراً من تنامي القدرات العسكرية لعدة فصائل سلفية متشددة ومنها القاعدة – جبهة النصرة. واخيراً لما يسمى (داعش) وامتداد أوج حريقه الى العراق واحتلال مساحات كبيرة من المحافظات الشمالية – خارج أقليم كوردستان – ومنها نينوى – الانبار – صلاح الدين – ديالى -. واقتراب اللهب الى حدود العاصمة بغداد. عدا لما لهذا التيار بعض النفوذ في محافظة بابل جنوب العاصمة وغيرها. حتى وصل الأمر في الاشهر الاخيرة الانهيار التام لجميع فصائل القوات المسلحة العراقية وفشلها في صد هذه الحركة التي احتلت الكثير من المدن الرئيسية – الموصل- وتلعفر، وهيت وفلوجة والرمادي وتكريت وغيرها.

الى جانب استفحال الارهاب اليومي في جميع المحافظات تقريباً.

بمعنى أن امريكا فعلاً نجحت في خلط الاوراق في الكثير من مناطق العالم الساخنة. واصبحت الباكية على شعوبها والداعية الى سرعة محاربة هذه التيارات المتطرفة. وفي مقدمتها – داعش – واستنفرت المحفل الدولي وهيئة الامم المتحدة للمساهمة المباشرة عسكرياً جواً وبراً. بغية جني الحاصل من سياستها العدوانية وابقائها القطب الواحد المتلاعب في مسيرة الشعوب المغلوبة والضعيفة. وجعل هذه المناطق في مخاض دائم.

وخير دليل على ذلك ما حل بالشعبين السوري والعراقي من هجرة الملايين من ابنائها الى الكثير من دول الجيران – تركيا – اردن – لبنان – ثم عبر البحار وبصورة غير شرعية الى دول غربية –اوربا– أمريكا – استراليا – وغيرها.

وفي مقدمتهم بالنسبة للاقليات الدينية خاصة من المسيحيين واليزيدية والتركمان من سهل نينوى. وهجروا قراهم بنسبة 95% واكثر وبدون هدف، لا بل الى مصير مجهول لان عصابات – داعش – اكتسحت قراهم بصورة مفاجئة وبدون اية حماية من القوات الحكومية المركزية تذكر وبعد سقوط مدينة الموصل مباشرة في 10/6/2014.

13/10/2014

34- واقع المسيحية في المنطقة وعوامل التشظي والاندثار

 بدأً لابد ان نقول:-

اذا كان المجتمع الانساني منذ عمق التاريخ قد احتاج الى تنظيم حياته اليومية ضمن المستوى الفكري البدائي حصراً. و ثم ضاق به الزمن في رؤيته البسيطة لما حوله من الظواهر الطبيعية وتقلبات المناخ, وعاش تحت عواملها المؤثرة عليه مباشرة فتره طويلة قد امتدت الى ألاف السنين,حتى اضطر الى التفكير تحت تأثيرات بايولوجية, في كيفية فهمها او ارضاءه لهذه الظواهر البعيدة من وعيه وادراكه كليا عليه. ومقررة لمصيره مما اضطر الى ابداع نوع من الحركات الجسدية ومقاطع صوتيه يعبر فيها خشوعة وطاعته لها. وحسب اعتقاده ان يرضيها ويعيش بأمان اكثر, ولا يمكن مقاومتها او تحديها.

وهكذا بدأ الانسان ومنذ القدم يعيش هاجس افكار معينه وسلوك خاص. فبدأبعبادة تلك الظواهر الطبيعية ومنها الزلازل والبراكين والفيضانات والقمر ليلا والشمس نهارا وغيرها.

