مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1243)- مانشيت/ 4 زعزعة في الشكل والمضمون
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 11 تشرين2/نوفمبر 2024 19:56
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 819
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1243)
مانشيت/ 4 زعزعة في الشكل والمضمون
حلقات مقتطعة من كتابي(افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من البحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي الحادي والعشرين في دار الأوبرا المصرية. الموافق من 8 إلى 15 تشرين الثاني 2012 م. (تطور الغناسيقامية في العراق والمحافظة على هويتها خلال القرن العشرين، القندرچي والقبانچي إنموذجا).
***
مانشيت / 4 زعزعة في الشكل والمضمون
إن إحدى الظواهر أو الأسباب الحاسمة في عملية تحلل نقاء الكلاسيكية في الطريقة المقامية القندرچية، وتحلل غيرها من الطرق الأدائية في نفس الفترة التي أطلقنا عليها مجازا بالفترة الانتقالية، هي زعزعة الشكل المقامي (الفورم form) والتلاعب به...! ولم يتوقف الأمر إلى حد هذا الشكل الذي شدّدَ عليه كل الكلاسيكيين بمختلف اساليب غنائهم، بل تعدى ذلك إلى زعزعة أخرى في المضامين التعبيرية وبناء الجمل اللحنية وتماسك علاقاتها...! وبفضل ذلك وبدءاً من الاحتمالات أو الافتراضات التي يمكن تبنـِّيها على سبيل المثال، يتطور الخط العام لغناء المقام العراقي الإبداعي في تيار الرومانسية. ليحمل إلينا في الوقت الحاضر، تشابكا متنوعا لعدد من الأساليب الأدائية الفردية بالرغم من اتفاقها العام على المبادئ القبانچية الرومانتيكية.
من الناحية الفنية، ربما أمكن النظر إلى هذه الحالة من الدراما، باعتبارها صراعاً في نطاق ما اسمينا هذه الحقبة بـ (حقبة التحول) وتفكك بعض الانتماءات الأدائية للأساليب وتحررها من صرامة القيود والتقاليد الكلاسيكية إلا إنها هي المشكلة التي تطرح في هذه الحقبة...! وبتركيز الاهتمام نوعيا على الأساليب الأدائية. حيث يلاحظ المغنّون المقاميون، أن ملامحها المميزة تتمثل بالدرجة الأولى في الاسلوب أو الطريقة المتصلة بالماضي القريب وخصوصاً في حالتها العملية. فاللغة الأدائية في غناء المقام العراقي العملية، أكثر تعبيرا بالطبع من الحديث النظري عنها.
إن تهجين غناء المقام العراقي...! بطرقه وأساليبه الأدائية في سياق حقبة التحول، حتى العقد الرابع من القرن العشرين، حسب رأي التقليديين أو المعارضين للإبداع والتجديد التي بلغت ذروتها عند ظهور جهاز التسجيل الصوتي، ومن ثم تكرار التسجيلات ونشرها وتوزيعها وسهولة الاتصالات وغيرها من التطورات التكنولوجية الأخرى الأمر الذي ادى إلى اختلاط الطرق والاساليب الأدائية ببعضها، ونشوء اكثر من تيار جمالي في الواجهة، ثم تولى تأسيس معهد الفنون الجميلة منتصف الثلاثينيات وظهور الإذاعة العراقية المسموعة في نفس الفترة ثم المرئية بعدئذ، التي لعبت دورا اساسيا في تنوع الاتجاهات الجمالية والذوقية في الفن الغناسيقي بصورة عامة، مما أدى إلى جعل هذه التأثيرات والاختلاطات وربما التهجين أيضا ..! امراً محتملا وبصورة مستمرة ما لم يعي المتخصصون المقاميون مهماتهم التاريخية! إن فترة التقاء أو تنافر طريقتين غنائيتين في غناء المقام العراقي، في أي حقبة زمنية، لا تعني نواحي سلبية للموضوع، بل هي من الظواهر الصحية في ديمومة هذا التراث الغناسيقي الخالد ...! فهي أما لحظة تحرّر من القيود التقليدية التي اعتاد طرحها المغنون المقاميون السابقون أو لحظات أخرى يرى فيها المغنّين المتأخرين أن مبدأ التنويع هو تكنيك وتكتيك (هامش1) للاكتشاف والابداع والمحافظة على الهوية والأصول التاريخية، وهو ما عناه المطرب الكبير محمد القبانچي في كل تجديداته وإبداعاته المقامية.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
الهوامش
1 – هامش1: التكنيك: الأداء الفني المتقن للحركة (تقنية). أما التكتيك: هو الأداء الخططي لمجموعة من المهارات.
صورة واحدة/ حسين الاعظمي واقفا خلف اعضاء فرقته الموسيقية من اليمين المرحوم نزيه محسن وداخل احمد ومحمد زكي 1996.