• إضاءة .. موقع تللسقف

حامد كعيد الجبوري

          إضاءة ..

                            موقع تللسقف

 

        أحلت على التقاعد عام 1988 م وأنا برتبة عقيد وعمري لم يتجاوز 38 سنة، والأدق طردت من الجيش ليس بسبب موقف سياسي معارض لنظام الطاغية المقبور ، ولكن بسبب عدم الولاء لذلك النظام المجتث ، وخير ما فعلت أن دخلت الجامعة المستنصرية المسائية قسم اللغة العربية لعشقي لها ، ولك أن تتصور أني أكملت دراستي الجامعية بثمان سنوات ، وليس ذلك يعني أني غير مجد بالدراسة والرسوب ، بل بسبب التنقلات العسكرية الكثيرة ، والحروب الرعناء التي قادها الطاغية ونظامه ، ومن زملاء دراستي البروفيسور عبد الإله الصائغ ، أحببت الشعر الشعبي كثيرا وهجرته منتصف السبعينات بعد أن شهدت عسكرة القصيدة ، ولعدم رغبتي أن أصبح طبالاً لقائد أجوف ، وبذلك حرمت نفسي من أن أصبح شاعرا معروفا ويشار إليه .

 

        لم أجد عملا يناسب طموحي ، ولم أستطع أكمال دراستي لأنها تحتاج مني مالاً لا أملكه سيما وأن الحصار أخذ مأخذه من الشعب العراقي ، صُبت اهتماماتي حينها على عائلتي وإنجاز مهامها ومتابعة أولادي دراسياً ، وقتلت فراغي بالقراءة وخدمة حديقتي المنزلية ،9 نيسان عام 2003 م سقط نظام الفاشيست والى الأبد ، طرقت باب داري لأجد أحبتي من الشعراء الشعبيين يلتمسون مني التدخل شخصياً لقيادة الشعراء الشعبيين في بابل ولم أستطع خذلانهم ، أسسنا إتحادنا الفتي الرافض كل من كتب ممجدا النظام السابق ورموزه ، وفُتحت أمامي أبواباً غير واحدة ، الكتابة لجريدة طريق الشعب التي يصدرها الحزب الشيوعي العراقي ، الكتابة لجريدة الصباح الشبه رسمية ، الكتابة لمجلة التراث الشعبي ، برنامج للشعر الشعبي يبث من خلال إذاعة بابل العائدة لشبكة الأعلام العراقية ، المساهمة في مهرجانات عدة في مختلف المحافظات العراقية ، أقمنا ستة مهرجانات وطنية للشعر الشعبي في محافظة بابل دعي لها كبار شعراء العراق الشعبيين ، لقاءات متكررة لفضائيات عدة ، وهكذا خرجت من عزلة فرضتها على نفسي لأجد الأبواب مشرعة لي ولأمثالي ، ما كنت أشكوه من كيفية قتل الوقت لمشكلة أكبر وهي كيف أبرمج وقتي الجديد .

 

      أقول أن التطور العلمي الذي أكتسبه العالم المتحضر والذي يمكنك من تناول أي موضوعة وتجدها بين يديك حرمنا إياها النظام المقبور ، ومثلا بسيطا لذلك عالم الإنترنيت والحواسيب ، هذا الجهاز الذي يضع بين يديك كل علوم الدنيا ويذوب الفوارق بينها ويقدمها لك على طبق من ذهب كما يقال ، ولكن هل التعلم في الكبر كما التعلم في الصغر المنقوشة على الصخر كما يقولون ، آليت على نفسي تعلم الحاسوب أولا وهذه لعمري طرفة جميلة وكما يقال ( بعد ما شاب ودوه للكتاب ) وأنا من مواليد 1950 م ، سمعت من قال أن العملية ليست بالسهلة ووجدتها أسهل من أن تعقد هكذا ، دروس أولية حاضر لي أحد أبنائي لها ، كنت أوقظه ليلا لمسألة أجدها صعبة التطبيق لدي ، المهم تعلمت المبادئ الأساسية للكتابة فأرغمني معلمي – ولدي – لأقتناء الإنترنيت وهذا جل ما أطمح إليه ، بدأت بإرسال الرسائل لخاصتي ومعارفي حتى وقعت فريسة أحدهم – محمد علي محي الدين – هذا الرجل المثابر تراثيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ، زودني بجملة أميلات مهمة جدا وأرشدني لفتح موقع فرعي بالحوار المتمدن ، أحدى المرات قال لي هناك موقع مهم هل أرسلت شيئاً له ؟ ، قلت ماهذا الموقع ؟ أجابني أنه موقع مهم يسمى موقع (تللسقف) وزودني بعنوانه البريدي ، أرسلت الرسالة الأولى لهم ، فوجئت بالرد السريع مستفسرين مني عن موضوعتي وأهم من ذلك المطالبة بصورة شخصية لي ، نفذت ما أرادوا ونشر الموضوع وأرسل الرابط لفتحه ، علمت لا حقا أن الموقع أسس عام 2004 م من قبل  مؤسسه الكاتب والصحفي والإعلامي والمؤرخ المرحوم جميل روفائيل ، وتسمية (تللسقف) نسبة للقرية التي ولد بها المرحوم  جميل روفائيل والتي تقع بالشمال الغربي لمدينة الحدباء الموصل ، وطبيعة الموقع هذا وطنية عراقية تنشر كل ما هو ممتع وجميل وجاد ، ولا يعني هذا أنها تقتصر على الكتاب العراقين بل تمتد جذورها عربيا وعالميا ، ولا تنهج نهجا عرقيا أو دينيا أو طائفيا وتبحث دوما على السمين لتضع الغث جانبا ، ناهيك عن علمانيتها الواضحة فهي ترى أن الدين لله والعالم – الوطن - للجميع ، نأمل لها أن تصبح مؤسسة يشار لها وليس ذلك ببعيد على من يخلص بعمله ونيته الصادقة ، لكي نكون من زوارها ليس على الإنترنيت وإنما نقتحمهم لا عسكريا بل ثقافيا بعقر دارهم ، ..........

للإضاءة .......... فقط .

ملاحظة مهمة لم أرسل هذه الموضوعة لأي موقع آخر وتركت مسألة نشره لكم عرفانا بالجميل وشكرا سلفا لكل ماتقدموه للإبداع والثقافة الحرة .