اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ألمكتبة

من منطلقات فكرية لمسيرة حياة الانسان التاريخية// يوسف زرا - صفحة 2

 

  بحث تاريخي

ثالثا - الرابطة الجدلية والتاريخية بين الحضارات القديمة وما بعدها

       يقول الأستاذ عباس عباس في مقدمة كتابه (موسوعة حضارات) . بان كلمة الحضارة مشتقة من الحضر .

       بينما علماء التاريخ الغربيون لم يميزوا بين الحضارة والمدنية وكما جاء ذلك في كتاب (قصة الحضارة ، للعالم الاجتماعي.. وول ديورانت) .

       والمقصود بالحضارة كما نعتقد ، هي تجمع بشري في عمق التاريخ ضمن بقعة جغرافية معينة ومن سلالة وجنس محدد ، تمكن من بناء نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي وعقيدة او مجموعة عقائد دينية مختلفة مع لغة التداول .

       وغالبا ما يتحول سلوكهم الاجتماعي الى – عادات وتقاليد واعراف – وثم الى مستوى التقديس والعبادة واعتبروها ارثا لهم لا يشاركهم فيها أي مكون بشري اخر وتعتبر روابط حية دائمة التجدد وحسب حاجة المجتمع وميزة العصر .

       ومن هذا المنطلق وعبر التاريخ تنوعت العقائد الدينية ومنها ذات صفة رمزية كالطوطمية او عبادة الطبيعة  - وعبادة الاسلاف ولا زالت قائمة لدى الكثير من المجتمعات البشرية بهذا الشكل وبأخر .

       ولكون غالبية الحضارات القديمة تمتعت بالاستقلالية الفكرية والجغرافية ، مما أدى بها الى النظر الى بني قومها بخصوصية الانتماء الى سلالة وجنس بشري قائم بحد ذاته . تتميز عن بعضها عقليا واجتماعيا وعقائديا ، وان هذه الأفضلية في بعض السلالات القديمة جاءت نتيجة اول دراسة معمقة للتقاليد والأعراف واللغات ، والتي قام بها المؤرخ والعالم الاجتماعي الاغريقي – اليوناني – (هيردوتس = 485 – 425 ق.م) والذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد ويعتبر اول باحث في علم السلالات البشرية تاريخيا أي (الانثروبولوجيا) علاوة على تمكنه من دراسة تقاليد والملامح الجسمية لحوالي خمسين شعبا غير الاوربية . ويعتبر هذا العالم من العهد الاغريقي ومن كبار علمائها وفلاسفتها .

       وهناك تزامن وتداخل عصره مع اشهر فلاسفة أثِنا الكبار ومنهم سقراط وزينون وغيرهم ، والذين اهتموا بفلسفة المنطق ، علاوة على ظهور مجموعة أخرى من الفلاسفة في اثِنا خاصة .

       وسموا بالرواقين الذين كانوا يقضون ساعات وايام في الجدال حول تفسير ظواهر الطبيعة وكيف ومتى ولماذا الانسان وغيره خلق ؟ وقد انفرد اليونانيون بالفلسفة وتعدد مذاهبها . وهنا تكمن الرابطة الجدلية والتاريخية في ظهور الحضارة وضمن نفس الفترة ظهرت مجموعة أخرى سموا بالسفسطائيين أي كثيرو الجدل للبحث عن الحقيقة ، ولم يكن لدى المصريين والبابليين أي تفكير فلسفي كما يقول العالم الكبير (برنيت) في مقدمة كتابه (فجر الفلسفة اليونانية) . واقتصرت الفلسفة في الشرق لدى الهنود فقط وخاصة في الديانة البرهمية ، وتعتبر تعاليمهم الدينية الاقدم موثقة على وجه الأرض (الفيدالوجيا) منسوبة الى (فيديا) . وان اهم المناطق التاريخية لظهور الحضارات هي الواقعة جغرافيا ضمن إقليم الشرق الأوسط ولأسباب عديدة ومنها .

1- وجود احواض لانهار عظيمة وذات تربة خصبة .

2- ظهور واحات كمراعي زراعية .

3- اعتدال مناخها ضمن الأربعة فصول . وكانت درجة الحرارة شتاءً تصل في اقصى مناطقها الى (10)ْ تحت الصفر، وفي فصل الصيف الى (50)ْ مئوية .

       واهم هذه المناطق الجغرافية التي تدخل ضمن الجدول أعلاه لحضارات وليس دولا .

1- حضارة وادي الرافدين وتشمل – العراق – سوريا – وجزء من تركيا الحالية وحددوا أرمينيا – جبال ارارات منبع دجلة والفرات 3200 – 2900 ق.م.

2- حضارة وادي النيل وتشمل ، مصر – سودان – ليبيا وظهور عدة فراعنة من اصل ليبي – 3100 ق.م .

3- حضارة وادي السند – الهند – باكستان – بنكلاديش 2500 ق.م.

4- حضارة الصين – ضمن وديان انهارها الثلاثة – النهر الأصفر – هوانج – النهر الأزرق – يانغ تشي كانغ – والنهر الجنوبي – سي كيانغ – 3000 ق.م .

5- الحضارة الإيرانية 3900 ق.م .

وجميعها تقع ضمن قارتي اسيا وافريقيا وضمن المنطقة الجغرافية ذات المناخ المعتدل.

6- الحضارة الرومانية :- وهي المنطقة ضمن الاعتدال المناخي وامتداد الشرق الأوسط ضمن حوض البحر الأبيض المتوسط من القارة الاوربية .

7- وهناك حضارتين ظهرتا في العالم الجديد (الامريكيتين) وهما (حضارة مايا وحضارة انكا) وموقعهما التاريخي – بيرو في أمريكا الجنوبية ومكسيك أمريكا الشمالية . وتعتبر هاتان الحضارتان رديفتان للحضارة المصرية الفرعونية ، ولها اهرامات على شكل زقورات .

       وهي كل ما بقي من معالمها الحضارية – الاجتماعية والدينية – فقد ازالها المبشرون الاوربيون في أواسط القرن السادس عشر .

       وهل التاريخ أعاد نفسه حينما حاول الطالبانيون القضاء على جميع المعالم الحضارية للديانة البوذية التي كانت منتشرة في أفغانستان قبل المسيحية . وفجروا تمثال صخري لنبيها بوذا في جبال (طورا بورا) .

       وكان ارتفاعه (56) م . وفي الحالتين تعتبر ظاهرة عدوانية شريرة لدى الانسان المتحضر كما يقول العالم الاجتماعي – فروم - .

تاريخ ظهور الحضارات

       من المعلوم ان العصر الحجري الوسيط كان بداية لظهور الحضارات البشرية في كوكبنا قبل ان يكتشف الانسان المعادن ويستخدمها . وان بداية العصر المذكور ونهايته تختلف من موقع الى اخر . ففي اسيا وافريقيا واوربا التي تمثل قارات موحدة جغرافيا . كان العصر الحجري قد بدأ قبل حوالي (2000000) مليوني سنة (اكتشف مؤخرا في عام (2012) بقايا لأنسان تعود الى حوالي مليوني عام وذلك في صحراء الجزائر ، وتعتبر اقدم مكتشفات حضارية في شمال افريقيا (المصدر – احدى فضائيات جزائرية في تموز عام 2012) . ولكن في حوالي الالف السادس (6000ق.م) كان العصر المذكور قد انسحب من منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق اسيا .

       اما في اوربا فقد بقيت اثار العصر الحجري الى حوالي (4000ق.م) قائمة وفي بعض أجزاء من اسيا وافريقيا ضمن حوض البحر الأبيض المتوسط .

       اما في أمريكا الوسطى (جنوب الولايات المتحدة وشمال أمريكا الجنوبية) . فقد بدأ العصر الحجري حال وصول الانسان الى العالم الجديد قبل حوالي (30000ق.م) وانتهى هو الاخر بحدود (6000ق.م) . ويعتبر ظهور الحضارتين أعلاه بعد التاريخ المذكور بفترة قصيرة اما في قارة استراليا . فقد وصل الانسان اليها قبل حوالي (55000) خمسة وخمسون الف سنة . ولم يتمكن الانسان فيها بناء حضارة خاصة به لبطء انسحاب العصر الجليدي نحو القطب الجنوبي .

       واذا عدنا الى الجدول المذكور لحركة العصر الحجري القديم والأخير . سنرى ان الحضارات التي ظهرت ونمت في فترة (2500) عام ق.م . والتي شملت منطقة الشرق الأوسط . هي كل من حضارة وادي الرافدين ثم وادي النيل وحضارة وادي السند كوحدة جغرافية موحدة . وفعلا فقد وجدت اول الفخاريات في منطقة الشرق الأوسط وفي أمريكا اللاتينية ، واستخدام النحاس أيضا لأول مرة في بعض مناطقها . وكان ذلك في حدود (6000ق.م) وهو العصر النهائي لانسحاب العصر الحجري القديم من هذه المنطقة .

       واذا حددنا ظهور الحضارة في وادي الرافدين الاقدم . فكان ذلك قبل (4000 عام ق.م) للحضارة السومرية ويعتبر التاريخ (2600عام ق.م) تاريخ ظهور السلالات الحاكمة ، وقد سمي هذا التاريخ بـ(فجر السلالات) و (دولة المدن) في اور – اريدو – الوركاء – ونفر – وغيرها ، ولازالت اطلالها شاخصة الى هذا اليوم وما تركته بصماتها على معابدها وقصورها من الأنظمة والقوانين وقيم اجتماعية واقتصادية ودينية وعلى مسلات حجرية ومتاحف العالم تشهد بذلك – ومنها – فرنسا – بريطانيا – المانيا – أمريكا – وغيرها .