ثم انتقاله الى عبادة الاسلاف,بعد ظهور ضمن المجتمع افراداً ذات مواصفات وسلوك مميز عن عامة الناس. واعتبارها القادرة على تنظيم الحياة اليومية الفكرية ثم الاجتماعية والاقتصادية وبدء استثمار الارض. وكهمزة وصل بينها كافراد والمجتمع من جانب، وبين القوى الغير المرئية والمتحكمة بأمور الأحياء ومنها الانسان.

وكان ذلك حصيلة فهمه وادراكه لمعظم تلك الظواهر الطبيعية كعوامل حتمية في كل زمان ومكان.

وهكذا مرت البشرية عبر قرون وقرون, وتعددت العبادات غير الطبيعية والاسلاف الى اناستقر فكرياً الى عبادة (الله) خالق الكون وصانع الحياة وعبر عدة معتقدات دينية ومنها السماوية,التي لازالت حية في اصقاع الكرة الارضيه, الى جانب ديانات وعقائد ذات طبيعة باطنية واخرى تحليلية ولها ايضاً تأثيرها على الكثير من المجتمعات القائمة في كل من اسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية وبعض جزر الاوقيانوس القريبة من استراليا وغيرها.

وان جميع هذه الديانات جاءت عبر محاور لافراد ذات قدسية خاصة وبمنزلة الانبياء.

      ولكن لم يكتف المجتمع الانساني بهذا القدر من الاعتقاد ورسوخ العقيدة الدينية،فظهرت الاجتهادات وثم المذاهب ولها اتباعها وبيئتها الجغرافية والمدافعين عنها بهذا الشكل او ذلك.

أي بدء تأثير التغيير في نمط حياة الانسان الفكرية وثم الاجتماعية وفق ما تقتضيه عوامل التغير او التحول وصار لها كياناتها المتصارعة فيما بينها ولازال المجتمع الانساني وحتى المتحضر يعيش هذا الواقع من النزاعات والصراعات العقائدية. ويمكن القول، ان غالبية الحروب التي أدت الى زوال مجتمعات لأعراق بشرية ولحضارات عديدة. كان سببها الاختلافات العقائدية في المقدمة، علاوة على اطماع الكثير من الاباطرة والاسر الحاكمة في الكثير من الحضارات القديمة ومنها، وادي الرافدين- وادي النيل – وادي السند – النهر الاصفر في العالم القديم – حضارة مايا وانكا في امريكا الوسطى والجنوبية (العالم الجديد) وغيرها.

كانت اطماعها لغرض مد سلطانهم الى غيرهم من الشعوب الضعيفة واحتلال اراضيها وسبي نسائها واموالها.

بمعنى ان عامل التغيير في البنية التحتية للمجتمع الانساني، والانتقال من حالة فكرية واجتماعية واقتصادية. كان سلبياً عليها ضمنياً، وايجابياً لأسر الحاكمة كشريحة وحيدة مستفيدة من الحروب والنزاعات الاقليمية والقارية والى هذا اليوم.

فلازال المجتمع الانساني يرزح تحت هذا التناقض المستمر – كقانون للحياة – ويعيش في وسط محيط هائج تظل امواجه تتلاطم مع بعضها وثم تضرب سواحل اليابسة وتجتاحها وتخلف عليها التغير في طوبوغرافيتها وتضاريسها، وكتشبيه بالبشر بالمثل بهذا الشكل وبالآخر ولا ارادياً اي بمعنى وفق قوانين خاصة.

وان علماء الاجتماع والتاريخ خير مصدر للاعتراف بذلك. ويبقى سبب التغيير بواقع الانسان قائماً مدى الحياة على هذا الكون كظاهرة طبيعية وعلمية لا توقف لها. وهي من خصائص المادية التاريخية.

واننا لم نستعرض الماضي التاريخي البعيد والقريب لمراحل تطور الفكر الديني الانساني كدراسة مهمة بهذا الشكل البسيط. بل كمقدمة لتبيان ما حصل ويحصل في جميع المجتمعات البشرية من الصراع العقائدي والتطرف الديني وما أدى ويؤدي الى كوارث بشعة على الكل. وان التاريخ خير شاهد على ذلك.

