• من الهدم الى الهدم

حامد كعيد الجبوري

مساهمات اخرى للكاتب

                  إضاءة

 من الهدم الى الهدم

 

      ( جان ياما جان ، كبل المقبور صدام )

 

       الحلة الفيحاء عبارة عن بيوت كثيرة  موزعة على أحياء تسمى في ما مضى أطراف

 

، بمجموع هذه ( الأطراف ) أسميت الحلة ، والحلة تقع وسط غابات من النخيل تحيط بهذه المدينة الوادعة الغافية بين حضني الفرات العظيم ، يقول الرحالة ابن بطوطه عن الحلة ( أجمة تأوي اليها السباع ، لو تسنى لك حمل طبق فوق رأسك ،وسرت به ببساتينها لملأ الطبق دون أن تقطف ) .

 

      بداية الخمسينات من القرن المنصرم وعيت على الحلة الفيحاء ، وبستاننا قريب من أحد ( أطرافها ) ، مدخل الحلة من جهة القادم من بغداد يشبه مدينة أوربية ، تاتي السفرات المدرسية أليها طيلة الفترة الربيعية ومن مختلف المحافظات العراقية ، يتوسط مدينة الحلة متنزه خرافي يشبه الجنائن المعلقة ، بمدرجات ومسطحات من القواطع المغروسة بأنواع الورود وصنافه  ، ومتنزه الشعب  ، ولها متنزهان في الصوب الصغير للحلة ، أحدهما بحي ( الخسرويه ) ، والآخر ب( حي بابل ) ، إضافة الى نافورة ماء يؤمها الحليون ليلا ليشاهدوا الماء الذي يخرج من فوهات خراطيمها ليصل الى ارتفاع ثلاثون مترا تقريبا ، وكل مجموعة من هذه الخراطيم بلون ما .

 

      يتذكر العراقيون ان نظام الطاغية المقبور كره عراقنا ألينا كثيرا ، بسب الدمار والهدم والتشريد ولكل الطوائف والأجناس والمعتقدات ، وشرّد العراقيين بكافة أصقاع الدنيا ، حتى غدا وحلا لبعضهم ان يذّيل قصائده ورسائله التي يبعثها لنا بعبارة ( موسكو ، واشنطن ، اوهايو ) المحروسة ، ومن حقهم ذلك لأن البلاد ضاقت ذرعا بأبنائها فأوصلهم صدام لهذا القرار ، أما نحن عراقيو  الداخل وتحديدا فترة الحرب العراقية الإيرانية كنا نتمنى أن ينتصر الجيش الإيراني علينا بسبب كرهنا لنظام وطننا وهذا لعمري هروب لا يعدله هروب ، والأطرف من ذلك شبابنا الذين يتمنون ان تفوز الفرق الرياضية على فرقنا الوطنية نكاية بذلك النظام القاتل الأجير  وكرها له .

 

        بعد سقوط النظام وزمرته القاتلة  لعفن التاريخ ومزابله ، والآتيان على أكمال التهديم الذي بدأه صدام حسين ، ولتعمل المعاول الإسلامية الجديدة ، والأحزاب السلطوية المنتفعة والمنتفخة من المال والسحت الحرام ، بتخريب وهدم ما بدأه النظام السابق من هدم ، وبدأ يدب سم الكره لا للوطن الكبير فذلك مفروغ منه  ، وإنما كره المدن التي نعيش بها مجبرين حاليا، ولكم أن تتصوروا ان محافظة مثل بابل الجميلة ، بابل السياحة ، بابل الآثار ، بابل التراث ، أمست حاضنة للتخلف والنهب علنا وفي نور الشمس كما يقال ، وصلت المحاصصة السياسية والمذهبية لها لدرجة تعيين نائب ثاني لمجلس لا يقدم الا السفر السياحي لأعضائه ، بناية لقاعة الفنانين استحوذت عليها محافظة بابل لأن النقابة تقيم نشاطا فنيا وغنائيا بها ، هذه القاعة البائسة رممت مرتان ، وكلا هما بعد التغيير حصرا ، الترميم الأول الذي لا نعرف مقدار مبلغه عام 2005 م ، والترميم الثاني عام 2010 م بمبلغ مليار وستمائة الف دينار عراقي ، مليون ونصف دولار أمريكي تقريبا استطيع أن ابني بها قاعة فخمة غير التي رممت ، وأحد البرلمانيون أستحوذ على نصف شط الحلة لينشأ عليه كازينو ومطعم عائم يدر له الربح غير ما يجنيه من برلمانه ومنافعه الشخصية وما الى ذلك ، حزب ديني عريق متنفذ أستغل محرم الشارع لينشئ عليه مطعما سياحيا يدر لهم ربحا غير الربح الذي يجنى من الشركات السياحية والأمنية الموهومة والوهمية ، ولا أريد التحدث عن شوارع الحله التي أصبحت هما جديدا للمواطنين عامة ولأصحاب السيارات خاصة ، كل الشوارع التي أكسيت بالقار من فترة التغيير وليومنا هذا ، أهدموا أكسائها القاري بسبب مشروع المجاري الذي أوكل لمقاول خلفه مسئول حكومي بارز ،  من يغير من ، وأي دولة قانون هذه التي لا هم لها إلا ملأ جيوب تجار جوف لبسوا واجهة السياسة لإخفاء الوجوه المعتمة الكالحة وراءها ، لسنا للعراق ، ولسنا له راجعون ، فعراق الأحزاب لقمة سائغة لهم ، وسما زعافا لولده ، للإضاءة ............. فقط .