خصائص الحضارات القديمة

       بسبب قلة وضعف وسائل الاتصالات بين التجمعات البشرية في بداية تكوينها مما أدى الى رسوخ واستقطاب التقاليد والعقائد الدينية في مجتمعاتها واصبح لكل تجمع حضاري سمة مميزة وفق المفاهيم المذكورة عن غيرها . وتوارثها الأجيال بالتعاقب وكما استقرت . فاذا تناولنا ما كان سائدا من التقاليد الاجتماعية لدى كهنة الحضارة الفرعونية ، سنرى بانهم كانوا يطلقون شعورهم عكس كهنة معابد الحضارة الرافدينية الأقرب اليها . بحلق شعورهم (الراس واللحية) . الا في حالات الوفاة ، فكانوا يطلقونها ولفترة محدودة . واعتقد ان ما هو سائد في مجتمعنا العراقي بكل مكوناته الدينية والقومية والاجتماعية هو الحداد على المتوفي من قبل ذويه وعدم حلق رؤوسهم ولحاهم لمدة سبعة أيام كحد ادنى وقسم منهم حتى الأربعين يوما بعد الوفاة . وكانت النساء لا تستحم لمدة أربعين يوما تعبيرا عن الحزن للمتوفي القريب منهم . وقد تعددت آلهة الفراعنة كرموز طوطمية بجسم انسان وراس حيوان .

       وقد اعتقد المصريون بأفضلية سلالتهم وجنسهم عن غيرهم بعد ان عبدوا الشمس كآله واحد لا شريك له . فغالبية الحضارات الأخرى بقت تتعدد الالهة في معابدها . اما الحضارة الرومانية فبسبب ما أحرزته خلال الستة قرون ما قبل الميلاد من التقدم الاجتماعي والإداري والفكري . فيقول العالم الاجتماعي (كارلوس لوكرتيوس) . ان الرومان فضلوا جنسهم كسلالة بشرية مستقلة افضل من غيرهم . واعتبروا ذلك استحقاق زمني لهم بحكم القانون . وقد ظهر هذا التميز عن غيرهم بسبب عظمة روما كعاصمة لأعظم واكبر امبراطورية على وجه الأرض ، وكانوا يعبرون عن ذلك بان روما تقع في قلب العالم وجميع الطرق تؤدي اليها .

       وقد امتدت الحضارة الرومانية ما بين 753 ق.م الى 1550م . وهي أطول فترة حضارية شهدتها البشرية .

       اما الحضارة الصينية . فهي أيضا اعتبرت الانسان الصيني من سلالة بشرية متفوقة على غيره ، لسعة أراضيه ولوجود عدة انهار عظيمة فيها ، ومنها النهر الأصفر . وانطلاقا من هذه الفكرة ، فقد قام ملوكهم ببناء سور الصين العظيم والذي يمتد الى مسافة 1500كم بدءا من الجنوب الغربي الى شمال الشرقي . وبسبب تفضيل جنسهم وارضهم على غيرهم اقاموا هذا الجدار الجبار كي لا تدنس ارضهم بأقدام الغرباء الغزاة .

       بمعنى ان الوطن مقدس لديهم ، وكانت الدول المجاورة لهم غالبا ما تتعدى عليهم وتغزو برهم .

       اما ما يخص حضارة وادي الرافدين ، فان ما تركته الاساطير والملاحم الأدبية والفكرية والدينية وقبل ظهور الكتابة ما بين 3200 – 2900 ق.م ومنها ملحمة كلكامش وقصتي الخلق والطوفان ، وظهور مجموعة آلهة تحكم الكون (مجموعة ايكيكي) . وتتحكم بالحياة على وجه الأرض وتطور الفكر الميثولوجي بتشكيل مجلس الالهة وظهور مركزية قوية بتخويل إله مردوخ صلاحيات جميع الالهة في مواجهة الاحداث الطارئة .

 بمعنى ظهور نوع من الإدارة كقيادة جماعية مركزية الاهية لتصريف شؤون البشر كمهمة أساسية بغية ان لا تتكرر حادثة الطوفان وهلاك جميع الكائنات الحية بما فيها الانسان ، ونجاة ما امر به إله – آيا – الى اتانبشتم بصنع الفلك واختيار زوجين من كل جنس كنماذج ما بعد الطوفان . وثم ندمهم على ذلك حينما احتجت الالهة – ماما – خالقة البشر من خلط دم الالهة – وي – الا – (وكان قائد قوات تيامات) بالطين الأحمر . وثم نزول الالهة السبع من كواكبهم لمأدبة انانبشتم حينما قدم القربان لهم بعد رسي الفلك على اليابسة وانتهاء الفيضان .

اما ما يخص الحضارة الإيرانية . فلكون ارضها تعتبر امتداد لإقليم الشرق الأوسط وتحديداً الشرق وادي الرافدين وشمال وادي السند وغرب البر الصيني .

وبسبب ظهور عدة مستعمرات زراعية مزدهرة فيها بحدود ما قبل الاخمينيين بـ(8000 عام ق.م) مما أدى الى اعتبار هضبة ايران احدى المواقع الجغرافية تاريخيا وذات قدم حضاري . الا انها وفي أواخر الالف الثالث وحتى الالف الثاني ق.م كانت في عزلة كبيرة وخمول في النشاط الحضاري وتعرضت الى تمزق كبير . واقتصر الامر لتطورات حضارية في بعض اجزائها الشمالية والوسطى وغربها .

ومن ابرز معالمها الحضارية القديمة هو بناء مدينة – سيالك – عام 3900 ق.م في وسط الهضبة وقرب كاشان الحالية واهم عقائدها الدينية الزرادشتية .

وما بين 1500 – 800 ق.م ظهرت عدة طوائف آرية كالميديين والفرس كبدو رحل قدموا من اسيا الوسطى واستقروا بالنسبة للميديين في غرب ايران وفي شبه الهضبة سكن الفرس ، وانتهت الحضارة الإيرانية بعد ان غزاها إسكندر المقدوني عام 334 ق.م وقد تنافست الحضارة المذكورة مع عدة حضارات والتي زامنتها وخاصة منذ الالف الثاني ق.م وخاضت حروب عديدة مع حضارة وادي الرافدين وبجميع اطوارها ، ومع الرومان وكان اخرها سقوط بابل عام 539 ق.م على يدها .

لم ترتق الحضارة الإيرانية الى المستوى الفكري والعلمي والادبي والفلسفي الى مستوى ارتقاء الحضارات المذكورة أعلاه . ويعزى ذلك الى كثرة انشغال قادتها في حروب خارجية ونزاعات داخلية وحتى يوما هذا .

اما اذا انتقلنا الى ما هو سائد في عقائد وتقاليد وقيم مقدسة للحضارات التي تلتها والتي قامت على أسس ديانات سماوية ومنها – الديانة اليهودية – فانه معلوم لدى جميع باقي الأديان الأخرى ، بان الله حب شعب إسرائيل ليخرجه من مصر ومن ظلم الفراعنة فاختاره وسمي بـ (شعب الله المختار) فان في هذه التسمية والمحابات للإنسان اليهودي كجنس له خصوصية لدى الخالق عن غيرهم . انما جاء هذا التقييم من ربهم والالهم – يهوه – تفضيلا لهم عن باقي الاقوام بعبادة الاله الواحد وحسب الاسبقية . ولا يمكن فصل الديانة اليهودية عن شعب إسرائيل من سلالة يعقوب . وان الله حباهم بإعطائه القوانين العشرة الى نبيهم (موسى) حينما كلمه في طورسناء . كما لابد ان نشير بان للأديان أيضا ومنذ نشأتها لها دور تاريخي ببناء الحضارات الإنسانية القديمة وما بعدها كرابطة جدلية مستديمة بينها من عمق التاريخ . فان السيد المسيح تقيما لتعاليمه ورفع شأن اتباعه حينما أوصى المؤمنين بان لا يتركوا عقيدتهم تحت اقدام الخنازير . فهذا نوع من التفضيل لبني قومه عن باقي الاقوام . والمقصود بالخنازير فهم الاقوام الغلاة الذين لا يؤمنون برسالته السماوية السمحاء وبغيرها .

وان جميع الأديان السماوية – اليهودية – المسيحية – الإسلام – صاحبة الحضارة ، لأنها امنت بالله واحد خالق الكون كقاسم مشترك بينها .

اما ما جاء في الديانة الإسلامية مقارنة بما سبق للتمييز بالعقيدة الجديدة حينما اعتبر الإسلام (كأمة واحدة) أي سلالة بشرية بغير المواصفات السابقة للحضارات القديمة وانها....(خبر امه أخرجت للناس) ويقصد بها الجنس العربي فقط والآية تقول (فانزلناه قرانا عربيا لعلكم) ...

فان مفهوم الأفضلية والتمايز بين سلالة او جنس ذات حضارة عبر التاريخ هو ضخ قيمة معنوية وبأسلوب يشد من عزيمة هذه السلالات والاقوام بالاستمرار بالدفاع عن معتقداتها وقيمها وعاداتها القائمة تاريخيا ومن دونها لا يمكن بناء أجزاء من اية حضارة كانت ولكن لم ينتهي الامر بظهور حضارات ذات منشأ سلالة ، او جنس بشري له مقدسات وقيم تاريخية وحضارية كما جاء سابقا .

فان الفكر السياسي الحديث انطلاقا من العلوم الاجتماعية السائدة بان الانسان فردا وجماعة يسعى الى تفضيل جنسه ، لابل زمانه ومكانه (عصره) عن غيره .

وهذا ما افرزته الحضارة الحديثة في اوربا وتأثيرها على مفهوم السلم والحرب في العالم .

وخير دليل على ذلك ما شهدته الكثير من الحروب بين الأمم سابقا عبر التاريخ ولاحقا ، وأخيرا الحرب العالمية الثانية واسبابها المعلنة على لسان بعض قادتها ، ومنهم الزعيم الألماني (ادولف هتلر) حينما اعلن عام 1939 بانتهاء عصر جميع (الأمم) وجاء عصر (العنصر الجرماني كجنس بشري) ليحكم البشرية ، وصنفها الى درجات متفاوتة وان هذا التفضيل لم يكن بسبب ما جاء في الحضارة القديمة بأفضلية جنس او سلالة على غيرها كما جاء في الحضارة الرومانية والصينية وفي رسالة – موسى – باعتبار الله امر بان شعب إسرائيل جنس بشري مؤهل عقائديا ، بل بسبب بعض التطرف لدى بعض الاقوام المتعصبة عبر حركات وأحزاب سياسية قادت البشرية الى حروب مدمرة مما أدى الى هلاك الملايين من الأبرياء والعزل ، ولا زالت الحروب والنزاعات قائمة هنا وهناك بسبب التطرف العنصري ولأسباب دينية او مذهبية والحرب العراقية الإيرانية في القرن الماضي 1980 – 1988 – خير دليل على ذلك والتي دامت ثمان سنوات كأطول حرب في العصر الحديث وغيرها .