فلم يكن سقوط (اورشليم – القدس) بيد الاسلام ابان الحروب التي امتدت الى عقود من السنين في اوائل القرن الثاني من الالفية الثانية. كما لحقها سقوط روما في اواسط القرب الخامس عشر وقبلها سقوط بيزنطا في القرن الثالث عشر على يد الخلافة العثمانية وتسميتها بـ (استنبول – او اسبتانا) و بغداد على يد هولاكو في عام 656هـ. وغيرها.

وان ما يشهده الشرق الاوسط بالذات والعالم ثانية من التغييرات الديمغرافية والسياسية والادارية عدا التداعيات الخاصة من جراء التطرف الديني والمذهبي والاثني والقومي. ومنه ما يخصنا في العراق اليوم. وما اصاب الاقليات الدينية بصورة خاصة من الهجرة القسرية والابادة الجماعية على يد المنظمة الدينية المتطرفة (داعش) لجميع قرى سهل نينوى وثم مدينة الموصل، وللمسيحيين واليزيدية وغيرهم. قد تكون بادرة مبيتة مسبقاً لإنهاء وجود هذه الاقليات واندثارها كلياً من المنطقة.

وان هذا التطرف الحالي ليس وليد اليوم. ولا جاء عفوياً من الداخل فهناك اكثر من اتهام للدول الغربية وفي مقدمتها امريكا بأن المحرك الرئيسي لهذا التطرف الديني والمذهبي ظاهرياً. ووفق ستراتيجية خاصة موثقة منذ عقود. لان عوامل التغيير السلبي في المجتمع العراقي خاصة. موروثة من قبل البنية التحتية له وتحت خيمة المذهبية المعلنة.

وما شمل ويشمل من الاثار المدمرة على الاقلية المسيحية في المنطقة.

ليس فقط هذه المظاهر المتطرفة لمنظمات دينية متعددة بل هناك عوامل داخلية متفاعلة سلبياً في المجتمع المسيحي ومنذ زمن بعيد ساعدت التطرف الحالي على الاستقطاب وسرعة التفاعل السلبي بمعنوية هذه الاقلية بالذات ومنها

وقبل ان ندخل في سرد تفاصيل هذه العوامل التاريخية والتي ادت وساهمت بصورة تفوق الخيال. بتمزيق وحدة وكيان النسيج الاجتماعي والديني للاقلية المسيحية.

فلابد ان نقول ان المكاشفة النزيهة للعوامل التاريخية التي قوضت وشتت هذه الاقلية، وبقلم نزيه متجرد من أية حسابات وتأثيرات لا ادبية و لا اخلاقية. هو الدافع الوحيد لما آل اليه الوضع الراهن للمسيحيين في العراق وباقي دول المجاورة. والتي لا تختلف اسبابها عن ما جاء اعلاه.

      وتأكيداً على بدء اندثار الديانة المسيحية بالذات في العراق وثم في الدول العربية الاخرى المذكورة اعلاه. جاء تشخيصاً لما يلي :-

1-   نقل مقر رئاسة الكنيسة الشرقية (النسطورية) لباطريركيتها من العراق وهي الاقدم تاريخياً فيه. الى امريكا – شيكاغو – وقبل عقود من السنين ودون سابق انذار ومبرر. ولم توجه أية دعوة منها لانصارها بالهجرة الى دولة واحدة. مما ادى الى تشتتهم في القارات الثلاث وبنسب متفاوتة وهي امريكا – استراليا – اوربا – والشريحة الباقية في العراق لا تتعدى عدة آلاف نسمة اكثرها في محافظتي نينوى ودهوك تعيش في قرى صغيرة غير مطمئنة امنياً لمصيرها ومستقبلها. وهناك اعلام مشجع للهجرة لها الى فرنسا مبدئياً.

