• إضاءة .. عبد الرزاق عبد الواحد و شاهدٌ عيان

حامد كعيد الجبوري

إضاءة .. عبد الرزاق عبد الواحد و شاهدٌ عيان

 

        من وجهة نظري المتواضعة أن المبدع أي مبدع كان لا علاقة لنا بسلوكه الشخصي وتصرفاته وحيثيات حياته الخاصة ومحاسبته عليها  ، وبخاصة أنه ( عبد الرزاق عبد الواحد) الشاعر الذي ملأ بطون الكتب والفضائيات  نتاجاً قد لا يفوقه أحد  به ، ناهيك عن شهرته عربيا وعالميا ، وللحقيقة أني أحترم موقفه المعبر عن وجهة نظره المتمسك بها سواء كانت سياسية أو غيرها ، ولو كانت لي الرغبة أن أكتب عنه لكتبت قبل هذا اليوم وبالتحديد الجمعة / 23 نيسان / 2010 م ، رأيت أن قناعتي به كما أسلفت قد زعزعت  ، ولأني لا أحب الدخول والتدخل بمفردات حياته كما أسلفت ، ولكني أمام حقيقة تأريخية أكبر من أن نتركها عائمة دون توثيق وهذا أولاً ، وثانياً عَلَ الرجل يفيق من وهم وضعه لنفسه وعاش به وله ، وأعني الوهم ، وثالثاً أن عقلية كعقلية ( عبد الرزاق عبد الواحد) تُقتفى من كثير أجد لزاماً علي تنويرهم بحقيقته ليعوه تمام الوعي وينبذوه ، فالرجل انتهازيٌ بكل ما تحمله هذه المفردة من قبح وتشويه ، لا أعرف لماذا نقل الى الحلة الفيحاء معاقبا ليحل بإحدى مدارسها الثانوية مدرسا للغة العربية ، وجاءها مع زوجته الفاضلة وهي طبيبة نسائية لسنا بصددها ، ولست بصدد توقيف يعرف هو مسبباته ، وعرف الرجل للحليين على أنه شيوعي الهوى والاعتناق ، وسبب كتابتي هذه الموضوعة ما يلي ، بعد نجاح إنقلاب شباط الأسود عام 1963 م وتقويض الحكم الوطني الجمهوري الذي يقوده الشهيد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم ، بدأ البعثيون حملات القمع والتوقيف للرموز الوطنية واليسارية وخاصة للشيوعيين ، وفي ليلة 10 ، 11 شباط 1963 م ألقي القبض على الشيوعى  (جاسم حسين الصكر) في مدينته القاسم ، وصبيحة اليوم الثاني 11 شباط سير – الموقوف الشيوعي -  لمحافظة بابل ، شرطة السراي الواقعة منتصف المدينة  ، وشرطة السراي هذه عبارة عن محطة لإكمال الأوراق وإرسال المتهمين للسجن المركزي ، يقول الأستاذ جاسم الصكر ، حين وصولي للسراي ووجدت الكثير من رفاقي بموقف سراي الحلة ، آلمني وجود أكثر من أستاذ معنا وهم عبد الرزاق عبد الواحد والأستاذ حسين الجواهري والأستاذ حسين صالح الجبوري وهو عم لصديقي – جاسم - أسمه (ناجي ديكان)  وأخرون كثيرون من الشيوعيين   ، وفي هذه الأثناء دخل للسراي (جاسم علي الحسون) وهو تاجر كبير ويملك من المال ما لا يعد ، أنيق وجميل جدا ، وهو عروبي الهوى متقلب الولاء ، وبصحبته نفر من الحرس القومي  ، نظر شررا صوب عبد الرزاق عبد الواحد وقال له (تعال لك) ، لبى المسكين طلبه وحضر حيث أمره وبحضور الجميع وقال له أجلس ، جلس عبد الرزاق عبد الواحد قريبا لفتحة خزان المياه القذرة ، أمر (المستبعث) أحد أفراد الحرس القومي لجلب وعاء كبير (سطله) وأمره بسحب مياه ثقيلة من الخزان ودلقها على رأس عبد الرزاق عبد الواحد ، ورأيت – الحديث لجاسم الصكر – الفضلات (ا ل ...) على رأس وبدن عبد الرزاق عبد الواحد حتى أغرق بالقاذورات ، بعد ذلك أمر (المستبعث) العروبي وبصحبته نفر من الحرس القومي (عبد الرزاق عبد الواحد) وقال له ، أترى ذلك صاحب العمامة أجلبه الى هنا وأجلسه مكانك وأسكب عليه القاذورات التي عليك مهمة سحبها من الخزان كما فعل بك ، والرجل المعمم هو الباحث والمؤرخ والسياسي والوجيه والمعلم لأجيال عدة هو المرحوم (الشيخ يوسف كركوش) ، وسبب أختيارهما من (المستبعث) العروبي لتنفيذ هذه المهمة شيئان ، أولهما أن (عبد الرزاق عبد الواحد) صابئي المذهب والأخر مسلم فأراد إهانة الأسلام على يد صابئي ، وثانيهما أراد أن يسئ للعمة الأسلامية بهذه الطريقة المهينة ، نفذ الرجل ما طلب منه بيسر وبلا مشقة وأوامر أخرى ، والأغرب من ذلك وأعجب أنه كتب قصيدة في اليوم التالي يمتدح بها البعث والمستبعثيين ، الى هنا ينتهي حديث الشخصية الوطنية (جاسم الصكر) وأقول معلقاً ، كل ذلك لم يكن أعنى به لو لم أستمع لمثل هذه الشهادة القاسية والمرة ، وبحساب عقلي بسيط أقول أنتهى عهد الطاغية المقبور وولى لمزبلة لا تسع قذاراته ، وأنتهت المكارم والهبات السخية  التي يغدقها لعبد الرزاق ولغيره ، ولكن ألا صحوة من ضمير  وانتصار لذاتك المهانة يا عبد الرزاق عبد الواحد ، كيف تستمرأ أن تتحدث عن طاغية أهانك وأذلك بهذا الشكل البشع وتبقى معلقا بأحباله وتمتدحه لهذه اللحظة وتدعي صداقتك له  ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، للأضاءة ............. فقط .