المصادر :

1- موسوعة حضارات – عباس عباس .

2- قضية الأديان – سليمان مظهر .

3- المعتقدات الدينية في بلابل – رينية لابات .

4- فلاسفة يونانيون من طاليس الى سقراط – د.جعفر ال ياسين .

 

بحث تاريخي

رابعا - العراق موطن الشرائع والمدارس القديمة تاريخيا

1- المقدمة :

       اذا كان هجر الانسان للقمم والكهوف والمغاور الجبلية قبل اكثر من واحد ونصف مليون سنة لغالبية المناطق الجغرافية التي ظهر فيها . وبدء نشوء القرية الزراعية بعد مرحلة الصيد ، ثم ظهور المقاطع الصوتية ولغة الإشارة الرمزية . فكان ذلك بدء التطور البيولوجي لدماغ الانسان ، وتدرج حياته عبر الاف السنين وصولا الى ظهور مجتمع بشري ضمن بقعة جغرافية معينة وفق عادات واعراف وقيم اجتماعية واقتصادية وإدارية . فكانت بمثابة أولى المصادر المعتمدة في تنظيم الحياة اليومية كعلاقة الفرد بالأسرة وعلاقة الامم مع بعضها وفق ضوابط وقوانين لمجموعة أجيال ، وما يطرأ عليها من الزيادة المستحدثة وحسب توسع المجتمع ونموه وتطوره من الناحية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية .

       ومن هذا المنطلق لابد ان يبدأ الانسان بتوثيق هذه الضوابط والقوانين كمبادئ أساسية واهمية الاحتفاظ بها موثقة بغية تعميمها ليسهل الالتزام بها في مجالات الحياة كافة .

2- ظهور الكتابة...والحضارة :

       واذا كانت العوامل المناخية وطبيعة الأقاليم الجغرافية (طوبغرافيتها) قد ساعدت على ظهور بعض الحضارات وبخصائص اجتماعية وعقائدية معينة ، فكان ذلك ما بين 8000 – 6000ق.م بعد انسحاب العصر الجليدي نحو القطب الشمالي بالنسبة لنصف الكرة الشمالي .

       فان وادي الرافدين هو تلك البقعة الجغرافية والمناخية التاريخية التي ظهرت فيه عدة حضارات بدءا بالحضارة السومرية ، ولابد ان نشير الى ما ورد في مقدمة كتاب (المعتقدات الدينية في وادي الرافدين – لرينيه لابات) ترجمة الاب البير ابونا و د. وليد الجادر ص10 . والذي يقول ... (ففي ما بين النهرين القديمة هذه ، كانت الحضارة قد بدأت منذ عهد مبكر . وعلينا ان نرقى الى اكثر من 4000سنة قبل تاريخنا بما نستطيع من الان ان نسميه ثقافة) . ففي نهاية الالف الرابع ق.م لأول مرة في التاريخ البشرية اجتيزت المرحلة الرئيسية لاستنباط الكتابة...وقد استنبطها في جنوب البلاد شعب يدعو نفسه بالسومرية . مما أدى لظهور مجموعة قوانين وأنظمة منسقة وذات مواد تحدد علاقة الفرد بالمجتمع وبنظام الحكم القائم .

       واذا كانت الفترة 2600 ق.م (فجر السلالات) ، وتعتبر فترة ظهور دولة المدن في جنوب العراق الحالي ومنها ، اور واريدو ونفر بابل وغيرها . فان فتر ظهور سرجون الاكدي مؤسس السلالة السرجونية والتي حكمت في جنوب العراق ما بين 2350 – 2159 ق.م وحكمه كان من عام 2334 – 2279 ق.م بداية ظهور اول امبراطورية موحدة المدن وشملت وادي الرافدين وامتدت جنوبا حتى دلمون (*) وشمالا البحر الأبيض المتوسط . وكانت مدة حكمه (56) عاما وهي فترة بناء أوسع امبراطورية الانسان عبر التاريخ .

3- ظهور الشرائع والمدارس :

       وبعد حكم سرجون الاكدي بعدة عقود ظهرت في جنوب ووسط العراق أولى الشرائع والقوانين فيها :-

1- شريعة اورنمو 2111 – 2013 ق.م : وهو الملك اورنمو مؤسس سلالة اور الثالثة وتعتبر اقدم شريعة عرفها الانسان ويعتقد علماء التاريخ بوجود شرائع أخرى اقدم منها في العراق . الا انه لم يعثر على أي نص لها الى هذا اليوم . لان بوادر ظهور الحضارة في العراق القديم اقدم من التاريخ أعلاه بكثير . وتتكون هذه الشريعة من (31) مادة .

2- قانون لبت عشتار : وهو الملك الخامس من سلالة (ايسن) والذي حكم من عام 1934 – 1924 ق.م ويشمل هذا القانون على 37 مادة .

3- في عام 1949 – 1950 م عثر الآثاري M. Civil  (م. سيفيل) من البعثة الامريكية على رقيم طيني في مدينة (نفر) يحتوي على (ستة مواد) تختلف نصوصها عن ما في شريعة لبت عشتار ، ولم يحدد مشرعها وتاريخها .

4- قانون اشنونا : صدر هذا القانون في مدينة اشنونا الواقعة اطلالها قرب بغداد الجديدة وتسمى (تل اسمر) ويعتقد ان هذا القانون صدر ضمن فترة القرن السادس عشر او السابع عشر ق.م وينسب صدوره الى سلالة صغيرة دام حكمها ما بين 1792 – 1750 ق.م .

5- شريعة حمورابي : تعتبر شريعة جامعة لاحتوائها الى اكثر من 283 مادة قانونية وقام بسنها الملك البابلي حمورابي والذي دام  حكمه ما بين 1792 – 1750 ق.م .

6- القوانين البابلية الحديثة : وقد ظهرت هذه القوانين ضمن الفترة الممتدة بين 620 – 500 ق.م بعضمها كشرائع مدونة وأخرى كعقود ومستندات قانونية ، وقد تنسب الى عهد الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني 605 – 562 ق.م .

7- شريعة نيصابة وهاني : وهي الشريعة التي كانت تتحكم بمسالة الزواج في عهد سومر قبل التوحيد البابلي .

       ان ظهور هذه المجموعات السبعة من الشرائع القديمة على شكل رقم طينية او مسلات حجرية وفي مواقع جغرافية مختلفة وضمن تواريخ متفاوتة وفي بقعة جغرافية محددة ، تمتد من مدينة (اور) جنوب غرب العراق حتى مدينة بابل في وسطه انتهاء بمنطقة حوض ديالى شرق مدينة بغداد .

       انها حقا شرائع وقوانين سنت في ارض العراق ومن قبل الانسان الذي عاش ضمن التواريخ الواردة فيها ، دون ان تكون هناك جهة بشرية خارج المنطقة قريبة او بعيدة عنها ولها دور بذلك .

       ولهذا كان لابد ان تنهض حضارة العراق القديم بمهمات جديدة وتنتقل من مرحلة تنظيم الحياة وفق شرائع وقوانين الى مرحلة فتح مدارس ارتقاء الى استحقاق زمني جديد لإيصال المعرفة الاجتماعية والاقتصادية والدينية الى أوسع قطاعات وشرائح المجتمع العراقي وعدم حصرها بيد الملوك والكهنة فلابد من ظهور أولى نواة المدرسة ومنها :-

1- مدرسة مدينة سبار (Sippar) وتقع اطلالها غرب مدينة المحمودية وجنوب بغداد بـ (30كم) .

       وتم تشييدها في عهد الملك حمورابي 1792 – 1950 ق.م وتعتبر اقدم مدرسة ظهرت في المجتمع البشري . وكان يدرس فيها الاحداث . وكانت الرقم الطينية الطرية الواسطة التي يدرس بها مختلف العلوم الدينية والاجتماعية وقد عثر في اطلالها عام 1881 – 1882 من قبل بعثة إنكليزية برئاسة الاثاري العراقي هرمزد رسام الموصلي على حوالي 130000 الف لوح وموجودة في متحف لندن.

2- وقد عثر الأثريون ضمن نفس  الفترة في اطلال مدينة بابل على بقايا مدرسة ومن عهد نفس الملك حمورابي . وكانت تستخدم الواح الاجر التي كان الطلبة من الجنسين يكتبون عليها الدروس الدينية وغيرها .

       وغالبية هذه الرقم الطينية محفوظة في متاحف العالم الغربي وخاصة في باريس ولندن ونيويورك .

3- مدرسة مدينة نفر(Nippur) وتقع جنوب بغداد بـ (100 ميل) وكانت مركز ثقافي وروحي لسومر واكد .

       وقد تم التنقيب عليها في عام 1883 من قبل بعثة أمريكية برئاسة الآثاري (J. PETERS) .  

4- مدرسة برسببا (برس نمرود) (BORSIPPA) وتقع جنوب غرب الحلة . وعلى بعد ما بين 12 – 16كم عن بابل ، وقد اختلف العلماء بتحديد موقعها وسميت تاريخيا بـ (برج نمرود) . الا ان العرب بعد الفتح الإسلامي سماها (برس نمرود) . وجاء ذكرها في كتاب كلدو اشور لأدي شير كمركز لجميع العلوم الدينية .

5- مدرسة اورك (الوركاء) : وهي من المدن المقدسة عند البابليين . وجاء اسمها في كتاب التورات (أرك) .