2-  تصريحات قادة الكنيسة الكاثوليكية الغربية كلدان وثم سريان وبشكل مكشوف. بان مصير الديانة المسيحية في العراق سيكون كمصيرها في السعودية(الجزيرة العربية) وتركيا. وجاء ذلك نصاً على لسان رئيس ابرشية كركوك المطران يوسف توما وعقب سقوط مدينة الموصل على يد منظمة داعش. بعدة ايام. ولحق ذلك مؤخراً تصريح نيافة باطريرك الكلدان لويس ساكو. بانه لا مانع من هجرة أي مسيحي من العراق وبدون اي تحديد لجهة هجرتة. وقد يكون نيافة البطريرك لويس مرغماً بهذا التصريح نتيجة الضغط الحاصل من الواقع المؤلم لرعيته عليه، ولعدم مبادرة اية جهة رسمية حكومية محلية او دولية تحمل حماية انصار هذه الديانة بكافة مذاهبها.

3-  مغادرة غالبية رجال الدين المسيحي لكنائسهم وقراهم بعد سقوط مدينة نينوى 10/6/2014قبل رعاياهم وخاصة القرى الاكثر كثافة في سهل نينوى ومنها قرقوش (بخديدا)،كرمليس، برطلة، تلكيف، باطنايا، باقوفا، تللسقف، القوش. عدى شرفية وعين بقرى وغيرها من القرى الصغيرة هي الاخرى. ولم يرجع (رجال الدين) اليها الا بعد عدة اسابيع. مما أدى الى هبوط معنوي شديد لدى عامة الناس. باعتبارهم (رعاة) لهم. ولسنا بحاجة الى تسمية هؤلاء رجال الدين سواءً كانوا بمستوى رئيس ابرشية او كاهناً كي لا نتهم بالتشهير بهم وهذا معلوم للجميع. ولقلة من القرى التي عادت الحياة اليها...

واخيراً لا بد ان نعود ونوثق بعض الاسباب التاريخية التي كانت ذات تأثير مباشر وقاتل لتشتت وتشظي الطائفة المسيحية في العراق خاصة وباقي دول العربية المذكوره ومنها:-

 1-  الصراع المذهبي بين الكنيستين الشرقية النسطورية والغربية الكاثوليكية الكلدانية حصراً. عدا الانقسام الحاصل في طائفة السريان الى كنيستين ايضاً كاثوليكية وارثذوكسية وانشغالهم بذلك والى اليوم. مما أدى الى خلق صراع ونزاع داخل المجتمع المسيحي، تارة شبه مكشوف واخرى مبطن. وانعكاساتة على اهمية علاقة الفرد بوطنه ضمن ديانته، وتعصب مسؤولي تلك الكنائس بمواقفها الفكرية اللاهوتية (اي الفلسفية) والبنية التحتية العريضة للمجتمع المسيحي مهمشة كلياً.

2-  ضمور مكانة الفرد الواعي في المجتمع بعيداً عن علاقتهبالأرض كوطن تاريخي يضمن بقاء المجتمع فيه ومدافع عنه. وسبب ذلك ميل رجال الدين الى التعاطف مع المجتمع الغربي (الاوربي + الامريكي) كمجتمع مسيحي مدافع عن المسيحيين في العراق قبل الدولة التي هو من صلب مجتمعها وملزمة بالدفاع عنهم دستورياً. وهذه الظاهرة العاطفية كانت موجودة لدى مسيحي العراق ابان الحكم الفارسي للمنطقة وفي عهد بعض ملوكها المعادين للمسيحية. مما ادى الى ضعف مفهوم المواطنة كسبب رئيسي ومباشر. وثم امام انزواء واعتكاف الجميع تحت خيمة المذهبية دون الاهتمام بجوهر رسالة السيد المسيح الانسانية.

