• أحزاب السلطة و( عركة أكصاصيب )

حامد كعيد الجبوري

مساهمات اخرى للكاتب

    أحزاب السلطة و( عركة أكصاصيب )

 

بدءاً أفترض – واقع حال -  أن هذه الموضوعة يقرأها الكثير من غير العراقيون ، وربما تترجم للغات أخرى ، ولأن هذه الجملة - ( عركة كصاصيب ) – عراقية محضة ، أذن علينا أن نوضح معناها ، ال ( العركة ) بمعنى المشاجرة ، فلان ( أتعارك ) أي تشاجر ، و ( كصاصيب ) تعني القصابون أو الجزارون وهم أصحاب محلات بيع اللحوم أغناما أم أبقارا ، بدايات صباي عملت بفترات العطل المدرسية  مع خالي الذي يعمل جزارا ، ومعلوم أن الجزارين يستخدمون آلات حادة قاطعة لتقطيع اللحوم ، سكاكين كبيرة وصغيرة ، ( ساطور) وهو أشبه بالسكين ألا أنه أكبر منها وأثقل وزنا لغرض تكسير العظام ، إضافة لمبارد لحد السكاكين وهي بأحجام مختلفة أيضا ، مع مجاميع حديدية مختلفة الأوزان والأحجام – اكغم ، 2 كغم ، تسمى عند الجزارون ( أعيارات ) ، وهناك ما يسمى بال ( جنكال ) وهو عبارة عن حلقة حديدية مدببة الطرفان تشبه حرف ( s) ، الفائدة منها تعليق ( الذبيحة ) أو أجزائها على عمود حديدي قوي يوضع منتصف الدكان ، والغريب أن أغلب الجزارون يملكون أجساما ضخمة وعضلات مفتولة ، في أحد الأيام وأنا بمحل جزارة خالي تشاجر جزار مع جزار آخر، والرجلان متجاوران بمحليهما ،  أرعبت كثيرا وأنا ذلك الصبي وتصورت أن أحدهم سوف يضرب صاحبه بأي آلة مما ذكرت ، بدأ الرجلان يقذف أحدهما الآخر بشتى أنواع السباب ، خفت أكثر ودخلت لداخل محل خالي خوفا من المكروه الذي سيقع حتما ،  قال لي خالي لا تخف يا بني أنها ( عركة كصاصيب ) أخرج وشاهد هذه المشاجرة والمهاترة في ما بينهما ، لم تدم تلك المشاجرة كثيرا وسرعان ما تصالح الجزاران وبلا أي وسيط آخر ، سألت خالي مجددا عما حدث ، أجابني رحمه الله قائلا ، بني أن عدة الجزار مقدسة وهي التي تجلب الرزق والمال للجزار ، وعلى هذا الأساس هناك عرفا بين الجزارين أن لا يستخدموا معدات الجزارة بمشاجراتهم ، واستعمال هذه الآلات يعني حلول الشؤم على ذلك الجزار ، ورب سائل يسأل ما علاقة أحزاب السلطة العراقية – رضي الله عنهم وأرضاهم - بهذه المقدمة المطولة ، ولأني أزعم أنني من المتابعين لما يدور بساحتنا السياسية أقول ، أن هناك علاقة وثيقة جدا بمشاجرات السياسيون أحزاب السلطة العتيدة والعنيدة بموضوعي  ، يخرج علينا ومن خلال الفضائيات الكثر هؤلاء السياسيون كل يتهم الآخر بالتقصير المتعمد والإساءة المقصودة من ذلك الحزب تجاه حزب آخر ، والغاية من هذه الفضائح بزعمهم هي لإسقاط ذلك الحزب سياسيا وجماهيريا ، وأحيانا نستمع منهم لشتم مقزز لا يستساغ أخلاقيا ، وربما يصل لحد الشجار والشتم والمقاطعة الكلامية المقصودة ، وأغلب العراقيون يتذكرون تلك التصريحات الرنانة والطنانة أثناء فترة اجتثاث فلان وفلان ، ونحن عباد الله من غير السياسيين تصورنا أن ما دار حقيقة واقعة وهاهو الاجتثاث ماثل أمامنا ، وبعد أن بدأت حوارات تشكيل الحكومة عاد المجتثون لمناصب يحلم بها الكثير ، وحينما يجلس الفرقاء المتخاصمون ببرلمانهم العتيد يظهرون لشعبهم المسكين بأنهم على خلاف كبير من أجل مصالح معروفة للجميع ، المهم أن الشعب العراقي عرف هؤلاء على أبشع حقيقة ، وكما يقول المثل الشعبي ( أعرفك يا خريّف وأكلب ليتك ) ، و( خريّف ) هي مصغرة للخروف ، يابرلمانيون ويا سياسيون العراق نقول لكم ( الناس أمفتحه باللبن) ، كل يوم تتشاجرون صباحا وتجلسون مساءا على موائد فخمة أو بحسينيات أو جوامع وأنتم مثل ( دهن ودبس ) كما يقول مثلنا العامي .