       وتقع اطلالها على بعد ما بين (40 – 54 ميلا) شمال غرب مدينة الناصرية . وورد في ملحمة كلكامش كبطلها الأسطوري واحد ملوكها القدماء . ويعتقد العلماء ان فترة حكمه كانت بحدود (سنة 2550ق.م) وتؤكد التنقيبات بان هذه المدينة كان قد سكنها قوم (اهل الصرائف) بحدود (4000ق.م) وفي عام 1854م عثر المنقب لوفتس (LOFTUS) على بقايا وخرائب هيكل فيها يعود للآلهة انيني أي (عشتار) آلهة الحب . ويعود تاريخ هذا الهيكل الى عام(2400ق.م) . وكان يوجد الى جانب الهيكل مدرسة للكهنة ومركز للعلوم الدينية .

(*) البحرين الحالية في الخليج

 

4- الفترة المظلمة من تاريخ العراق الحضاري القديم :

       منذ سقوط الدولة الكلدانية عام 539 ق.م على يد الدولة الفارسية ، ودخول ملكها كورش مدينة بابل عام 538 ق.م وبسبب خيانة قائدها غوبارا ، لم تظهر اية مدرسة ذات تخصص ديني او علمي حتى دخول إسكندر المقدوني الى المنطقة عام 331 ق.م . واتخذ بابل عاصمة له . الا ان عجالة موته وتقسيم مملكته عام 311 ق.م بين قواده الثلاث ومنهم (سلوقس نقطور) المتوفي سنة 282ق.م .

       ففي زمن اليونانيين الذين اهتموا بنشر لغتهم في اطراف العراق ، فازدهرت أيام السلوقيين ، فأقاموا في غالبية المدن الكبرى مدارس ومعاهد ومسارح يونانية .

       وظهر في مدارسهم علماء عراقيين واشهرهم (ديوجين البابلي) والكاهن البابلي (برحوشا)(*) الذي ترجم مؤلفات البابليين عن الفلك والتنجيم الى اللغة اليونانية . ووثق تاريخ بابل بثلاثة أجزاء وترجمت الى اللغة المذكورة ، وكان ذلك عام (200ق.م) .

5- العراق بعد القرن الأول الميلادي :

       بعد دخول الديانة  المسيحية الى العراق بعد القرن الأول منه ، ظهر العديد من المدارس وامتد ذلك حتى بعد الفتح الإسلامي عام 636م . حيث كانت اللغة الآرامية والتي ظهرت في ربوع وادي الرافدين – العراق – بلاد الشام – وبلاد فارس – وبين الأمم المجاورة لها .

       وأصبحت لغة الام في جميع الكنائس والاديرة ، واخذت على عاتقها تعليم القراءة والكتابة . وبعد القرن الرابع الميلادي اتسعت مواد التدريس وتعددت مراحلها. بدءا بالدراسة الأولية للأطفال ثم الابتدائية وامتدادا الى الثانوية فالمدارس العالية . واحتكرت الكنائس مراحل التدريس بدءا بالابتدائية وبعض المدارس الثانوية ، وتولت الاديرة بناء المدارس الثانوية ، وبقيت المدارس العالية ضمن المدن الكبرى ومنها مدينة الرها (الاورفا) ونصيبين والمدائن والاهواز . والتي اختصت أيضا بدراسة اللاهوت ، وشيدت فيها اربع كليات للمادة المذكورة .

       ومن اشهر الكنائس والاديرة التي شيدت فيها مدارس خلال القرون الثلاث الأولى لانتشار المسيحية لوادي الرافدين ، وتمكن الأثريون من اكتشاف بعضها واشهرها كنائس الحيرة والمدائن وتكريت وكنيسة ماردانيال في بابل ، وفي الآونة الأخيرة من العقد  الحالي (2010 – 2011) اكتشفت اطلال لأديرة وكنائس قرب مطار النجف تعود الى نفس الفترة أعلاه .

       ولابد ان نأتي الى ذكر اهم مدارس الاديرة المسيحية منذ القرن الأول الميلادي وما تبقى منها الى هذا اليوم واشهرها :-

1- مدرسة مار ماري الرسول المتوفي سنة (82م) في دير قني ، والذي كان يقع على بعد (90كم) جنوب بغداد قرب العزيزية شمالا ، ويسمى موقعه (تلول الدير) .

2- مدرسة دير مار عبده . وقد بنى هذا الدير الراهب العراقي (مار عبده) المعروف بعبد ايشوع القناني من اعمال مدرسة مار ماري وتلميذه واصبح اسقفا عام 384 – 393م.

3- مدرسة دير مار ميخائيل . وبني هذا الدير في منتصف القرن الرابع الميلادي . ويقع غرب مدينة الموصل على مسافة ساعة . ويذكره الحموي في معجمه بـ(دير ميخائيل) وعن الموصل بمسافة ميل واحد ومشرف على نهر دجلة .

4- مدرسة دير مار متي . والذي يقع الى شمال شرق مدينة الموصل بمسافة (80ميلا) ولازال قائما باسم دير شيخ متي . وشيد على صعدة جبل مقلوب في الربع الأخير من القرن الرابع .

5- مدرسة دير بيث عالي . شيد هذا الدير عام 595م من قبل الراهب يعقوب اللاشومي في ارض المرج قرب قرية مازي واثاره باقية خلف جبل عقرة على بعد ساعة من قرية خربة .

6- مدرسة مارفثيون . شيد هذا الدير أواسط القرن الخامس الميلادي بأطراف قرية (سونايا) والتي ادمجت بمدينة بغداد وأصبحت تسمى محلة (العتيقة) .

7- مدرسة دير كليليشوع . شيد هذا الدير في عهد الساسانيين ويقع في الجانب الغربي من بغداد ويعرف موقعه حاليا بالقرب من مقبرة الشيخ معروف الكرخي . وكان قد جدده الجاثليق طيمثياوس الأول المتوفي عام 823م .

اما اهم مدارس النصارى والتي ازدهرت وازدادت في القرن الرابع الميلادي فهي :

1- مدارس المدائن : وتقع مدينة المدائن (سلمان باك) جنوب بغداد بمسافة 30كم تقريبا وشرق دجلة .

2- مدارس كشكر : وكانت تقع قرب مدينة واسط جنوب المدائن على نهر دجلة بين بغداد والبصرة . وكان ذلك في عهد الرسول مار ماري المتوفي عام 82م .

3- مدارس الحيرة : وتقع مدينة الحيرة على مسافة ثلاثة اميال جنوب مدينة كوفة وعلى بعد (10ميل) من بابل وتسمى حاليا (ناحية الحيرة) .

4- مدارس اربل : وهي من اقدم المدن الاشورية قائمة الى اليوم وعرفت في الرقم المسمارية باسم (أربا – ايلو) أي مدينة أربعة آلهة ، ودعاها مؤرخو النصارى (اربل او حزة) وكانت عاصمة لإقليم حدياب في عهد ما ادي ضمن القرن الأول الميلادي .

5- مدارس بلد (أسكي موصل) : كانت مدينة بلد تقع على مسافة (40كم) شمال غرب مدينة الموصل على الضفة اليمنى من نهر دجلة ، دخلت المسيحية اليها في القرون الأولى الميلادية .

6- مدرسة الرستان : وتقع هذه المدرسة في مرج الموصل ضمن بساتين خضراء وزامنت هذه المدرسة دير بيث عابي المبني عام 595 م .

7- مدرسة ايث آلاها : وتقع هذه المدرسة غرب مدينة دهوك ضمن بناية دير بنفس الاسم وتم بناؤها في القرن الرابع الميلادي .

8- مدرسة حر بغلال : أسست هذه المدرسة شرق مدينة كركوك بالقرب من الزانب الصغير وعاصرت هذه المدرسة دير بيت عابي أيضا .

9- مدرسة بهبقاذ : كانت من نواحي ارمابي وشيدت ضمن القرن الخامس الميلادي .

10- مدرسة بفرابي : شيدت هذه المدرسة في قرية معلثا غرب دهوك .

11- مدرسة أوانا : أقيمت هذه المدرسة في قرية اوانا من اعمال طيرهان .

12- مدرسة نحشيروان : وتقع في قرية بنفس الاسم .

13- مدرسة رادان : قرأ في هذه المدرسة مارسبر يشوع مطران باجرمي المتوفي سنة 604م .

14- مدرسة بيث شاهاق : شيدت أواسط القرن السابع الميلادي .

15- مدارس كركوك : اشتهرت كركوك (كرخ سلوخا) بعدة مدارس في القرن السادس الميلادي ، واكبرها واعلاها شأنا المدرسة التي علم فيها الملفان دنخا في نفس القرن أعلاه .

6- مدارس اليهود في العراق :

       يقول روفائيل بابو اسحق في مستهل الفصل التاسع ص129 (مدارس اليهود) من كتابه مدارس العراق قبل الإسلام ما يلي :-

(بعد سبي بابل في حدود(577 ق.م) استقر اليهود في العراق وكان ذلك في زمن الملك الكلداني بختنصر 604 – 562ق.م) . ثم بدئوا بتشييد دور العبادة (كنيس) ومكتبة في كل منها لتعليم أبنائهم مبادئ الدين والقراءة والكتابة ، ثم اهتموا بطلب العلم واقاموا المدارس العالية والكليات الدينية .

       واشتهرت عدة مدن عراقية بالآداب العبرية والتلموذ البابلي ومنها :-

1- مدينة نهر دعة (NAHAR DAA) ومعناها بالعبرية نهر الحكمة اوغور الحكمة . وتقع قرب (عانا) وانتهت هذه المدرسة عام 259م بسبب خراب المدينة .

2- مدينة فومبدثية : معناها فم البدأة قرب الانبار وكانت قائمة الى عام 970م .

3- مدرسة او كلية سورا : SORA وكانت مدينة سورا قائمة بجوار مدينة الحلة وعلى شط النيل الذي كان يعرف بنهر سورا . وشيدت فيها جامعة عام 219م . وكان اخر مديرها الغاؤون صموئيل بن حفني المتوفي عام 1034م .  