3-  تشبث بل استماتة قيادة جميع هذه المذاهب المذكورة بالسلطة الدنيوية عبر السلطة الدينية والعصمة لهم حسب اعتقادهم، وتكوين حاشية خاصة تحيط بهم وتسهل الامر لهم في جميع الحالات.

4-  إنزواء النخبة الثقافية الدينية غير المتعصبة والثقافية العلمانية بصورة عامة امام الفئة او الشريحة المترسبة والمتلونة وباسم (الوجهاء)والحاضنة للعقلية الاجتماعية ذات المسحة القبلية المبطنة، وبمؤازرة المرجعيات الدينية قاطبة ومحاصرتها للنخب المذكورة وتهميشها وعدم تمكنها من التفاعل مع القاعدة الاجتماعية العريقة و محاربتها.

5- تمكن المرجعيات الدينية وبقايا نفوذ الاجتماعي القبلي من تقديس ما سمي الارث المتوارث عبر الاجيال كسلاح بتار بيدهم. مما ادى الى بقاء غالبية فصائل المجتمع في ركود اجتماعي وفكري كشبه قاتل ولازال ايضاً مع فارق العصر.

6-  دور المخابرات الغربية وفي مقدمتها الامريكية خلال القرن الماضي خاصة والى اليوم. بخلق تنظيمات سياسية او ما يسمى بالمجتمع المدني ومنها ظاهرياً اما طائفية او دينية مذهبية او قومية أثنية لبقايا شرائح اجتماعية لحضارة ما بين النهرين – كلداني – اشوري – سرياني وغيرهم. مما ادى الى تعميق الانفصال والانقسام المجتمع الى اجزاء متقوقعة، وعجز اية فئة ثقافية خارجها للم الشمل والتقارب بينها ككتلة واحدة تعمل في خدمة الجميع ولأي منظمة كان الانتماء – سياسي – ثقافي – فني وغيرها. مما ادى الى فشل غالبية تلك المنظمات وانقسامها على بعضها وتلاشيها.

7-  إفتقار غالبية القيادات للمنظمات المذكورة الى ميزة العصر وأهمية وحدتها سياسياً واجتماعياً بعيدة عن مجاملة كل منها لمرجعية هذا المذهب او ذلك. وعلى حساب الخصوصية التاريخية الشبه متوارية كلياً او جزئياً.

8-  استثمار القوميات الكبيرة لضعف وحدة المجتمع المسيحي تاريخياً وحاضراً ومنها حصراً – القومية العربية ذات النفوذ الاجتماعي والديني والسياسي الاوسع في جميع الدول العربية المعنية. وثم القومية الكردية ثانية. دون ان يكون لها الدور المباشر علناً الاستفادة من الوضع المتشتت للمسيحيين وخاصة في العراق وسوريا. لاسباب لكونها هي الاخرى من القوميات المضطهدة تاريخياً ايضاً. بسبب صراعها الدائم مع القومية العربية. ولا بد ان نشير ان النخبة المثقفة من المسيحيين، وذات الافكار السياسية اليسارية والقومية تعاطفت مع التيار السياسي القومي الكردي طيلة العقود الماضية وساهمت معه حتى بالكفاح المسلح ولعدة عقود وحتى سقوط النظام السابق في 9/4/2003.

9-  وصولاً لقناعة تامة لا جدال فيه. ان هذه الاقليات، المسيحية واليزيدية وغيرهما لشدة ضعفها بسبب اوضاعها الداخلية الخاصة، وتشتتها داخل الوطن عدى الاسباب القسرية الخارجية الاخرى التي ألمت بها طيلة قرون أصبحت كرعية بدون راعي.

وتوضيحاً لذلك، لم يعد للديانتين تجمعات سكانية كبيرة الا ضمن قرى عديدة وضمن جغرافية ضيقة ومنها سهل نينوى خاصة وقرى صغيرة ضمن اقليم كردستان.

