اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

المقاومة الفلسطينية تستلهم تجربة المقاومة اللبنانية في إدارة المفاوضات مع الاحتلال // د. حسين الديك

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. حسين الديك

 

عرض صفحة الكاتب 

المقاومة الفلسطينية تستلهم تجربة المقاومة اللبنانية

في استراتيجية إدارة المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي

د. حسين الديك

 

لقد اعتمدت المقاومة الفلسطينية منذ 7 /10 /2023م في تعاطيها مع المفاوضات الخاصة بوقف إطلاق النار سواء كان مؤقتاً أو دائماً وقضية إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين لديها على استراتيجية تفاوضية ناجحة مستوحاه ومستلهمة من تجربة المقاومة اللبنانية(حزب الله)  في مفاوضات وقف اطلاق النار وصفقات تبادل الأسرى،  وخاصة بعد حرب تموز 2006م ، إذ برهنت الأشهر الستة الماضية على أن إدارة ملف المفاوضات المتعلق بوقف اطلاق النار والتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين بعملية تبادل أسرى بين الاحتلال الإسرائيلي والمقامة،  أن المقاومة الفلسطينية استلهمت بشكل كامل تجربة المقاومة اللبنانية في تعاطيها مع هذا الملف وعملت على الموازنة الكاملة بين الاحتياجات الإنسانية والأهداف السياسية والتطورات العسكرية في ميدان المعركة بما يحقق المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني.

 

وقد تجلت تلك الاستراتيجية التفاوضية في عدد من الملامح والسمات الأساسية والمستوحاة من استراتيجية المقاومة اللبنانية في التفاوض حول وقف العدوان في العام 2006 والتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى وكان من أهم تلك السمات المستلهمة من تجربة المقاومة اللبنانية عدد من القضايا أهمها:

أولاً: اعتماد السرية الكاملة في عدم التصريح عن أي معلومات أو بيانات حول الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة لأي جهة كانت حتى للوسطاء في عملية التفاوض بين المقاومة والاحتلال، فكان هذا المبدأ هو مبدأ أساسي لدى المقاومة اللبنانية في العام 2006م في التعاطي مع قضية الأسرى المحتجزين لديها، واستلهمت المقاومة الفلسطينية هذا المبدأ بشكل كامل في السرية التامة عن واقع الأسرى والمحتجزين لديها وعن أوضاعهم سواء كانوا على قيد الحياة أم لا.

 

ثانياً: اعتماد استراتيجية المفاوضات غير المباشرة من خلال الوسطاء، فقد عملت المقاومة اللبنانية على هذه الاستراتيجية من خلال الوسطاء من  الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي وبعض الدول الأوروبية والعربية،  ولم يكن هناك أية مفاوضات مباشرة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي سواء في ملف وقف اطلاق النار أو في ملف التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى لدى المقاومة، وعملت المقاومة الفلسطينية بنفس المبدأ إذ تبنت مبدأ المفاوضات غير المباشرة ومن خلال الوسطاء المصريين والقطريين والأمريكيين ولم يكن هناك أي تواصل مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي.

 

ثالثا: اعتماد الموازنة  بين الاحتياجات الإنسانية للسكان المدنيين والضرورات العسكرية في الميدان والأهداف السياسية التي تطمح إلى تحقيقها مستقبلاً، فقد عملت المقاومة اللبنانية وفق هذا المبدأ من أجل حماية المدنيين وتوفير الاحتياجات الإنسانية لهم وفي المقابل الصمود الأسطوري في مواجهة الاحتلال في ميدان المعركة وتحقيق الأهداف السياسية مستقبلا، وهذا استلهمته المقاومة الفلسطينية بشكل مطابق إذ  أنها تراعي واقع الاحتياجات الإنسانية للمدنيين المحاصرين وأبدت مرونة تفاوضية من أجل التخفيف على السكان ، وفي نفس الوقت استمرت في العمل الميداني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ومن أجل إفشال خطط الاحتلال في التهجير القسري والتطهير العرقي وتدمير المقاومة.

 

لقد أدت تلك الاستراتيجية التفاوضية  التي استخدمتها المقاومة اللبنانية إلى إجبار الاحتلال على وقف اطلاق النار في العام 2006م  وعدم قدرته على استعادة أسراه من خلال الحرب والقوة العسكرية والرضوخ إلى مطالب المقاومة اللبنانية والتوصل إلى وقف الحرب أولا من ثم التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى بين الجانين من خلال الوسطاء ، ولم يحقق الاحتلال الإسرائيلي أي انتصار في تلك الحرب ، وبقيت المقاومة اللبنانية قوية ومتماسكه بل إنها ازدادت قوة وجماهيرية بعد حرب تموز 2006م وحصلت على حضور أكبر في الشارع اللبناني ، وتبني المقاومة الفلسطينية لتلك الاستراتيجية التفاوضية بشكل كامل سوف يسير بنفس الآلية والنتائج التي حققتها المقامة اللبنانية في العام 2006م إذ أنه حتى اللحظة لم يستطع الاحتلال تحرير الأسرى والمحتجزين بالقوة العسكرية رغم فظاعة التدمير وجرائم الحرب التي يرتكبها بحق المدنيين في قطاع غزة ، ورغم كل الضغوط السياسية التي يتم ممارستها على المقاومة الفلسطينية سواء على القادة السياسيين أو الميدانيين،  إلا أن موقف المقاومة مازال ثابتاً ويصر على الوقف الكامل لإطلاق النار وعودة النازحين إلى شمال غزة  والتوصل إلى صفقة تبادل مرضية كما  تريدها المقاومة.

 

إن استراتيجية وحدة ساحات المقاومة ودخول قوى المقاومة في لبنان واليمن والعراق في جبهة إسناد للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، قد ساهم إلى حد كبير في زيادة الصمود والاستبسال للمقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال ، إضافة إلى استلهام الاستراتيجية التفاوضية للمقاومة اللبنانية قد منح المقاومة الفلسطينية المزيد من هامش المناورة، وكان للرأي العام الدولي الضاغط والمؤثر والمتنامي يوماً بعد يوم الأثر الأكبر في دعم وتعزيز موقف المقاومة الفلسطينية وإستراتيجيتها التفاوضية والتي أجبرت الاحتلال الإسرائيلي في كثير من الأحيان على التراجع عن الإجراءات التي فرضها وخاصة منع إدخال المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة، واستخدام الضغط العسكري كأداة لتحقيق أهداف سياسية أثناء المفاوضات غير المباشرة للوصول إلى هدنة مؤقتة أو وقف دائم لإطلاق النار أو التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى والمحتجزين.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.