       وقد ورد في كتاب رحلة بنيامين التطلي ص91 . بانها مدرسة في بابل عام 219م . وقد دون فيها التلموذ اليهودي ، وهي اقدم مدرسة في العراق جمعت الدراسة فيها بين الدينية والمدنية ولم تسبقها مدرسة أخرى بذلك . وكانت تسمى مدرسة - سوارا - .

المصادر :

1- الشرائع العراقية القديمة – د. فوزي رشيد .

2- المعتقدات الدينية في بلاد الرافدين – رينيه لابات .

3- تاريخ حدياب – نوري بطرس عطو .

4- مدارس العراق قبل الإسلام روفائيل بابو اسحق .

5- كلكامش د. سامي سعيد الأحمد .

6- معجم المصطلحات والاعلام في العراق القديم – حسن النجفي .

7- المعالم العمرانية والحضارية في القوش اصدار دار النشر العراقية 2001 يوسف زرا .

8- الأديان والمذاهب في العراق رشيد خيون ص142 .

(*) برحوش =  (بيروس) عاصر الملك المقدوني انطوخس 280 – 261 م

بحث تاريخي

خامسا - العلاقة الفكرية بين ميثولوجيا افريقيا وميثولوجيا وادي الرافدين

إذا كان العصر الحجري الوسيط قد ظهر على كوكبنا قبل (25000) سنة ، وبدأ بالانسحاب من منطقة الشرق الاوسط خاصة بحدود (6000) عام ق.م وله علاقة بموضوعنا هذا . فأن القارة الأفريقية والتي تقدر مساحتها بحدود (28,800,000) كم2 وتعتبر القارّة الوحيدة ذات عدّة مناطق طبيعية شاسعة ، وذات ثقافات متعددة وقديمة ، وخير دليل على ذلك أن تعدد لغات أقوامها تتعدى الألف لغة .

ولكن رغم ذلك تفتقر هذه القارّة ذات المساحة الكبيرة ، إلى أية أسطورة دينية من عمق التاريخ توحد شعوبها رغم إنتمائهم الى عدّة أصول إجتماعية وأجناس بشرية متنوعة وماهو معلوم تاريخياً ، أنَّ في القسم الشمالي الصحراوي منها ظهرت فيه حضارة ضمن وسط جغرافي يشمل عدّة دول متكونة ومنها مصر ، السودان ، وليبيا . وذلك بحدود عام (3100) ق.م . وهي الحضارة الفرعونية ، وأن هذه الحضارة نشأت في القسم الشمالي لصحراء القارّة ، وآثارها لازالت قائمة الى هذا اليوم وتعتبر من الحضارات العريقة والمميزة التي قامت في منطقة الشرق الأوسط الآسيوي والافريقي ، وتركت إرثاً حضارياً ثرياً ثقافياً وإجتماعياً وفلسفياً ، والتي أنفردت أيضاً بمفهوم نشأة الكون وثم بظاهرة الحياة وما بعد الموت (العالم الآخر).

أما القسم الجنوبي من هذه الصحراء ، فبسبب كثرة هجرة الموجات البشرية إليه ومن عدّة مناطق من داخل القارّة وأشهرها - قبائل - الهوتينتوت والبوشمين - الى القسم الجنوبي والجنوب الغربي منها.

وثم بعد فترة طويلة أستقرت في القسم الصحراوي من القارّة ، مما أدى الى ظهور وبشكل متأخر مجموعة أساطير ، ولم يتم توثيقها في حينه ، بل تناقلتها شعوبها شفاهاً وبشكل متأخر وبواسطة مجموعة من رجالها تباعاً كمحافظي التراث وسمو (Critos Presirved) وكان ذلك في بدايات القرن الثامن عشر الميلادي ، مما أدى أيضاً الى تعدد الروايات والقصص التي تتكلم عن تاريخها وأصولها الإجتماعية وإنتمائها القبلي والأحداث التي مرّت عليها . وبشكل متفاوت ومتداخل فيما بينها .

وإذا كان العصر الحجري الوسيط قد أنسحب من منطقة الشرق الأوسط وبضمنها القسم الشمالي من القارّة الأفريقية وبحدود (6000) عام ق.م كما جاء إعلاه ، فأن منطقة الصحراء الجنوبية والغربية للقارّة تبعد آلاف الكيلومترات من القسم الشمالي لها.

فلابد أن العصر الحجري المذكور قد سبق إنسحابه من هذه المنطقة بمئات من السنين ، ولكن بعد إستقرار الانسان فيها كما بينا سابقاً ومنذ القدم ، أي ضمن فترة ظهور الحضارات في القسم الشمالي فقط ، وفي آسيا ، حصراًفي وادي الرافدين ووادي السند والصين وغيرها .

فكان هذا السبب ، عدم تزامن قيام حضارة معينة وبميثولوجيا خاصّة بها والواقعة ضمن المنطقة الجنوبية أسوة بباقي الحضارات المذكورة ، وإذا تمكنا من تقديم بعض المعلومات التاريخية الأولية عن حركة الانسان الأفريقي في القسم الجنوبي من القارة وبشكل مختصر ، فلابد أن نأتي الى صلب الموضوع والذي يخص العلاقة التاريخية بين

ميثولوجيا الأفريقية وميثولوجيا وادي الرافدين وبشكل مختصر . ونقول فأن أي تجمع بشري في أية رقعة جغرافية كانت من هذا الكوكب ، وبعد إستقراره فيها ، لابد أن يبدأ ينظم حياته اليومية المباشرة أي الآنية ، والنظرة البعيدة لمستقبله .

وأن المؤثرات الطبيعية وما يتم من التداخل لترتيب بيت العائلة كما لغيرها في عدّة مواقع أخرى ، قد توصلت الى بناء نمط من الحضارة الخاصّة بها ، ولها معتقداتها وعباداتها الدينية ، وتقيم لها أيضاً طقوس ومراسيم ضمن أبنية تشغل كمعابد لها ، وأنَّ إستقرار تلك القبائل إعلاه في الصحراء الغربية الوسطى من أفريقيا . ثم توصلها الى مجموعة آراء وأفكار عن هذا الكون والانسان معاً ، ولابد لأحدهم أن يسأل نفسه لماذا جاء والى أين هو ذاهب ، وهكذا حتى ظهرت عدّة أساطير في هذه المنطقة بعبادة مجموعة آلهة تمثل المظاهر الطبيعية التي لم يتمكن الانسان فهمها وإدراكها في حياته البدائية ، كما في الحضارات السابقة ومن أهم آلهة هذه القارة والتي تجاوزت العشرات هي:-

1- إله - بومبا - Bomba - وهو الإله الذي كان في عصره الظلام يخيم على الكون. حتى ظهر - بومبا- يشكو العزلة وسوء الحالة الخاصّة به لملايين من السنين . وبسبب شعوره بألم وغثيان شديد في بطنه كما جاء في الاسطورة . أجبر على التقيؤ ، فملأ الكون بالضياء وأنتشر في كل السماء (أي بمعنى خلق الشمس) .

ثم سعل بقوّة فكان القمر وثم النجوم وأخيراً الأرض ، بمعنى أنه الإله الأكبر وخالق هذا الكون ونجومه ، (ألا يمكن المقارنة بين هذه الظاهرة - التقيؤ - ومانتج منها من  الأجرام السماوية: وبين نظرية الانفجار الكبير) Big Bank - وبين ماقام به إله بومبا والذي حصل قبل ملايين السنين كما يعتقد علماء الفلك وتكونت المجموعات الشمسية الحالية ، وبعد ذلك وفي يوم ما وهو بحالة مضطربة أي - بومبا - تقيأ أيضاً ، فكان من تقيؤه نتج تسعة أنواع من المخلوقات من البشر ، وثم بعد فترة خاصّة ، بينما كان - بومبا - جالساً على صخرة يراقب المخلوقات التسع وهي تتغير الى أشكال جميلة ، بمعنى إنها تتحول أو ترتقي أو تتطور ، وهنا أيضاً لابد من سؤال ، ألا يمكن أن نقول أن نظرية العالم الانكليزي - جارلس دارون - قبل قرون ، قد أختمر فعلاً على أرض الواقع وبنجاح تام قبل آلاف السنين على يد الإله -بومبا- وأن الخيال مايسمى بالعلمي ، ليس خيالاً بمفهوم غير علمي ، بل سبق زمني لما سيحصل ضمن برنامج الحياة بعد قرون وقرون . أي النمو والتحول والإرتقاء كما جاء في نظرية دارون ، وأن هذا الإله كان يعيش في منطقة أدغال بوشنتمو ، في كونغو الحالية في أفريقيا وتشبه الى حدٍ ما المستنقعات التي جرت فيها بحوث العالم الانكليزي المذكور في امريكا الجنوبية.

وكذلك فأن ولادة البشر حسب ماجاء في ميثولوجيا افريقيا تتطابق الى حدٍ ما قصة الخلق لوادي الرافدين التي قامت الآلهة (مامي) بذبح إله - وي-الا- وخلطت دمه بالطين الأحمر النقي ورمته في البرية وجاء الانسان منها .

الى جانب وكما تقول الميثولوجيا السومرية لوادي الرافدين ، بأن كبير الآلهة الذي خلق السماوات وثم الارض والمسمى (مردوخ) وهو أحد الآلهة السبع من المجموعة المسماة -ايكيكي- وكما أنفرد إله -بومبا- بخلق الكون والنجوم والشمس والارض .ومثل ما تعددت الآلهة في ميثولوجيا الرافدين ، وحسب توظيفها بظواهر الطبيعة ، كذلك تعددت الآلهة في ميثولوجيا افريقيا ، إذا وبعد إن أستقر -بومبا- في السماء وأجتمع بأبنائه الثلاثة اللذين وضعوا اللمسات الاخيرة في عملية صنع الكون ، فأصبح الإله الأعظم .

فكان هناك إله آخر المسمى (أولورون - Olarum) وهو المكلف بتحقيق السلام والعدالة ، ويقابله في الميثولوجيا لوادي الرافدين إله أنليل.

