مقالات وآراء

ازمات الكهرباء مفتعلة// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

ازمات الكهرباء مفتعلة

سعد السعيدي

 

منذ سنوات والبلد يعاني من ازمة نقص الكهرباء. وقد كتبنا واوضحنا في السابق بان امر ازمة الكهرباء مفتعلة بهدف ملء جيوب البعض منها. في هذه المقالة نعيد التذكير بكيفية افتعال هذه الازمة على ضوء معلومات جديدة. 

 

لقد جرى قبل سنوات التوقيع على عدة اتفاقيات مع شركات عالمية لانشاء محطات كهرباء. وقد ظهرت بعض النتائج العام الماضي حيث دخلت بعض المحطات الخدمة الفعلية. مثال هذه محطة كهرباء السماوة ومحطة كهرباء الزبيدية في محافظة واسط العاملة على الوقود المحلي والاكبر على مستوى البلاد من حيث الانتاج. وجرى ايضا افتتاح محطات ذي قار وسامراء الكهربائيتين. وهذا غير اضافة 1500 ميغا واط الى محطة بسماية. بيد ان كل هذه الاجراءات لن تحل المشكلة على الرغم من الاموال الطائلة المصروفة. وسبب الفشل هو ان الامر كله مرتب ومهيأ من قبل السياسيين لان يفشل. فهؤلاء لم يأتوا لخدمة الناس في توفير الكهرباء بقدر ما اتوا لملء جيوبهم والعناية بمصالحهم. وهو ما يثبته اخفاء كامل بنود خصخصة انتاج وتوزيع الكهرباء في قانونها. إذ جرى بمعيته تسليم القطاع كله لايدي المستفيدين المرتبطين باحزاب هؤلاء السياسيين. فمما هو معروف هو ان ثمة نواب ووزراء لهم مصالح في شركات المولدات الاهلية. وسيكون هؤلاء طبعا آخر من يريد حل المشكلة.

 

وكان يمكن للحكومة من حل مشكلة الكهرباء بنفسها مع امر الالواح الشمسية مثلا، اي بشركة قطاع عام بدلا من ترك كامل الامر بيد المستثمرين. بيد اننا لن نرى حلا مع استثمار هؤلاء حتى ولو جاؤوا الى العراق افواجا. والسبب بسيط وهو تعمد اهمال حل مشكلة الضائع من الطاقة وتعمد سوء الجباية فضلا عن الفساد الذي تسبب بكل هذا. وهو ما كنا قد كتبنا عنه في السابق.

 

وقد وصف خبير الطاقة محمد هورامي مشكلة الكهرباء في العراق بكونها داخلية، وذلك في تصريح للمدى في تشرين اول الماضي. إذ اشار الى ان التوليد وانتاج الطاقة جيد حيث وصل لـ21 الف ميغا واط. وثمة دول كثافتها السكانية مشابهة للعراق تستهلك طاقة اقل من المولدة في العراق بكثير. وإن المشكلة تكمن بسوء التوزيع والادارة السيئة والضائعات التي تصل لـ50%، مايعني ان 10 الاف ميغا واط تضيع دون الاستفادة منها بسبب سوء التوزيع والتجاوزات. واشار ايضا الى عدم فائدة حتى ما قد يأتي عبر الربط الكهربائي مع الجوار اذا لم تتم السيطرة على الضائعات.

 

وكشف هورامي بان الكتل السياسية تتاجر بهذه القضية وباخرى غيرها. فكل كتلة تروج لشركة معينة. فضلا عن ان هذه الكتل ولاستثمار الناس البسطاء لانتخابها ترفض اقرار جباية الكهرباء عليهم. كذلك قد كشف بان المعسكرات والوزارات والمؤسسات الكبرى جميعها لا تدفع الجباية، فضلا عن ان مبالغها قليلة جدًا. فما يدفعه المسؤولون الكبار يعادل ما يدفعه البسطاء.

 

وفي فيديو له العام الماضي ذكر الخبير النفطي الوطني حمزة الجواهري ما يؤكد ما نقوله هنا بشأن افتعال ازمة الكهرباء. إذ كشف عن ان الغاز القادم من ايران غير معالج. فهو يحتوي على شوائب مثل بخار الماء واخرى كبريتية. وتراكم هذه الشوائب في الانبوب الناقل يؤدي الى تجمد الماء داخله خصوصا في الشتاء. وهو ما يتسبب بتناقص كمية الغاز الواصل، مما يوجب ايقاف ضخ الغاز لتنظيف الانبوب. اما الشوائب الكبريتية فتؤدي الى تلف التوربينات المولدة للكهرباء. لهذه الاسباب كان يجب ان يكون الغاز معالجا لكي لا يتسبب بتعقيدات في النقل والاستخدام. واضح من كلام الجواهري بان الحكومة ووزاراتها ليست مهتمة بمطالبة الايرانيين بمعالجة الغاز ولا هي مهتمة بمعالجته لدى وصوله الى العراق.

 

لكل هذه الاسباب وفضلا عن مشاكل الفساد الآنفة، نكرر المطالبة بضرورة حل ازمة الضائع من الطاقة اولا ومنحها الاولوية قبل انشاء محطات جديدة. وعدم التوجه الى هذا الحل يشير بشكل لا شك فيه عن ان ازمة الكهرباء مفتعلة من قبل نظام 2003 الحاكم. والهدف من كل هذا الاهمال والتسيب والتلاعب في سوء التجهيز وانقطاع الكهرباء هو لابقاء المواطنين تحت طائلة الازمات المستمرة. وكلما زادت المشاكل وتعقدت حلولها، كلما افاد الامر الحاكمين اكثر.