ووفق مصلحة الدول الكبرى والغربية منها قاطبة لم يعد يمكن الاستفادة منها حاليا ومستقبلاً. قيام كيانات سياسية وادارية معترف بها دولياً واقليمياً. وحتى من قبل القوميتين الكبريتين العربية والكردية وفق استراتيجية غربية خاصة بذلك.

10- لا بد من الاعتراف بواقع الحال مهما كانت الأسباب فلا بد ان يؤدي الى بدء الشتتوالتشظي بالكيان الاجتماعي التاريخي. وظاهره ليس تخلف هذه الكيانات عن الركب الحضاري فقط. بل الاندثار له وفقدان مقومات وجوده الانساني والجغرافي. وان التاريخ لا يمكن ان يعيد نفسه مهما كان السبب وليس الاعتراف بهذا الواقع اضعافاً لمعنوية المجتمع المسيحي ومكانة الفرد فيه. لان الانهيار قد اصاب البنية التحتية للمجتمع المسيحي منذ عقود. ولا بد ان هناك (ونكررها ثانية) مخطط دولي كبير ذات مصلحة بذلك حالياً ومستقبلاً. وليست وثيقة او لائحة حقوق الانسان الا استهلاكاً اعلامياً في الساحة الدولية تجاه جميع الاقليات الدينية والقومية والاثنية في اجزاء المعمورة.

كما ليست تلك اللائحة الا لوحة رملية بدون اطار، وحبر على ورق النشاف.

 والمكاشفة صعبة واقرارها اصعب وأمر لذي العلاقة والكل يعلم بذلك ولا مفر منه.

18/11/2014

الخاتمة

      تشير معظم ما ورد في المقالات السياسية البالغة بحدود الواحد والثلاثين موضوعاً ترافقها بعض قصائد شعرية. كلها تفضح ما لحق من الاجحاف وهضم الحقوق الحياتية الشرعية لجميع الكيانات الاجتماعية والسياسية للشعب العراقي من جراء الإرهاب اليومي المنظم وبدون رادع قانوني واخلاقي.

      الى جانب ما أصاب من الظلم والعدوان المباشر والاستهداف الشخصي للاقليات الدينية والقومية نتيجة التأمر الداخلي والدولي عليها، وفرض تهجيرها وسلب أموالها ومحلاتها قسرا. وما لحق بها من التضحيات الجسام من الشهداء والذين سقطوا في موافع عملهم ورزقهم وسكناهم الأصلي وفي كل من العاصمة بغداد – الموصل - البصرة وغيرها بواسطة العبوات الناسفة – رافقها الاغتيالات الفردية لكثير من الكوادر العلمية والتربوية والسياسية والدينية.

وشمل بالدرجة الأولى كل من الاقليتين المسيحية واليزيدية وثم باقي الأقليات.

      مما أدى الى استفحال الامر الى حرب أهلية في معظم المحافظات الشمالية غير الكردستانية.... وبحكم التناحر بين كياناته الاجتماعية فان الوطن قد تعرض الى تمزيق وحدته الجغرافية الى كيانات على أسس مذهبية لابد منها ويبقى امل كل الشعب العراقي المقهور بالخلاص من المأزق وقيام جمهورية ديمقراطية فدرالية تعددية وحكومة تقدمية تمثل كافة مكونات المجتمع العراقي بلا استثناء.عدا ما أصاب الكثير من شعوب الدول العربية وغيرها من الفوضى والاضطراب الأمني ونزاعات إقليمية ودولية، كان لامريكا وحلفائها الغربيون الدولا المباشر في حبكها كاستراتيجية انية ولمدة زمنية غير محددة وحسب ما تميله مصالحها الخاصة. متضرعة بضرورة تحرير هذه الشعوب من بعض حكامها المستبدون ونشر الديمقراطية اللبرالية فيها نظريا وبشكل مشوه لا غير وعلى لوحة رملية تزول بأقل رجة لها. او بهبوب عاصفة بسيطة

 

25/10/2014

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.