ولكن وكما تقول أسطورة (يوروبا - Yoruba) كان يتهرب - إله أولورون - من المسؤولية . فتسلم الإله - أوباتالا - Obatala - المهمة وسلمه - دجاجة الخلق - و المقصود (صلاحيات الخلق) وأبدع في واجبه . والى جانب هذا الإله ، فهناك آلهة الشر المسماة (أنانسي - Anansi) وأعتبرت ذات صفات حادة وموحشة قاتلة ويمكن مقارنتها بإله (أدد) إله الزوابع والرعود ) في قصة الطوفان الرافدينية .

أما الإله - أوباتالا- Obatala) والذي هو ضمن مجموعة الآلهة (أوريشاس - Orishas) ولعدم قيامه بواجبه في خلق الارض تقدم شقيقه الأصغر (اودودوا Oduduwa) والذي قام بخلق الارض بواسطة شده سلسلة حديدية حول حافة السماء من الأسفل ، ورمى بكتلة الوحل الى البحر ومن ثم قامت الدجاجة بصقلها بأصابعها الخمسة ، وتكون منها شكل الأرض الحالية ولابد أن نشير الى تكرر خلق الأرض بسبب كثرة الأساطير وثم ظهر الإله الخامس (أوريشاس ، Orishas) وهو ضمن مجموعة من الأرواح الحارسة والعاملة بؤمرة الإله (أولورون Olorun) . وأخيراً ، وكما تتحدث الاسطورة ، ولكي يظهر الإله الأقوى ، فقد أستشارت جميع الآلهة الكاهن المسمى (أورنيملا) ولم تحصل على الجواب المرضي منه ، فما كان من الإله (أولورون Olorun) إلا قبول إعتذارهم له ، وجعلهم في أمرته مطيعين الى الأبد .

وأصبح هذا الإله الأعظم في السماء ، وهذا فعلاً ينطبق لما حصل في ميثولوجيا الرافدين عندما خولت جميع الآلهة الستة الإله السابع (مردوخ) صلاحيات خاصّة بغية منازلة الآلهة تيامات ، وهنا تتكرر المهمة ، بمعنى أن مفهوم المركزية مهمة صعبة حتى في مجمع الآلهة وفي كلا الميثولوجيتين الرافدينية والافريقية ، ولابد من قيام رمز واحد وذو قدرة وكفاءة وصلاحيات أستثنائية تمييزه عن غيره ، ويتولى واجب إدارة الكون بكل ما فيه من الأجرام المادية وأنواع الأحياء وفي مقدمتهم الانسان .

كما هو قائم حالياً وعلى أرض الواقع ، وضمن المفهوم الفلسفي والفقهي للأديان السماوية الثلاثة - وحسب القدم ، اليهودية - المسيحية - والاسلام ، وبقيادة إله واحد إله السماوات والارض لا غيره . ولابد أن نقول ، لا يمكن أن يخلو أي مجتمع إنساني وحتى حيواني في هذا الكوكب دون أن تكون هناك مركزية قوية وكفوءة تدير شؤونه الخاصة والعامة والحكمة تقول (في كل زمان ومكان - دولة ورجال - ولكل أمة آحاد).

المصادر:

1- الموسوعة الافريقية - ترجمة حسين علي الوائلي.

2- وادي الرافدين - المعتقدات الدينية - رينه لايات - ترجمة الاب ألبير ابونا) .

3- تاريخ الاديان وفلسفتها – العقيد الركن طه الهاشمي.

 

بحث اجتماعي

سادسا - مسيرة المرأة عبر الحضارات الشرق أوسطية عامة والرافدينية خاصة

المقدمة :

       مرت البشرية منذ العصور التاريخية القديمة تعيش كجماعات صغيرة في كهوف ومغاور جبلية ضمن العلاقات المشاعية البدائية والاسترقاق ، وعبر مراحل زمنية طويلة من عدم الاستقرار النسبي . تبوأت المرأة مكانة خاصة بسبب انجابها الأطفال في الوقت الذي كان الرجال يجوبون الغابات والوديان والجبال بحثا عن المواد الغذائية من الفواكه واثمار الأشجار الطرية والجافة ، عبورا الى مرحلة الصيد والرعي . ثم جاءت مرحلة الزراعة البدائية والتي كانت نتيجة مباشرة المرأة وابتكارها لها بشكل منفرد وبعد الانتقال من موقع الى اخر وحسب خصوبة الأرض ووفرة مصادر المياه وظهور القرية الزراعية البدائية(1) مما أدى الى زيادة مكانة المرأة ضمن التجمعات السكنية الجديدة لأسباب عدة ومنها انجاب الأطفال والعناية بهم والتي تحترف وظيفتين أساسيتين – وظيفة  انتاج (البشر)(2) . ووظيفة الزراعة . أي بدء استثمار الأرض كنتاج اقتصادي مما أدى الى ارتقاء مكانتها في هذه المرحلة الى مستوى اكتساب النفوذ (السلطة المركزية لأول مرة) في إدارة شؤون الاسرة بصورة منفردة ومباشرة دون مشاركة الرجل لها . وتحكمت فعلا بمرحلة تعدد الأزواج(3) والتي منها جاء (طور الامومة) في انتساب الأولاد اليها قبل انتسابهم الى الرجل بفترة طويلة .

       وبسبب تطور وظيفتها الزراعية . اهلتها هذه الفترة كامتياز لاستحقاق زمني ليمتد نفوذها الإداري الى خارج المسكن الى جانب تمتعها بسلطة ربة البيت مما اكتسبتها الخبرة الواسعة في كافة مجالات الحياة اليومية نسبيا حيث كان الرجل ولا زال متفرغا لجني القوت اليومي كما جاء سابقا.

2- المرأة الرافدينية والاسطورة :

       ان أقدم فترة تاريخية موثقة ، تؤكد لنا أهمية موقع ومكانة المرأة الرافدينية كنموذج – امرأة عاملة وامرة ملكة – وعلاقتها بأسماء الالهة ، هو كما جاء مدونا بالخط المسماري في الاساطير السومرية والبابلية ، كطفرة زمنية نوعية في حياتها ضمن مسيرة المجتمع البشري . وارتفاعها الى منزلة الالهة جاء عبر عدة ملاحم واساطير ومنها قصة الخلق ثم قصة الطوفان(*). وبعدة أسماء ومنها الالهة (نمو) السومرية خالقة الانسان يقابلها (مامي) البابلية والتي تعني الام الكبرى والأرض والتربة الخصبة . ثم جاءت متخصصة بوظائف شتى ومنها الالهة – عشتار – الهة الحب وباسم (ارش كيجال) الهة الأرض والعالم السفلي . وباسم (شالا) الهة ربة سنبلة القمح (الهة الزرع) وثم – ننخر – ساج (ننماخ) وهي من الالهة السومرية الخالقة أيضا .

       وبسبب انتقال المرأة الى مستوى قيادة الحكم (مرحلة ظهور العقد الاجتماعي الأول) فأصبحت (شوب – اد)(4) الملكة السومرية الحكيمة الأولى في إدارة مدينتها (مرحلة دولة المدن) + 3000ق.م) . وتعتبر مرحلة المرأة بالمكانة المميزة – ربة الاسرة – ثم الالهة – ثم الملكة – مرحلة ظهور الثقافة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإدارية . وذات اعراف وقيم خاصة بها وبعيدة عن ظاهرة الانانية والاثر ، ظاهرة انقسام العمل وتولي الرجل السلطة.

       ولا ننسى ظهور المرأة الأسطورية (سمير اميس او سمورات) ومشتق اسمها من كلمة (سمات) الاشورية وتعني الحمامة . حكمت هذه المرأة ف مدينة نينوى لمدة (42) سنة في القرن الثامن ق.م والتي جاء ذكرها في الكثير من الكتب اليونانية والرومانية القديمة ، وهي ليست اشورية لأنها جعلت عبادة اله مردوخ اله بابل بدلا من اشور . كذلك انفردت (زاقوتي اوزاكوني)(5) الاميرة الاشورية سابقا والتي تزوجت لاحقا الأمير سنحاريب من زمن والده الملك سرجون الثاني ، وبعد ان تسلم سنحاريب السلطة بعد وفاة والده سرجون الثاني بقيت زاقوني بالمملكة ويذكر انها مارست السلطة كملكة على جزء كبير من الدولة الاشورية وعثر على رقيم يذكر فيه انه في عام 683 ق.م قبل مقتل زوجها سنحاريب بعامين خصص لها موظفون اكفاء يديرون شؤون بعض املاكها من مدينة – لاخيرو – (كفري) المدينة التي ولدت فيها ويعتقد ان سلطانها امتد الى منطقة اربخا (كركوك) حتى جنوب بلاد الرافدين ومن ضمنها مدينة ابان (عمان) التي تحت النفوذ الاشوري .

(*) نتشين زوجة اتانبشتم وارتقت مع زوجها الى منزلة الالهة

3- المرأة بعد تقسيم العمل : 

       بعد انتقال المجتمع البشري من مرحلة المشاعية البدائية الى مرحلة ظهور النظام الاقطاعي الباطريكي ، وظهور الرجل على مسرح الحياة ذات السلطة المركزية المطلقة الأقوى والأكثر قدرة على إدارة المجتمع وتنظيم الحياة الاجتماعية وفق ضوابط وقيم خاصة ، كذلك تطوير العملية الزراعية واستغلال الأرض بصورة افضل وترسيخ القرية الزراعية ونموها ، اصبح بحكم الواقع الجديد انكفاء دور المرأة الى رعاية شؤون الأطفال والقيام بخدمة البيت وزوال طور الامومة بالنسبة لانتساب الأطفال وتعدد الأزواج . وبظهور الرجل الأقوى في الاسرة الواحدة او في عدة اسر(6) ، أي ظهور التركيب الاجتماعي الطبقي القبلي ذات المركزية الفردية الصارمة . يحق للرجل بتعدد الزوجات وتسمية الأطفال باسمه (طور الابوة) . بمعنى ظهور علاقة جديدة بين الرجل والمجتمع الإنساني القبلي ، والمرأة أصبحت جزءا من البنى التحتية تعمل بإرادة الرجل وتلتزم بعادات وتقاليد جديدة ، وفي هذه المرحلة ظهرت طبقة العبيد والاقنان ، المجموعة الأولى تعمل كخدم ملوك داخل البيت ، والمجموعة الثانية مرتبطة بالأرض وتعمل فيها مدى الحياة . تُشرى وتباع معها . ورغم انتقال قيادة الاسرة والمجتمع الى الرجل وهو صاحب الامر والنهي ، الا ان دور المرأة أيضا لم يكن سهلا تهميشه . لان خاصية الانجاب جعلتها موضع التقدير والاحترام لدى العائلة والقبيلة الى جانب بقائها تشارك الرجل(7) في الكثير من الاعمال ومنها بالدرجة الأولى الزراعة وتربية الأغنام

 وغيرها ، ولازال تأثير هذا النظام (الاجتماعي والاقتصادي) قائما الى هذا اليوم لدى الكثير من شعوب العالم الثالث وخاصة في افريقيا واسيا وغيرها .

4- المرأة ضمن الحضارة الفرعونية :

       أولا لابد ان نعرج الى الحضارة الفرعونية والتي اعتبرها (التؤم الحضاري لحضارة وادي الرافدين) في القدم المشترك والجارتين جغرافيا . فسوف نرى ان المرأة في الحضارة المصرية القديمة التي تمتد الى الالف الثالث قبل الميلاد ، كانت هي الأخرى ذات مكانة مرموقة ومحترمة . تمارس الاعمال الصناعية والتجارية بكل حرية دون تمييز بينها وبين الرجل . أي اقرب الى المرأة في حضارة وادي الرافدين ، ولابد ان نشير بصورة خاصة الى عهد الاسرة الفرعونية الثالثة 2780 – 2270 ق.م(8) . وظهور في عهدها اقدم وثيقة في تاريخها ، والتي جاءت كتوصية من قبل سيدة باسم (نب – سنت) التي توصي بانتقال ملكية أراضيها الى أولادها في حالة وفاتها .

       وكذلك كان الرجل الى عهود متأخرة من الحضارة المصرية القديمة يتنازل لزوجته في عقد زواجه عن جميع املاكه ومكاسبه المستقبلية .

       ومما يؤكد من نبل المرأة المصرية ضمن الحضارة الفرعونية المكانة الأولى، هو وصولها الى عرش مصر ومنهن (حتشبسوت) وكيلوباترا ونفرتيتي وغيرهن .

       بمعنى ان الحضارتين الرافدينية والمصرية ، كان تسيير وإدارة الاسرة والمجتمع نابع من ارجحية العقل الإنساني المتطور وليس للقوة العضلية التي يتمتع بها الرجل . وخاصة ان المرأة البابلية كان ينظر اليها ككائن رقيق وهادئ ، وهذا ناتج من التوجه العام للعقل الثاقب الذي تمتع به المجتمع البابلي ككل وتفضيله العمل في مجال العلم والمعرفة والفلسفة . مما أدى الى بروز دور المرأة كعنصر انساني هادئ الطبع وشديد الصبر . عكس المجتمع الاشوري الذي مال الى العقلية العسكرية وانشغل قادته بالفتوحات والحروب المستمرة ، فكان دور المرأة في القرون المتأخرة مهمشا كليا تقريبا .

5- مكانة المرأة الرافدينية والشرائع القديمة :

       إذا تابعنا تقادم الزمن مع ظهور الانظمة المركزية ذات الضوابط والالتزامات المثبتة ضمن لوائح ومسلات عديدة تنص على تنظيم الحياة اليومية في عمق الحضارة الرافدينية وفق قوانين وشرائع خاصة بها ومنها حسب قدمها وهي:

1- شريعة اورنمو - وهو مؤسس سلالة اور الثالثة ما بين 2111 – 2003 ق.م وتعتبر اقدم شريعة عرفها التاريخ تمكن اورنمو من توطيد العدل وازالة البغضاء والظلم ، وما يخص مكانة المرأة فهناك احكام تخص الاحوال الشخصية , كالزواج والطلاق والارث والتبني . بمعنى لم تكن مكانة المرأة مهملة بل حددت تلك الاحكام حقوقها وواجباتها تجاه الرجل وكذلك حقوق وواجبات الرجل تجاهها . ويعتبر اول تنظيم للاسرة يظهر قانونيا عبر التاريخ لم يسبقه احد من قبل .

2- شريعة اش - نونا : وهي مجموعة قوانين صدرت في بلاد وادي الرافدين في القرن السابع او الثامن عشر ق.م وقانون (اش - نونا) مدون باللغة البابلية وبالخط المسماري.

وينسب هذا القانون الى سلالة حكمت في مدينة اش - نونا حوالي 2020 الى 1750 ق.م والتي تقع في حوض نهر ديالى على بعد ((40 كم شرق بغداد وتسمى اطلالها حاليا باسم)  تل اسمر) واشهر امرائها المستقلين هما ابق ادد الثاني) 1830 ق.م ) و(دادوشا) نحو 1800 ق.م والمواد القانونية التي تخص المرأة وحياتها الزوجية في هذه الشريعة بلغت العشر وهي (17-18-25-26-27-28-29-30-31)والمادة (59)  التي تنص بطرد الزوج الذي يتزوج زوجة ثانية وطلقها ويحرم من كل ثروته.

بمعنى ان الفارق الزمني بين الشريعتين يمتد حوالي الى الثلاثة قرون ونصف قرن رغم ان المدة تعتبر طويلة نسبيا قياسا بواقعنا الحالي, الا انه يعتبر في حينه طفرة كبيرة تحدد مكانة المرأة في الاسرة والمجتمع بعدد كبير من المواد القانونية.

3-  لبت عشتار : هو الملك الخامس من سلالة)  أيسن)  1934 – 1924 ق.م كتبت الشريعة بأسمه وباللغة السومرية وهو غير سومري جاء في مقدمة شريعته تحقيق العدالة وردع الظلم والعصيان المسلح وهو راعي مدينة نفر ولم يذكر في شريعته مادة قانونية تخص حياة المرأة مباشرة . بأعتبار ان تحقيق العدالة وردع الظلم يشمل الرجل والمرأة في الحياة العامة والخاصة وحمايتها من الظلم اذا وقع .

4- شريعة نيصابة وهاني : وهي الشريعة التي خصت بمسالة الزواج والتحكم به(10)، وفي عهد سومر قبل التوحيد بحدود الربع الاخير من الالف الثالث ق.م وبما انها تخص الزواج بمعنى تخص مكانة المرأة في الاسرة وعلاقتها بالرجل.

5-  قوانين حمورابي:  حمورابي هو سادس ملك من سلالة بابل الاولى والذي حكم من 1792 الى 1750 ق.م .خلف هذا الملك اشهر شريعة واوسعها مكتوبة بالخط المسماري على شكل مسلة حجرية كبيرة احتوت على (282) مادة قانونية ومنا ما يخص حياة المراة من الحقوق والواجبات فاقت كل الشرائع السابقة ولم تسن من بعدها ضمن الحضارة الرافدينية حتى سقوط نينوى سنة 612 ق.م وبابل 539 ق.م وبلغ عدد مواد تخص المرأة كزوجة وام وعاملة وتاجرة وغيرها  (78)مادة.  بدءا بالمادة الخامسة عشر وبشكل مواد متفرقة واخرها (214) وأشهر مواد الشريعة تنصف المرأة كزوجة وهي المادة  (124) والتي تنص اذا سيد تزوج امرأة واصيبت بمرض واراد ان يتزوج ثانية فله ان يتزوج ولا يجوز له ان يطلق زوجته الاولى بسبب مرضها انها تسكن في البيت الذي بناه وعليه ان يعيلها طالما هي على قيد الحياة.

       اما المادة(149)  فتقول اذا هذه المرأة لا تريد ان تعيش في بيت زوجها عليه ان يعطيها كل جهازها الذي جلبته من بيت والدها ولها ان تذهب .

6- المرأة في الحضارة الاغريقية :

       لو ترجلنا قليلا ودخلنا العهد الاغريقي ، تلك الحضارة التي اختصت بالفلسفة والعلوم الإنسانية الأخرى ، وجاءت بعد زوال عدة امبراطوريات في الشرق الأوسط والتي مثلت عدة حضارات ومنها حضاري وادي النيل وتكلمنا عنها ما يخص المرأة. وثم حضارة وادي الرافدين موضوع بحثا بالذات ومكانة المرأة في جميع مراحلها منذ الالف الثالث قبل الميلاد الى القرون الأخيرة من الالف الأول قبل الميلاد . ترى ان الفرق الشاسع زمنا حضاريا يفوق الثلاثة الاف عام قدما على الحضارة الاغريقية ، والتي ظهرت في القرن الرابع قبل الميلاد ، كان علماؤها وفلاسفتها باتصال دائم بعواصم وكبرى مدن الحضارتين المذكورتين وخاصة بابل التي قدمت للبشرية خدمة معرفية وعلمية مالم تتمكن اية عاصمة ومدينة أخرى من تقديمها الى يومنا هذا ، مع فارق الزمن وميزة كل عصر من عصورها .

       اما موقع المرأة في الحضارة الاغريقية ، فلا يمكن مقارنته إيجابيا بأية فترة ، او زمن اية سلالة من سلالات الملوك الذين حكموا وادي الرافدين من شماله الى وسطه وحتى جنوبه . فكانت المرأة في تلك الحضارة (الاغريقية) مهمشة (اجتماعيا خاصة) وكانت مسلوبة الإرادة داخل البيت وخارجه . حيث كانت محجبة (11) بالكامل جبرا خارج البيت ، وهذا مطابق الى الفترة القصيرة من حياة المرأة في العصر الاشوري المتأخر ، حيث كان القانون والعرف الاجتماعي يلزم المرأة بارتداء الحجاب(12) وتفضح غيرها من المرأة الرقيقة والعاهرة في حالة ارتدائهن الحجاب . عكس البابلية كانت غير محجبة ، مما يدل ان الفترة الاشورية المذكورة ساد فيها النظام الاجتماعي القبلي وزاد الضغط على المرأة بصورة كبيرة . علما ان المرأة الاغريقية كانت تنعت بـ(السليطة) .

       اما الاغريقية فليس هناك ما يبرر مجتمعها بالانغلاق على المرأة بهذا الشكل المظلم ، مما يؤكد ان حضارة وادي الرافدين بدءا بالسومرية مرورا بالبلبية والاشورية والكلدانية ، كانت حضارة إنسانية تقييم المرأة بالدرجة الأولى منذ القدم قياسا لما حولها من الشعوب المتناقضة لها .

7- حرية المرأة في بابل ونينوى:

       كان تعدد الزوجات موجودا وخاصة لدى ملوك بابل ورغم ذلك كانت نساؤهن يشاركن ازواجهن في جميع المناسبات والولائم وهن غير محجبات ويتناولن شرب الخمر في اوان خاصة وكانت احدى الزوجات تختار كملكة من بينهن وتنال تلك الزوجة الاحترام والخضوع لها من قبل باقي الزوجات وبعد ذلك يتم مخاطبتها بسبب تخصص مكانتها الاجتماعية والرسمية داخل الاسرة المالكة وهو سبق زمني بالاف السنين لما هو قائم في جميع دول العالم حاليا اذ تعتبر زوجة الملك وزوجة الامير اميرة وزوجة رئيس الدولة سيدة البلاد الاولى .

بمعنى ان البابليين سبقوا البشرية بمكانة المرأة وقدسيتها كرمز انساني تمثل نصف المجتمع ويؤكد ذلك في سفر دانيال (5 :1-4) الذي يؤكد فيه حضور زوجات وسراري الملك _ بيلشامر ابن الملك نبوخذ نصر وليمة عظيمة وشاركن المدعوين من شرب الخمر بأواني ذهبية.

كما ارتقت المرأة البابلية الى صنف الكاهنات ومنهن الكاهنة الكبرى (انتو) ENTU وتعني بالسومرية زوجة الالهة ثم الكاهنة (ناديتوم) NADITUM والكاهنة الثالثة  (الشاكيتوم SHUGTUM ( الى جانب ذلك كانت هناك تقاليد في كل قرية يتم فيها كل سنة جمع الفتيات البالغات , ويجتمع حولهم الرجال الراغبين بالزواج وتجري عملية انتقاء الزوجة وشرائها (اي دفع المهر) كما هو حاصل لدى شعوب الشرق خاصة - ومنها المجتمع العراقي بكل مكوناته ومعتقداته الدينية وغيرها .

فان المهر يعتبر ذا قيمة تراثية وامتداد اجتماعي من تلك الايام .رغم اختفائه لدى بعض شرائح مجتمعنا كليا او نسبيا ويتوقف على الحالة الفكرية والثقافية (التحرر الاجتماعي للعائلة) لدى الشرائح المعنية ثم يأتي دور باقي الفتيات من الباكرات والثيب والتي تكون من حظوظ رجال من طبقة الفقراء .علاوة على مفهوم الجمال ومقدار العمر لكل فتاة ثم كل ينفرد بفتاته لاتمام المراسيم القائمة آنذاك.

الى جانب كل هذا فان الاب لم يكن له اية صلاحية لاختيار الزوج لابنته بمعنى انه رغم وجود ظاهرة التجمع والشراء فأن الفتاة اقرب الى حرية اختيار الزوج وليس التجمع الا مسرحية لتمكن المحبين مسبقا الالتقاء معا وفي يوم ولا اعتراض عليه (أي عملية شرعية .

ويجب ان نذكر ان كان هناك نوع اخر من الفتيات يرتادون المعابد يوميا بعلم ذويهم ويجلسن في أماكن خاصة بهن ، ولا يغادرن لحين قدوم اليهن رجل غريب (سائح) ويلقي في حضونهن نقودا قائلا ((اني اوصي بك الالهة ميليتا MYILTTEL))  . ولا يجوز رفض المبلغ لأنه في نظرهن مقدس . ثم تتبع الفتاة الرجل ، وبعد ذلك توفي للآلهة نذورها باختلائها بالرجل الغريب ثم يسمح لها بالعودة الى دارها . وتسمى هذه الفتيات بـ(العاهرات المقدسات)(13) . او البغي المقدس (غاديشتو GADISHTU) . وهنالك ما يمثل هذا العرف الاجتماعي بالضبط حاليا لدى الطائفة الشيعية والذي يسمى بـ(زواج المتعة) . وهو عقد قصير ومقابل مبلغ معين ، وقد يكون طول العقد ساعات او أيام او شهر وحسب الاتفاق الطرفين . وممكن القول ان هذا العرف أيضا هو امتداد لما ورد سابقا لفتيات المعبد . ولانه يخص الطائفة الشيعية دون غيرها من الطوائف الإسلامية .

ولان غالبية سكنه وسط وجنوب العراق من الطائفة المذكورة .

وكانت الزوجة في العهد الاشوري المتأخر والبابلي الحديث قد تحررت نوعا ما من عملية الشراء والبيع. وان كان باقيا كتقليد ذات قيمة نظرية في محيط اجتماعي ضيق.

هناك نص مسجل باسم سيدة تدعى ( نختشارا) اشترت امرأة تدعى(  تنليلها تسبنا) لتصبح زوجة عملية لابن – نختشارا وكان المبلغ المدفوع يساوي ستة عشر شاقلا من الفضة والغيت هذه الصفقة فيما بعد الا ان المبلغ المدفوع بمثابة مهرها مقدما .

وظهر تعامل خاص مع المرأة الارملة فكان مضاجعتها من قبل الرجل خلال فترة سنتين فيعتبر ذلك مطابقا لعقد الزواج لغير الارملة ومعترف به.

بمعنى ان المرأة في مثل هذه الحالة - الارملة - سبقت العالم الغربي والمتقدم بمفهوم الزواج المدني حيث لازال الزواج المدني يعتبر ارتباطا وقتيا بين الطرفين ، بعد فترة يتم الاتفاق بينهما على زواج غير قابل للانفصال، حيث يعقد عقدا وفق طقوس ومراسيم كنائسية بالنسبة للمسيحيين وكل حسب عقيدة مذهبه.

ومن حقوق المرأة في العهد الاشوري المتأخر- سرجون الثاني 722 – 705  ق.م للزوجة الحق في دار زوجها في حالة وفاته ان كان لديها اولاد منه.

وهذا مطابق لقانون الاحوال المدنية الحالي (بان يكون للزوجة حق في قيمة 1\8 الممتلكات)  اما الارملة في حالة وفاة زوجها الثاني ولها اولاد من كلا الزوجين فيتحمل اولادها من الزوج الاول مسؤوليتها وحقوقه .واذا لم يكن لها أولاد ، فلا يتحمل مسؤوليتها احد . فتذهب حيث تشاء .

الخلاصة :

       نستدل مما ورد في متن البحث وعلاقته بعنوانه الخاص بمكانة المرأة عبر المسيرة الطويلة لحياة الانسان على سطح هذا الكوكب وتمتعها ببعض الامتيازات التي جاءت مقارنة مع غيرها في غير الوسط الجغرافي الذي عاشته وتحرينا بصورة خاصة مسيرة المرأة عبر الحضارتين التوءمين الجارتين ارضا وزمنا ، وحضارة وادي الرافدين وحضارة وادي النيل ، هاتين الحضارتين اللتان ساهمتا بصورة مباشرة وبشكل ابداعي لا مثيل له عبر التاريخ لحضارة أخرى في مجال سن تشريعات وقوانين تعود الى اكثر من أربعة الاف عام من التاريخ الحالي ، واستقينا دور المرأة الإيجابي ومكانتها المرموقة على ارض الواقع الحالي في مراحل زمنية سباقة لمكاسب لأية امرأة أخرى جغرافيا من الحضارتين المذكورتين رغم ارتقاء الحضارة المذكورة فكريا وثقافيا وبالعمق الفلسفي يشار اليه بالبنان الى يومنا هذا . الا ان المرأة في الحضارة المذكورة كانت مقهورة ومهمشة بصورة كليا (قياسا مع فارق الزمن الكبير) لموقع ومكانة وحقوق وواجبات المرأة في الحضارتين المذكورتين ، وخاصة المرأة في الحضارة البابلية بالدرجة الأولى مرورا بالفرعونية (وادي النيل) ثم الاشورية ضمن وادي الرافدين شمالا.

       ونأتي الى نهاية بحثنا هذا معتزين بماضينا التاريخي الحضاري واثره على الكثير من التجمعات البشرية منذ القدم الى الان وخاصة وجود ارتقاء المرأة الى صفوة ومكانة لائقة بها كأم وعاملة ومهندسة وطبيبة وفلاحة متحررة من كل القيود التي لا تليق بمكانتها اجتماعيا وثقافيا .

المصادر :

1- فريديريك انجلس (اصل العائلة والملكية الخاصة (الدولة) دار الفارابي ص32 .

2- المفهوم التاريخي لقضية المرأة – عزيز سيد جاسم ص13 .

3-  فريديريك انجلس – المصدر السابق ص55 – 105 .

4- المفهوم التاريخي لقضية المرأة – عزيز سيد جاسم ص17 .

5- فؤاد يوسف قزانجي – جريدة بهرا العدد 440 /22/6/2008 .

6- فريديريك انجلس – المصدر السابق ص88 – 89 .

7- نظام العائلة في العهد البابلي القديم – رضا جواد الهاشمي ص36 .

8- عادات وتقاليد الشعوب القديمة – د.فاضل عبد الواحد و د.عامر سليمان ص202.

9- نظام العائلة – المصدر السابق – ص42 .

10- المرأة في شريعة حمورابي – سهيل قاشات – ص133 .

11- فاضل القريشي – جريدة العراق / العدد 7612 /29/5/2002 .

12- عادات وتقاليد - المصدر السابق - ص76 .

13- نظام العائلة – المصدر السابق – ص88 .

اتنتقل الى الصفحة الثالثة

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.